الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرواية كحاملة للمشروع التحرري العربي في كتاب -الاتجاه القومي في الرواية العربي- مصطفى عبد الغني

رائد الحواري

2023 / 9 / 24
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الرواية كحاملة للمشروع التحرري العربي في كتاب
"الاتجاه القومي في الرواية العربي"
مصطفى عبد الغني
الكتب التي تجدب القارئ هي التي تقدم بطريقة سلسة وبلغة واضحة، في كتاب "الاتجاه القومي في الرواية العربية" يعرفنا الكاتب على العديد من الروايات والروائيين الذي تناولوا القومية أو الوحدة العربية في أعمالهم، فالكتاب يمثل تاريخي أدبي للروايات التي طرحت موضوع القومية العربية، وهذا ما جعل القارئ يتعرف على كتاب وأعمال روائية لم يكن يعرفها من قبل.
رغم أن الكتاب يتناول الرواية العربية، إلا أن فكرة القومية والتحرر وصلت للقارئ، وهذا يقودنا إلى أن الأدب مرآة الشعوب، وحامل همومها وتطلعاتها، ينقل لنا الكاتب كيف تم تناول الهزيمة الرسمية العربية روائيا بقوله: "بواعث الهزيمة (تساواي بواعث انحسار المد العربي) فإن العامل الحيوي وراء الهزيمة أن "بلادنا متخلفة وغير مترابطة وأنها لا تعيش في القرن العشرين إلا من حيث المظاهر، وعدم العمل بشكل جماعي منظم... وتتوالى البواعث السلبية التي حالت دون الوعي بالمد القومي والإفادة منه" ص185، من هنا تكمن علاقة الأدب بهموم الأمة والشعب، فالأدب خير وسيلة لطح تطلعات الأمة وكيف تنظر إلى الأحداث، فلم نجد أي تقيم/ إعادة نظر في أسباب الهزيمة العربية في عام 1948 وعام 1967، لكننا نجد هذا الأمر في الروايات العربية، وهذا ما يجعل الرواية متقدمة على ما هو رسمي عربي، فيجد فيها القارئ طرح موضوعي بعيدا عن الهروب إلى الأمام ونسب الهزيمة وما نحن فيه إلى فكرة هلامية تتمثل في الاستعمار والقوى الخارجية التي يبرر بها الرسمي العربي واقعنا البائس.
وهذا يقودنا إلى ما قاله "إلياس خوري عن أسباب الهزيمة: "الخيانة الداخلية العربية وعدم القدرة على التحديث والتنظيم" ص225، بينما لا نجد أي قائد عسكري أو سياسي تجرأ وقال بهذا الأمر وهذا الوضوح.
وعن علاقة النظام الرسمي العربي بالعمل الفدائي الذي كان يمثل بارقة أمل الأمة في التحرير من هيمنة الغرب وسطوة دولة الاحتلال على المنطقة العربية ينقل لنا ما جاء في رواية "حبيبتي ميليشيا" لتوفيق فياض: "هم لا يقاتلون ولا يدعوننا نقاتل" ص247، بهذا تكون الرواية العربية هي صوت الأمة، صوت الشعب، صوت المعارض لما هو رسمي كاشفا عيوبه وعرواته.
وما جاء في رواية "كوابيس" ل"غادة السمان" يشير إلى مظلومية الفلسطيني وما تعرض له من اضطهاد وظلم عربي: "مجرد كوني فلسطينيا يجعلهم يلصقون بي أبشع الجرائم.. و .. لا أحد يهمه أن يرى وجهي الحقيقي كبشر.. كإنسان متألم وغاضب، مشرد بلا وطن" ص276، رغم هذا الطرح الموضوعي، إلا أن النظام الرسمي العربي استمر في معاملته القمعية للفلسطيني، واضعا العراقيل أمامه للحد من انطلاقته نحو تحرير وطنه وتحرر المنطقة العربية من الهيمنة الإمبريالية الغربية.
بعد أن انتقلت المقاومة من الأردن إلى لبنان، كانت هناك عقبة أمامها تتمثل في الطائفية ينقل لنا الكاتب ما جاء في رواية "الشياح: ل"إسماعيل فهد إسماعيل" وكيف أن الروائي استطاع أن يبن الهدف والغاية من إشعال الحرب الأهلية في لبنان: "أن الهدف لم يكن إشعال نار الفتنة الطائفية والدينية فحسب، بل إشعال نار الفتنة القومية في الوطن اللبناني للقضاء على المقاومة الفلسطينية لكونها العدو المسلح الذي يستهدف العدو الصهيوني.. "فالهدف الأبعاد من وراء هذا المواجهة المرتقبة هو تصفية المقاومة"" ص282و283، ويتقدم أكثر ليتحدث بالمنطق الماركسي وتحديدا منطق "مهدي عامل" عن أسباب وأهداف الحرب الأهلية اللبنانية: فيقول: "كان لا بد أن يعي طرفا الصراع أن القضية ليست الصراع بين حركة التحرر اللبناني العربي بجميع مقاتليها وبين المشروع الصهيوني ـ الإمبريالي وحسب، إنما ـ أيضا ـ هي الصراع بين قوى طبقية ترتبط حسب مصالحها مع هذا الطرف أو ذلك، وهو ما كان على حنا أن يدركه.. الصراع الطبقي من جهة، إلى جانب وجود المقاومة" ص283، هذا الطرح الماركسي الذي يربط الحرب بالصراع الطبقي، يؤكد أن الأدب والرواية تحديدا يمكنها أن تحمل أفكارا أفضل وأبقى من البيان السياسي، فكل من يقرأ رواية "الشياح" سيجد نفسه أمام طروحات "مهدي عامل" لكن بصيغة وشكل روائي.
وبعد خروج مصر السادات من الصراع العربي الصهيوني، أصبحت المقاومة الفلسطينية تمثل الأمل الوحيد والباقي لحركة التحرر العربية، ينقل لنا الكاتب ما جاء في رواية "عودة الطائر" ل"حليم بركات": "أن حركة الفدائيين "أملنا الوحيد" فقد أصبحت هي خيارنا الوحيد للتعامل مع الغرب" ص330، وهذا اجمل رد على من يرى الثورة الفلسطينية مجرد ثورة عادية، بل هي شعلة الأمة العربية وسبيل وحدتها وتحررها وقوتها.
وما يؤكد ما جاء من اقتباسات روائية أن مكانة العرب بعد خروج المقاومة من لبنان أخذت تنزلق أكثر وبتسارع، إلى أن وصل الخراب العربي إلى "يخربون بيوتهم بأيديهم" وما التطبيع الرسمي العربي إلا صورة أخرى عن هزيمتنا الرسمية والشعبية بعد أن فقدنا بيروت وخرجنا منها، لنقاد إلى مدريد ثم إلى أوسلو وما تبعه من تنسيق أمني، وضياع المشروع القومي العربي.
الكتاب من سلسلة عالم المعرفة، دولة الكويت، العدد 188، أغسطس/آب 1994.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن