الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء في استوكهولم ـ 9ـ

شهناز أحمد علي

2023 / 9 / 23
الادب والفن


" لا تعشقوا الغرباء لأنهم راحلون". لا تدري من صاحب تلك الجملة لطالما أوقفتها كثيراً ولا من خططها على حائط ذاك " الكشك " الصغير والحنون على كل من دخلها ليشتري ملخص من ملخصات أحد المواد الجامعية أو ليطبع بعض الفصول من الكتب الضرورية للإمتحانات أو حتى بعض الأسئلة والأجوبة التي كتبها أحد الطلبة النشيطين ويريد بيعها للطلاب. صوت فيروز الذي يصدح طوال النهار من تلك الدكانة ويحوم بحب بين أزقة المدينة الجامعية. استوقفتها تلك الأغنية التي تحب سماعها "ليالي الشمال الحزينة ضلي اذكرينا ... اذكرينا." امتزجت ليالي شمالها الحزين ابدا مع الرحيل .... العشق ... و الغرباء. بينها وبين تلك الجملة التي رسمها احد طلاب جامعة حلب في تسعينيات القرن الماضي حزن ووطن ، حزن غمر كل السوريين ووطن يبحث عن أبنائه الغرباء..
لم يكن هناك سبب واضح لتذكرها تلك الجملة بعد كل هذه السنين سوى الحرب الدائرة في بلدها منذ ما يقارب اكثرمن عقد من الزمن . في جامعة حلب، لم يكن هناك غرباء، لم يكن هناك ياباني أو روسي أو أوروبي أو أمريكي جاء ليأخذ تحصيله العلمي. بل كانت ساحات وكليات جامعة حلب تعج بالقادمين من أقصى الشمال حيث أمهاتهن لا تجيدين اللغة العربية التي أجبر أولادهم على الدراسة بها، بالإضافة لطلاب من كل المدن والقرى السورية، شابات وشباب في عمر الورود منهم من كانت أحلامهم أجمل من القصائد ومنهم من كانوا يصارعو طواحين الهواء مثل "دون كيشوت"، ومنهم من أرعبه خوف السنين الذي انفجر في 2011 وحرق كل السورين ودون إستثناء..
أغلقت التلفاز، شعرت أنها لم تعد قادرة مثل كثير من السوريين الإستماع لنشرات الأخبار، لكل هذا الألم والهراء معاً، نعم الهراء وتفاهة القيم السائدة في زمننا هذا، قيم المجتمع الدولي الذي له اليد الطولا حتى النخاع في هدم بلدنا وهدر الدم السوري. بينما تستمع لأغاني فيروز في هذا الصباح المثقل بالذكريات الجميلة والشبيهة بسوريا ما قبل الحرب، راودتها أفكار غريبة، ترى الطالب الذي كتب بالألوان المائية وبالخط العريض تلك الجملة، أين هو الآن هل يسرق زيتون عفرين ويغتصب نسائها أم يحتضن طفلاً سوريا لا فرق من أية مدينة أو طرف كان ويساعده في مخيمات اللجوء، أم إنه أصبح محللاً سياسياً ونجما من نجوم فضائيات التي تساهم في تعقيد ألم السوريين، أم طالب لجوء في إحدى دول الأوربية وينصح ما تبقى من السوريين على المقاومة وعدم الهجرة، أم من أنصار الرايات السوداء وأعداء الكورد، أم شابا، بالرغم أنف تجار الحروب، يحلم بأن صوت فيروز سيصدح ثانية في أزقة المدينة الجامعية ولن تكون الصبايا والشباب السوريين السوريون غرباء عن بعضهم البعض ثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي


.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه




.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان


.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو




.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف