الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء في استوكهولم 8

شهناز أحمد علي

2023 / 9 / 17
الادب والفن


سارة طفلة تضحك عيناها في تحد واضح للحرب التي لم تعشها …. لكن تسمع سيرها هنا وهناك ….و بالرغم من المسافات الشاسعة التي تفصل استوكهولم عن دمشق و بلهجة فلسطينية تقول لمعلمتها "بحبك كتير"، فترد بقدر الحزن المخبئ بين ضفائر سارة، وأنا أيضا. تمعن النظر في عيني سارة ، بينما يراود مخيلتها سؤال أكثر صعوبة من أسئلة الحرب الدائرة في ( بلدهم) .سارة التي ولدت في استوكهولم ، جدها الذي ولد في فلسطين، والداها اللذان ولدا في مخيمات اللجوء في سورية، , كيف ستتعرف هي أو بالأحرى ستشعر بهويتها. ترى هل سمعت بمخيم اليرموك الذي يبعد عن وسط دمشق بثماني كيلومتراتو ذاك المخيم الغير رسمي والذي أسس في عام ١٩٥٧ للفلسطينين اللاجئين من حرب ١٩٤٨. لا يكاد تمر حصة من الحصص الدراسية أو نشاط مدرسي ما دون مقاطعة سارة للمعلمة وسؤالها بتعجب " ليش ما بتدرسينا بالعربي … يعني تحكي معنا ومع كل التلاميذ بالعربي دائما""
سؤال سارة البريئ رجع المعلمة لسنوات الطفولة حيث شمال الحزن والطين وأستاذ محمد القادم من العاصمة دمشق "الشام" ليعلم طلاب المدرسة الابتدائية في القرية لغة ثقيلة على أذهانهم وأرواحهم, أطفال لا تجيد أمهاتهم تلك اللغة، تتذكر تعلقها بمعلم محمد وزوجته، وهي في الصف الاول الابتدائي حيث مدرسة صغيرة مبنية من الطين وتضم غرفتين وطاولات خشبية. ومضافة أب أحتضن كل قادم من الداخل الى الجزيرة( السورية) بكل الحب. .
تتذكر ذات يوم من ايام شهر آيار حيث انتهاء المدارس وبدء العطلة الصيفية ورجوع المعلم محمد الى دمشق، كيف بكت وحزنت علما كانت بالكاد تعرف اللغة العربية التي يتحدث بها ذاك المعلم القادم من العاصمة للتدريس في أقصى شمال الشرق. لا تدري لماذا تتذكر معلمها محمد وشعره المجعد وتعتقد ولربما كان فلسطينيا لاجئا يعيش في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في دمشق. لا تتذكر ردة فعلها وهي تستمع لدروس بلغة غريبة عنها ولا صلة لها بلغتها الام، لكنها تتذكر جيدا وبالرغم من السنوات الطوال تعلقها وحبها لذاك المعلم القادم من مسافات طويلة جدا للإلتحاق بوظيفته في مجتمع مختلف بشكل ما عن مجتمع الشام ليس باللغة فقط بل بأمور كثيرة لن ينساها المعلم محمد القادم للتعليم في الجزيرة السورية في سبعينيات القرن الماضي ولا من لاحقه في الثمانينات وجلهم كانو معلمون ومعلمات قادمون من الساحل السوري..
تنتبه المعلمة إن سارة تناديها لمساعدتها في ترجمة ما قالت صديقتها التي تجلس بجانبها حيث تتعاونان في صنع أشكال فنية من مادة خاصة صنع خصيصا لاستخدامها في دروس الفن في مرسم المدرسة الذي أقل ما يقال عنه إنه غني بكل المستلزمات التي تحث التلاميذ على الابتكار والابداع. تشرح لها بهدوء قائلة لها لا تزعلي سيأتي يوم وتتحدثين فيها لغتك الجديدة لغة البلد التي ولدت فيها أكثر من لغتك الأم . وتشرح لها وبكل ود إنها لما كانت صغيرة لمً تكن تجيد اللغة العربية المفروضة عليها تعلمها والدراسة بها، وها أنا الان أجيد تلك اللغة التي أستطيع بها احتضان جمال روحك وأسئلتك. وستصبحين باحثة أو أستاذة جامعية وأنا متأكدة لن تنسيني. ترد على معلمتها والحب يحضن عينيها "لن أنساك أبدًا وبس أكبر سأسافر معك لكردستان ولسوريا. "نعم يا سارة ستنتهي الحرب …. ستجف دموع عيون أمهات الشهداء والمفقودين…. ستكبرين ولربما تتكلمين بلغة عربية ضعيفة والسويدية ستكون لغتك الأساسية، وتنظر في عيينا سارة قائلة: أتمنى أن تحبي كل اللغات …. لغة المعلم محمد …. لغة معلمتك ولغة البلد الذي احتضنك..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح