الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غراب قابيل وإعلام النعام

بشير شريف البرغوثي
مؤلف

(Bashir Sharif Bargothe)

2023 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


قابيل رأى غرابا فتعلم منه كيف يواري سوأة أخيه وبعد آلاف السنين تعلم زعماء البشر كيف يدفن الواحد منهم سوأته في الرمال فلقد تعلموا شيئا من النعام و لكن فاتتهم أشياء كثيرة . إن النعامة تزج رأسها في الرمل كي تسمع لأن عيناها تفتقران إلى البعد الإستراتيجي ومهما نظرت في الأفق فلن ترى الأخطار التي قد تحيط ببيضاتها لذلك تهرب من الفضاء إلى الأرض كي تسترق السمع و تخمن من خلال معرفتها أصوات الوحوش و الطبيعة ما هي نوعية الأخطار التي قد تواجهها. أما زعماء العالم هذه الأيام فإنهم يهربون من رؤية الوقائع على الأرض إلى صناعة الصورة و التصور في الفضاء. و كل فضاء خيال
هدف النعامة هو حماية رعيتها و أما زعماء العالم فلا يخشى واحدهم إلا شعبه، وإذا كان هذا ينطبق على مجتمعات الجنوب أو العالم الثالث فإنه أوضح في الدول المتقدمة .. و تابعيها طبعا . في التابعين نجد أن أخشى ما يخشاه نتنياهو الآن هو تحويله إلى التحقيق و إدانته بالفساد و الزج به في السجن.
ليس ترامب بأحسن حالا و لا عائلة بايدن.
لم يكن ويلسون أو حتى ستالين أحسن حالا من حيث عدم القدرة على الرؤية .. و كانت النتيجة في هذه المنطقة المسماة "الشرق الأوسط" حرمان شعوبها من حق تقرير المصير .. تم حرمان العرب جميعا من هذا الحق و تم حرمان الشعب الكردي مثلا و هما شعبان موجودان تاريخيا و بشريا و جغرافيا و حضاريا ومقابل ذلك تم إعطاء "شعب إسرائيل" هذا الحق على الرغم من أنه لم يكن لديهم سنة 1917 أي تواصل تاريخي أو جغرافي في المنطقة .. هل يوجد عمى أكثر من هذا؟
تم رسم الخرائط و تم استرضاء تركيا و إيران .. وبعد سنوات قليلة صار لابد من حل مشكلتين هما المشكلة الكردية و الفلسطينية .. وحيث أن الشعبين حرما ظلما و عدوانا من حق تقرير المصير فإنهما لم يتمكنا من تصنيع قيادة سياسية موحدة تلبي مصالحهما و لكن ظهرت لدى الشعبين قيادات .. الفرق واضح بين وجود مؤسسة قيادية لشعب و وجود قادة أفراد بين صفوفه ..
يبدو أن هذا سهل لكل القوى الفاعلة في الإقليم و العالم أن توظف طموحات الشعبين في اتجاهات هامشية وضمن دوائر مصالح ضيقة تنظيمية سياسية و حتى قبلية لا يربطها رابط و لا يجمعها جامع من المصلحة العليا للشعبين
وحيث أن العرب لم يتمكنوا من تشكيل دولة عربية قومية واحدة فقد كان طبيعيا أن تخاف الدول القطرية من أي انسلاخ عنها لأي مجموعة بشرية سبق أن وقعت بالعمى تحت سيطرة هذه الدولة أو تلك هكذا صار الأكراد في سوريا و العراق مثلا موضع شك من حيث الولاء الوطني و صار الفلسطينيون موضع ريبة في الدول التي تواجدوا فيها بعد نكبتهم أو مجرد جماعات ترغب هذه الدولة أو تلك في توظيفهم لصالحها
هكذا لم يعد الحق الأول و الأسمى أي حق تقرير المصير يحظى بأي دعم و صار "كل حزب بما لديهم فرحون" و ما من قوة من الجهات الحائزة للسلاح أو المال أو الدعم الخارجي ترغب في المطالبة به ، و في المقابل فإن متانة الجذور الفلسطينية و الكردية في أرضها لا بد أن تكون قوة دافعة جبارة قد تعيد التوازن إلى المنطقة كلها. لن يشكل منح الشعب الكردي حق تقرير مصيره بشكل متزامن في إيران و تركيا و العراق و سوريا أي خطر على العرب عندما يكون القرار العربي الإستراتيجي عربيا في مسوغاته و نتائجه. و أظن أن في تجربة الشعب الأسكتلندي المريرة ما يدعم هذه الفرضية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر