الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ذاكرة التاريخ: موقف العرب من التغيير في العراق

محمد رضا عباس

2023 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


موقف اشقاء العراق من التغيير كان سلبيا . فبينما كانت دماء الضحايا تصبغ شوارع بغداد والمدن المحيطة بها على يد الإرهابيين , والعراقيون ينتظرون من امة العرب الوقوف معهم وإدانة الإرهاب , واذا تخرج تصريحات و مقالات واتهامات حيرت عقول العراقيون والذين كانوا يتوقعون منهم تضميد جراحاتهم . لقد اتهموا القادة الجدد بالغرباء عن الوطن , اتهموهم بالعمالة الى الامريكان , وان العراق يعج بالموساد والإسرائيليين واسواقه ومتاجره تعج بالبضائع الإسرائيلية , وان السواح الإسرائيليون غزو الموصل والعمارة , وانهم يشترون العقارات والاملاك و كأنهم يقولون بان العراق ذاهب ان يكون فلسطين ثانية.
لقد جاء في صحيفة " السياسة" اكثر من ذلك , حيث كتبت مقال بعنوان " إسرائيليون يخترقون العراق من أقصاه الى أقصاه بينهم مستشارون في الوزرات والأجهزة ومرافقون لمسؤولون كبار ". في هذا المقال كشفت الصحيفة عن نعرتها الطائفية و حنقها على التغيير وهي تسرد لقرائها أنواع الكذب والتدليس ,بان التواجد الإسرائيلي في العراق قد يعرض الأمن القومي السوري والإيراني الى الخطر. ونقلت الصحيفة عن تقريرين استخباريين الماني وتركي من انتشار إسرائيلي سري في مختلف انحاء العراق لم يسبق ان قامت به الدولة العبرية منذ تأسيسها في أواخر الاربعينيات , يمتد من البصرة وام قصر جنوبا الى تركية في اقصى شمال منطقة الحكم الذاتي الكردية , مرورا ببغداد مركز الثقل السياسي والقرار المصيري بالنسبة لمستقبل علاقات العراق الجديد بالدول الخارجية ... ومن مثلث الحدود العراقية – السورية – التركية في الغرب الشمالي للعراق حيث المثلث العراقي – الايراني – التركي في اقصى الشمال الشرقي , امتدادا على حدود المنطقة الكردية مع ايران ومن الحدود الكردية مع سورية مرورا بالموصل والقائم حتى المثلث العراقي – السوري – الأردني في عمق غرب العراق . يعني الصحيفة صورت لقرائها , ان قوات الاحتلال الصهيونية واستخباراتها اصبحت اكثر من عدد جيش الصين , وان العراقيون أولاد الملحة قد ماتوا , وان القادة الجدد ليس اغلبهم من احفاد ثورة العشرين الخالدة.
والذي اوجع قلوب العراقيون اكثر من هذه الأكاذيب هو تعامل الاعلام العربي مع ضحايا التفجيرات اليومية على يد الإرهاب ,حيث عندما يقتل مواطن عربي في بلده على يد قوة إرهابية كانوا يدعوه شهيدا ولكن عندما يقتل عدد كبير من العراقيين بواسطة حزام ناسف او سيارة مفخخة يسمون العملية ب" المقاومة" . وفي خضم هذا الاعلام غير الودي , تعلن فضائية الجزيرة القطرية نتائج اخر استبيان لها بان نسبة 94% من العرب يؤيدون " اعمال المقاومة" , أي قتل الأبرياء من العراقيين . وعندما يعلن عن تاريخ محاكمة الرئيس السابق يركض اكثر من 400 محامي عربي من اجل الدفاع عن صدام حسين , بالوقت الذي لم يعلن محامي واحد الدفاع عن ضحايا نظام صدام والذين كانون بمئات الالاف . حتى المؤسسة الدينية العربية غلظ قلبها على العراقيين حينما نشرت فتوى 26 عالما دينيا من المملكة العربية السعودية تدعوا الى الجهاد في العراق , والشيخ القرضاوي يفتي بقتل المدنيين , ونجل مرشد بن لادن عبد الله عزام " امير المجاهدين " يقول " لا شك ان اعدادا كبيرة ستتدفق من معظم انحاء العالم الإسلامي من العرب وغير العرب .. بدافع العاطفة الدينية الصادقة وبسبب وجود غاز محتل , لمؤازرة العراقيين ومساعدة المقاومة باي شيء حتى النفس".
على ان الامر لم يقتصر نشر الأكاذيب , العزف على الوتر الطائفي , تبرير الاعمال الإرهابية , و توظيف المصطلح السياسي , وانما كانت هناك تصريحات تخرج من دولا عربية تدعوا الى المقاومة , فقد أفادت الانباء ان وفدا من القوى العراقية زار دمشق ودعا الى ضرب الحرس الوطني والشرطة العراقية مشيرا الى ان المقاومة " مشروعة لقوات الاحتلال وللحرس اللاوطني ولأجهزة الشرطة المساندة للاحتلال والعملاء ". ومن الأردن يخرج تصريح من جلالة الملك عبد الله بن الحسين ووزير خارجيته بان " عروبة العراق في خطر". ويؤكد ديبلوماسي في وزارة الخارجية العراقية في لندن ان العشرات من المقاتلين العرب والإسلاميين مازالوا يتدفقون على المناطق السنية العراقية عبر الحدود السورية , وقال هذا الديبلوماسي , ان " من الصعب على السوريين الضالعين حتى هامات رؤوسهم منذ عام تقريبا في إدارة عمليات إرهابية ضد القوات الامريكية والمؤسسات الأمنية والإنسانية وضد المواطنين العراقيين العاديين , الالتزام باي اتفاقات يوقعونها معنا او وعود يقطعونها للأشقاء العرب ..".
وذكر الكاتب زهير شنتاف رئيس الوزراء الدكتور اياد علاوي ما صرح به المسؤولين العرب من تصريحات ضد مجلس الحكم وما كتبه الاعلام العربي ضد العراق الجديد وضد الرموز العراقية الذين " تنقلوا بين اصقاع العالم لينقلوا مظلومية " الشعب العراقي , وانهم ما زالوا يفتحون " حدودهم للقتلة والاوباش من المتطرفين والقوميين لقتل أهلنا وشرطتنا وجيشنا وحراسنا الوطني ويدمرون البنى التحتية لبلدنا الحر الجديد".
ومع كل التنديد العالمي بالعميات الإرهابية التي اوجعت العراقيين وابكتهم , تخرج صحيفة "السياسة " مرة أخرى , وهي تصف بدقة العمليات الإرهابية وتنقل احاديث الإرهابيين عن عملياتهم الإرهابية وكيف انهم يتجنبون المدنيين , وان " المقاومة " يتهمون الاعلام العراقي بانه " يخفي خسائر الغزاة ويضخم خسائر المدنيين". والحقيقة ان هذه المقاومة لم تستثني مدني , حيث قالت قولتها المأثورة , من كان من المؤمنين عجلنا له الجنة ومن كان من العملاء عجناه الى نار جهنم . وهكذا انتزعت هذه "المقاومة " وظيفة الله عز وجل الذي هو " يحيي ويميت".
واذا ضخم الاعلام العراقي اعداد ضحايا الارهاب كما يدعون , فان معاملة الأردنيين للعراقيين لم يمكن لاحد انكارها , حيث جاء في تقرير معد الشمري " تمزيق الجواز العراقي الجديد والوثائق العراقية التي يحملها المسافرون العراقيون وارغامهم على العودة من حيث جاءوا , واسماعهم كلمات نابية لا تعبر الا عن خلق صاحبها و تربيته , ولصق تهمة العمالة ل " المحتل الأمريكي" بالعراقيين الشرفاء , وتهديد الفتيات والأطفال بانهم ( أي شرطة الحدود الأردنية) سيذبحونهم وسيسلخون جلودهم ! , اضف الى ذلك ترك المواطنين العراقيين طيلة النهار ينتظرون ختم جوازاتهم _قبل ان تمزق_ وفي عز الحر ". هذا والعراق مصدر نفطهم الذي يستخدمونه في مطابخهم وسياراتهم وفي مستشفياتهم !
طبعا , لم تكن هذه الأمور خافية على المسؤولين العراقيين , وكانوا يذكرون "الاشقاء" بها , و " الاشقاء" ويوعدون بعدم تكرارها او اصلاحها, ولكن بدون نتيجة ! فقد اتهم وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري دولا خليجية في حزيران 2004 , من غير ان يسميها , بانها تتدخل في الشؤون الداخلية للعراق وتشجع على العنف لزعزعة استقرار البلاد لا سيما من خلال القنوات التلفزيونية الفضائية التي تمولها , وقال زيباري , ان " لدينا مشاكل مع بلدان عدة تنتمي الى مجلس التعاون الخليجي". وطالب زيباري في المؤتمر السادس لوزراء خارجية دول جوار العراق , بان " تتعهد دولهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية". وفي جواب للسيد زيباري عن حاجة العراق للدعم العربي قال فيه " كثيرا من الدول العربية والحكومات العربية ما زالت في موقف الانتظار والترقب واللامبالاة منذ تسلم الحكومة العراقية المؤقتة السلطة . وصلتنا طلبات من الدول الأوروبية والغربية لتقديم اعتماد لسفراء لها لكننا لم نر من الدول العربية نفس الحماس لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة . العراق اعلن انه يعتزم فتح صفحة جديدة مع الدول العربية وسيكون له تمثيل دبلوماسي مع جميع الدول وفي المقدمة الكويت والسعودية . ثانيا نحن ذكرنا للإخوان العرب في اكثر مناسبة ان نظام صدام قد انتهى وليس لديه أي مستقبل في العراق وعلى الدول العربية ان تدرك ان نظاما جديدا قد تشكل في العراق."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي