الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهد التهجير/ 32

حسام جاسم

2023 / 9 / 16
الادب والفن


الفضول أول عنوان للحضارة وأول عنوان لتدميرها، كيف يجتمع النقيضان فيها!!!!
لولا الفضول لما عرفنا للحياة معنى ولا ركضنا للاكتشاف والبحث والجمع والتدبير، ولولا الفضول لما اكُتشفت النار والكتابة والزراعة والتدجين وهي أولى مقومات الحضارة البشرية، ولأن الفضول غني للمعرفة البشرية تستغله الحكومة المتخمة. والمتخوم لا فضول لديه للبحث والتنقيب بل ينتظر من لديهم الفضول في ذلك ويحصد النتائج لكنه عليه إدارتها، فالإدارة دون فضول تفشل في اخذ زمام الأمور.

هل ينتهي الفضول؟ .....الا بانتهاء المعرفة!!!
وهل يصبح الفضول كيانًا نسعى إليه وتقيم عليه كينونتنا؟!!
هل يجلب الفضول الشعور باللذة والأمان؟
كيف نتصور حياتنا دون معرفة، إذن كيف دون فضول إلى تلك المعرفة؟
ما هو الخط الفاصل بين الفضول والتطفل؟
وما هو الخط الرابط بين التطفل والمعرفة؟
وما ارتباط المعرفة بإثارة الجدل؟
هل تحتاج المعرفة لإثبات وجودها خلق حالة من الجدل والاستمرار فيه؟
ومن يثبت اننا وصلنا بفضولنا إلى المعرفة المنشودة؟
لا تتحدد المعرفة وتنتهي بل تستمر إلى ما لا نهاية وما الفضول إلا دليل على استمرار المعارف حولنا.

جاء زائر الفجر يطرق الباب، يده خشنة تدق وتدق لتطالبهم بالرحيل، تتغير ملامحة تباعًا و يتغير فيه كل شيء إلا يداه الخشنة الثقيلة التي تصفع الابواب ورغم تغيير الأماكن الا انه مرافق للأسرة ولا شيء سواه ينبأ بالانتقال لمكانٌ جديد.

- انه زائر الفجر.

- لماذا يزورنا في الفجر يا امي؟

- كلهم هكذا من أعلى الهرم حيث ينثر الحسنات على عباده الفجر إلى طارق الباب ... انهم يعشقون الفجر !!!

- ما سر الفجر؟

- وهل يعطي أحدهم أسراره؟

- انا اعطي أسراري مجانًا.

- لذا ستشعر بالخيبة.

يبتعد الصوت الطارق ويصمت في الحديث وتتناساه الأسرة عند إعلان الرحيل.

هبوب العاصفة الترابية، تعانق الأجساد، وتعتق التنفس ببطء، تحتجب الرؤية، انها تفسير لهدر الإنسان للطبيعة وتدميرها فترد عليه بشيء من كوارثها .....انها مستاءة.
ولكن أهل التهميش والعدم لهم رأي آخر بأن المسبب الحقيقي للعاصفة الترابية هو وجود (المصهاب) بينهم.
المصهاب هو الشخص الذي يتم تحديده بأنه لا يمارس الطقوس الدينية ويتجاوز حدوده مع الإله.
يظهرونه للعلن، وتكشف كل عائلة عن فرد مصهاب من أفرادها حتى لا تحل عليهم اللعنة ويتم تسليمهم للحكومة التي تأمر تطبيق العرف الخاص بمنطقة التهميش والعدم وهو اذابتهم في دورق كبير من النحاس ومن ثم يضعون الذائب في مضخة ليتم رش السماء لعلها تستجيب لهم عندما يفرح الإله بهذا الفعل ويختفي الغبار!!!!!!
تتجذر الأعراف في التراتبية الاخلاقية على مر العصور تنتقل من جيل إلى آخر لتصبح ضمن أولويات شخصية الفرد.

تقول مروية البقايوقات ان الإله أعطى فرصه ثانية لحبرشوت الذي ينقل أخبار استحمام الإله ومعيشته في الماوراء لذا تمت معاقبته ومن يتبعه بعواصف هوجاء ترابية الا ان يتم التضحية بأعوانه لتهدأ العاصفة والا فإنها ستجلب التصحر واندثار المدن!!!!
عادة ما يتمثل الصلح بالمراوغة وعدم السلم. فالصلح مجرد إنهاء للمعركة لكن الحذر والتصيد لا ينتهي.

منزل العائلة الجديد لا شيء مميز فيه تشاركهم فيه العائلة المالكة في الطابق الأول وتحركاتهم محسوبة، والتجسس على أصواتهم يعلى ويعلى ليصل إلى تفاصيل دقيقة حول الروتين اليومي!!!!
تتألف العائلة المالكة من أبناء واحفاد واباء واجداد ثلاثة أجيال تأخذ حيز ٧٠ مترًا!!!!!
وكما في كل مرة يجب أن تعتاد العائلة على الوضع الجديد وتتأقلم معه.

تغمرها السعادة بالنظافة والمحافظة على الأثاث واللمعان .... لا شيء متسخ ولا يمكن أن تكون هناك جراثيم تمر على العائلة.
الحفاظ على النظافة في مجتمع متسخ ومنفتح على الجراثيم إشكالية كبرى في التهميش والعدم وغير قابلة للتحكم!!!
يملأ التلوث المنطقة ويغمرها بحنان الانتشار وهل هناك سوى الأم تقف لمنعه!!!
المعاناة في النظافة تطوق الأسرة، تجعلها تستنزف المزيد من الوقت والمال للحفاظ على ما تبقى ولم يلتهمه التلوث.

كيف تستمتع نساء التهميش والعدم بالمساحيق التجميلية في ظل التلوث؟!!!
كيف يمكن لشفاه عطشى ان تتلون وتخفي شقوقها وذبولها؟!!!
وكيف ترتفع الكعوب العالية والشوارع متشققة ومثقوبة الملامح؟!!!
كيف تتمايل الأجساد على الطريق الترابي بوجود التلوث الممرض؟!!!
يموت العشرات دون سبب في رأيهم، لكنه التلوث.

اللامبالاة بأمور عامة تخص وتؤثر على الجماعة ككل وعلى مستقبلها، تجعل الأنانية تزداد حدتها وتغلف الشعور بالفردانية، لا يمكن ان يكون عملك ذو تأثير على الجماعة التي تتربص بها الملوثات!!!

عندما يبلغ التلوث مستواه القيم فإنه سيمحو كل أشكال العيش البسيطة، حينها لا يمكن ان يقول أحدهم لا شأن لي بذلك. فالشؤون العامة تتحول خاصة والخاصة تتحول إلى سياسية عامة وكل ما هو خاص هو سياسي بالضرورة.
وكل ما تنفرد يجب أن تدافع عن الحقوق المنسية.
الخوف من الذوبان في الجماعة وفي التكتلات وفقدان الهوية الفردانية حق مشروع، فجميع التكتلات البشرية تعلو من شأن فردانية شخص محدد مؤثر داخلها لتعمم عموميته على الجماعة، فتتحول فردانية شخص مؤثر في رهط الجماعة إلى شعار جماعي على الأفراد جميعهم!!!
في حين تسحق الفردانية الخاصة لكل شخص وتذوب في الفردانية الطاغية للفرد الأوحد التي تحولت إلى العامة واتخذت السلطة منبرًا لها، حينها ستكون هوية الفرد الخاصة مهدده بالإقصاء والاتهام من قبل الجماعة بأنها تهدد السلم المجتمعي أو القانون (الذي كان يمثل فردانية شخص مؤثر وذابت صيغته وعممت على الجماعة ليصبح دستورها).
كل ما في الجماعة من تنظيم يرجع لسلطة فردانية من شخص مؤثر داخلها لتعمم سواء بالتأثير والمصالح او بالقوة.
القوة في الجماعة تبلغ تأثير دراماتي حاد يصب في الشهرة والاحترام والخوف والتقدير من جميع الجموع الجاهلة او العاقلة!!!!
وتعتقد الجموع انها حققت إرادتها الجمعية وسيدب الأمن والرخاء على الربوع وان كل فرد في الجماعة قد شارك وكان فعال في المشاركة والقرار قراره المنفرد فيها.
احساس التجمع وان كان نحو الهاوية فإنه يعطي شعور بالأمان والتجرد من الخوف والمسؤولية، وبرغم إعطاء الفرد قراره الا ان المسؤولية جماعية والكل مسؤول عنها وليس فرد اوحد، هنا يكون أقرب ما يسمى لذوبان الفرد في الجماعة وقوانينها التي تسحب فردانيته لأجل الجموع!!!!!

قد يبتسم قليلاً لجمالية الاستقرار لكنه ما يلبث أن يعاني في إيجاد ذاته ورغباته الخاصة بعيدًا عن الجموع.

الجموع الجاهلة دائمًا ما تكون ذات هوجاء وصخب وسهلة الانقياد والرعي للحاكم والمفتي والإله.
لا مسامحة في قانون المجموعة فالكل يذوب في الكل وهذا ما يعتقدونه الا انهم يذوبون في ما يريده القائد الأوحد الذي يوحي لهم بقوة الجماعة والإيمان بوحدتها وسواعد أبنائها من المغيبين!!!!!
فالانقياد له حضور وجسد ويتمثل في سكان التهميش والعدم ..... فهم عنوانه!!!

- ماذا حدث للانتخاب الشامل؟

- لا شيء هتف الجميع باسم الأوحد الهمام وبصموا له بالدم ولعقوا أعواد القصب.

- وهل سيفوز؟

- وهل هناك مرشحين آخرين غيره؟!!!
فهو ينافس نفسه بنفسه ويجعل صور الانتخاب بملابس مختلفة للإيحاء بكثره تجاربه النضالية في الانتخابات التشريعية!!!!

- مر أكثر من ثلاثة عقود على المنصب وهو لا يكبر بل يزداد نعومه وحلاوة!!!

- لا يعمل شيء فكيف يكبر ويهرم!!!
الخدم حوله والشعب مطيع ويهتف لتزيد نعومته لمعان!!!!

- اين قدر المرق يا هندباء البراري؟

- لا أعلم لعل الأطفال اتخذوه هزوًا!!!

- وا مصيبتاه، هل سينفعنا الأوحد وانتخاباته الباهتة في هذا الوضع؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية