الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسنات الابرار سيئات المقربين

وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)

2023 / 9 / 19
دراسات وابحاث قانونية


لا ادري في أي كتاب اخلاقي قرأت هذه المقولة ولكنها شائعة لدى علماء الاخلاق بأن هناك من الافعال رغم اباحتها غير انها تُعّد غير مقبولة فيما لو أتى بها من وصل الى درجة القرب في الاخلاق والدين كما نتعارف عليه في حياتنا اليومية حينما نستغرب فعل يصدر من صديق مقّرب ونقول لو صادر من غيرك لا بأس ولكن منك انت القريب !
وعلى وزن هذا القياس يمكن لي ان ادخل الى ما اريد قوله بالنسبة لفكرة اتبناها منذ سنوات وادعو لها و مقتنع بها تماما الا وهي ضرورة ان يمتلك رجل القانون لغة قانونية ، وقد سألني احد الزملاء ذات مرة ما المقصود بهكذا فكرة هل هناك لغة خاصة لأهل القانون يمكن ان يتحدثوا بها تختلف عن لغتنا العربية ؟ فأجبته انها لغة عربية لا شك ولكنها شأنها شأن اللغات العلمية الاخرى خاصة بأهل القانون وتكون المعيار الذي يمكن ان يُقاس به المتخصص في علم القانون هل هو طالب قانون حقيقي درسه وفهم مطالبه وتعلمه ام حاز شهادته " اونلاين" او مقابل بضعة ملايين اعطاها لكلية تجارية ما ووهبته مالا تملك حقيقة من شهادة في علم هو اهم علم يمكن ان يتعلمه الانسان شأنه شأن الطب بل هو اهم حتى من الطب لانه يرسم سياسة الدولة وادارة امور كافة الاختصاصات بما فيها الطب والهندسة وسائر العلوم الاخرى ويدافع عن الكافة الى غير ذلك من خصائص ومزايا علم القانون التي تحتاج الى مقالات ومقالات .
كنتّ جالساً عند احد الاطباء ذات مرة فدخل عليه احد المرضى فسأله عن ما يعانيه فقال له المريض ( بلاعيمي توجعني ) فأبتسم الطبيب ليس عندك سوى (بلعوم واحد ) ولكن يلتهب من جراء البرد والسوائل و تأثيرات الجو ، فهنا اراد الطبيب ان يرسل رسالة مملحة الى مريضه الى ان للطب مصطلحات ومعارف يجهلها كثير من الناس و لا اضيف لكم شيئا جديدا وانتم تشاهدون الاطباء حينما يتحدثون فيما بينهم بمصطلحات علمهم الخاصة فلا " حب وجع راس " ولا " نشلة " ولا " صخونه " و لا أي من مصطلحات الادوية التي نحفظها وذلك لأن لكل علم لغته الخاصة به .
وبالتالي فالقانون شأنه شأن بقية العلوم له لغته ومفرداته و تعابيره وحينما نطلب من المتخصصين فيه ضرورة معرفتها وامتلاكها من جراء كثرة قراءة نصوص القوانين والتطبيقات القضائية الصادرة عن محاكم الطعن يخرج لنا من هو محسوب على اهل القانون ويقول لنا لا يهم ! مهما تحدثنا من لغة فالمهم صحة الدعوى والحصول على القرار ، وكأنه في وادي ومطلبنا في وادي اخر ، انا لست في معرض التشدد على بسطاء الناس في الحصول على حقوقهم انا بصدد مخاطبة المتخصصين بالقانون ليس الا .
لذا حينما نشرتُ ( بوست ) صغير عبر مواقع التواصل الاجتماعي ودعوت فيه الزملاء من المحامين والحقوقيين في ان يقولوا التعويض عن الضرر المادي والتعويض عن الضرر الادبي و استدللت بنص المادة( 10) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة (1971)" لمن لحقه ضرر مباشر مادي او ادبي من اية جريمة" كنت انطلق من هذه المنطلقات انفة الذكر واذا بأحد الزملاء الذين يحملون شهادة عليا في القانون كما وجدت في صفحته الشخصية يسوق رأيه بعيدا عن مُراد الفكرة قائلا " ليس المقصود هو عبارات العريضة بحرفيتها بل بمعانيها ومقاصدها ، خصوصا ان قانون الاثبات قد يسر الامر عل المدعي من خلال تبسيط الشكلية للحد الذي لا يؤدي الى التفريط بأصل الحق اذا القانون قد بسط الاجراءات الشكلية هل من المعقول ان يتمسك بالحرفية ان المقصود من الادعاء واحد استنتاج غير صائب" و رغم محاولتي بيان دعوتي وغايتها بقي مصّرا على رأيه الشعبوي بعيدا عن فضاء دراسة القانون العليا التي يفترض انه نالها عند اكمالها في مرحلة الماجستير او الدكتوراة ، ليمعن اكثر في بساطة طرحه بالقول " هو الدين بيئول ايه ، القانون يطلق المبادئ العامة والفقه والاجتهاد يتولى تأصيل هذه المبادئ والنظريات ، سؤال بريء عل گولت اللمبي هل تم ذكر المسؤولية التقصيرية بشكل حرفي ام تم ذكر المسؤولية عن العمل غير المشروع وتولى الفقه تأصيل هذه المسألة خصوصا وان القانون المدني قد استند لآراء الفقه واجاز للقاضي الاستعانة بها لحسم النزاع ، سؤال ثاني الفوائد التأخيرية هل تم ذكرها بهذه العبارة ام تم ذكرها بالفوائد القانونية والاتفاقية، استاذي العزيز العريضة ومعاني الكلمات في العريضة ليست غاية بذاتها بل هي وسيلة للوصول للحق المنشود ، وألاّ لما سمحت المادة 50 من قانون المرافعات اكمال النواقص في عريضة الدعوى ، القضاء ليس لعبة يانصيب او ضربة حظ اذا فقدت فرصتك الاولى او رميتك الاولى خسرت ما تصبوا اليه ، بل القضاء صدر رحب يستوعب الجميع ولا يمكن ان يضيع حقك من اول مره والاّ لما كان التقاضي على مراحل ودرجات ، الخلاصة ان لا نكون كبني اسرائيل تشددوا فشدد الله عليهم"
ولا ادري لماذا يخلط هذا الزميل العزيز بين كيفية المطالبة بالحق امام القضاء وبين ما نحلم ونعمل ونريد عليه المتخصصين في علم القانون من استعمال لغتهم القانونية لا الشعبوية التي يحصلون عليها من التلفاز والاعلام والشارع!
واذا رددت بعض المحاكم مصطلح خاطئ فهذا لا يعني انه صار صحيحا وينبغي تداوله وهجر المصطلح القانوني الصحيح ، لذلك ذات مرة كتبتُ مقالاً عن خطأ اطلاق مفردة ( استقدام ) على طريقة احضار المتهم امام المحاكم الجزائية و ضرورة استعمال مفردة " التكليف بالحضور " الواردة في المادة ( ٨٧ ) من قانون اصول المحاكمات وسبحان الله هل من باب المصادفة ام وصل مقالنا الى الاساتذة في هيئة الاشراف القضائي فأنهم اصدروا اعماماً بالعدد (2057) بتاريخ (16 / ٥/ ٢٠٢٣ ) حول اعتماد نموذج تكليف بالحضور لا استقدام .
فتبقى لغة المختصين بالقانون " المقربين " تعتبر سيئات ان تشابهت مع لغة بسطاء الناس وغير المختصين من الاعلاميين والكتاب والصحفيين وغيرهم فأهل القانون ادرى بشعابه واقدر من غيرهم على اشاعة لغته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن


.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات




.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب


.. مع مطالبات الجيش الإسرائيلي سكاناً في رفح بالتوجه إليها. منط




.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24