الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتباس الحراري والأمن المائي

طلعت خيري

2023 / 9 / 19
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


يشهد الشرق الأوسط والمنطقة العربية خصوصا انخفاض عالي في نسبة المياه العذبة ، التي تغذي المدن والأراضي الزراعية ، ويرجع السبب الى عوامل مناخية منها الاحتباس الحراري ، الذي اثر بشكل واضح على المنطقة حيث ساهم في تذبذب نسب الإمطار السنوية على المناطق الصحراوية التي تعتبر أوديتها روافد الأنهر على اليابسة ، وأخرى أغرقها بالفيضانات والأعاصير المدمرة عاصفةً بالمناطق الساحلية ، جارفة معها الأبنية والممتلكات الى عرض البحر ، بالإضافة الى ما خلفه من جفاف وتصحر وانخفاض في مناسيب مياه البحار وارتفاع نسبة الملوحة

الإمطار مصدر المياه العذبة في الطبيعة ، فالتضاريس كالجبال والتلال والهضاب لها دور كبير في جمع مياه الإمطار من المناطق الصحراوية ، ثم نقلها عبر الأودية الى الأنهر ، فكل وادِ على اليابسة يصب في نهر ، وكل نهر يصب في بحر، وكل بحر يتصل بمحيط ، يتكون ماء البحر من كتلتين ، كتله مالحة وكتلة عذبه مصدرها النهر، حسب الكثافة والشد السطحي للمياه المالحة ، تستقر المياه العذبة في قاع البحر، لأنها اقل كثافة ، فتضغط المياه المالحة على العذبة ، فتندفع في شقوق الأرض الى منابع النهر الأصلية ثم يعود ماء النهر الى البحر مرة أخرى ، أنا لست خبيرا جيولوجيا ، لكن انقل لكم واقع حال مررنا به في السنوات الأخيرة ، أنا أعيش في منطقه صحراوية تعتمد على المياه الجوفية ، ففي عام 1970 قامت بعض الشركات الأجنبية بحفر عدد من الآبار لتغذية المنطقة بالماء البعض منها عذب تصل نقاوته الى المياه المعدنية ، والبعض الأخر يصلح لاستخدامات ثانوية ، ولكن في السنوات الأخيرة تغير مائها الى مالح فما عادت تصلح لا شيء ، بما ان البحار مصدر المياه الجوفية فهذا دليل على نقص المياه العذبة ، بالإضافة الى انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات ، اللذان يصبان في بحر العرب ، والذي منه تندفع مياههما الى منابعها في شمال العراق ، وجنوب تركيا ، دليل أخر على نقص المياه العذبة ، تعطل الكثير من الينابيع الطبيعية في كردستان العراق ، مما اضطر المزارعون الى حفر الآبار ، أما جنوبه ليس بأفضل فبعض المناطق اضطرت الى حفر الآبار، وأخرى شل نشاطها فما عادت قادرة على الحصول على ماء للشرب

الاحتباس الحراري والبحار

الاحتباس الحراري أطال فصل الصيف ، ورفع درجة حرارة المنطقة التي هي أصلا ملتهبة، مما تعذر وصول تأثيرات البحار كالبحر الأبيض التوسط والبحر الأحمر على المناطق الصحراوية التي تعتبر المصدر الأول للمياه العذبة ، ارتفاع درجات الحرارة ساهم في تبخر مياه البحار حيث شهد في الآونة الأخيرة ، تراجع مياه البحر الأحمر وبحر العرب عن المعدلات السابقة ، كما ان الأمن المائي لدول الخليج ، هو الآخر ساهم في نقصان مياه البحر الأحمر وبحر العرب، حيث قامت كل من السعودية وقطر والبحرين والكويت والإمارات وسلطة عمان على أنشاء محطات تحليه تعتمد على ماء البحر ، سواء ربطت بشكل مباشرة أو عن طريق المياه الجوفية ، فالمحطات تحتاج الى كميات كبيره من الماء لاستخلص المياه العذبة ، فان أعيدت المخلفات الى البحر أزدت ملوحتة ، وان دفع بها الى المدن لاستخدامات ثانوية ، فالنتيجة واحده نقصان ماء البحر، وارتفاع نسبة ملوحتة

ظاهره جديدة

تسبب الاحتباس الحراري في ظهور حالة مناخية جديدة في المنطقة العربية ، منها الأعاصير المدارية أو شبه المدارية التي تعصف بالمناطق الساحلية ، ان ارتفاع درجات الحرارة منع من اندفاع السحب الى عمق الأراضي العربية مما جعل التوليف الفيزيائي للغيوم في تكوين السحب التراكمية والرعدية يتكون فوق البحر نفسه وبمساعدة عوامل مناخية أخرى ، اضطرت السحب المطرية الى تكوين تيار هواء مداري إعصاري يتجه نحو المناطق الساحلية ، وهذا ما حصل في مدينة جده العام الماضي فمن عام 2009 الى 2023 تعرضت جده الى أكثر خمسة أعاصير مدمرة

تضاريس البحار والمياه العذبة

لو نظرنا الى جيولوجية التضاريس المحيطة بالبحار ، من جبال انكسارية وأودية عميقة الممتدة على جاني الساحل ، والتي يصل بعضها الى مئات الكيلو مترات توحي على أنها تضاريس طبيعية ، تمد البحر بالمياه العذبة من خلال ما يسقط عليها من أمطار ، سواء كان بتأثير البحر نفسه ، أو بتأثير بحار أخرى ، فجميع تلك التضاريس تنحدر باتجاه البحر، وهذا التكوين كبديل سريع لجمع المياه العذبة – فعندما يتعذر وصول السحب الى المناطق الصحراوية لتغذية الأنهر والبحار بالمياه العذبة ، تعمل تضاريس البحار نفس الدور ولكن بأقل مسافة واقل زمن ، فظاهرة الأعاصير على المناطق الساحلية أو على تضاريس البحار ظاهرة طبيعية لتغذية البحار بالمياه العذبة ، فلا توجد كارثة الحكومات سبب الكوارث عندما سمحت بالاستيطان السكاني على تضاريس البحار ، عبارة بسيطة نستخلصها من غرق قوم نوح ، لها مفاهيم كثيرة ، عندما قال نوح لابنه يا بني اركب معنا أجابه ، سآوي الى جبل يعصمني من الماء ، هذا يعني ان القوم استوطنوا في أسفل منحدرات الجبال ، ولما رأى ابنه ان الماء قد غمر منازلهم صعد الى الجبل ، ألف سنه ونوح يحذر قومه من الكارثة ولم يتعظوا ، فمن زمن نوح الى يومنا هذا ربعة ألاف سنه والكوارث نفسها تتكرر، وهذا ما حصل في ليبيا ، حالة الأعاصير والفيضانات حالة طبيعية ، لتعويض ما استنفذته البحار من مياه عذبة ، كما ان ارتفاع نسبة الملوحة يهدد الحياة البحرية بالانقراض ، حسب توقعاتي سوف تستمر الأعاصير والفيضانات تعصف بالمناطق الساحلية ، وخاصة منها الواقعة على البحر الأبيض المتوسط ، والبحر الأحمر ، وبحر العرب وصولا الى المحيط الهادي ، العالم بحاجه الى جهود حثيثة لمعالجة الاحتباس الحراري ، فان اثر اليوم على المنطقة العربية سوف يؤثر غدا على مناطق أخرى ، ان تفاقم المشاكل المناخية على الأرض ليس بصالح الكائن الحي بشكل عام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس