الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلم الوثائقي ( المعضلة الأجتماعية ) يكشف الجانب المظلم في إستخدام وسائل التواصل الاجتماعي

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2023 / 9 / 16
الادب والفن


الجزء الأول

علي المسعود

تناول الأدب والسينما والخيال العلمي مخاطر التكنولوجيا وسيطرتها على البشر، تضخم الآلة وتمردها على الإرادة البشرية وخلق حياة كاملة لنفسها وكيف ينقلب صنع الإنسان عليه في النهاية ، وقدمت السينما جموح الروبوتات وأجهزة الكمبيوتر عشرات المرات . الفيلم الوثائقي" المعضلة الاجتماعية" فيلم درامي أمريكي أنتاج عام 2020 من إخراج " جيف أورلوسكي "وكتابه أورلوسكي وديفيس كومب وفيكي كورتيس ومن من إنتاج نتفليكس . الفيلم يتناول تأثير التكنولوجيا الحديثة المدمر على الحياة والنفس البشرية والأضرار التي سببتها للمجتمع مع التركيز على استغلالها لمستخدميها لتحقيق المكاسب المالية من خلال رأسمالية المراقبة واستخراج البيانات والهدف من تصميمها لغرض استخدامها في غايات سياسة . يركز فيلم المعضلة الاجتماعية على التأثير الاجتماعي والثقافي عند إستخدام وسائل التواصل الاجتماعي على المستخدمين العاديين . بالإضافة إلى ذلك ، يصور الفيلم مجموعة من الموضوعات ذات الصلة على سبيل المثال لا الحصر التلاعب السياسي والإدمان التكنولوجي والأخبار المزيفة والاكتئاب والقلق . وتركز المشاهد الدرامية في الفيلم الوثائقي على نمودج لعائلة تم تمثيلها من قبل فريق التمثيل لنقل العواقب الهائلة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تؤثر على حياتهم اليومية . عمل يمزج الأسلوب الدرامي بالوثائقي ويستعرض تأثير شبكات التواصل الاجتماعي الخطير على البشرية، إذ ينذر خبراء التكنولوجيا بمخاطر اختراعاتهم . يوضح الفيلم الوثائقي "المعضلة الاجتماعية" للمخرج جيف أورلوفسكي كيف أن الهوس وانتهاكات الخصوصية من ميزات وسائل التواصل الاجتماعي وليس أخطاء في النظام . تعد منصات التواصل الاجتماعي مسببة للإدمان وسيئة للجميع وعلى الرغم من استخدام السوشيال ميديا لها أثار اجتماعية وصحية على الأفراد والمجتمع . يشرح الفيلم الوثائقي الآثار الجانبية لمنصات التواصل الاجتماعي على المجتمع وجميع الشبكات الاجتماعية التي نسيء استخدامها في بعض الأحيان. هذه المنصات والمواقع هي الأسوأ لأنها تجعل البشر غير آمنين ومكتئبين ومشتتين طوال الوقت .
أفتتاحية الفيلم من خلال مقولة لأحد عظماء كُتّاب المسرح والتراجيديا الإغريقية "سوفوكليس" الذي قال (لا يدخل شيء واسع إلى حياة البشر دون لعنة) . وهذا توصيف دقيق لبدايات التكنولوجيا ما أصبحت عليه . مع الاعتراف بالخير الأكبر الذي جلبته لنا هذه التطورات في التكنولوجيا ، ينتقل الفيلم بعدها ليعرض صورا ومشاهد مُصوّرة وسريعة للدمار الذي حدث في العالم خلال السنوات القليلة الماضية، ويبث الفيلم مشاهد أرشيفية توثيقية للحروب والمظاهرات والكوارث والثورات والاحتجاجات والعنف والتصفية والقتل، وغيرها من المظاهر الأخرى التي يقف خلفها الإنسان . رغم ذالك لايلغي بعض ألأيجابيات لوسائل الأجتماعي ، مثل القدرة على الحصول على المعلومات بسرعة وتبادل الخبرات مع الأصدقاء. فهناك وسيلة التوك تك الذي يحفل بأبداع مجموعة كبيرة من الموهبين ، وكذالك هناك الكثير من المواد الثقافية والعلمية وسماع الموسيقى من خلال اليوتيوب ، لكنه يركز على كيفية خداعنا كمجتمع وبلد وعالم عن غير قصد لنصبح سلعاّ للبيع .، وقتنا وأعيننا ورغباتنا وأفكارنا المستقبلية كلها للبيع . يعرض الفيلم مقابلات مع عالم أخلاقيات التصميم السابق في ( كوكل ) تريستان هاريس والمدير التنفيذي السابق لفيسبوك تيم كيندال والأستاذة بجامعة هارفارد شوشانا زوبوف وآخرين . الحلول الشخصية والسياسية التي يقدمونها في الفيلم تخلط بين هدفين متميزين للنقد التكنولوجيا التي تسبب في السلوكيات المدمرة والثقافة الرأسمالية غير المنضبطة التي تنتجها . ولهذا فأن فيلم "المعضلة الاجتماعية" فعال بشكل ملحوظ في دق ناقوس الخطر بشأن التجسس على حياتنا والتوغل التنقيب عن البيانات والتكنولوجيا المتلاعبة في حياتنا الاجتماعية وما بعدها . من بين الذين تمت مقابلتهم في الفيلم الوثائقي تريستان هاريس الباحث بمركز التكنولوجيا الإنسانية والمبتكر للزر “أعجبني” أو اللايك على فيس بوك، جاستن روزنشتاين؛ علاوة على تيم كيندال، الرئيس السابق لشركة ( بينتيريست )، والمدير السابق لتحقيق الدخل في فيس بوك ، وكاثي أونيل مؤلفة كتاب “أسلحة تدمير الرياضيات”؛ ورشيدة ريتشاردسون، مديرة السياسات في معهد المتخصص في تقنيات الذكاء الاصطناعي والأستاذة بجامعة هارفارد شوشانا زوبوف وآخرين . قال أحد مسؤولي منصات التواصل الاجتماعي إن الشائعات تغمرنا لأن الأخبار الكاذبة انتشرت أسرع بست مرات من الحقيقة . لذلك ، تساعد وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير نفسية الإنسان والمفاهيم المتعلقة بالشخصيات التي تنتمي إلى السياسة في جميع أنحاء العالم . الفيلم الوثائقي "المعضلة الاجتماعية " ممكن تقسيمه الى ثلاثة أفلام مختلفة. الأول فيلم وثائقي مثير للجدل يعرض مقابلات الخبراء والمختصين أمام الكاميرا ، بما في ذلك العديد من الموظفين السابقين رفيعي المستوى في الفيس بوك او تويتر وغيرهم من عمالقة وادي السيليكون الذين انقلبوا منذ ذلك الحين ضد صناعتهم السابقة . والثاني يسير مع الخط ا درامي عن عائلة في الضواحي يلعبها ممثلون ألابناء واقعين تحت تأثير إدمان الهواتف الذكية . الفيلم الثالث يصور الممثل فنسنت كارثيزر التجسيد البشري للذكاء الاصطناعي .

تأثيرات وسائل الإعلام المباشرة :

نتابع في الجزء الدرامي من الفيلم الوثائقي ومن خلال قصة قصيرة حياة عائلة أمريكية من الطبقة المتوسطة. وأراد المخرج تضمين هذه الحكاية لتصوير الآثار التي يمكن أن تحدثها إدمان وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين وما قبل المراهقة في المقام الأول . ومن ثم كشف الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين واضحة على الأصغر سنا "إيسلا " وهي أول من تظهر عليها علامات الإدمان لأنها تجلس على الأريكة لساعات طوال وتتصفح مواقع التواصل والإنستغرام بينما تتجاهل نداء والدتها، التي تطلب منها مرارا وتكرارا أن تساعدها في ترتيتب طاولة الطعام . في نقس الوقت نشاهد تقرير إخباري من على شاشة التلفزيون يحذر من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي أنشأ أورلوفسكي حكاية داخل الفيلم الوثائقي عن عائلة وفيها تعاني الابنة من القلق والاكتئاب بعد صور السيلفي التي تنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي وتكسب السخرية والتنمر من زميلاتها في المدرسة . في يصبح الابن في سن المدرسة الثانوية متطرفا من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو الموجهة والتي يشجع فيها على العنف . كذالك يركز الفيلم على مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على صنع القرار والإضرار بقدرتهم على إنشاء علاقات شخصية صحية والتأثير سلبا على صورتهم وقيمتهم الذاتية . ويشير الفيلم الى مدى قلق الخبراء بشأن أستخدام التطبيقات الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأطفال (خاصة بشأن الفتيات الصغيرات قبل سن المراهقة) من خلال الكشف في الأرتقاع في معدلات الانتحار في هذه الشريحة العمرية في السنوات الاثني عشر الماضية. تتجسد ذالك في العائلة من خلال مخاوف الطفلة الأصغر سنا " إيسلا " و صورة بكائها أمام المرآة بعد الحصول على تعليق سلبي حول مظهرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي .

إذا كنت على استعداد للسيطرة على سكان العالم ، فلا توجد أداة تقنية أفضل من الفيس بوك ؟؟

في المقابلات التي تم تحريرها بسرعة ، تحدث أورلوفسكي مع رجال و (عدد قليل) من النساء الذين ساعدوا في بناء وسائل التواصل الاجتماعي ويظهرون الآن مخاوفهم من آثار إبداعاتهم على الصحة العقلية للمستخدمين وأسس الديمقراطية ويقدمون شهاداتهم التحذيرية بقوة . يعلق المحاورون في الفيلم على زيادة الأمراض العقلية عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل دائم . توضح " آنا ليمبك" خبيرة الإدمان في جامعة ستانفورد " أن هذه الشركات تستغل حاجة الدماغ التطورية للتواصل بين الأشخاص ". في حين أكد مسؤول في الفيسبوك في الفيلم الوثائقي على حقيقة " إذا كنت على استعداد للسيطرة على سكان العالم ، فلا توجد أداة تقنية أفضل من الفيس بوك ". قدم المخرج في فيلمه مقابلات مع الخبراء في وسائل التواصل الاجتماعي لعمل فيلم وثائقي عن تلك المعضلة الاجتماعية وحول ما صنعوه على مر السنين وما هي العواقب غير المقصودة للتكنولوجيا على عامة الناس ؟ . أصبح الناس مهووسين بتلك الوسائل ، وأصبحت المنصات الاجتماعية على نحو متزايد شريان حياة للمستخدمين لربط أنفسهم . كشف المطلعون في وادي السيليكون كذلك عن أن وسائل التواصل الاجتماعي أعادت برمجة الحضارة والعلاقات وحتى الروابط الاجتماعية . ذكر مسؤول في تويتر ( أكس حالياً) أن منصات التواصل الاجتماعي جعلت الجيل بأكمله أكثر قلقًا واكتئابًا.
فيلم "المعضلة الاجتماعية" كشف حال الشباب المصابون بالقلق والاكتئاب لأنهم اعتادوا قضاء الوقت على منصات التواصل الاجتماعي ، وقد تبنوا بطريقة ما نهجًا نرجسيًا حين يرغب المراهقون دائمًا في الظهور بمظهر رائع على الوسائط المتعددة على وسائل التواصل الاجتماعي التي يتم مشاركتها مع أصدقائهم ، كما أن الإشعارات المستمرة تحافظ على مشاركة المراهقين طوال الوقت في تطبيقات المراسلة الاجتماعية . يتكهن الفيلم الوثائقي بالتزام التكنولوجيا الكبيرة باتخاذ نهج أكثر أخلاقية لعروضها طوال أوائل عام 2010 ، ولكن في الاعوام التي اعقبت تلك السنة تغير مسار ذالك النهج حيث جمعت شركة كامبريدج أناليتيكا الاستشارية البريطانية بيانات شخصية من ما يقرب من 87 مليون ملف شخصي على فيسبوك دون موافقة. استخدمت الشركة هذه المعلومات لتغذية محركات وسائل التواصل الاجتماعي وراء الحملات الرئاسية لعام 2016 لكل من تيد كروز ودونالد ترامب. لم يكن إساءة استخدام كامبريدج أناليتيكا الواضحة لبيانات المستخدم ممكنة إلا لأن فيسبوك لم يمنح مستخدميها الأدوات المناسبة لمراقبة كيفية استخدام بياناتهم والموافقة عليها والتحكم فيها . توفير الموافقة والتحكم في المستخدم هما الحلقة المفقودة من تجربة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي . بالنسبة للناس العاديين التحكم هو حالة ضبابية في روتينها اليومي في استخدام تلك الوسائل . وكثيرا ما تكون سياسات الشركة التي تشرح ممارسات بيانات العلامة التجارية مبهمة وغير واضحة ويصبح المستحدم امام خيارين لا ثالث بينهما - إما استخدام تلك الوسائل وبالتالي وقبول أنك المنتج أو رفضه وعدم استخدامه والغاء تلك التطبيقات من أجهزته الألكترونية .

وسائل التواصل الأجتماعي أسرع وسيلة لأنتشار الأخبار الكاذبة والمزيفة

أكد فيلم "المعضلة الاجتماعية" حقيقة إنتقال الأخبار المزيفة بشكل أسرع بست مرات من الأخبار الحقيقية على وسائل التواصل الاجتماعي . والتي تخدم أغراض سياسية وأفكار متطرفة ، كما تؤدي الأخبار المزيفة إلى التنمر على الأبرياء ونشر الأفكار العنصرية وتؤثر على الصحة العقلية لأولئك الذين يؤمنون بمثل هذه الأشياء . لا أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي صنعت لتشجيع التنمر أو نشر اتهامات كاذبة ، في الواقع ، بعد تغير وأساءة إستخدام هذه التطبيقات والأشخاص الذين يقفون وراءها بطريقة سلبية للغاية . قرر العديد من مهندسي هذه المنصات ترك الشركات لأنها شككت في أخلاقياتهم المهنية وأحترام الخصوصية لمستخدميها. تمت مقابلة المهندسين حول سبب اعتقادهم أن وسائل التواصل الاجتماعي اتخذت مثل هذا التحول للأسوأ . أتهم ساندي باراكيلاس الذي عمل بصفة مدير للعمليات ضمن فريق منصة فيسبوك في عامي 2011 و2012 شركات التكنولوجيا العملاقة في أنشأها نظامًا يروج إلى الأخبار الزائفة، ليس لأنهم يريدون ذلك، بل لأنَّ المعلومات الزائفة تجني لهذه الشركات أرباحًا طائلة مقارنة بالمعلومات الحقيقية التي يصفها بالمملة. ويذهب تريستان هاريس إلى تسميته بـ" نموذج عمل التضليل من أجل الربح ". ويقول في هذا السياق، “فيسبوك” يحوي على تريليونات المنشورات على صفحة آخر الأخبار. ولا يمكنهم التميز الحقيقي من المزيّف .
يدرس الفيلم أيضًا كيف أثرت منصات التواصل الاجتماعي على انتشار الأخبار المزيفة وكيف استخدمت الحكومات وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للدعاية . يناقش الفيلم الوثائقي مخاطر الأخبار الكاذبة . يجادل هاريس بأن هذا هو “نموذج عمل للمعلومات المضللة بهدف الربح” وأن الشركات تجني المزيد من المال . وفقًا لدراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، تنتشر الأخبار المزيفة على تويتر أسرع بست مرات من الأخبار الحقيقية . يقدم المخرج أورلوسكي مثالا أحدث على التأثير الخطير لوسائل التواصل الاجتماعي في هجوم 6 يناير على الولايات المتحدة . مبنى الكابيتول من قبل مؤيدي الرئيس ترامب الذي صدق ادعاءاته الكاذبة بتزوير أصوات الناخبين في الانتخابات . يؤكد أورلوسكي: "نرى كيف جعلت أحداث (6 يناير) الأمر واضحا جدا حول نظريات المؤامرة، وكيف أن المعلومات المضللة ، وكيف أن هذه المنصات التي تزيد في الواقع من القبلية والتعصب في بعض النواحي، وتربطنا بالتفكير المماثل". إنهم في الواقع لا يربطوننا بالعالم ، إنهم يفصلوننا ويفصلوننا عن الواقع". يجادل أورلوسكي خلال تغذية المستخدمين بالافكار والمعلومات الخاطئة وتدفق مستمر من المواد والآراء التي يتفقون معها بالفعل ، لقدعزلتنا منصات وسائل التواصل الاجتماعي عن الواقع و وزادت الانقسامات السياسية ويقول: "لم نعالج تغير المناخ ، على الرغم من أن العلم كان واضحا حقا بشأن ذلك لفترة طويلة… سياسيا، نحن عالقون". "هذا أحد أكثر الأشياء التي أخافني هو أنه بغض النظر عن القضية التي تهتم بها، نجد صعوبة متزايدة في اتخاذ إجراءات ديمقراطية ذات مغزى لأن كل قضية في العالم كانت مستقطبة بطريقة أو شكل أو شكل من خلال هذه المنصات".

"ما لا تدفع ثمن المُنتَج، فاعلم أنك أنت المُنتَج " :

الاقتباس من فيلم "المعضلة الاجتماعية " الذي أثار انتباه جميع من شاهد هذا الفيلم هو “إذا كنت لا تدفع مقابل المنتج، فأنت هو المنتج”. يقوم موظفون سابقون بهذه الشركات بالإفصاح عن أن التغيير التدريجي والطفيف وغير المحسوس في سلوكنا وإدراكنا عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو ما يجعلنا المنتج والسلعة الأساسية. بياناتنا تُستغل من قبل هذه الشركات للتأثير علينا بشكل أو بأخر عن طريق التأثير على سلوكياتنا والأفعال التي نقوم بها . مقابلة أورلوسكي الرئيسية هي مع تريستان هاريس ، عالم أخلاقيات التصميم السابق في كوكل وهو الآن رئيس مركز التكنولوجيا الإنسانية ، وهي وكالة غير ربحية تتمثل مهمتها في " إعادة تنظيم التكنولوجيا بشكل تتلائم مع إنسانيتنا". يوضح لنا هاريس كيف ولماذا يكون التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي خبيثا للغاية من خلال القول بشكل قاطع: "إذا كانت الخدمة مجانية ، فأنت المنتج " . يطرح الفيلم الوثائقي مجموعة من الطرق التي تجتذب بها مواقع التواصل الاجتماعي وأهمها أن المستخدمين أنفسهم هم سلعة هذه المواقع . أنت لست مضطرا لدفع أي مبالغ للتسجيل، لكن وجودك في حد ذاته هو سبب جني هذه المواقع للأرباح. نقرك على هذا الإعلان الذي يظهر أمامك أثناء تصفُّحك للموقع وبقاؤك لمشاهدة فيديو أو زيادة تفاعلك كلها أمور تُدِرّ المليارات على هذه الشركات بطرق غالبا لا يعرف المستخدم أي شيء عنها .
يكشف الفيلم حيلا مُذهلة لاستبقاء الملايين على مواقع التواصل لأطول فترة ممكنة، مثل تعمُّد إظهار المحتوى الذي يوافقهم دون عرض آراء أخرى، مما يزيد من عزلة المستخدمين والتفافهم حول أفكارهم ، إحدى النقاط التي طرحها العمل أن الشركات لا تحصل على أرباحها لقاء بيع المنتجات والإعلانات مباشرة فقط ، بل عبر بيع المستخدمين أنفسهم ، أو بمعنى أدق بياناتهم والمعلومات التي يجمعونها عنهم وهذا ما يحدث بصورة غير صريحة . هناك مشاهد درامية خيالية ومقابلات إعلامية مع العديد من التقنيين الآخرين وعمالقة وادي السيليكون يخبروننا بأشياء رأيتها مغطاة في أفلام وثائقية أخرى. ينظر جميع الخبراء في هذا الفيلم إلى وسائل التواصل الاجتماعي على أنها ضارة إذا لم يتم استخدامها بالطريقة الصحيحة. على أي حال ، لا توجد إجابة بات في كيفية استخدامه باستثناء الاعتدال . يحاول الفيلم إعادة صياغة كيفية فهمنا لوظيفة شركات مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر ويوتيوب والمزيد. ليس، كما ادعى الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرج في خطاب ألقاه عام 2019 في جامعة جورج تاون، "إعطاء صوت الناس، وجمع الناس معا". لكن الغرض التجاري الحقيقي هو إشراك الجمهور لأطول فترة ممكنة حتى يتمكن المعلنون من الوصول إليهم . يقول المخرج أورلوسكي: "ما يبيعونه هو الوصول إلى مقل العيون لدينا". "نحن المورد الخام ، إنه نموذج لأعمال حيث يرتبط الحجم ومقل العيون والاهتمام ارتباطا مباشرا بكمية المال الذي يكسبونه ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل