الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يقرا المثقفون الآن

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2023 / 9 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كانت هناك أسباب شائعة لدى البعض لعدم القراءة قبل عصر الثورة الرقمية ومنها الظروف
الاقتصادية في ظل الأزمات المالية والتضخم ، خاصة الفقر. قد يضطرون إلى تحديد أولوياتهم وإنفاق أموالهم على احتياجات أساسية أخرى، مثل الغذاء والملابس رغم ان بعض المبدعين جعلوا أولوياتهم القراءة رغم نقص المكتبات وبؤس الظروف , يواجه المثقفون صعوبة في الوصول إلى مصادر متنوعة وجودة من الكتب، خاصة في المناطق النائية أو المحرومة. قد تكون المكتبات العامة نادرة أو ضعيفة أو محدودة في تقديم خدماتها. كما قد تكون معارض الكتاب غير منتظمة أو غير جذابة أو غير ملائمة للاحتياجات والاهتمامات والذوق الثقافي.
في ظل تأثير وسائل الإعلام الحالية, قد يفضل المثقفون استخدام وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة على قراءة الكتب، خاصة في عصر التكنولوجيا والأنترنت والهواتف الذكية. قد يجدون هذه الوسائل أكثر سهولة وسرعة وتفاعلا وتشويقا. كما قد يستخدمون هذه الوسائل للحصول على المعلومات والأخبار والآراء بدلا من استقصاء المصادر الموثوقة والنقدية.
و من الأسباب قلة الحوافز والدوافع الداخلية أو الخارجية للقراءة، خاصة إذا كانت القراءة ليست جزءا من أسباب معيشتهم أو تعليمهم. قد يشعرون بالملل أو الضجر أو الضغط أو الخوف من القراءة، خاصة إذا كانت الكتب التي يقرؤنها لا تناسب احتياجاتهم أو اهتماماتهم أو ذوقهم.
وهنا لا اعني أن هي الحالة لجميع المثقفين، فهناك بالتأكيد استثناءات وأمثلة على المثقفين الذين يحبون القراءة ويستفيدون منها. كما أن هذه ليست حججا أو مبررات للامتناع عن القراءة، فالقراءة هي نشاط مفيد وممتع ومثري للعقل والروح. لذلك، يجب على المثقفين أن يبحثوا عن طرق لزيادة قراءتهم وتحسينها،
أن الثورة الرقمية قد سهلت كثيرا من معاناة القارئ والمثقف، فهي توفر لهم وسائل متعددة ومتنوعة للحصول على الكتب والمعلومات بسرعة وسهولة. لكن هذا لا يعني أن هذه الوسائل تحل محل القراءة العميقة والنقدية والمستمرة، فهي تحتاج إلى تنظيم وترشيد وتوجيه من قبل المثقف نفسه. كما أن هذه الوسائل قد تحمل مخاطر أو تحديات أخرى، مثل:
التشتت والانحراف: قد يجد المثقف صعوبة في التركيز على قراءة كتاب معين، إذا كان يتعرض لإغراءات أو مشاغل أخرى على الإنترنت، مثل البريد الإلكتروني أو الشبكات الاجتماعية أو المواقع الترفيهية. قد ينحرف عن هدفه الأصلي ويضيع في تصفح أو تحميل أو مشاهدة محتوى غير ذي صلة أو غير ذي قيمة. كما قال الأديب والناقد المصري جابر عصفور: “الإنترنت يفتح للإنسان آفاقا جديدة من المعرفة، لكنه في نفس الوقت يجعله يضيع في بحور من المعلومات التافهة والزائفة” .
التسطح والسطحية قد يكتفي المثقف بقراءة العناوين أو الملخصات أو المقالات القصيرة على الإنترنت، دون أن يغوص في قراءة الكتب الطويلة أو المعمقة. قد يفقد القدرة على التحليل والتفكير والانتقاد، ويصبح مستهلكا سلبيا للمعلومات دون نقد أو تمييز. كما قال الروائي والأستاذ الجامعي المغربي عبد الله بادى: “الإنسان في عصر التكنولوجيا يصبح كائنا سطحيا، يستسهل كل شيء، ولا يجد حاجة له في التأمل أو التفسير” .
التأثير والتأثر قد يتأثر المثقف بآراء أو اتجاهات أو تيارات معينة على الإنترنت، دون أن يفحص مصادرها أو دوافعها أو مصالحها. قد يصبح ضحية للخداع أو التضليل أو التلاعب، خاصة في ظل انتشار الأخبار المزورة أو المغلوطة. كما قال الكاتب والباحث السوري رضوان زيادة “الإنترنت هو سلاح ذو حدين، فهو يمكن أن يكون مصدرا للتنوير والتحرير، أو أن يكون أداة للتخلف والتبعية” .
هذه بعض المخاطر أو التحديات التي قد تواجه المثقف في عصر الثورة الرقمية. ولكن هذا لا يعني أن هذه هي الحالة لجميع المثقفين، فهناك بالتأكيد استثناءات وأمثلة على المثقفين الذين يستخدمون الإنترنت بطريقة إيجابية ومسؤولة. كما أن هذه ليست حججا أو مبررات للابتعاد عن الإنترنت، فالإنترنت هو مورد ثمين وفرصة رائعة للتعلم والتواصل والأبداع. لذلك، يجب على المثقف أن يكون حذرا وحكيما في استخدام الإنترنت، مثل:
تحديد أهداف وخطط وجداول زمنية للقراءة على الإنترنت، والالتزام بها بانضباط وإخلاص.
اختيار المصادر الموثوقة والمحترمة والمحدثة للقراءة على الإنترنت، والتحقق من صحة المعلومات والأخبار قبل نشرها أو نقلها.
التوسع في قراءة الكتب الإلكترونية أو المطبوعة التي تغطي موضوعات مهمة أو جديدة أو مثيرة للاهتمام، والتي تحفز على التفكير والانتقاد والابتكار.
التفاعل مع الآخرين على الإنترنت بطريقة محترمة ومهذبة ومسؤولة، والاستفادة من آرائهم وخبراتهم ومشاركاتهم.
استغلال الفرص المتاحة على الإنترنت للحصول على التدريب أو التأهيل أو التطوير المهني أو الشخصي.
القراءة هي وسيلة لتنمية الذكاء والخيال والفكر النقدي، وهي مهارات ضرورية للإبداع. القراءة تسمح للمثقف بالاطلاع على معارف وآراء وتجارب مختلفة، وتحفزه على التفاعل مع النصوص واستخلاص النتائج وإنشاء أفكار جديدة. القراءة تجعل المثقف قادرا على التواصل بطريقة فعالة ومبتكرة مع الآخرين، وتزيد من تعاطفه تجاه مشاعرهم. القراءة تفتح للمثقف آفاقا جديدة من المعرفة والابتكار، وتجعله أكثر مرونة وملائمة للتغيرات التي يشهدها العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ