الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المنظور النسوي

أنس رحيمي

2023 / 9 / 26
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها


هذا المقال في الأصل عرض قدمه الرفيق أنس رحيمي، عضو هيئة تحرير موقع marxy.com ومجلة “الحرية والشيوعية”، في الجامعة الماركسية بالعربية 2023، التي انعقدت اعمالها شهر مارس الماضي.

وضع النساء هو المؤشر الأكثر دقة عن مستوى تطور أي مجتمع.

-فوريي

الرفيقات الرفاق، مرحبا بكن وبكم في الجامعة الماركسية الأولى في منطقتنا، ومرحبا بكن وبكم في هذا العرض حول: “وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المنظور النسوي”.

سأبدأ عرضي هذا بإشارتين أعتبرهما أساسيتين:

الإشارة الأولى: وهي اشتباك مباشر مع الحركة النسوية. قد يقول قائل: “كيف يعقل أن عرضا عن النضال من أجل تحرر النساء يقدمه رجل؟ ألم يكن من الأجدر أن تقدم العرض عن النساء امرأة؟”.

الحركة النسوية تعتبر أن قضايا النساء يجب أن تناقشها النساء فقط، ولا حق للرجل أن يتدخل فيها، لأنه أولا ‘مستفيد’ من ذلك الاضطهاد، ولأنه ثانيا ‘لا يمكنه’ أن يحس بذلك الاضطهاد، ولأنه ثالثا ‘لا يمكنه’ أن يناضل ضد ذلك الاضطهاد.


حسنا، نحن الماركسيون، على عكس النسوانيات، نعتبر أن النضال من أجل تحرر النساء ليس نضالا مقتصرا على النساء وحدهن، ليست قضيتهن وحدهن.

كما أننا نعتبر أنه ليس نضالا يهم كل النساء بغض النظر عن موقعهن الطبقي. إضافة إلى أنه ليس نضالا موجها ضد الرجل، بل ضد النظام القائم على الاضطهاد والمستفيدين منه سواء كانوا رجالا أو نساء.

إنه نضال كل نساء ورجال الطبقة العاملة وعموم الكادحين، من أجل تحررهم الجماعي، ضد نساء ورجال الطبقة السائدة المستفيدين مجتمعين من استمرار النظام القائم.

ونعتبر أن تحقيق مكاسب جدية في سياق النضال من أجل التحرر الكامل غير ممكن بدون الصراع الطبقي، والصراع الطبقي يقتضي من جهة أقصى درجات الوحدة بين مختلف المضطهدين، وأقصى درجات الاستقلال عن التعاون الطبقي عن كل من نساء ورجال الطبقة السائدة معا.

ونعتبر أن التحرر الكامل للنساء غير ممكن في ظل الرأسمالية، وبالتالي فإنه ينبغي أن ينصهر في النضال العام من أجل الاشتراكية، وهو النضال المستحيل بدون وحدة الطبقة العاملة بنسائها ورجالها.

رجال الطبقة العاملة يخسرون كثيرا ويصيرون أكثر ضعفا إذا لم يتمكنوا من توحيد جهودهم مع نصف قوى الطبقة العاملة، أي النساء العاملات، وكذلك الشأن بالنسبة لنساء الطبقة العاملة…

رجال الطبقة العاملة يتضررون ولا يستفيدون، عكس ما يعتقد البعض، من اضطهاد النساء، سأعطي مثالا واحدا في هذا السياق:

عندما تستغل الطبقة الرأسمالية الوضع الدوني للمرأة وتقدم لهن أجورا منخفضة، تعمل بذلك على الضغط على أجور مجمل الطبقة، وتزيد المنافسة بين فئات الطبقة العاملة في مسار يؤدي حتما إلى تخفيض الأجور عموما والمزيد من ضرب المكاسب وظروف العمل.

وعليه عندما تناضل النساء العاملات من أجل المساواة في الأجور، فإنهن تناضلن في الواقع من أجل إجبار الرأسماليين على أن يتوقفوا عن تحويلهن إلى مصدر للعمل الرخيص مما يؤدي إلى الضغط حتى على أجور العمال الرجال. لذا فالانتصار في هذه المعركة انتصار للطبقة العاملة بنسائها ورجالها. وهناك الكثير الكثير من الأمثلة

إن عنوان الجلسة: “وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المنظور النسوي”. لذلك لا بد في البداية من البدء باللقاء نظرة على وضع النساء عالميا وفي منطقتنا:

لا داعي إلى الكثير من الأرقام لكي أعطي الدليل على أن أوضاع النساء سيئة سواء في منطقتنا أو في العالم بأسره.

وضع النساء في العمل
لقد ورثت الرأسمالية اضطهاد النساء من المجتمعات السابقة لكنها حافظت عليه وكرسته وتكرسه بكل الوسائل لأنه من مصلحتها ذلك.

أوضاع النساء سيئة وقد زادت حدة بسبب الجائحة والأزمة الاقتصادية، وكذلك الحروب التي تعرفها المنطقة (ومختلف مناطق العالم).

كشف تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان (تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2023) أن الوتيرة العالمية للإصلاحات الرامية إلى المساواة في معاملة المرأة بموجب القانون تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عاما.

وعليه فإنه عوض أن نأمل في تحسن الأوضاع فهي تزداد سوءا هذا ما تعد به الرأسمالية نساء العالم. ويشير التقرير إلى أن النساء عام 2022 لا يتمتعن، في المتوسط، سوى بنسبة 77% من الحقوق القانونية التي يتمتع بها الرجال.


ووفقا للتقرير، إذا استمرت الوتيرة الحالية للإصلاح، فإن المرأة التي تلتحق بالقوى العاملة اليوم ستتقاعد في العديد من البلدان قبل أن تتمكن من اكتساب نفس الحقوق التي يحصل عليها الرجال.

وما يزال هناك نحو 2,4 مليار امرأة، على مستوى العالم، في سن العمل لا يتمتعن بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال.

وحسب تقرير لأوكسفام: تتقاضى النساء في المتوسط أجرة أقل ب 24% من الرجال مقابل نفس العمل في جميع البلدان وكل القطاعات. وبالوتيرة الحالية لا بد من 170 سنة لتحقيق المساواة.

75% من النساء في البدان النامية يشتغلن في الاقتصاد غير الرسمي، حيث من المستبعد حصولهن على عقود عمل ومختلف حقوق الشغل الأخرى، و600 مليون امرأة يعملن في أكثر القطاعات هشاشة وانعدام الأمن. 153 بلدا لديه قوانين تمارس التمييز الاقتصادي ضد المرأة.

السؤال الذي يطرح بعد هذه المعطيات هو: من المستفيد من هذا التدني في الأجور والاستغلال البشع؟ ما هو النظام الذي يمارس في ظله هذا الاستغلال؟

النسوانيات لا يحببن طرح هذا النوع من الأسئلة لأنها ستشير مباشرة إلى النظام الرأسمالي، والطبقة السائدة بنسائها ورجالها.

فإذا حدث ذلك لا بد أن السؤال التالي سيكون هو: بما أن الرأسمالية بعد أزيد من 300 سنة لم تقدم أي حل لهذه الأوضاع بل زادتها سوءا خاصة في المرحلة الحالية التي هي مرحلة انحطاطها وتعفنها، فما الذي يجعلنا نعتقد انه يمكن أن تقدم أي حل في المستقبل؟ وما هو النظام البديل الذي يمكنه أن يحقق الحل؟

والآن ننتقل إلى شكل آخر من أشكال اضطهاد النساء أي العنف:

عالميا فتاة من بين كل ثلاث فتيات تتعرض للعنف أو أحد أشكال الإساءات خلال حياتهن. وفي سنة 2020 قُتلت 81.000 امرأة وفتاة على يد أزواجهن أو أفراد من أسرهن، وهو ما يمثل ارتكاب جريمة ضد امرأة في كل 11 دقيقة.

يتسبب العنف ضد النساء، ما بين 15 و44 سنة من عمرهن، بعدد من القتلى والإعاقات عالميا أكثر مما يتسبب فيه السرطان والملاريا وحوادث السير مجتمعين.

وما تزال امرأة تموت كل دقيقة بسبب عوامل مرتبطة بالحمل والولادة. وحوالي 650 مليون من النساء تزوجن بينما هن ما زلن طفلات، وأكثر من واحدة بين كل ثلاث تزوجت قبل 15 سنة.

200 مليون امرأة وطفلة تعرضن لتشويه أعضائهن التناسلية، أغلبهن قبل أن يبلغن الخامسة. وتشكل النساء والبنات 71% من البشر الذين يتم الإتجار بهن عالميا. وتمثل الفتيات 3 من بين كل أربع أطفال يتم الإتجار بهم.

أما بالعودة إلى منطقتنا بالتحديد، فإذا كان وضع النساء عالميا سيئا بما فيه الكفاية، فإنه في منطقتنا أسوء وأكثر بشاعة.

ففي المغرب، مثلا، تعرضت ما يفوق 1,65 مليون امرأة، سنة 2019، لعنف جسدي واحد على الأقل، وهو ما يعادل 200 عملية عنف في الساعة، أو ثلاث عمليات عنف في الدقيقة!

وقد يكون هذا العنف نفسيا أو اقتصاديا أو تحرشا جنسيا في مقر العمل أو في المؤسسات التعليمية، وقد يتعلق الأمر كذلك بتحرش رقمي.

هذا وقد أكد وزير العدل أمام البرلمان أن فقط ما بين 5 و10 في المائة من النساء ضحايا العنف هن من يتقدمن بشكايات لدى المحاكم، مما يعطينا صورة عن حجم الظاهرة.

وحسب تقرير لوزارة الأسرة والمساواة والتنمية الاجتماعية أكثر من نصف النساء في المغرب (54,4%) يتعرضن للعنف

أما فيما يتعلق بالحق في الشغل ففي تقرير للبنك الدولي، بعنوان: “المغرب: البحث في ضعف مشاركة المرأة في القوة العاملة”

ما زال معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة بالمغرب من بين أقل المعدلات في العالم، بل ينخفض عما كان عليه قبل عقدين من الزمن..

وكان معدل مشاركة النساء في القوى العاملة بالمغرب 21,6% عام 2018 ليحتل المغرب بذلك المركز 180 في عينة تضم 189 بلدا، وذلك يعني أن 78,4% من المغربيات بين 15 و65 عاما لم تكن تعمل أو لم تكن تبحث عن عمل.

أما فيما يتعلق بالصحة: فحسب مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط، معدل وفيات الأمهات، 72,6 وفاة لكل 100000 ولادة حية (111,1 في المناطق القروية و44,5 في المناطق الحضرية).

مصر
75% من النساء المصريات يتعرضن للعنف و80% للتحرش. وقد وثق مرصد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي، التابع لمؤسسة “إدراك للتنمية والمساواة” 813 حالة عنف ضد النساء والفتيات في مصر خلال عام 2021، مقارنة مع 415 حالة في عام 2020، بزيادة تبلغ نسبتها 96%.

فيما ارتفعت حالات العنف المُسجلة ضد الفتيات الصغيرات إلى 30% من إجمالي جرائم عام 2021. ورصد التقرير 296 حالة قتل لنساء وفتيات في مختلف الأعمار، و78 حالة شروع في قتل، و54 حالة اغتصاب، و74 جريمة ضرب، منها 49 جريمة ضرب من أفراد الأسرة، بالإضافة إلى 125 جريمة تحرش جنسي، و100 واقعة انتحار، غالبيتهن بسبب العنف والمشاكل الأسرية والابتزاز الجنسي، والمنع من التحصيل الدراسي.

الوضع في اليمن والعراق وسوريا وليبيا أسوء بكثير. والنماذج التي قدمتها هي فقط لإعطاء نظرة عامة. هذا وتحتل الكثير من البلدان في المنطقة مراتب متقدمة بين أسوء البلدان التي يمكن للمرأة أن تعيش فيها: فمن بين عشرة بلدان الأسوء في العالم تحتل سوريا المرتبة الثانية، جنوب السودان واليمن المرتبة الثالثة، والسودان السادسة، الصومال الثامنة.

هذا جحيم يومي لملايين النساء. وهذا الوضع القاتم يخلق الإحباطات والأمراض النفسية والاكتئاب، والكثير جدا من حالات الانتحار…

لكنه يخلق أيضا الغضب والسخط والتجذر والكفاحية!


النساء لسن مجرد مسكينات ضحايا مستسلمات لمصيرهن، إنهن مناضلات رائعات ضد القهر والاستغلال ومشاركات نشيطات في التحركات الثورية التي عرفها العالم ومنطقتنا! بل وفي كثير من الأحيان سباقات إلى إشعال فتيلها.

كانت نساء باريس هن من أشعلن ثورة 1789. ولعبت النساء الدور الأبرز في ثورة كومونة باريس 1871. وكذلك الحال في ثورة 1905 الروسية. لكن وبوجه خاص ثورة فبراير 1917، التي اندلعت في أعقاب مظاهرة للنساء العاملات اللائي خرجن للمطالبة بالخبز والسلام، وتصدين للقمع وتمكن من تحريض باقي شرائح العمال والفقراء وأدت إلى إسقاط النظام القيصري الممقوت.

الآن، إذا عدنا إلى منطقتنا انظروا إلى الحراكات الثورية سواء التي شهدتها المنطقة خلال العقد الماضي أو التي نشهدها اليوم: انظروا إلى النساء في مصر وتونس والمغرب، وانظروا إليهن في الحراك الجزائري، انظروا إليهن في لبنان مؤخرا، وانظروا إليهن على وجه الخصوص في السودان..

النساء كن دائما في مقدمة الثورات، بل هن مؤشر على جدية الثورة وعمقها.

وهذا من بين الأسباب الرئيسية التي تجعلنا نقدم أهمية كبرى للعمل بين النساء، فمن بينهن سنكسب أشجع المناضلات من أجل التغيير الثوري للمجتمع وبناء الاشتراكية.

و إذ نقوم بذلك نقوم به في تناقض تام مع الحركات النسوانية. لكن قبل التفصيل في نقاط الاختلاف التي بيننا وبين الحركات النسوية نقول إن من بين المنتسبات إلى الحركة النسوية شابات نزيهات غاضبات حقا من الوضع الذي تعيشه النساء وتردن فعلا إحداث تغيير جذري وجدي في المجتمع. نعتبر أن مهمتنا هي إقناعهن بالنقاش الرفاقي والتجربة الملموسة أن النسوية ليست هي الطريقة الصحيحة لتحقيق ذلك.

كما أن الحركات النسوية تقدم فعلا العديد من الدراسات والمعطيات المهمة عن أوضاع النساء والتي يمكننا كماركسيين الاستفادة منها.

إننا إذ نعارض الحركة النسوية فإننا نعارض منطلقاتها ووسائلها وكذلك الآفاق التي ترسمها للحل.

تهاجم النسوانيات الماركسية بطريقة غير نزيهة: فالماركسية، حسب سردياتهن، لا تهتم بقضايا النساء. فبما أن الماركسية تقول إن تحرر النساء رهين بالقضاء على الرأسمالية وبناء الاشتراكية فإن هذا يعني، حسب النسوانيات، بأننا نهمل النضال ضد مختلف أشكال الاضطهاد ونكتفي بانتظار الاشتراكية لتحل لنا كل المشاكل.

هذه صورة كاريكاتورية عن الماركسية، إما نابعة عن الجهل، أو عن الرغبة الواعية في تشويه مواقفنا. إن اتهامنا بأننا أناس ذوي شعارات قصوية لا تهتم بالنضال اليومي وكل اهتمامنا منصب على الأفق، خاطئ وغير نزيه.

عندما نقول إننا ضد الحركة النسوية، فهذا لا يعني أبدا، نهائيا، أننا ننفي وجود الاضطهاد أو نقلل من شأنه أو أننا نقف ضد النضال من أجل حقوق النساء، بما في ذلك أشدها بساطة. كلا على الإطلاق. بل لا يستحق اسم ماركسي من لا يناضل بحزم ومبدئية من أجل كل حقوق النساء المادية والديمقراطية ومن أجل المساواة التامة في كل المجالات. ولا مكان بيننا لمن يرفض أو يشكك في شرعية هذا النضال.

بطبيعة الحال نفهم استمرار أفكار محافظة، بل حتى رجعية ضد المرأة بين صفوف العمال الرجال وعموم الكادحين. هذا واقع. لكن لا يمكننا أن نتفهم ولا أن نبرر ولا أن نتساهل مع وجود تلك الأفكار والممارسات الناتجة عنها داخل صفوفنا نحن الماركسيين، ولا أن نقبل في صفوفنا بمن ما زال لم يتخلص من تلك الأفكار.

كلا. كوننا نناضل من اجل الاشتراكية لا يعني أننا نهمل النضالات اليومية بمختلف مطالبها المادية والديمقراطية، للنساء ولجميع الفئات المضطهدة الأخرى.

بل نعتبر ذلك النضال ضروريا لتحسين ظروف عيش الطبقة العاملة من جهة، ولأنه مدرسة لتعلم الطبقة العاملة، بجميع فئاتها، ورفع وعيها وتطوير آلياتها التنظيمية لكي تتمكن من الاستيلاء على السلطة، بل إن الثورة الاشتراكية مستحيلة بدون تلك النضالات.

وفي خضم هذا النضال لا يمكننا أبدا أن نتجاهل المسألة النسائية، ولا يمكن للطبقة العاملة أن تحسم السلطة دون النضال ضد اضطهاد النساء لأن نصف الطبقة العاملة والكادحين نساء.

لا يمكن تحقيق التحرر ونصف الطبقة تحت نير القيود. نحن لا نعتبر أن النضال من أجل الحقوق الديمقراطية والمادية للنساء نضال هامشي أو ثانوي، أو يقتضي تأجيله… بل نعتبر أنه راهني وينبغي خوضه بكل حزم.

لكن بما أن النسوانيات في نضالهن ضد الماركسية لا تهمهن الحقيقة بقدر ما يهمهن الانتصار، فإنهن ذا لم تنفع الحجة السابقة، يلوحن بحجة أخرى وهي أن الماركسية مجرد نظرية اقتصادوية، همها الوحيد الأجور، ولا تهتم بالجوانب الثقافية الفكرية والأخلاقية للاضطهاد الذي تتعرض له النساء.

هذا غير صحيح على الإطلاق، نحن نعطي أهمية كبرى لجميع أشكال الاضطهاد، بما في ذلك تلك المرتبطة بالجوانب الفكرية والثقافية. الفرق بيننا وبين النسوانيات هو أننا نربطه بالصراع الطبقي ضد الطبقة السائدة ونظامها، بينما تحصره النسوانيات في نضالاتهن النخبوية المناسباتية، و“أنشطة التحسيس” و“نشر الوعي”، ضمن سقف النظام القائم.

وعليه فإننا إذ نعارض النسوية فإننا نعارض حركة محددة لديها تصور نعتبره خاطئا ورجعيا لجذور اضطهاد النساء، ولكيفية النضال ضده، وآفاق ذلك النضال. من أراد الاتفاق معنا فعليه أن يتفق معنا على هذا الأساس، ومن أراد أن يختلف معنا وينتقدنا فعليه أن ينتقدنا على هذا الأساس.

في جذور الاضطهاد
تعتبر النسوانيات أن جذور اضطهاد النساء هو ما يطلقن عليه اسم “العقلية الذكورية”، و“المجتمع البطريركي”، بينما نحن نسمي الأشياء بمسمياتها ونقول إن السبب هو المجتمع الطبقي، الذي ليس النظام الرأسمالي إلا أحد أشكاله وآخر أشكاله.

إن تصور الحركة النسوية أ- خاطئ علميا، وب- رجعي عمليا، وج- متشائم بدون أفق:

أ- خاطئ نظريا: لأنه من غير الصحيح علميا أن نتحدث عن عقلية عابرة للتاريخ والمجتمعات. فالعقليات تتغير بتغير الشروط المادية التي تنتجها، والناس يتغيرون خاصة في خضم الأحداث الكبرى، مثل الإضرابات والتحركات الثورية، الخ.

وخاطئ لأن النساء لم يكن مضطهدات منذ الأزل. إنها ظاهرة ارتبطت بظهور المجتمع الطبقي. بل لقد عاش البشر القسم الأكبر من زمن وجودهم على الكوكب متساوين.

تثبت آخر الدراسات أن عمر الهوموسابيان 300 الف سنة، لا تشكل خلالها المجتمعات الطبقية سوى أقل من 9000 سنة على الأكثر.


قبل ذلك، أي طيلة ما يقرب من 290 ألف سنة، عاش أسلافنا بدون ملكية خاصة ولا أسرة ولا دولة. وكان البشر، رجالا ونساء، يعيشون في مجتمعات مشاعية، وإذا كان هناك من تميز فقد كان لصالح النساء وليس العكس.

قدرة النساء على وهب الحياة والإرضاع والاعتناء بالأطفال، خاصة أن الطفل البشري يولد أضعف بكثير وأكثر احتياجا للعناية من أي نوع آخر من الكائنات الأخرى، كانت السبب في المكانة المتميزة التي كانت النساء تحتلنها داخل العشيرة.

في تلك المجتمعات المشاعية البدائية كان النسب الوحيد الذي يمكن التأكد منه هو النسب الأمومي، وهذا ما أعطى النساء المزيد من التقدير والمكانة المحترمة، بل المقدسة إلى حد بعيد، كما تظهر ذلك المعتقدات الدينية التي تعود إلى تلك المرحلة، حيث كانت جميع الآلهات نساء، والرسومات التي تظهر النساء بصورة أفضل من الرجل.

فالرسومات التي وجدت في موقعي شوفي وأبري كاستاني، جنوب فرنسا والتي تعود إلى ما بين 37.000 سنة و28.000 سنة، تحتوي على صور للأعضاء الجنسية للنساء. وكذلك الشأن بالنسبة للرسومات التي وجدت في كهف في الجنوب الغربي لألمانيا حيث يظهر رسم لامرأة بثديين ضخمين ومهبل بحجم كبير. في إحالة إلى التقديس الذي كان أسلافنا يعطونه لتلك الأعضاء التي هي رمز الخصوبة وسر الحياة.

لكن مع ظهور تدجين الحيوانات والفلاحة، وظهور فائض الإنتاج، صار من الممكن استغلال عمل الآخرين والسعي إلى استعبادهم للعمل. لأسباب متعددة كان الرجال هم الذين امتلكوا تلك الملكيات. وصارت حتى النساء جزءا من تلك الملكيات، تابعة للرجل رهينة به.

صار الرجل المالك لوسائل الإنتاج حريصا على أن يتأكد من أبوته لمن سيرثونه، لذلك ظهر الزواج الأحادي (أحادي على النساء فقط) والنسب الأبوي. كانت تلك على حد تعبير إنجلز: الهزيمة التاريخية لجنس النساء. حيث تراجع دورها إلى المنزل، بل حتى هنا صارت مكانتها ثانوية

يقول إنجلز: «أخذ الزوج دفة القيادة في البيت أيضا، وحرمت الزوجة من مركزها المشرف، واستعبدت، غدت أمة رغبات زوجها، ومجرد أداة لإنتاج الأطفال». انعزلت النساء بين جدران المنزل، وصارت تابعة للرجل.

جاءت الرأسمالية فاحتاجت عمل النساء في المصانع، واحتاجتهن جيشا احتياطي للعمالة الرخيصة. لكنها في نفس الوقت احتاجت بقاء الأسرة والأشغال المنزلية

الرأسمالية حولت حياة النساء إلى عذاب بدون نهاية: يقول إنجلز: «الزوجة أصبحت الخادمة الرئيسية، إذا نفذت واجباتها في الخدمة الخاصة لأسرتها ستظل مستبعدة من الإنتاج العام وغير قادرة على الكسب؛ وإذا أرادت أن تشارك في الإنتاج العام وكسب مستقل لا يمكنها أن تنفذ واجباتها الأسرية».

بعد أن أوضحنا كيف أن الحديث عن “العقلية الذكورية”، و“المجتمع البطريركي”، دون الإشارة إلى المجتمع الطبقي، والرأسمالية تحديدا، موقف خاطئ علميا، ننتقل إلى كيف أنه رجعي عمليا ومتشائم بدون أفق.

ب- رجعي عمليا لأن خلاصته المنطقية هي انه صراع لكل النساء ضد كل الرجال، بغض النظر عن الانقسامات الطبقية ورغم الانقسامات الطبقية.

وهذه أولا دعوة صريحة لتقسيم صفوف الطبقة العاملة على أساس الجنس، أو الجندر، مما يؤدي إلى إضعاف الطبقة ككل. وهي ثانيا دعوة إلى التعاون الطبقي بين نساء الطبقة الكادحة مع نساء الطبقة السائدة، بحجة أنهن “كلهن نساء” و“كلهن مضطهدات”، الخ. وهذا مشروع لا يخدم في آخر المطاف إلا مصالح تلك البرجوازيات وطبقتهن، إضافة إلى مصالح بعض البرجوازيات الصغيرات الوصوليات العاملات في الجمعيات المدنية ومحترفات الندوات المخملية ومؤتمرات الفنادق الفخمة. لكنها لن تقدم للنساء الكادحات أي حل حقيقي لمشاكلهن.

ج- وأخيرا هو منظور متشائم بدون أفق، لأنه إذا كان اضطهاد النساء مرتبطا بعقلية متأصلة في الذكور، وغريزة عابرة للتاريخ، فما هو الحل إذن، استئصال الرجال أم ماذا؟ من هنا يأتي تشاؤم الحركة النسوية. إنها لا ترى مخرجاً من هذا النظام، لأنها لا تستطيع أو لا تتصور الانفصال عن الرأسمالية.

كلا ليس الرجل هو من يحكم في المجتمع، بل الطبقة الرأسمالية برجالها ونسائها هم من يحكمون. لذلك فالحل هو النضال الطبقي وليس الجندر.

وحدة الطبقة العاملة بنسائها ورجالها هي التي أنجحت الثورة الروسية سنة 1917. وكان من الجريمة تقسيم صفوف الثوار على أساس الجندر.

وكما نختلف مع الحركة النسوية فيما يتعلق بفهم جذور الاضطهاد نختلف معها فيما يتعلق بطرق النضال والحل الجذري.

ما هو الحل الذي تقدمه النسويات لاضطهاد النساء؟
نشر الوعي والتحسيس، والمساواة أمام القانون، وما إلى ذلك.

دون أن نرفض مسألة نشر الوعي والتحسيس، والمساواة أمام القانون، فإننا نعتبر أن الاقتصار عليها واعتبارها الأفق، دليل على تفكير مثالي، ينبني على أن أفكار الناس هي ما يحدد وجودهم. يكفي أن نجعل الناس يفكرون بطريقة ما لكي تتغير الأوضاع.

أما نحن فماديون نعتبر أنه لا بد من تغيير الأوضاع المادية التي تنتج وتعيد إنتاج وضع ما لكي يتغير ذلك الوضع. لذلك فإننا ندعو لنضال طبقي مشترك بين كل فئات الطبقة العاملة، بغض النظر عن الجنس والجندر والدين واللغة واللون والقومية الخ، ضد النظام القائم.

لكن جعبة النسويات لا يوجد فيها فقط التحسيس والمساواة القانونية، بل فيها أيضا حلين سحريين آخرين وهما:


الحل الأول هو ببساطة رمي العبء على الخادمات المنزليات. فعلى سبيل المثال في رواية لنوال السعدوي -حنان قليل- تسوق نقاشا بين سيدة مصرة على العمل وبين زوجها الذي يريدها أن تقدم استقالتها مقابل أن يعطيها مبلغ الأجرة التي تتقاضاها في عملها ذاك. فترفض، محقة، معتبرة أن العمل يحقق كينونتها وليس فقط مسألة نقود. فتقول له غاضبة: «أستطيع أن أعيش وحدي، وأنفق على نفسي. صحيح أنه لن يكون بيتا كبيرا كهذا، ولكنه سيكون بيتي أنا. أضع عليه اسمي: ليلى صادق. سيكون بيتا صغيرا بسيطا، لكني سأحبه… سأحقق ذاتي وأشعر بفرديتي ويمكنني أن أستأجر خادمة صغيرة تغسل ملابسي وتصنع طعامي وتقوم مقام الزوجة، كما يراها الرجال، وتتولى هذه الأعمال التافهة الجامدة، التي لا يمكن لأي إنسان ذكي أن يجعلها حياته». (التشديد من عندي)

وهكذا تتحرر النسويات البرجوازيات والبرجوازيات الصغيرات من عبئ العمل المنزلي، من خلال استغلال عمل نساء أخريات، وحبذا لو كن طفلات صغيرات فقيرات محرومات من التعليم والطفولة، لكي يتمكن من بناء مسارهن المهني والسياسي بكل راحة.

والحل الثاني هو ما يطلقن عليه اسم: “العمل البيتي المدفوع الأجر”. دعونا نناقش العمل المنزلي المدفوع الأجر. إنه يقوم على تصور خاطئ للأجرة، بحيث تعتبر النسويات أن النساء ربات البيوت يقمن بعمل غير مدفوع الأجر ويجب أن يصير ذلك العمل بأجرة.

طبعا لن ندخل في تفاصيل كيف ستتوصل تلك النساء بتلك الأجرة، هل بإعطاء رب العمل للعامل مظروفين واحد مكتوب فيه أجرتك والآخر مكتوب فيه أجرة زوجتك، أم سيتم إرسالها لها مباشرة في حسابها، الخ

ما سنناقشه هنا هو أن الأجرة في حقيقتها هي قيمة قوة العمل، وتتضمن، كما شرح ماركس، قيمة السلع الضرورية لإعادة تجديد قوة العمل، وكذلك إعالة أسرته من أجل إدامة إنتاج يد عاملة جديدة.

وعليه فإن العمل الذي تقوم به زوجة العامل متضمن في تلك الأجرة. هل هو كاف لإعالة العامل وأسرته بمستوى كاف، أم فقط لكي يعيش واعلى حافة البؤس والمرض؟ هذا نقاش آخر مرتبط بعوامل كثيرة، لكن إذا قبلت الرأسمالية عليك أن تقبل قوانينها الموضوعية، لا مكان للعواطف والمتمنيات. أما إذا رفضت هذا الوضع فعليك أن تناضل ضد الرأسمالية نفسها.

وعليه فإن المطالبة بأن يصير العمل الذي تقوم به زوجة العامل، أو ابنته، الخ عملا مقابل أجرة، فلن يصير، في حالة تحقق، إلا مطالبة باقتسام نفس الأجرة على العامل والزوجة أو البنت أو الأم… فالرأسمالي لن يقدم أجرتين كاملتين مقابل قوة العمل التي يشتريها.

كما أن هذا المطلب رجعي، رغم كل مظاهره، فهو يسعى إلى تكريس بقاء جزء من النساء في عزلة الشقاء المنزلي داخل جدران المنزل، بكل ما لذلك من تأثير خطير على نفسيتهن ووعيهن.

الأصح هو النضال من أجل تحويل تلك الأشغال إلى عمل عمومي، وتمكين النساء من الخروج إلى العمل العمومي في المصنع والإدارة والمستشفى الخ. فذلك فقط ما سيمكنهن من المشاركة في الحياة الاقتصادية والنقابية والسياسية، ويخلصهن من بلادة المنزل الأسري المغلق.

هذا ونعارض إصرار النسويات على تحويل النضال من أجل المساواة القانونية بين الرجال والنساء إلى سقف لا يمكن تجاوزه نحو النضال من أجل إسقاط النظام القائم.

كما نعارض الدعوات إلى ما يسمونه تمييزا إيجابيا في الانتخابات إلى المجالس البرلمانية والمناصب القيادية في النقابات والأحزاب والجمعيات والشركات، الخ ونعتبرها شعارات الهدف منها خدمة مصالح نخبة من الوصوليات اللاتي يردن الاستفادة من الوضع وتحسين أوضاعهن على حساب النساء الكادحات.

والآن قبل أن أطرح الخطوط العريضة للمشروع الذي ندافع، نحن الماركسيون، عنه دعوني أستشهد بتجربة ملموسة يمكننا أن نعتمد عليها لكي نعطي الدليل على أن هذا المشروع ممكن وقابل للتطبيق. ونعني تجربة الثورة الروسية:

روسيا قبل الثورة
كان النظام القيصري متخلفا ومتحالفا مع الكنيسة الأرثودوكسية. الطلاق ممنوع، والمرأة تابعة للرجل، القوانين تنص حرفيا على حق الرجل في ضرب زوجته. يمكننا أن نقرأ في أحد النصوص التي تعود إلى تلك الفترة ما يلي: «إذا رفضت الزوجة أن تطيع ولم تول أي اهتمام لما قاله لها زوجها، من الموصى به أن يضربها بالسوط، حسب مستوى الذنب الذي ارتكبته، لكن إذا كان الخطأ الذي ارتكبته أكثر جدية، فإن المسألة ليست بتلك السهولة وجنوحها تجاوز الحدود، جردها من الملابس اربط يدها واعطها ضربا مبرحا».

في 1897 كانت نسبة النساء المتعلمات في روسيا 13,1%. كانت الفتيات تتلقين تعليما مدته في المتوسط سنة واحدة، لأن مهمة المرأة الرئيسية هي العمل في المنزل والحقل والزواج.

ويقول نص آخر: «على المرأة أن تستشير زوجها في كل مناسبة وكل شيء؛ وإذا تلقت دعوة أو جاء أحد لزياراتها فذلك غير ممكن إلا إذا وافق زوجها؛ وعليها ألا تحدث ضيوفها إلا في القضايا المنزلية…»

ما الذي تحقق بفضل الثورة؟
مباشرة بعد انتصار ثورة أكتوبر أعلن البلاشفة المساواة التامة في القانون بين النساء والرجال. أقروا الحق في الطلاق والحق في الإجهاض (وهو الحق الذي لم تقدمه الرأسمالية حتى السبعينات، وما زال معلقا في العديد من البلدان). كما قاموا بعمل واع ومنظم لرفع مستوى وعي النساء ومستواهن الثقافي وإشراكهن في بناء النظام الجديد والحزب والمجتمع. عملوا على تمكين النساء من الحق في التصويت (سنة 1917 كانت الدنمارك والنرويج البلدان الوحيدان اللذان يقران هذا الحق، أم في بريطانيا عام 1917 فقد كان ذلك الحق فقط لمن لهن أكثر 30 سنة، ولم تعط الحق في التصويت للنساء أقل من 30 سنة إلا عام 1926. بينما لم يتم إقرار الحق في الولايات المتحدة إلا سنة 1920، وسنة 1921 في السويد). هذا وقد كانت كولنتاي أول وزيرة في العالم آنذاك.


شرع البلاشفة كذلك في العمل على تحويل العمل المنزلي إلى عمل عمومي (إنشاء مطابخ عمومية ورياض أطفال وحضانات ومصابن عمومية، وما إلى ذلك) من أجل خلق الشروط المادية لتحقيق المساواة الفعلية وليس فقط في القوانين…

تحقق كل هذا في ظل ظروف تخلف رهيبة زادتها الحرب الأهلية تخلفا، وفي عزلة تامة وحصار خانق. صحيح أنه حدثت بعد ذلك تراجعات بعد توطيد الردة الستالينية، لكنه رغم ذلك بقيت أوضاع النساء في الاتحاد السوفياتي أفضل بكثير من مثيلاتها في البلدان الرأسمالية الأخرى.

كانت النساء في الاتحاد السوفياتي تتمتعن بحق التقاعد عند 55 سنة، وتم القضاء على أي نوع من التمييز في الأجور. وكن يتمتعن بالحق في أجرة الأمومة قبل 56 يوما على الولادة و56 يوما بعدها.

انتقل عدد النساء في التعليم العالي من 28% سنة 1927 إلى 43% سنة 1960 و49% سنة 1970. وقد كانت البلدان الأخرى الوحيدة التي لديها رقم أكثر من 40% هي فنلندا وفرنسا والولايات المتحدة.

وصارت نسبة النساء في مهنة التمريض 98% ومهنة الطب 75% والتعليم 75% وسنة 1950 كانت هناك 600 حاملة للدكتوراة في العلوم لتصرن 5600 سنة 1984. الخ.

هذا بعض ما حققته النساء بفضل الثورة البلشفية، وهو ما تحقق بفضل الصراع الطبقي الوحدوي بين كل فئات الطبقة العاملة وعموم الفقراء ضد الرأسمالية، وليس عبر الصراع الجنسي أو التعاون الطبقي أو الندوات المخملية…

إننا نناضل من أجل أن يصير العمل المنزلي عملا عموميا، عبر تشييد رياض أطفال وحضانات عمومية بجودة عالية ومتوفرة للجميع، ومطاعم عمومية بجودة عالية ومتوفرة للجميع، ومصابن عمومية بجودة عالية ومتوفرة للجميع، تتشغل فيها نساء ورجال بأجرة كافية لتلبية جميع الحاجيات المادية والثقافية وفي ظروف صحية.

لكن هذا مستحيل في ظل الرأسمالية. ليس لأنه مستحيل من الناحية التنظيمية أو أي سبب آخر. بل فقط لأنه غير مربح للرأسماليين، لذلك لا بد من إسقاط الرأسمالية ومصادرة الطبقة العاملة للثروات والشركات الكبرى ومفاتيح الاقتصاد وتسييرها بطريقة ديمقراطية عقلانية لصالح المجتمع بأسره ورفاهيته، وليس لخدمة أقلية من الطفيليات كما هو الحال الآن.

بذلك ستتخلص النساء، كل النساء، وليس فقط البرجوازيات والبرجوازيات الصغيرات، من العمل المنزلي المنهك جسديا وذهنيا، ويحرر قوى نصف المجتمع للمشاركة في الإنتاج والثقافة والسياسة.

في ظل الاقتصاد الاشتراكي المخطط بطريقة ديمقراطية عقلانية، سيصير من الممكن تقسيم ساعات العمل المتوفرة اجتماعيا على كل القادرين والقادرات على العمل، بحيث لا يبقى هذا الجنون الحالي المتمثل في وجود عاطلين بالملايين مقابل وجود عمال يشتغلون ساعات طويلة مرهقة.

لن تبقى هناك بطالة وسيصير من حق الجميع أن يعمل وأن يستمتع بأوقات الفراغ التي ستزداد طولا للمشاركة في مختلف نواحي الحياة.

هذا هو مشروعنا، وهو مشروع مبني على الصراع الطبقي الثوري من أجل بناء الاشتراكية. فيا أيتها الرفيقات الرفاق، أفكارنا هذه ليست مجرد أفكار جميلة، إنها أفكار ثورية نحملها لأننا نريد تغيير الواقع.

الرفيقات الرفاق، سيعطينا التاريخ خلال المرحلة التي ستنفتح أمامنا الكثير من الفرص لتغيير المجتمع وإسقاط نظام الهمجية التي يحكم على ملايير البشر الفقراء، وخاصة النساء بالجوع والبطالة والبؤس، وبناء الاشتراكية في حياتنا.

لذا إذا كنتم تتفقون مع أفكارنا التحقوا بنا لكي تناضلوا معنا لكي نجعلها قوة مادية، أي ننشرها بين الجماهير ونبني القيادة الثورية التي ستمكننا من أن نتدخل بطريقة منظمة واعية في تلك الأحداث. ندعوكم إلى الالتحاق بنا لنبني الاشتراكية في حياتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه