الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بائعة الورد في أراكيبا

لويس ياقو
(Louis Yako)

2023 / 9 / 21
الادب والفن


في ليلة ربيعية منعشة،
وأنا أتسكع في مدينة (أراكيبا) في البيرو،
صادفت شاباً فنزويلياً وسط المدينة
وعرفت من عيناه وسلامه وطيبة روحه
بأنه مشرد مثلي!
عرفت بأنه من بلد فعلوا به ما فعلوه
في العراق وسوريا وليبيا واليمن
وتطول القائمة وتوجع..
وبعد حوار طويل
تبادلنا فيه قصص عن
محاولات الإستعمار لنهب بلدينا وتشريدنا،
وقفنا عند بائعة ورد بيروفية
كانت قد بسطت ورودها
على حصيرة بسيطة على الرصيف...
كانت امرأة في نهاية عقدها الرابع
أو ربما أصغر..
فالوقت أقسى على من يكافح
من أجل كل لقمة عيش وكل شربة ماء!
سلمت عليها بالإسبانية،
وقلت لها مازحاً بعدما التقطت باقة ورد:
"هل لي أن أشتريها ولكن بسعر أهل البلد لا السواح؟"
وهنا قالت وصديقي الفنزويلي الجديد ترجم كلامها إلى الإنكليزية:
الورود لا تقدر بثمن يا أيها الزائر العزيز!
ولولا الفقر والظلم في بلدي والعالم،
لما بعت الورد أصلاً،
بل كنت سأهبه مجاناً لكل زائر!
ولهذا السبب بالذات،
فأنا أبيعه بأرخص سعر ممكن
ليس لأن الورد رخيص،
بل لإيماني بأن كل أنسان يستحق باقة ورد!"
وبعد أن لمست كلماتها العميقة قلبي،
سـألتها ماذا تعني الورود بالنسبة لها،
فقالت بصوت حنون:
"الورود تحزنني على قدر ما تفرحني!
تحزنني لأني أدرك بأن معظم الناس في هذا العالم
مثل براعم ورود تخنقها الظروف ولا تزدهر!
وتفرحني لأن عطرها يظل يفوح حتى عندما تقطعها أيدينا القاسية!
والورود ككل عزيزٍ وغال فانية ...
تعلمت منها بأن الفناء هو أهم ما يميز الجمال الطبيعي والحقيقي!"
وقبل أن أفارق بائعة الورد الطيبة، سـألتني بدورها لما أحب الورد،
فقلت لها:
"أنا مدين للورد بكل ما أعرفه ولكل خطوة خطوتها في حياتي!
ولطالما كانت أمنيتي كعراقي أن نزرع لبعضنا ورداً لا ألغاماً!"
وهنا ناولتني باقة ورد وحضنتني بكل حب ..
وأهديت الباقة للشاب الفنزويلي الطيب
ولعنت في قلبي من يقف خلف تفقير وتشريد
الملايين من القلوب الطيبة في هذا العالم ..
وشكرت القدر على لحظات إنسانية ثمينة
لم تكن لتحصل لولا حب الورد!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟