الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطان متقابلان صلب الحركة النقابية العالمية (الجزء الأول)

محمد علي الماوي

2023 / 9 / 22
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة


فيليب كوتا
الفصل الثاني
حول الخطين المتعاديين في الحركة النقابية العالمية
لقد بدأ في الربع الأخير من القرن التاسع عشر يظهر صلب الطبقة العاملة خطان مختلفان أخذا في التباعد تدريجيا هما: الخط الانتهازي وخط صراع الطبقات البروليتاري وذلك عندما أصبحت الحركة العمالية والنقابية تمثل قوة منظمة اكتسبت وزنا أكبر على الصعيد السياسي والاجتماعي. ويشكل هذان الخطان المتناقضان اليوم كما كانا بالأمس ارضيتين سياسيتين وايديولوجيتين مختلفتين.
1) الخط الإصلاحي والانتهازي
لقد حددت سلسلة من الظروف الموضوعية الاقتصادية منها والاجتماعية نشأة الانتهازية والاصلاحية وتطورهما في صفوف الحركة العمالية والنقابية ويمكن ان نذكر من هذه الظروف:
أولا: ظروف تطور الرأسمالية السلمي نسبيا وقت لم تكن كل التناقضات الملازمة للمجتمع الرأسمالي بعد ظاهرة بنفس الحدة التي ستكون عليها في مرحلة ما بعد الازمة العامة الرأسمالية وجنت البرجوازية من استغلالها البلدان المستعمرة استغلالا وحشيا ونهبا فضيعا أرباحا طائلة. فقد أدى تطور الرأسمالية السريع-ولو انه تطور صاحبته أزمات-الى تحسين ظروف الطبقة العاملة تحسينا نسبيا ووقتيا من ذلك: تخفيض ساعات العمل وزيادة في الأجور وإقرار قوانين صيانة العمل والضمان الاجتماعي وغيره...وهكذا مثلا فان الجمهور العريض من الشغالين في المانيا ارتفعت بنسبة 15 بالمائة خلال العشرية الأخيرة من القرن التاسع عشر اما أجور الشغالين المختصين فقد ارتفعت بنسبة 50 بالمائة.
ثانيا: ان صغار المنتجين-وهم الشرائح العريضة من الحرفيين والفلاحين والبرجوازية الصغيرة المتدهورة –التحقوا إثر تطور الملكية الرأسمالية الكبرى بالبروليتاريا فضخموا صفوفها وعفنوا-تحت قوة ضغط البرجوازية وايديولوجيتها –الطبقة العاملة والحركة النقابية بأفكارهم البرجوازية الصغيرة ونشروا بينها الاضطراب والفوضى والتردد. كما جلبت هذه الشرائح الى صفوف الطبقة العاملة مفاهيم واوهاما إصلاحية.
ثالثا: ان قسما من العمال وهو ما يعرف بأرستقراطية الطبقة العاملة أفسدته البرجوازية فشكل نخبة انفصلت عن جمهور الطبقة العاملة وأصبحت-من حيث وضعها الاقتصادي وطريقتها في التفكير-لا تختلف الا جزئيا عن البرجوازية اذ هي تمثل في الواقع مصالح البرجوازية وتصورها للعالم وقاعدتها الاجتماعية وسندها الأساسي في صلب الحركة العمالية والنقابية.
وهكذا فان الذي افضى الى ميلاد التيار الانتهازي والاصلاحي وتطوره وبروز أرضية سياسية للطبقة العاملة والحركة النقابية أوضاع أولها: الظروف المتعلقة بقانونية الحركة العمالية والنقابية وثانيها: اتساع صفوفها نتيجة انضمام عديد العناصر المتأتية من البرجوازية الصغيرة وثالثها: جو انتصارات بعض الأحزاب العمالية في الانتخابات حتى ان برلمانات عشر دول متطورة صناعيا كانت تضم أكثر من مائتي نائب عن هذه الأحزاب
ورابعها: بعض المكاسب الجزئية في الميدان الاجتماعي. ولقد شهدت هذه المرحلة بعض النظريات والاطروحات التي سرعان ما طبقها انتهازيون واصلاحيون في الحركة النقابية.
فاحتلت الاتجاهات الحرفية الترودونيونية الضيقة مكانة في النقابات وحصرت نشاطها في بعض المطالب الاقتصادية وجمع الاشتراكات بل تحولت في بعض الأحيان الى منظمات ثقافية وتعاونية وأصبح مبدأ الوفاق الطبقي أساسيا في الحركة النقابية وصار "الزعماء" النقابيون يعتبرون منبر البرلمان وسيلتهم الأساسية في النضال.
2) حول بعض المبادئ الاساسية في الحركة النقابية الطبقية.
لقد كان أول من وضع للحركة النقابية الطبقية قواعدها النظرية والتطبيقية والتنظيمية
هما: ك. ماركس وف. انجلز مؤسسا الشيوعية والفلسفة المادية الجدلية والمادية التاريخية الثوريتين لانهما يعتبران النقابة مدرسة البروليتاريا في صراعها الطبقي في ظروف النظام الرأسمالي. كما ان ماركس حدد بوضوح دور الحركة النقابية ومهامها حينما قال: " ان الترودونيونات-وهي مراكز مقاومة لتجاوزات راس المال-لتقوم بدور ناجح لكنها تخطئ جزئيا هدفها بمجرد كونها لا توظف قوتها الا بقدر ضئيل من الذكاء وتخطئ تماما هدفها بمجرد كونها تقصر نشاطها على حرب مناوشات ضد نتائج النظام القائم بدل ان تعمل في نفس الوقت على تغييره وعلى استعمال قوتها المنظمة أداة تحرر بفضلها الطبقة العاملة تحريرا نهائيا. اي من اجل القضاء نهائيا على نظام الأجرة"(1)
لقد وضع ماركس في تقريره "حول دور النقابات واهميتها ومهامها" الذي تقدم به الى مؤتمر الأممية الأولى المنعقد سنة 1866 بجينيف الأسس الأولى في التصور الماركسي للنقابات باعتبارها منظمات طبقية من واجبها حسب هذا التقرير ان تكون مراكز تنظيم الطبقة العاملة وان تكون مهمتها النضال من أجل تحريرها الكامل ومساندة كل حركة ثورية.
فمن واجب العمال إذا ان لا يهولوا من قيمة النضال الاقتصادي (وهو ما كان يلاحظ لدى العمال الانجليز) ولا ان يستهينوا بشأنه (مثلما كان الامر لدى العمال الفرنسيين والالمان) فلم تكن النقابات –حسب هذا التقرير ظاهرة شرعية فحسب- بل هي زيادة على ذلك ظاهرة لا غنى عنها لتنظيم الطبقة العاملة في مواجهة الاستغلال الرأسمالي.
وقد صاغ لينين فيما بعد –في معرض تحليله لصراع الطبقات صياغة علمية –برنامجا عريضا للنقابات سياسيا وايديولوجيا وتنظيميا فزاد في تطوير النظرية الجديدة للحركة النقابية الثورية ودعمها بحجج نظرية وحدد لها ما يجب ان تضطلع به من دور ووظائف
ومهام طوال المراحل الثلاث: المرحلة الامبريالية ومرحلة التحول من الرأسمالية الى الاشتراكية ومرحلة بناء المجتمع الاشتراكي. فقد كان لينين يعتبر النقابات في مرحلة الرأسمالية منظمات أساسية –فهي مراكز مقاومة وتنظيم ووحدة في مواجهة البرجوازية كما انها تدرب من اجل ان يتربى العمال تربية طبقية حيث يكونون وعيهم الطبقي ويطورونه ويناضلون بحزم ضد الاستغلال والاضطهاد الرأسماليين.
كما أبرز لينين في معرض رفضه للطرح الإصلاحي والانتهازي حول "حياد" النقابات تجاه أحزاب الطبقة العاملة السياسية ضرورة ان لا تبقى النقابات بعيدة عن الأيديولوجيا والسياسة بل يجب ان يكون لكل منظمة ولكل حركة اجتماعية مفاهيمها الخاصة السياسية والأيديولوجية المناسبة للطبقة التي تمثلها. وهكذا إذا فانه يتحتم على النقابات وهي منظمات الطبقة العاملة ان تسيّرها الايديولوجيا البروليتارية ويواصل لينين قائلا: "ان العمل في النقابات يجب ان لا يسير في اتجاه الحياد وانما في اتجاه أوثق فأوثق صلة بين النقابات والحزب الاشتراكي الديمقراطي"(2)
فقد كان لينين يعتبر النقابات حلقات صلبة واداة رابطة بين الحزب وجماهير الشغالين العريضة كما ان الحزب البلشفي في روسيا هو الذي أسس الحركة النقابية الثورية وذلك بخلاف مما كان في البلدان الرأسمالية الأخرى.
كما قاد لينين من ناحية أخرى نضالا لا هوادة فيه ضد الانحراف النقابي والانحراف الفوضوي في صفوف الحزب الشيوعي البلشفي الروسي وتمثل هذين الانحرافين الجماعة المسماة ب «المعارضة العمالية" التي كانت تعتبر النقابات الشكل الارقى لتنظيم الطبقة العاملة وتعتبر ان تسيير كل الاقتصاد الوطني يجب ان يوكل الى "مؤتمر المنتجين الروس"
المجتمعين في النقابات.
اما بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى فقد وضح لينين للمرة الأولى الضرورة التاريخية للنقابات في ظرف دكتاتورية البروليتاريا وحدد دورها ووظائفها في مرحلة بناء المجتمع الاشتراكي باعتبارها منظمات تشمل أوسع جماهير الطبقة العاملة.
وقد كان لينين يعتبر النقابات "منظمة الطبقة الحاكمة أي الطبقة الماسكة بالسلطة منظمة تمارس الدكتاتورية وتسلط الاكراه الصادر عن الدولة ولكنها ليست منظمة الدولة ولا هي استبدادية وانما هي مدرسة الشيوعية في التربية والتدريب والتثقيف"(3)
الترجمة: مجلة دليل الممارسة (1987)
النسخ. م.ع.الماوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -