الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة اغتيال طارق هل كانت من تدبير صدام حسين (2)*

جعفر المظفر

2023 / 9 / 25
سيرة ذاتية


يهمني كفاتحة لهذا القسم أن أؤكد على أن اسقاط كراهيتنا لصدام, سواء الشخصية منها لتضرر ذاتي, أو العامة ذات العلاقة بالضرر الوطني, هي مسألة قد تكون لها تداعيات على كثير من المسائل المتداخلة والتي يجب أن يُحكم عليها من خلال سياقات تتبع ضرورة عدم الخلط بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي. إن الاقتراب من هذه الحرب يجب أن يجري بمهنية عالية وبعيدة حتى عن الانحيازات الوطنية المسبقة أوعن قراءة تعتمد على عين الود أو عين الكراهية, أو استقطاع مشهد لتأسيس نظرية عن حربٍ كانت لها دون شك أسباب متداخلة ومركبة.
ولقد تحدثت في القسم الخامس عن محاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز وعن احتمال أن يكون الحادث من تدبير صدام حسين بإدعاء رغبته بتعبئة الشارع العراقي حول مشروع الحرب التي قيل أنه هو المتهم بتدبيرها. ولقد تحدثت في ذلك القسم عن بعض الشواهد التي قد تجعل من ذلك الإفتراض قائماً.
لقد ظلت محاولة اغتيال طارق عزيز على بوابة المستنصرية مثار شكوك كبيرة لأن الحادثة ذاتها ومن ثم القاء القنبلة على مسيرة التشييع التي جرت بعد يومين كانت قد سبقتا بشهور اشتعال حرب الثمانية أعوام الطاحنة بين العرق وإيران.
ولنتذكر كيف قام الإيرانيون بقصف بعض المدن والقصبات العراقية الحدودية إضافة إلى سجل مفتوح من حالات الإغتيال التي قام بها حزب الدعوة الحليف العقائدي للنظام الإيراني مستجيباً لنداء (ذوبوا في الإمام الخميني) الذي كان قد أطلقه محمد باقرالصدر في موقفه الصريح الداعم لنهج الخميني. ووبعد سنوات سيطلق قائد حزب الله اللبناني حسن نصر الله نفس الشعار حينما أعلن بصراحة أن حزبه يتبع امام الأمة السيد الخميني.
من الجانب الإيراني كان الانبهار بنجاج الثورة الشعبية ضد الشاه وصعود الخميني إلى سدة الزعامة المطلقة لإيران, اضافة إلى الكاريزما الزعامية التي تحلى بها والمكانة (القدسية) التي احتلها سريعاً قد جعله بشهية مفتوحة لتعميم ثورته الإسلامية معتقداً أنها الفرصة التاريخية التي قد تفقد زخمها لو أنها لم تمسك بلحظتها الفاعلة, ناهيك عن علاقته الشخصية المتأزمة مع صدام.
على صعيد الداخل العراقي كان واضحاً أن حزب الدعوة قد تبني خطاب مؤسسه وعرابه محمد باقر الصدر بضرورة ازاحة صدام حسين عن الحكم لاعتقاده أن ازاحته بعدها ستكون صعبةً جداً. وكان الصدر نفسه هو صاحب فتوى تحريم الإنتماء لحزب البعث وتوجيه (الشيعة) الذين سبق لهم الانتماء للحزب بتخريبه من داخله, وهو الذي كان قد أبى قبل اعدامه أن يتراجع عن تلك الفتوى وأعلن القطيعة الكاملة مع النظام العراقي ودعا مرجعية الحكيم إلى الخروج من حالة التعايش مع النظام وتبني نهج دولة نائب الإمام الغائب تقليداً أو تماهياً مع العقيدة الخمينية نفسها.
ثم جاءت رسالة الخميني التي أذيعت من طهران والتي طلبت منه البقاء في العراق لغرض قيادة الثورة ضد النظام البعثي لكي تصب الزيت على النار. وقبل إعدامه كان الصدر قد إرتكب احدى أكبر هفواته حينما قبل البيعة من الوفود التي تزاحمت على بيته بتخطيط وتعبئة واشراف من حزب الدعوة. ولقد عنى ذلك بكل وضوح أنه جعل من نفسه زعيماً نقيضاً وبديلاً للسلطة القائمة التي يتزعمها رجلً لا يتقبل فكرة أن يشاركه السلطة حتى أقرب مؤيديه, فكيف بعدوٍ له.
كما أن السلطة العراقية كانت تتابع خلاف الصدر مع مرجعية الحكيم حول ضرورة اتخاذها موقفاً مناوئاً وصريحاً من النظام البعثي وذلك للخروج من موقع المرجعية الصامتة والمتعايشة بعد أن دعاها إلى دعم مشروعه الرامي للتحصن بحضرة الإمام علي بن أبي طالب مع ثلاثمائة من أنصاره وإعلانه الثورة من هناك حتى إذا أدى ذلك إلى قتله مع جميع اصحابه, وكان يعتقد ان ذلك سيكون كفيلاً بإشعال الثورة بعد أن يلتحق به (الشيعة) الذين ظلوا تاريخياً بانتظار موقف الثأر للحسين الشهيد لأجل التخلص من عقدة خذلانه التاريخية.
لقد إعتقد الصدر أن بإمكانه أن يكون خميني العراق دون إدراكه أن اللحظة العراقية لم تكن هي نفسها اللحظة الإيرانية.
ورغم أن أيديولجيتي كلا الرجلين, الخميني وصدام, كانتا متناقضتين ومتصادمتين, واحدة أممية إسلامية والثانية قومية عربية, إلا أن من الحق الإشارة إلى أن حلم صدام القومي لم يكن يشترط معركة كسر عظم مع الخميني في حين أن حلم الأخير الإسلامي كان يشترط بداية إزاحة صدام حسين, أي أن المشروع القومي لصدام حسين لم يكن على المستوى العقائدي متصادماً مع المشروع الإيراني الإسلامي إلا في حالة إذا ما تبنى الأخير فكرة إسقاط نظام صدام حسين, وأجزم أن هذا ما فعله الخميني متعاوناً مع حزب الدعوة العراقي ومع عرابه محمد باقر الصدر.
وساترك للقسم السابع من هذا الفصل أن يتحدث عن الاسباب التي تجعل احتمال أن يكون صدام هو الذي كان وراء محاولة اغتيال طارق عزيز أمراً بعيد الإحتمال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*في ضيافة المدافع .. ذكريات الأيام الساخنة (6)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص