الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصلنا درجة اللاّعودة

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


" مع استمرار البوليس السياسي ، مدير البوليس المدعو عبداللطيف الحموشي ، ورئيسه ( صديق ومستشار ) الملك الغائب ، المدعو فؤاد الهمة ، سأضطر للخروج لإرسال هذه الدراسة من Cyber " ..
ان لكلمة اللاّعودة التي نطق بها الرئيس الجزائري بخصوص علاقة بلاده مع النظام المخزني ، لها دلالات خطيرة ، لان استيعاب اصل ومعنى الكلمة ، يرسم جيدا المآل الذي ينتظر القادم من المشاكل ، او من الافراح ، حسب المعالجة التي يعالج بها كل محلل ، المعطيات المتجددة المتحكمة في اللعبة السياسية . فمصطلح اللاّعودة الذي استعمله الرئيس عبدالمجيد تبون ، يخص العلاقات ( السياسية والدبلوماسية ) ، بين النظامين المخزني والنظام الجزائري ، التي وصلت طبعا الى الباب المسدود ، فقرر الرئيس الجزائري لتفادي هذه الحالة الشاذة التي وصفها باللاّعودة ، إغلاق الحدود امد الدهر ، والبحث عن منافد أخرى لتعويض الحالة السابقة ، حتى الوصول الى المرحلة التي عبر فيها الرئيس الجزائري ، عن حق الجزائر في اختيار اصدقاءها ، وحقها في الفرز بين الصديق ، والاخ ، والعدو الذي حمّله الرئيس الجزائري ، المسؤولية التامة فيما آلت اليه الأوضاع ، التي وصلت حد التفجير . ولكي يتجنب الرئيس الجزائري الصدمة ، فضل ما اسماه باللاعودة . أي قطع العلاقات مع النظام المخزني ، حتى لا نصل الى ما لا يحمد عقباه كما يقولون ..
لكن ان استعمالنا النّحْنُ Le nous ، لمصطلح اللاّعودة ، له معاني قد تشبه ما قصده الرئيس الجزائري من اللاعودة ، وقد لا تشتبه معها ، خاصة وان مصطلح اللاعودة الذي استعمله الرئيس الجزائري ، لا يعني نفس المعنى من استعمال المصطلح عند رسم الخريطة السياسية ، وعند ضبط المنعرجات السياسية المختلفة .
لذا فان المقصود عندنا بالاعودة ، ليس فتح او اغلاق الحدود ، لكنه يعني الديمقراطية الحقة كما تعيشها شعوب العالم ، خاصة شعوب الدول الديمقراطية التي يحكمها دستور الشعب الديمقراطي ، واللجوء الى الآليات الديمقراطية لفض النزاعات . وفي الأنظمة الديمقراطية ، تكون ثانوية لا تؤثر على الهرم العام للدولة . وايمانا وقناعة مترسخة بالديمقراطية ، يلجأ الجميع الى صناديق الاقتراعات ، والاستفتاءات ، بحيث هنا يكون للشعب وحده حق الكلمة ، وحق الاختيار ، لمواصلة البناء الديمقراطي الذي اصله طبعا اختيار الشعب . وفي الأنظمة النصف ديمقراطية ، فان حسم النزاعات السياسية ، إضافة الى حسمه من خلال اختيار الشعب ، وطبعا عبر الصناديق الانتخابية والاستفتاءات ، لكن حين تكون الممارسة السياسية تجري ضمن دستور نصف ديمقراطي ، او دستور شَبَهٌ ديمقراطي ، من خلال تلغيم فقرات ونصوص الدستور ، ببعض المصطلحات التي تبدو عند الانسان العادي قمة في الديمقراطية . ومثل هذه التزكية تصدر عن الجماعات السياسية التي تاجرت زمان ما بالهمّ الديمقراطي ، ونشدت الديمقراطية حتى في ابشع صورها ، فان بناء وهرم الدولة الدكتاتورية ، التي تفسر حتى التاريخ تفسيرا بوليسيا ، لا يعني ان بعض الممارسات السياسية المفضوحة ، تجسد قمة الديمقراطية المفقودة ، سيما وهم يشيرون بالبنان ، لديمقراطية الجار التي تبقى في نظر المحللين ومن نفس الدار ، انها ديمقراطية مقاصة ، تمارسها الجماعات المنافسة . لكن وفي ظل الملاحظة للمفاهيم الديمقراطية ، وعلاقتها بالممارسة الديمقراطية ، خاصة في جانب حرية التفكير ، والحرية كما صاغها الميثاق الاممي ، فهم يتذرعون بالحفاظ على هذه الديمقراطية ، رغم انها مجرد شَبه ديمقراطي ، لكن تصبح قمة في الديمقراطية عند قياسها ومقارنتها بالديمقراطية عند الجار او عند الجيران ، اذا كانت الأنظمة التي تحكمها عدوة الديمقراطية .
لكن الى جانب هذا التمايز المجتمعي ، الذي يفعل في تحديد المعنى من المصطلح الديمقراطي ، تبقى الديمقراطية العسكرية ، والديمقراطية البوليسية ، خاصة حين تكون غارقة في الطقوسية ، وفي التقاليد المرعية ، وفي اساطير الاولين ، وخاصة عند توظيفها للدين ، سواء في تثبيت مشروعية حكمها ، او في الاستفراد باسم الدين ، في السيطرة المطلقة على الدولة الطقوسية ، والمخزنية كما في المغرب ، حيث تكون الكلمة لجهابذة النظام البوليسي ، او النظام العسكري ، وكلا النظامين لا علاقة لهما بالديمقراطية ، لان كلاهما يعادي الديمقراطية ولو الشَّبَه ديمقراطية في صلبها ، لان مجرد القول والنطق بكلمة الديمقراطية ، يجعل صاحبه متميزا عن المشرفين من جماعة البوليس التي سرقت الدولة ، لتعطيل رغبة ومتمنيات بعض الداعين للديمقراطية ، قصد الاستمرار في احتكار النموذج الشَّبه ديمقراطي ، الذي يبوّئهم الصدارة ، ليس في الدعوة الى الديمقراطية الحقة ، بل ليستمروا من خلال سرقة الدولة في واضحة النهار، مسيطرين على الخيرات والثروة والمنافد ، والجاه والنفود ، باسم الدفاع عن المشروعية المهددة في كل وقت وحين . رغم ان استعمالهم لاسم الحاكم الغائب عن الحكم الفعلي ، الذي يمارس باسمه من قبل رفاق دراسته ، او رفاق سقطوا بالمظلات ومن خلال الزبونية ، وليتحولوا في رمشة عين الى مالكين كبار وأصحاب نفود ، وطبعا بعد الفقر يصبح الغنى في ابشع صوره ، الحد الفاصل بين من سرق الدولة باسم الدفاع عن السلطان الغائب و " ممْسوّقشْ " ، والرعايا التي تزيد فقرا في فقر ، أكبر من مستوى الفقر الذي عاشوا فيه ، وليتحول وضع الرعايا الى متسولين ، يهرعون وراء موكب الحاكم الغائب ، ليطلبوه " رخصة نقل " ، او بقعة ارض .. أي ان الأكثرية الساحقة تصبح متسولة ، تنشد عطاء الحاكم بأمر الله في اقطاعية الحق الإلهي ، ولا تنشد طلب الحقوق سواء المنصوص عليها في دستور الراعي ، والامام البتريركي ، البتريمونيالي ، الكمبرادوري ، والطقوسي الثيوقراطي . والى هنا ، تكون الردة من وراء هكذا خرجات ، طمْر مطالب الحقوق ، والتغول في حياة التسول بأشكالها المختلفة ..
اذن ان استعمالنا لمصطلح " اللاعودة " ، يختلف من حيث المعنى مع مصطلح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، الذي وضع الرعايا ( الشعب ) ، والنظام المخزني في خانة ، وبين المعنى من استعمال المصطلح من قبل المتنورين ، والمرتبطين او العاملين في حقل الشأن العام المغربي . فنحن ندعو الى التغيير ، تغيير نظام الحكم ، للخروج من حقل الاستبداد ، والطغيان ، وللدخول الى النظام الديمقراطي ، تحت أي عنوان ، لان تحديد هدف العنوان ، يبقى مرتبطا بإشكالية الاحداث كما ستحصل ، وبمستوى الوعي السياسي لأي قيادة شعبية جماهيرية ، تتبوأ ساحة النضال ، بمعزل عن الممارسات التي قد تتحول سريعا ، الى ثورة مضادة ، لأنه بسبب جهلها ، وبسبب اميتها ، قد تصبح وقودا لتدمير امل التغيير ، وحب الحرية ، والدعوة الى الديمقراطية .. لكن مع ضبط وانضباط براعم الشعب المغربي ، وبفعل التحولات من خارج المغرب ، ستنجح البراعم الثورية ، في السيطرة على الساحة ، في كل المغرب ، وليس في جزء منه .. ان شروط فرض التغيير ، مُتراكمة بشكل لم يكن في السابق ، سيما ومع الفقر المدقع الذي يوجد فيه ( الشعب ) الرعايا ، وقضية الصحراء الغربية ، التي تحولت الى مستنقع غرق فيه النظام ، لأنه فشل الفشل الذريع في ملف الصحراء ، واصبح التطور المفروض والمُنزّل ، يبشر بقرب النهاية ، نهاية مشكل الصحراء الغربية نحو الاستقلال ، الذي زاد من فرص حصوله ، اعتراف الملك محمد السادس شخصيا بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، واصدر " ظهيرا " وقعه بخط يده ، يقر فيه بهذا الاعتراف الذي نشره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 / يناير 2017 ..
فالوضع المتأزم لنزاع الصحراء الغربية ، سيجعل النظام المخزني البوليسي ، يتراجع عن اطلاق رصاصة واحدة ، على المحتجين على أوضاعهم المتدهورة ، والمنادين بالديمقراطية في حللها الكونية الحقيقية ، لا اللاديمقراطية المخزنية ، التي لا شيء يجمعها بالديمقراطية ، كما هي بالدول الديمقراطية . فالجيش لن يستطع ولن يجرأ على اطلاق رصاصة واحدة ، لان المنتظم الدولي ، ومؤسساته العديدة والمختلفة ، بانتظاره ، وعند استفحال الوضع او الوضعية ، فترقب تدخل من خارج المغرب ، للدفاع عن الشعب الذي يطالب بحقوقه ، يبقى امرا واردا ..
ومما سيزيد في اهتزاز وزلزلة اركان النظام المخزني المعادي للديمقراطية ، انتظار خروج الصحراويين بالأقاليم الجنوبية المتنازع عليها مع الجبهة ، وانتظار تطور الاحداث الى مقاومة مشروعة تنضاف الى النضال السلمي للشعب الصحراوي الذي اعترف به الملك واعترف بجيشه عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية . وهنا ولتأكيد ما ذهبنا اليه في تحاليلنا سابقا ، فان هذا السيناريو المنتظر ، قد عبرت عنه الولايات المتحدة الامريكية ، في التقرير الذي أصدرته وزارة الخارجية الامريكية ، واعتبرت فيه ان جبهة البوليساريو ، هي منظمة تحرير وكفاح مسلح ، وهذا اعتراف صريح من قبل واشنطن برفض قبول مخرج الحكم الذاتي ، والتركيز فقط على المشروعية الدولية ، من قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي أصدرت القرار 34/37 الذي حدد الوضع القانوني للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، كممثل شخصي وشرعي وحيد للشعب الصحراوي ..
ان اعتبار واشنطن ، الجبهة الشعبية بمنظمة الكفاح المسلح ، ولا ترتبط باي شكل من الاشكال بالإرهاب ، كما حاول البوليس السياسي للدولة المخزنية وفشل ، هي دعوة من اكبر دولة في العالم ، الولايات المتحدة الامريكية ، الى تبني الشعب الصحراوي لكل اشكال النضال ، المتوافق مع قرارات المشروعية الدولية ، وبما فيها النزول الجماعي والمكثف في كل الأقاليم الجنوبية ، أي مظاهرات سلمية ، وبما فيها الدعوة الى توليفة الكفاح المسلح كما اعتبرته واشنطن ، بأشكال من المقاومة التي ستنضاف لتعزيز الحرب الجارية الآن بالمنطقة منذ 13 نونبر 2023 ..
ان هذا الموقف الأمريكي ، الذي ذهب بعيدا في تحديد موقف واشنطن الصريح من نزاع الصحراء الغربية ، والمؤيد للجبهة كحركة تحرير ، وهذا يعني ان واشنطن تناصر الحرب الجارية اليوم في الصحراء ، والنصرة جاءت بقرار وزارة الخارجية الامريكية ، من خطاب مُقرّع ومباشر الى النظام المخزني البوليسي ، بان تواجده في الصحراء ، تواجد ضد القانون الدولي ، أي ان واشنطن التي تنشط داخل مجلس الامن ، وداخل الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تعتبر تواجد النظام المخزني في الصحراء بتواجد احتلال ، حله يكون بإخضاعه للمشروعية الدولية ، التي تبحث في النزاع داخل وخارج ، مجموعة 24 التابعة للأمم المتحدة ، أي " اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار " ، التابعة للأمم المتحدة ، التي تعتبر تواجد جيش النظام المخزني ، وتواجد جيش النظام الموريتاني بالأمس ، تواجد احتلال ..وهو نفس الاعتراف ، كان للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني ، حين زكى اعتراف الدولة الموريتانية بالجمهورية الصحراوية ، وزاد معتبرا الاعتراف ، بالموقف الاستراتيجي للدولة الموريتانية ..
يلاحظ ان هذا المخطط المرسوم بإتقان ، أي مناصرة واشنطن لمسيرات شعبية بكل المناطق الجنوبية المتنازع عليها ، وطبعا ستكون مسيرات تحت مراقبة واشنطن ، ومراقبة الاتحاد الأوربي ، ومراقبة المحكمة الجنائية الدولية ، أي مراقبة دولية من قبل الأمم المتحدة ، الى إضافة شرعية المقاومة ، لنصرة ولعون وتدعيم الحرب الدائرة منذ 13 نونبر 2020 ، واعتبار الحرب التي تدور بحرب تحرير شعبية ... هي نفسها تضمنها تقرير البرلمان الأوربي الأخير ، وهي نفسها المخرج الوحيد الذي يؤيده الاتحاد الأوربي ، دون نسيان الاتحاد الافريقي الذي تعتبر الجمهورية الصحراوية احد الدولة النشيطة فيه ..
كما ان خطاب الرئيس الفرنسي الأخير ، الموجه مباشرة الى ( الشعب ) الرعايا المغربي ، وتجاهله لشخص محمد السادس ، ولنظامه ، يندرج طبعا ضمن المخطط الذي ينتظر رسم الوضع القانوني للصحراء الغربية ، من خلال المشروعية الدولية ..
ان هذا الوضع الخطير الذي ينتظر الحل النهائي لنزاع الصحراء الغربية ، سيكون عامل ضغط مهم وقوي ، على أي تصرف للنظام المخزني ضد ( الشعب ) الرعايا المغربي ، كما سيكون مشجعا عليه ، عند خروج الصحراويين بالصحراء ، يطالبون فيها بتقرير المصير ، وبحقهم في الاستفتاء الغير قابل للتنازل .. فالخطأ الذي ارتكبه الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، انه تسرع اكثر من اللازم ، حين فضح المخطط ، بعزل شخص محمد السادس ، وعزل نظامه ، عن الرعايا ( الشعب ) المغربي ..
لذا فالمشروع الذي ينبغي على احرار وشرفاء المغرب الاشتغال عليه ، وهو نفس المشروع بالنسبة للوضع القانوني المهزوز بالصحراء الغربية ، هو في القطع التام مع الدولة الدكتاتورية ، والبوليسية والمخزنية ، وهذا القطع هو دلالة من دلالات اللاّعودة كما سقناها ، ودلالة بالرجوع لتسفيه الصراع السياسي بين الشعب وبين النظام ، في تركيز التغيير في العنوان ، في حين ان التغيير اصله الدستور الديمقراطي ، الدولة المدنية ، وبناء الدولة الديمقراطية الحقيقية ، المتعارضة مع الدولة المخزنية البوليسية ..
فشروط تدعيم النضال ، وشرعنة الممارسات السياسية ، بالتركيز طبعا على دولة الحق والقانون ، سيكون من اسمى المطالب لتحقيق الديمقراطية ، واسقاط المخزنية البوليسية العدو الرئيسي للدولة الديمقراطية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف