الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرامةُ الانسانِ في دولةٍ اسمها المغرب ولا دولةٍ اسمها ليبيا

عماد عبد اللطيف سالم

2023 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في المغرب.. المملكةُ – الدولة..
يحدثُ زلزالٌ، يُقدَّرُ عدد ضحاياهُ من المغارِبة بـ 8000 شخصٍ بين قتيلٍ وجريح ومفقود.. فيهُبُّ العالمُ عن بكرةِ أبيه، ليُعلِن عن استعدادهِ التامّ لتقديم المُساعدةِ الإنسانيّةِ والتقنيّةِ الضروريّةِ عند حدوث كوارثَ كهذه.. لأنّ في المغربِ "دولةٌ" تحترِمُ نفسها، ومواطنيها، ويحترمها العالمُ أجمع.
والمغرِبُ المملكةُ – الدولة، يُمارِسُ حقّهُ السياديّ في اختيارِ الجهاتِ التي يسمحُ (أو لا يسمَحُ لها) بتقديمِ هذه المساعدة، حتّى أنّهُ رفضَ عَرْضاً جزائريّا بالمساعدة، لأنّ الجزائرَ.. الحكومةُ- الدولة، لها مواقفَ "ضارّةً" سابقة منه، تتعلّقُ بـ "الاعتراف" الوحيد واليتيم بـ "الدولة الصحراويّة"، والموقف من "البروليساريو"، وغلق المجال الجوي الجزائري أمام حركة الملاحة الجوية، من وإلى المغرب منذ سنتين.
في ليبيا.. اللادولة.. التي تتصارَعُ على السلطة والثروةِ فيها أكثرُ من "مدينةٍ" و "عشيرةٍ" و "زقاق"، (منذ إسقاط "الناتو" لحكم "القذّافي" في عام 2011، ولغاية هذه اللحظة).. وحيثُ توجَدُ فيها "سُلطتان".. و "برلمانان"، وجيشان.. سلطة شرق ليبيا و"جيشها" في بنغازي، وسلطة غرب ليبيا و "مليشيّاتها" في طرابلس و"مصراتة"..
في ليبيا هذه.. وفي توقيت زلزال المغرب ذاته.. يحدثُ "إعصار".. ويضربُ مدينةً واحدةً فيها اسمها "درنة".. فيُدمّرُ هذا الاعصار سدودَ المدينةِ المتهالكة، ويجرِفُ السيلُ الناتجُ عن ذلك كُلَّ سكّانِ المدينةِ و "موجوداتها"، ويرمي بها الى البحر.
في ليبيا "اللادولة" هذه.. لا كرامةَ ولا قيمةَ لحياةِ الليبيّين وموتهم، لأنّ لا أحدَ يحترمُ الليبيّين (أحياء كانوا أم أموات).. لأنّ لا أحدَ في "المجتمع الدولي" يحترمُ "دويلاتهم" الليبيّة المُفكّكة، ولا يُقيمُ وزناً لتلك "الأجنحةِ" البائسةِ المُتصارِعةِ فيها.
وهكذا.. ينتشِلُ ما تبقّى من سكّان "درنة" إلى الآن.. ولوحدهم.. 5000 جُثّةً من جثثِ ذويهم وجيرانهم (حتّى الآن).. بينما يُناشِدُ و "يتوسّلُ" آخرونَ "المجتمع المحليّ" الليبي "المُنقسِم" على نفسه (بفضل "زعمائهِ" الأشاوس) لتقديم العونِ العاجل.. لا لإنقاذ من يُمكِنُ إنقاذه، بل فقط للمساعدةِ في انتشال جثثِ ما يقرب من 20 ألف ليبي، تتعفّنُ جثثهم في الوحولِ وتحتَ الأنقاضِ وعلى ساحل البحر، وتتصاعدُ روائحهم، ولا تجِدُ من يدفنهم.
دولٌ قليلةٌ فقط أعربت عن استعدادٍ متواضعِ للمساعدة، بينها تركيا (المتورِّطَةُ أصلاً في "صراعِ الأجنحةِ" الليبيّ)، رغم ادراك الجميع لهول الفاجعةِ الليبية، مقارنةً بنظيرتها المغربيّة.
هذا هو الفرق في المواقف "الدوليّة" من "دولة" المغرب، و"لادولة" ليبيا.. والأولى "فقيرة" بل وفقيرةٌ جداً (بمعايير الفقر المعتمدة دوليّاً).. بينما الثانيّة هي من أغنى دول القارّة الأفريقيّة، وأقلّها سكاناً، وأكثرها موارداً.
وهذا هو الفرقُ بين قيمة انسانٍ، وحدود احترام "الآخرين" لكرامتهِ البشرية.. وبين التعامل معهُ وكأنّهُ "لا انسان"، وليس لهُ الحقُّ بأن تكونَ لهُ "كرامةٌ" بشريّةٌ (حتّى بالدفن).. لأن الانسان الأوّل يعيشُ في "دولةٍ" أسمها المغرب.. بينما يعيشُ الثاني في "لا دولةٍ" اسمها ليبيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة