الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة إغتيال طارق عزيز*

جعفر المظفر

2023 / 9 / 13
سيرة ذاتية


في انتظار السيد طارق عزيز ممثل رئيس الجمهورية المكلف بافتتاح مؤتمر الطلبة الآسيويين قضينا أكثر من ساعة بعد معرفتنا بخبر وصوله إلى بوابة المستنصرية, واعتقدنا وقتها أن الرجل ربما كان قد بدأ زيارته باللقاء على فنجان قهوة في غرفة رئيس الجامعة الدكتور هاشم جابر الذي أعرف جيداً أنه لن يضيع فرصة اللقاء دون الحصول على مكاسب تفيد عمله وجامعته.
بدأ الوقت يثقل الخطى ولاح القلق في النفوس وبدت الحيرة على الوجوه ولم يكن سهلاً العثور على تفسير لمعرفة السبب الحقيقي للتأخير من داخل قاعة المؤتمر التي أحكم رجال الأمن إغلاقها فلم تعد هناك قدرة على التواصل مع خارجها.
لكننا لم نترك لعقارب الساعة فرصة أن تتلاعب بأعصابنا أكثر مما فعلته حتى كأن مدير مكتب الطلبة والشباب في القيادة القومية الأستاذ كمال فاخوري قرأ ما يدور في ذهني فلم يقاوم رغبته في العثور على اجابة شافية, فهو في النهاية كان يتحمل مسؤولية متابعة شؤون المؤتمر مع الجهة المضيفة وهي المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة العراق الذي ذهب معظم أعضائه لإستقبال عزيز.
طلب المرحوم فاخوري من عضو القيادة القطرية للحزب السيد حكمت العزاوي الذي بدا مرتبكاً وشاحب الوجه ولا يملك قراراً بشان إفتتاح الجلسة أن يسعفه بتفسير. تشاور الرجلان قليلاً, بعدها همس فاخوري في أذني حتى لا يسمعه الجالسون إلى الجوار : لقد حدث امر رهيب. ثمة من ألقى بقنبلة يدوية لحظة وصول نائب رئيس الوزراء, ولقد جُرح الرجل مع عدد من أعضاء المكتب التنفيذي بضمنهم رئيس المكتب السيد محمد دبدب كما واستشهدت طالبة كانت تقف بالقرب من البوابة وهي المرحومة فريال.
وعرفت فيما بعد أن هناك شكوكاً تدور حول هوية منفذ العملية كونه قام بها بناء على أوامر صادرة من حزب الدعوة الذي لم يتأخر طويلاً فأعلن مسؤوليته عن تنفيذ تلك العملية الإرهابية, ومثله فعلت منظمة العمل الإسلامي.
وفيما بعد عرفنا أن من بين المصابين أيضاً أعضاء من المكتب التنفيذي الذين تواجدوا في بوابة الجامعة لغرض استقبال عزيز وكان من بينهم السادة طاهر البكاء وهشام محمد ثامر وخولة لفتة ومحمد حسن وطه الجبوري رئيس اللجنة الإتحادية في كلية الشريعة, وكانت إصابة مرافق ممثل رئيس الجمهورية صعبة إذ قلعت احدى عينيه تماماً.
وأما البريئة فريال المواطنة من محافظة كركوك والطالبة في جامعة الموصل فلقد جاء استشهادها وليدا لحظها العاثر, إذ لم تكن لها أية علاقة بالمؤتمر وصادف وجودهاعند بوابة المستنصرية لغرض زيارة قريبتها الطالبة في جامعة المستنصرية. ودون أن تدري ودون أن تقصد صار اسمها أحد المفاتيح والعناوين الاساسية للحرب العراقية الإيرانية حيث اسرع صدام حسين مباشرة بعد محاولة الاغتيال إلى جامعة المستنصرية ليقسم في خطابه الموجه لجمع من الطلبة الذين احتشدوا حوله أن (مهر فريال غالي) وأن الجريمة لن تمر من دون ردٍ أقسم فيه بالثلاثة على أنه سيأتي سريعاً.
ومثلما فعلت الصدفة مع عاثرة الحظ الشهيدة فريال فإن الصدفة أيضاً أنقذت آخرين من خطر الموت أو الإصابة. بالنسبة لي كانت نصيحة المرحوم فاخوري بضرورة بقائي في القاعة بعد ان كنت عزمت أن أكون بين المستقبلين هو الذي ساهم بابعادي عن مكان الحادث. ومثلي أنقذ الحظ أيضاً عضوي المكتب التنفيذي السيدين مضر الملا وفهد الشكرة, حيث ذهب الأول بصحبة عضو القيادة القطرية حكمت العزاوي إلى قاعة المؤتمر بعد وصوله إلى بوابة الجامعة قبل السيد عزيز بدقائق وذهب الثاني بصحبة وزير التعليم العالي جاسم الركابي الذي وصلها أيضاً قبل التفجير بقليل.
ودعونا الآن نقرأ نَص ما كتبه لي الدكتور طاهر البكاء عن ذلك الحادث الإرهابي :
(مباشرة ً نقلتنا سيارة إسعاف تزامنَ وصولها قبيل وصول ممثل رئيس الجمهورية بدقيقة واحدة، وهي تقل احد أعضاء الوفود الأجنبية التي تعرضت إلى تسمم قبل ليلة وتلقت علاجاً في مدينة الطب، وجلبتها سيارة الاسعاف كي تحضر حفل الافتتاح، طلبتُ من سائق الاسعاف التوقف لحين نزول ممثل الرئيس, وكان هذا الطلب من حسن حظنا نحن المصابين بذلك الهجوم الغادر، إذ نَقلت تلك السيارة جميع المصابين، بشكل فوضوي، كنت في حينها بكامل وعيي، رغم النزيف الحاد، الذي جعلني أرتجف من شدة البرد، وذلك لفقدان جسمي كمية كبيرة من الدم. وفيما تمدّد طه الجبوري في أرضية سيارة الإسعاف، وكان مصاباً في رقبته، فنَزف كل دمه وتوفي قبل أن تصل سيارة الإسعاف إلى المستشفى)..
أما منفذ العملية (سمير رضا غلام) فقيل أنه كان عراقياً من (التبعية الإيرانية) وطالباً في كلية العلوم في الجامعة المستنصرية , وهناك من قال أنه نفذ العملية بإيعاز من الجهات العراقية سعياً لتهيئة الساحة العراقية وكسب الراي العام العربي والعالمي قبل شن الحرب ضد إيران.
وعن هذا الإدعاء سوف تتحدث الحلقة الرابعة من هذه المذكرات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*في ضيافة المدافع .. مذكرات الأيام الساخنة (3)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ