الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء من مكر التّاريخ وشطحاته

الطايع الهراغي

2023 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


" إن استطعت فاجعل كامل حياتك فجرا"
(محمود المسعدي/ حدّث أبو هريرة قال)
"ما فائدة الشّهادة الجامعيّة إذا لم يكن هناك جدار أعلّقها عليه؟؟".
(شادية أبو غزالة / شهيدة فلسطينيّة)

تتهاطل عليك الأفكار كأمواج ليل أليل،تتسارع ملتهبة ،فلا تملك إلاّ أن تحثّها الاستعجال كي لا تتلاشى، تنساب بلا موعد،بلا ترتيب،بلا موجب وبلا استئذان. وما حاجتها إلى دليل ،وهي الدّليل؟؟،لكأنّ في نفسها أمرا، كعاشقة تريد أن تحتضن الموعد قبل الأوان وتهتبل إن هو أفلت منها .تتزاحم بلا خيط ناظم. أنّى لك أن تقبض عليها وهي منك تتملّص وعنك تنفلت.؟؟ أنت بالذّات تدرك جيّدا أنّك لو نظّمتها لظلمتها ولزالت هرطقتها وامّحت متعتها واندثر بريقها.لماذا ؟؟ ما أعوص السّؤال، وأتعس منه تسوّل الجواب.وفي ذلك يكمن كلّ اللّغز. لو كان بالإمكان معرفة الأسباب والعلل لتبلّدت الأفكار.مثل وابل من الأعاصير تتلاطم الأسئلة وتطبق عليك الحصار من كلّ الجهات وتسدّ عليك ملامح الأبعاد، تطفح بك الاحتمالات وتذهب بك مذاهب شتّى. لا تهتمّ بأمر ترتيبها. دعها تنتظم كيفما اتّفق.وما ضرّ لو كانت، وظلّت فوضى عارمة؟؟. وما شأنك أنت بالذّات في ما استعصى دوما على أن يكون مرتّبا ويحلو له أن يكون نشازا يأبى الانتظام؟؟.
تسكنك رغبة عارمة يهزّها الزّهو إلى أن تكون عجيبة،كأن تختار- مثلا ومثلا فقط - ساعة الغيب الأخير بانتقاء وفي متّسع من الوقت،على أن تكون جلسة المسامرة منادمة مجنونة(يجب أن لا تكون الأخيرة). ميزتها مزيج من الفرادة والغرابة، وبما يجب من الدّقّة الصّارمة.دعك من أمر الوصيّة حول مواصفات الكفن، حجمه، شكله، تلاوينه. الأهمّ أن يكون بديع الإيحاء مشبعا بالدّلالات.لا عليك بلون الأحزان التي ستعتري وجوه بعض المشيّعين ممّن أحبّوك بصدق ولا بالفروق بين من يغالب النّفس حتّى لا يغلبه البكاء فيجهش بالتّأوّه في صمت ومن سيتباكى بحرقة أبدعُ ما فيها قدرة أصحابها على الاجتهاد في تصنّعها.
إذا أردت أن تغالب الاعوجاج في عالم المكر والجنون هذا فتأكّد أن لا حلّ لك إلاّ أن تتزوّد ببعض من سحر العشق وبكثير من شبق العناد وبكلّ ما أمكن من حقد وشماتة، زادا به تجابه عهر الزّمان وعسف السّلطان وعجرفة السّلطانة،وبه تغازل امرأة متفتّحة كوردة يسكنها دوما الحنين إلى الشّارد من اللّحظات.
بلد المليون ونصف شهيد حرب تحريره أسطورة، من أعاجيب ثورته أنّ كثيرا من شهدائها ضحايا تصفيّة داخليّة ارتكبها البعض من المجانين والحمقى من مشايخ ولّوا ظهورهم للتّاريخ وعزّ عليهم أن تكون أسطورة الجزائر البيضاء نقيّة. جميلات الثّورة (جميلة بوحيرد/جميلة بوباشا / جميلة بوعزّة )كان قدرهنّ مصافحة الموت ومسامرة شبح المقصلة لمحو بعض ما علق بالثّورة من عار. وسجّلْ يا تاريخ.
إذا غزتك الأسئلة في غفلة من نفسك في هجوم كاسح وباغتتك بمروقها عن المعتاد فلا ترهق نفسك في ما فشل فيه الأوّلون بأن تبحث لها عن أجوبة. فالأسئلة الجميلة نادرا ما تفلت من عنجهيّة الأجوبة البليدة. في أحداث أيلول الأسود منذ أكثر من خمسين سنة خلت صرّح الملك حسين "هذا البلد إمّا أن أحكمه أو أن أحرقه"،ولا تملك فيروز إلاّ أن ترتّل قرآنها شدْوا "سنرجع يوما إلى حيّنا"،"سنرجع مهما يمرّ الزّمان"، والأخرى في واد غير ذي زرع تصيح "في بلد الأمان يحيا هنا الإنسان". فما كان أمانا وما حلّ الأمان.
رحم الله أبا العلاء حكيم المعرّة. رهين المحبسين هذا أرهقته المذاهب والأديان فكفر بها.وعلى خلاف غيره اهتدى بالعقل مرشدا وإماما وارتضى أن يكون بعقله شقيّا.أدرك ببصيرة وقّادة أنّ مجيئه إلى الدّنيا فعل نزوة منفلتة وليس رغبة في التّعمير. جنى عليه أبوه فقرّر أن يكون بغيره رحيما. أوصى أن يُكتب على قبره: "هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد.".عالم غريب لا تليق به غير وصيّة أغرب.
كثيرا ما اختلط الوهم بالحلم.تنطّع الحلم وما خبا الوهم.أغلب تاريخ البشريّة حروب إبادة، حطبها الفقراء وغُنْمها للسّادة والأغنياء، وماركس يجزم بأنّ تاريخ الإنسانيّة هو تاريخ صراع الطّبقات.
في الشّرق مهبط الوحي وموطن الأديان تناحرت المذاهب، بالألقاب تنابزت، تناسلت الملل والنّحل، اندحر السّلام،تبخّر التّسامح وعمّ الاستسلام .
اعتقد ناجي العليّ أنّ حنظلة بوّابته للإفلات من الموت فحكم عليه أن يظلّ طفلا بأن لا يكبر. فماذا كانت النّتيجة؟؟اغتيل الرّسّام انتقاما من حنظلة،وسميح القاسم متيقّن أن الشّهداء يتماوتون وأبدا لا يموتون. كان الحدّاد متلهّفا على الحياة، يريد أن يقبض على الجمر وهو ملتهب.سبق قومه بقرنين.هكذا جزم الضّرير الذي ابصر طه حسين . الحدّاد تنكّر له قومه،خانه عصره وخذله بنو جلدته حيّا وميتا فأقاموا عليه وعلى فكره مراسم الحِداد. لهفي على من سبق عقله زمانه.
الخيانة نكتة سمجة، أبطالها وجودهم البيولوجيّ اعتداء آثم على جماليّة القيم وإبداعات الكون.
الشّعر تنبّؤات محبوكة في بلاغة آسرة وما سواه لغو.ما يأسر في الشّعر تعاليه عن المعتاد،ذلك الجوهريّ الذي يبدو ثانويّا.هل عانيت مخاض قصيدة فجّرتَ بداياتها وتمنيت للبدايات أن لا تكتمل؟؟هل خامرتك فكرة الاهتداء إلى لوعة السّخريّة ووخزها في شعر درويش ؟؟ هل انتشيت بلذّة البذاءة وتحوّلها إلى فنّ في مدوّنة مظفّر النّوّاب؟؟هل أذهلتك إشراقات المأساة في شعر المتنبّي ذاك الغريب "كصالح في ثمود"؟؟.
الحياة رحلة مسافات كلّما أوغلت في مجاهلها صرعتك لذّة الاكتشاف فنسيت البداية وما عادت تعنيك مآلات النّهاية.هل ابتليت بجرح ظلّ فاغرا فاه ليكسب حياتك معنى؟؟
عندما يتكاثر خدم الدّولة ويتناسل بهاليل سقيفة الدّولة فعليك أن تمتطي صهوة أوّل فرصة وترحل.
إيّاك والطّرق المستقيمة. فما جُعلت إلاّ لمحاكمة النّوايا ومحاصرة براءة الطفولة وعربداتها. عليك بالمسارب الملتويّة. فإذا لم تضمن لك نجاة آمنة فمن المؤكّد أنّك ستغنم منها ما يجدر بك من هلاك رائع.
"صغار في الذّهاب وفي الإيّاب // أهذا كلّ شأنك يا عرابي؟؟". مطلع قصيدة بعنوان "عرابي وما جنى".قالها أحمد شوقي في "الزّعيم المفتَرَى عليه" أحمد عرابي. وفيم العجب في أرض العرب العاربة؟؟.فشوقي ما كان أمير الشّعراء إلاّ لكونه شاعر الأمراء.
لا تدري متى وكيف ولماذا تذكّرت صدفة وفي لحظة تخمّر قصوى لعنت فيها أرهاطا من الملوك والأمراء ما يُروى عن الإسكندر الأكبر من أنّه إذا جلس في مكان عامّ يجعل مقعده بين أرسطو(الحكمة) إلى اليمين وبين رئيس وزرائه(الحُكم) إلى اليسار. لمّا سأله أحد المتزلّفين من رجال البلاط عن سرّ تبجيله لأرسطو قال: إنّ رئيس الوزراء هذا أستطيع أن أصنعه بمرسوم يتألّف من سطر واحد بل أستطيع أن أصنعه بكلمة وأستطيع أن أقيله بإشارة.أمّا أرسطو فربّما سينتظر العالم ألف عام قبل أن يظفر بمثله.
هل أتاك حديث ليلى خالد؟؟ الاسم الحركيّ: شادية أبو غزالة (إكراما لأوّل شهيدة في صفوف الجبهة الشّعبيّة).أيقونة الثّورة الفلسطينيّة والكفاح المسلّح. عرّفت بنفسها "لست نادمة على ما فعلت"، "ولم أر أيّ بطولة في ما فعلت". كفانا أعداؤها عناء التّعريف بها بأن عُدّت في نظرهم"أفضل إرهابيّة في العالم". سلبوا منها هواء الأرض ورائحة الأرض فضاعت شمس الحقّ وبدت القدس عاصمة السّماء والأرض جدّ بعيدة.فما تركوا لها من سبيل إلاّ أن تحلّق في الفضاء مادام الأفق لحظة انفتاحه على العناد يحضن عربدة الحالمين وبها ينتشي، ويحتفل بمقدم الثّوريّين واليهم يفتح ذراعيه.كان ذلك سرّ ولعها بخطف الطّائرات. ماذا تريد ليلى خالد؟؟ لا شيء بما يعني كلّ شيء .فقط أن يسلّم جيل النّكبة (جيلها) المشعل لجيل العودة.إلى ذلك الحين كان شعارها "وراء العدوّ في كلّ مكان"، الشّعار العزيز على وديع حدّاد.
الاستشهاد ما كان يوما للثّوّار خيارا.لمّا أيقن عزّ الدّين القسّام بالهلاك أطلق صيحته "موتوا شهداء.".
هل أخطا دونكيشوت عندما سلّم بأنّ خير البطولات ما كان مطاردة لطواحين الرّيح؟؟.خسر دونكيشوت حروبا و فتح سرفانتاس للرّواية عالما.
ما تعتقد أنّه رُتِّب في حياتك بشكل خاطئ لعلّه هو بالذّات ما يُكسب حياتك معنى.
في واحدة من سفراتك- الشّتويّة تحديدا- باغتتك امرأة أذهلها شرودك بالسّؤال عن وجهتك وعن غُنمك من رحلتك. أجبت، وكنت عفويّا في ما قلتَ وصادقا في ما به بُحت، أنّك تكاد تدري من أين البدء وشيظلّ من المستحيل أن تدري أين المنتهى. اكتفت بأن ابتسمت ابتسامة حزينة قاتلة وانخرطت في موجة بكاء.
إذا أرهقك شأن خمّنت أنّه يرقى إلى مستوى الأسرار وثقل عليك وخفت عليه من تلصّص أولاد الحلال فلا تأتمن عليه آدم واستأمن عليه حوّاء،وتذكّر أنّها أغوت آدم ولكنّها سترت عورته وأبدا ما أفشت عنه سرّا.
وللتّاريخ شؤونه وشطحاته ومفاجآته ولعناته وخاصّة انفلاتاته.
لماذا وجدت النّظريّة الماركسيّة ملجأ لها في بلاد القيصر(روسيا) بلد نمط الاستبداد الآسيويّ كما سمّاها ماركس ذاته، وفشلت في ألمانيا مصنع الأفكار وورشة النّظرّيّات.؟؟ حُكْم التّاريخ لا حكم الجغرافيا.
أبو ذرّ الغفّاري الصّحابيّ الجليل صدّق أنّ الحقيقة مدفونة حقّا في مقاصد الشّريعة وفي مغزى الكتاب.وما درى أنّ الكتاب يُنطقه الرّجال فينحاز لشوكة مَن غلب.انتصرت سطوة الأرض على تعاليم السّماء. فكان أن انتقم المدنّس من المقدّس. هزم بريق المال هيبة التّقوى.فكان مصيره على جلالة قدره وزمزيّته أن أنهى شطرا من حياته منفيّا في الرّبذة. وسجّلْ يا تاريخ.
رحم الله سعيدا أبا النّحس المتشائل(بطل رواية للفلسطينيّ أميل حببي).حكمت عليه جريمة القرن ومعضلة العصر أن يقاوم الاستيطان على طريقته. ضمان البقاء في أرض البرتقال الحزين يقتضي اختيار الضّريبة، أن يخاتل بؤس الزّمان ويحتال على غدره علّه في غفلة ما يقتلع في وطن هو وطنه، اقتضى مكر التّاريخ أن يكون لاجئا فيه،شبرا من أرض يقيم عليه قبرا ينغّص على الأعداء فرحة الانتشاء بتعميم الهزيمة. كيف السّبيل إلى ذلك والآلة الصّهيونيّة تنتقم حتّى من مجرّد وهْـم قد يتراءى لك في حلم ؟؟ كان يدرك بالسّليقة وبالمهانة اليوميّة أنّ الأضداد قد تتعايش اضطرارا ولكنّها لن تتآلف والأبعاد أبدا لا تلتقي. وإذا صادف أن التقت تكون المعجزة.ضاعت فلسطين بمؤامرات،فُصِل الدّاخل عمّا بات منها في عُرف الشّتات. ولم يبخل عليها الأحبّة من عربان بني يعرب بما يلزم من خيانات،وتناسلَ من كابد ليجعل من الخيانة وجهة نظر.ماذا بقي لسعيد أبي النّحس؟؟ أن يوغل في ممارسة الوشاية بتفنّن وبإدراك وبوعي وبحساب فيه من الحذر والدّقة ما يحيّر:أن يأمن عدم تهجيره وأن لا يضرّ ببني جلدته ممّن هم موضوع وشايته، يعتنق الخيانة ولكن بمقدار، ويضحك من فعلته ومن مغتصبي أرضه بمقادير.
ويخطر للتّاريخ،حارس بوّابة الذّاكرة -هذا الذي قيل عنه أنّه قاضي هذا العالم- أن يكون للعظماء خادما وبهم رحيما.
لم يكن غيفارا منظّرا. ولكنّه كان موّالا،قطعة موسيقيّة منسابة،قصيدة ملتهبة،حلما متوهّجا في عالم الكوابيس.جعل من الحلم نظريّة.كان همّه أن ينحت واقعا أجمل من الحلم وأبهى.أسِرته الدّولة إلى حين ولكنّها عجزت عن احتضانه فارتحل إلى الضّفّة الأخرى ليكون في الثّورة أكثر تحرّرا.طلّق الدّولة وعهرها وامتشق الثّورة وسحرها. باستشهاده بات قدّيسا بزيّ مقاتل.
من أغرب ما في التّاريخ من مفارقات أنّ ستالين-الذي تحول بينه وبين عالم الفكر والثّقافة والأدب مسافات ضوئيّة - لمّا كانت ستالين غراد على وشك السّقوط في الحرب العالميّة الثانية لم يكن نداؤه إلى الشّعب الرّوسيّ والجيش أن أنقذوا وطن لينين بل كانت استغاثته "دافعوا عن أرض دوستويفسكي، عن أرض تولستوي، عن أرض غوغول،عن أرض بوشكين".
ظلّ لينين يردّد بلا هوادة " أعطونا منظمّة من ثوريّين محترفين وسنقلب روسيا رأسا على عقب".ماذا فعل خليفته ستالين اللّينيني جدّا بجيش المحترفين،القيادات التّي طبعت ثورة 1917؟؟ دونكم ومحاكمات موسكو(التّطهير الكبير).أبطال العشرة أيّام التي هزّت العالم ليسوا في قاموس ستالين والمدّعي العامّ إلاّ "كلابا مسعورة" جزاء أغلبيّتهم حبل المشنقة.
سنديانة الماركسيّة،العقل الثّاني بعد كارل ماركس كما ثبّت ذلك بحقّ كاتب سيرة ماركس فرانز مهرينغ، الحمراء روزا لوكسمبورغ،لم يجد لينين الذي جادلته طويلا وناقضته في أكثر من مسألة من الاعتراف بأنّها "على الرّغم من كلّ أخطائها فقد كانت وستظلّ بالنّسبة إلينا نسرا محلّقا".ماذا رأى فيها أحفاد لينين ممّن علّبتهم الألة السّتالينيّة؟؟: تحريفيّة،عدوّة الثّورة الرّوسيّة، خصم لينين والحزب البلشفي.
وسجّل يا تاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية