الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة -الكلمة اﻷخيرة-

سلامة محمد لمين عبد الله

2023 / 9 / 21
الادب والفن


ثقافة "الكلمة اﻷخيرة"
تعرفون بالتأكيد مواقف و حاﻻت كثيرة تضطرون فيها إلى النطقِ بها. أعني هي. نعم هي بالذات. فهي صارمة، صادمة، فاصلة،قاطعة، نهائية، مؤلمة و مؤسفة. لكنها أيضا، رغم ذلك، و رغم النتائج، و ربما الخسارة الكبيرة، التي تنجر عنها، تجعلنا نشعر باﻹرتياح والثقة في النفس، و باﻹنتصار و الشموخ. فهي تأتي، أو باﻷصح تخرجُ، غير مُتَوَقَّعَة، دون تخطيط أو تفكير مُسبَّق. فلاتهمنا اﻷشكال و الصيغ التي ننطُقُها بها، و ﻻ متى يجب علينا النطقُ بها. و ما إذا كان يتعين فعلُ ذلك اﻵن، أم في المرة القادمة. في العادة، نحن نبذل جهودًا جبَّارة و نحاول أن نتجنبَها و أن نلتمسَ المبرِّرات و اﻷعذار، و أن نستعرض في فترات الصفا الذهني الجوانب اﻹيجابية للعلاقة، و أن نقنعَ أنفسَنا، في كل موقف أو حالة، أن المسألة لم تصل بعد إلى تلك الدرجة من الحِدة و التفاقم التي تجعلنا نتخذ الخطوة الحاسمة. بل أنه عندما ينفذُ صبرُنا و يصبح البوحُ بالحقيقة القاسية أمراً لم يعد يحتمل التأجيل، و أنه صار بإمكاننا التنصل من المسؤولية، ﻷن اﻵخرون قد تجاوزوا الحدود و امتدت إيديهم لقطف الثَّمرة المشؤومة و أنه آن اﻵوان لطردهم من جَنَّتِنا الوارفة، فاستحقوا العقاب لتماديهم في خبثهم و غرورهم و سوء تقديرهم، غير آبهين بالعواقب؛ حتى في هذه الحال، فنحن ﻻزلنا نشعر بنوع من الشفقة نحوهم و الرأفة بهم، و نحاول بإستمرار إرسال اﻹشارات و التلميحات و الرسائل التحذيرية الغير مباشرة إليهم، و أن نضعهم في مواقف إفتراضية خيالية لعل ذلك يوقظُ ضمائرهم و ينبههم إلى تبعات سلوكهم المتهور السخيف.
بل أننا نشعر بالمتعة و التحرر ﻷننا أصبحنا نتحكم في الموقف و نستطيع اﻵن التخلص من الحمل الذي يثقلُ كاهِلَنا، فكل شيء بات مسألة وقت ﻻ أكثر و نستطيع بالفعل حساب العد العكسي للحظة المُصارحة، حينها، بهدوء و برودة أعصاب و بلا تردد نتلفَّظ بتلك الكلمة أو العبارة التي كنا نرغب في تجنبها و الوصول لتسوية ما في منتصف الطريق تكون أقل وطأة على الطرف اﻵخر و تحفظ له ماء وجهه.
إنها الكلمة اﻷخيرة أو ما نسميه نحن في ثقافتنا الحسانية “الكَلْمَة التَّالْيَة”.
و هي الكلمة أو العبارة التي ما كنا أبداً سنلجأ إليها و ننطق بها لو لم يُرغمْنا اﻵخرون على فعل ذلك، بوقاحتهم و إستهتارهم و سفالتهم. إنها بالنسبة لنا شيء مكروه، خط أحمر، شجرة زقُّوم!
بعض الصيغ التي يمكننا من خلالها أن نضع حدًّا لتطاول اﻵخرين علينا و استخفافهم بنا و استغلال ظروف معينة ﻹختبار شخصيتنا و إنتهاك حقوقنا:
ﻻ (أبدًا)، أغرب من عيني "طِيرْ"، ﻻ أريد سماع هذا، لماذا تفكِّرُ (أنتَ) بهذا الشكل؟ أنا لستُ كذلك/كما تتصور، ﻻ أريد التحدث معك في هذا (بعد اﻵن)، هذا ﻻ يعنيك، أنا لم أقصد هذا، أنت أسأت الفهم كثيرا، ﻻ أفهم كلامك،
لماذا تظن (أنتَ) ذلك؟، ماذا تريدُ قولَه بالضبط؟ أنا ﻻ أتواصل عبر الواتساب إﻻ مع العائلة و اﻷصدقاء و بعض المعارف أو في حاﻻت خاصة، و أنتّ ﻻ تنتمي إلى هؤﻻء.
ﻻ يكادُ يمضي يوم دون أن أصادفَ أناسا غرباء في طريقة تفكيرهم و تصرفاتهم و نظرتهم للعالم. فالحديث مع هؤﻻء في قضايا معينة، تكون غالبا عادية و بسيطة، سرعان ما يتحول إلى سوء فهم و صراع. لكن اﻷمر يكون أعظم عندما يتعلق اﻷمر بالمسؤولين. ﻻ أفهمُ مطلقا كيف ابتلينا بهذا النوع من القيادات التي أوصلنا إلى هذه اﻷزمة اﻷخلاقية. ﻻ شك أن المجتمع البدوي الذي ليس لديه تراكم حضاري ﻻ بد له من إجتياز الكثير من العوائق و المطبات، ثم أن التعيينات عندنا ﻻ تخضع للمقاييس المهنية و اﻷخلاقية، و بما أنه ﻻ توجد مساطر أو ضوابط أو تعليمات يجب على المسؤولين مراعتها أثناء أدائهم لعملهم، فإن الكثيرين من هؤﻻء إنتهازيون و سيتصرفون في المؤسسات و الهيئات التي يُديرونها كما يشاءون، و بدلا من أن يكونوا مثاﻻ و قدوة لغيرهم، و معلمين في مواقع عملهم، نجدهم ﻻ يتورعون عن الخوض في اﻷمور التافهمة و النزول إلى أدنى درجات الخساسة و اﻹنحطاط. ثم أنه رغم توفر الحد الأدنى من الوسائل المادية الكافية لتأسيس وسائل إعلامية جماهيرية و لو بمظهر متواضع، تهتم بنشر المعرفة و الثقافة بين الناس، فنحنﻻ نكاد نعثر على جريدة ورقية أو منشورات تثقيفية مثلما ﻻ توجد برامج إذاعية أو تلفزية شهيرة لحث الناس على تحسين مستواهم العلمي و الثقافي و اﻷخلاقي. إن توفر "البارابول" و اﻹنترنت وحدهما، و ترك اﻷمور تسير بطريقة سلبية و ﻻ مباﻻة، لن يؤدي إلى إحداث التغيير المنشود في المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف