الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرير الجماهير من السيطرة الإيديولوجية للبرجوازية

مرتضى العبيدي

2023 / 9 / 17
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تتيح لنا سلسلة من العناصر التي يتم التعبير عنها في السلوك السياسي للجماهير أن نستنتج أن هناك وضعًا أيديولوجيًا وسياسيًا جديدًا وإيجابيًا فيها، مما يولد ظروفًا أفضل لتطوير نشاط المنظمات اليسارية.
لعدة أشهر، دعت قطاعات كبيرة من العمال والشعب إلى النضال كوسيلة لإيصال احتياجاتهم والمطالبة بتلبيتها. كان أكتوبر 2019، مع الانتفاضة الشعبية للسكان الأصليين، بمثابة الذروة والنقطة الأكثر كفاحية للنضال الجماهيري في البلاد. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، استمرت الاحتجاجات التي تشارك فيها مختلف القطاعات الاجتماعية: المزارعون المنتجون الصغر والمتوسطون للذرة والأرز والألبان؛ المعلمون والطلاب للحصول على مطالبهم الخصوصية، والذين ذهبوا إلى حد إعلان الإضراب عن الطعام؛ كما تحركت مختلف القطاعات ضد ارتفاع أسعار الوقود، إضافة الى حالات أخرى.
وتتأجج هذه النضالات من أجل مطالب معينة أيضًا بسبب الاستياء العام مما يحدث في البلاد، والظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها ملايين الإكوادوريين بسبب نقص فرص العمل، وانخفاض الأجور، وزيادة تكاليف المعيشة، وصعوبات الوصول إلى الرعاية الصحية، والنزوح القسري، وتخلي مئات الآلاف من الأطفال والشباب عن التعليم، والفساد الذي لا يمكن وقفه. كل هذا يضع العمال والشباب والشعب أمام وضع ملموس: إنهم يناضلون ضد مظاهر وأشكال الاستغلال الرأسمالي. ومن وجهة النظر هذه، فهم يناضلون ضد النظام القائم. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن كل أولئك الذين يخرجون إلى الشوارع للاحتجاج -أو يفعلون ذلك من خلال آليات مختلفة - يتصرفون مسترشدين بالوعي المناهض للرأسمالية.
إن عدم الرضا عن الوضع الحالي يقود القطاعات المستغلة والمضطهدة، بحثاً عن التغيير، إلى وضع جديد، لكنه مختلف نوعياً عن الوضع الحالي. لكن هذا التغيير المنشود، عند أغلبية هؤلاء الناس - بسبب مستوى وعيهم ونوعه - ليس من الضروري هدم النظام الحالي، وإقامة مكانه نظام هو، في جوهره، أو في طبيعته، مختلف جذريا. وهذا يُظهر بوضوح القيود الموجودة في وعي الجماهير.
ففي عملية تشكيل حركة ثورية جماهيرية، وهو الجانب الذي تحدثنا عنه في العديد من المقالات السابقة، فإن دور الوعي السياسي أساسي. إن سيطرة الأفكار والمفاهيم البرجوازية على وعي العمال والشعب تضع حدودًا للسلوك السياسي للجماهير، وتجعلهم يرون ويفكرون في الظواهر السياسية والاجتماعية في البلاد والعالم من نفس وجهة النظر التي تنظر إليها البرجوازية والإمبريالية، أي من منظور مغترب، وبالتالي، لا تصبح أدوات للاستغلال والقمع فحسب، بل أيضًا لإعادة إنتاج الشرائع الأيديولوجية والسياسية للبرجوازية.
وهنا وجب التأكيد على أن البرجوازية لا تمارس هيمنتها من خلال الإكراه (القمع) فحسب، بل إنها تفعل ذلك أيضًا – وقبل كل شيء – من خلال التماسك الأيديولوجي، أي من خلال جعل الجماهير تتبنى أيديولوجية البرجوازية وتتماهى معها.
وهكذا، فإن تكوين الحركة الثورية الجماهيرية مبني على أساس نشر واسع ومنظم للمفاهيم الأيديولوجية للحزب الماركسي اللينيني؛ نشر السياسة التي يحددها الحزب في كل لحظة وظرف، لكل قطاع (اجتماعي وجغرافي)، والتي يجب أن تكون مرتبطة دائما أو مبنية على الأهداف الإستراتيجية للثورة الإكوادورية.
إن تطور الحركة الشعبية المنظمة، وإدماج قطاعات أوسع في النضال من أجل مطالبهم المادية وحقوقهم، ومشاركة العمال والشباب والنساء والشعب في العمل والنضال السياسي، يرتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة الوعي السياسي.
بالنسبة لحزبنا، هناك ضرورة حتمية للتطوير المستمر للعمل الأيديولوجي والسياسي المنهجي بين العمال والقوى المحرّكة للثورة، حتى تعرف هذه القطاعات سياستنا وتتماثل معها وتناضل من أجل تحقيقها، وبالتالي فإن السياسة الثورية لا تفعل شيئًا آخر غير تمثيل المصالح الاقتصادية والسياسية للعمال والشعب. ويسعى هذا الهجوم، في الوقت نفسه، إلى تحرير وعي الشعب من قيود الفكر البرجوازي، الذي لا يسمح لهم بالتصرف والنضال وفقا لمصالحهم الخاصة، بل لمصالح أصحاب رأس المال. فقط من خلال تحرير الجماهير من السيطرة الأيديولوجية التي تمارسها البرجوازية والإمبريالية عليهم، يمكنهم تحقيق أهدافهم كذوات ثورية.
صحيفة "الى الأمام"، العدد 1969، من 1 الى 7 سبتمبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد