الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرش وسط القاهرة

مجدي شندي

2006 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لايملك المرء إلا التعبير عن صدمته وذهوله مما شهدته شوارع وسط القاهرة من تحرش جنسي جماعي أيام العيد . فالمسألة تعدت الحلال والحرام , والمباح والممنوع .. إلى كونها واحدا من الإرهاصات الدالة على أن المجتمع بأسره قد دخل نفقا مظلما , فلم يعد يميز ما بين السلوك الإنساني وغير الانساني .. بمعنى أننا إداركنا (بتشديد الدال ) شيئا فشيئا , ودون أن ندري نحو الحضيض.
ولنحاول معا تفكيك ماجري وتحليله لندرك كم هي مخيفة تلك الهوة التي سقطنا فيها , وكم هي تنذر بمستقبل بشع وبائس إن لم نجد لها حلولا فورية .. ونكف عن دفن رؤوسنا في الرمال.
- أولا يكاد يكون المجتمع المصري هو الأبشع عالميا من حيث تدني القيم الأخلاقية .. فالمرء لم يعد يشعر بأمان حينما يسير مع زوجته أو أخته أو ابنته في رابعة النهار ووسط الزحام في حواضر مصر الكبرى , إذ لا يسلم من تحرشات لفظية في الحد الأدنى .. فما بالك بالمناطق الهادئة أو الأوقات المتأخرة مساء .. إذ أن هناك جيش من العاطلين ومحترفي البلطجة وأرباب السوابق لا يردعهم رادع وليس له نظير في بلدان أخرى .. حتى تلك التي نتهمها بالانحلال والتدني الأخلاقي.
- ثانيا مصر هي البلد الوحيد التي تحاول الاستفادة من أرباب السوابق والمجرمين كمرشدين للشرطة , وذلك بدلا من أن تراقبهم وتتأكد من حسن سلوكهم بعد إطلاقهم من السجون .. ولا يعرف أحد من هو العبقري الذي بدأ تطبيق هذا العرف البشع الذي يجعل من الذئاب حراسا للحملان.
- ثالثا أن الشرطة أوغلت في قصة الأمن السياسي لدرجة أنستها وظيفتها الأساسية في المجتمع , فأصبح من ينال الترقيات ويتم ترفيعه إلى أعلى المناصب أولئك الذين يسهرون على أمن النظام , أما المجتمع وأمنه .. فليذهب إلى الجحيم.
- رابعا أن البطالة تحولت إلى وحش كاسر في المجتمع .. لا يصلح معها أي حل أمني حتى وإن عينت السلطة حارسا لكل شخص .. ففرصة العمل أصبحت نادرة ندرة بئر ماء في الربع الخالي .. وذلك في مجتمع تقذف جامعاته ومعاهده ومدارسه الفنية بنحو نصف مليون خريج سنويا إلى عرض الشارع .. وأصبح التوظف يحتاج إلى وساطة وزير.
- خامسا أن الإقدام على فعل شائن بشكل جمعي .. يعني أن قطاعات كبيرة في مصر رمت بكل القيم والأخلاق وراء ظهرها وأصبحت تتصرف بشكل غريزي , وتنتهج سياسة القطيع .. وما المانع إذا كانت السلطة تسلك السلوك نفسه .. أو تتسامح معه حين يجري أمام ناظريها .. وليست ببعيدة أحداث يوم الاستفتاء (25 مايو 2004 ) حين تم انتهاك شرف وعفة زميلات صحفيات في عز الظهر أمام مبنى نقابة الصحفيين .. ومن الطبيعي أن يقلد الناس حاكميهم والأمن هو الحاكم الأوحد بأمره .. أما القانون والقضاء فليسا إلا أيتاما على موائد اللئام.
لقد سئمنا من الصراخ في آبار قديمة عن غياب المشروع الوطني وعن الفساد الذي يتفشي وخراب الذمم الذي يحيط بك أينما ذهبت في مصر .. عن تعطيل المؤسسات وتأليه الأشخاص .. عن البطالة والفقر الذي يفتك بنا .. عن البلطجة وسوء السلوك الذي ينتشر من أقسام الشرطة حيث التعذيب وإهانة الكرامة الإنسانية وينداح في الشارع كالوباء ... وقتها كان يقال عنا إنهم أناس لايرون إلا السلبيات ويدمنون رؤية نصف الكوب الفارغ.. الآن يذوق المجتمع وبال تلك النظرة الحكومية المتغطرسة والمتعالية على رؤية الحقائق .. ومع أن الانسان يذوب عشقا في ثرى بلاده .. إلا أن ماحدث يدفع إلى الذهن بسؤال مفاده .. هل مصر لاتزال صالحة لكي يعيش المرء فيها .. أم أن الحقائق على الأرض تدفعه دفعا لدفن مشاعره .. والبحث عن وطن آخر؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت