الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغناء الليبي كان وظل مشرقيًّا

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 9 / 25
الادب والفن


مر خبر لقاء المطربة التونسية نوال غشام مع الفنان الليبي سيف النصر قبل أيام، عابرا إلا لمن أرّخ هذا الصوت الليبي في وجدانه ما لا يمكن أن يُنسى.
كان مثيرا للاهتمام إعلان نوال عن إعادة أداء أغاني سيف النصر القديمة، ليس لها فحسب، بل للأجيال التي أرخت لحقب من الوله والاشتياق في أغاني ذلك الفنان الليبي، فهذا الصوت مثل غيره ضحية معادلة “المركز والأطراف” المجحفة عندما حُرم المستمع العربي من فنه أسوة بجيل من المطربين الليبيين.
ولو تسنى للذائقة السمعية في المشرق العربي الاستماع إلى أغاني سيف النصر منذ نهاية سبعينات القرن الماضي، لتنازع العراقيون والخليجيون واليمنيون والسوريون واللبنانيون، وكل منهم يقول هذا المطرب منّا!
وتلك فضيلة السيد العظيم “يوتيوب” وهو يوفر لنا اليوم جميع أغاني هذا الفنان الليبي، على الأقل لرد الاعتبار لصوته المفعم بأنين الصحراء ورائحة البحر وألحانه التي تُشكل لوحدها مدرسة مثالية في غناء بلاده، فهو لحن أغلب أغانيه. كما أن خياراته الانتقائية للنصوص الشعرية، بما فيها قصائد محمد الفيتوري وأمل دنقل، جعلت منه امتدادا لجيل موسيقي ليبي منذ حسن عريبي ومحمد كريم وكاظم نديم وحتى محمد حسن.
ليس وحده الغناء الليبي الذي تعرض لإجحاف ظاهرة “المركز والأطراف” التي كانت سائدة وتحول دون تبادل أغاني المشرق والمغرب العربي، بينما على جيل العقود الثلاثة الأخيرة من مطربي الدول العربية أن يشعروا بالامتنان للفضاء الرقمي المفتوح الذي جعل أغانيهم متداولة بين البلدان العربية وانتهى الخيار الوحيد الذي كانت فيه الأغاني قادمة من القاهرة وحدها!
أغاني وألحان سيف النصر (المولود عام 1958 في مدينة زويتينة شرق ليبيا) تعد مثالا لمعرفة التعبيرية الكامنة في الأغنية الليبية، فالبلاد وإن كانت مغاربية الجغرافيا فإن غناءها مشرقي بامتياز وبكل ما تعنيه تلك الكلمة.
وبوسعي أن أضع أغنية “كيف الحال” التي كتبها بتوق شعري باهر عياد نجم ولحنها سيف النصر لصوته على مقام الصبا مثالا للدراسات النقدية.
لقد أعاد سيف النصر في هذا اللحن الذي غناه بتساؤل مبهر ومفعم بالحزن الشفيف للفراق الطويل والابتعاد عن الحبيب، اكتشاف العُربْ العميقة في صوته على هذا المقام الذي لا ينتهي الوله الكامن فيه.
فهو يمهد في هذه الأغنية التي يمكن وضعها مع جواهر الأغاني الليبية والعربية الخالدة، للقاء بعد سنوات من غياب الحبيب (قبل تخالفيني كنتي شوف عيني) إلى أن يصل إلى السؤال المعتاد بعد الغياب، غير أنه في هذا اللحن يمتلك مواصفات موسيقية عميقة (كيف الحال/ ويش الأحوال/ ما تذكريني).
نتعرف بعدها على قصة هذا الفراق الطويل في تلك الأغنية وكيف كانت الحبيبة حلم العاشق في صحوه وغفوته، إلى أن يأتيها ملهوفا بعد غياب طويل.
لقد برع سيف النصر في استخراج أعمق كوامن مقام الصبا في مقطع “جيت ملهوف/ جيت نطوف”، كما أن أداءه لهذا المقطع يكاد يشق شغاف القلوب، حتى يُهدأْ بعدها من وقع الشوق في جملة موسيقية لا تدع هذا المقام يمر من دون أن تترك ندوبا على ضفاف الروح “جيت هايم طريق سراع/ ما تعرف أخبايّ الخوف/ جيت ملهوف/ جيت نطوف”.
عودوا إلى تلك الأغنية لتعرفوا ما معنى أن يكون الغناء ليبياً ومشرقياً في آن واحد، ولندرك بعدها أي إجحاف ألّا تعرف أجيال عربية كانت ولهى بالغناء، أن هناك في ليبيا مثلما هو في تونس والمغرب واليمن غناء تعرض للاغتيال الإعلامي حد الظلم منذ منتصف القرن الماضي، عندما غاب عن الإذاعات العربية ومن بعدها التلفزيونات. وذلك ما يجعل الذائقة السمعية العربية تشعر بالامتنان اليوم للفنانة نوال غشام وهي تعدها من جديد بأغاني سيف النصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي