الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمريكيون يحاسبون رئيسهم بوش عن سياساته الرعناء - إقالة وزير الحرب ‏رامسفيلد صبيحة إعلان النتائج والبقية تأتي

عبداللطيف هسوف

2006 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


شهد السابع من نونبر (تشرين أول) 2006 انتخابات‏‎ ‎أمريكية نصفية حيث اختار الشعب ‏الأمريكي بعض ممثليه في الكونغرس (مجلس الشيوخ)، وممثليه في البرلمان (مجلس النواب) ‏وبعض حكام الولايات. ولأن الغرفتين تملكان صلاحية إصدار‎ ‎القوانين وتقرير كيفية صرف ‏الموارد المالية، فإن نتائج الانتخابات النصفية ستؤثر‎ ‎بشكل كبير على السياسة والقانون ‏الأمريكيين. هذا، وبعد أكثر من عقد من الزمان سيطر فيه الجمهوريون على البرلمان الأمريكي، ‏وبعد ست سنوات كان الرئيس بوش خلالها يملك الأغلبية في الكونجرس ويتصرف كما يحلو له ‏ويمرر قوانينه المجنونة التي عرف بها في محاربته لما يسمى بالإرهاب العالمي، ها قد أزفت ‏ساعة المحاسبة بعد أن عبر الأمريكيون عبر صناديق الاقتراع عن استيائهم من سياسة بوش ‏الرعناء، سواء في الداخل أو في الخارج.‏
شارك الأمريكيون إذن بقوة هذه المرة في الانتخابات النصفية بعد أن تبين لهم أن تهويل رئيسهم ‏فيما يرتبط بالمسألة الأمنية وضرورة ملاحقة الإرهابيين في الداخل والخارج لم يكن سوى ذريعة ‏كاذبة لتمرير سياسته الاستعمارية العنصرية التي يريد المحافظون الجدد بأمريكا فرضها على ‏العالم للسيطرة على الشرق الأوسط بعالميهم العربي والإسلامي. نعم، صوت الأمريكيون بقوة ‏لترجيح كفة الديمقراطيين في مجلس النواب حيث فاز هؤلاء ب 227 مقعد مقابل 197 مقعد ‏للجمهوريين، كما أن عددهم في الكونجرس أصبح يقدر ب 47 مقابل 49 مقعد لخصومهم، مع ‏العلم أن ولايتين لم تعرف نتائجهما بعد. وتبقى مع ذلك أرقام مقاعد الكونجرس بالنسبة للحزبين ‏غير كافية، لأن تمرير أي قانون يحتاج لستين صوتا، ما سيعطي للمستقلين هامشا أكبر لرسم ‏سياسة أمريكا المستقبلية. لكن إذا علمنا أن الرئيس الأمريكي يتمتع بحق الفيتو ضد تصويت ‏الكونغرس، يتبين أن نوعا من الجمود قد يصيب تمرير أي قرار جديد بخصوص العراق خلال ‏السنتين المقبلتين. ‏
ومهما يكن من أمر، يظهر أن الأمريكيين قد أفاقوا من سباتهم بعد أن هول المحافظون الجدد ‏المسألة الأمنية إثر أحداث 11 سبتمبر، وبعد أن زرعوا بينهم الرعب وأقنعوهم بضرورة انتهاج ‏أمريكا لسياسة القوة لحمايتهم. تنبه الأمريكيون إذن للكذب الذي طبع سياسة حكومتهم طيلة ست ‏سنوات الماضية، ليدينوا بوش ومن التأموا حوله من أصحاب فكرة (القوة الخلاقة). ‏
لم ينتظر الرئيس الأمريكي بوش سوى ساعات لإقالة وزير الحرب رولاند رمسفيلد أحد ‏الصقور المسؤولين عن تدمير أفغانستان وقتل ما يزيد عن 700 ألف عراقي. لم تكن هذه الإقالة ‏سوى استجابة للأصوات التي كانت تطالب بذلك منذ مدة والتي كرستها نتائج انتخابات يوم أمس. ‏وقد ظهر الرئيس الأمريكي جورج بوش في أول خطاب له بعد إعلان النتائج الانتخابية مرتبكا، ‏رغم أنه حاول التأكيد على أنه اتصل بالديمقراطيين الفائزين من أجل التعاون معه خلال السنتين ‏المتبقيتين في فترة رئاسته، كما أنه أعلن عن وزرير دفاعه الجديد هو بوب كايتس رئيس جامعة ‏تيكساس حاليا ورئيس المخابرات الأمريكية (سي أي إي) سابقا. لكن من المؤكد أن ما ينتظر ‏الرئيس الأمريكي هو شهورا عسيرة ستعرف فسخ الكتمان عن ملفات تخص بالأساس صرف ‏الميزانيات والمسائل الأخلاقية وتبعات الحرب على الإرهاب وما سببه ذلك في العراق من مآسي ‏وويلات لا يمكن وصفها. ‏
وقد اعتبر العراق قضية مركزية في الحملات الانتخابية التي تمت في الولايات المتحدة. ‏ويعلم الأمريكيون اليوم، بعد أن انجلت الأمور، أنه لا يوجد في كل ما يتعلق بالعراق، بما في ذلك ‏الحديث عن سيناريوهات الانسحاب، إلا ما هو كئيب ومنذر بالسوء. خصوصا إذا علمنا أن معدل ‏القتلى بين المدنيين يقدر بحوالي 100 قتيل في اليوم تظهر على معظمهم آثار التعذيب الوحشي. ‏وفي هذه الأثناء يظل التيار الكهربائي معطلاً، وإنتاج النفط متدنياً، والبطالة متفشية والخدمات ‏العامة غير متوفرة. عن أي ديمقراطية وعن أي حرية يتكلم الرئيس الأمريكي ويدعي تحقيقها ‏للعراقيين؟ إن السمة المهيمنة على الحياة العراقية هي العنف المتزايد وليس الديمقراطية المتزايدة، ‏إنها حقيقة يعرفها كل الأمريكيين اليوم.‏
لا يمكن إذن إلا أن ننتظر سنتين ساخنتين في أمريكا ستطرح خلالهما ملفات الأقليات ‏والهجرة السرية بعد أن قرر بوش بناء حائط مانع بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، ‏بالإضافة إلى الملفات الأخلاقية التي تورط فيها جمهوريون كبار (ما يتعلق بالشذوذ الجنسي ‏وتحويل أموال عمومية...)، وكذا ملف خسائر الأرواح في صفوف الجنود الأمريكيين بكل من ‏العراق وأفغانستان، دون أن ننسى تراجع الاقتصاد الأمريكي تدني القوة الشرائية لدى المواطن ‏العادي. ‏
هذا ما يجنيه رئيس متهور انتهج سياسة غبية وإن كان يحكم أكبر دولة في العالم. لكن في ‏المقابل لا يسعنا هنا إلا أن نصفق للشعب الأمريكي المتسامح، وأن نتعلم من الديمقراطية ‏الأمريكية التي تعد بحق من أكبر الديمقراطيات في العالم. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح