الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام و القانون العلماني

محمد قاسم علي
كاتب و رسام

(“syd A. Dilbat”)

2023 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بينما تتزايد حالات الغضب الشعبي في دول عديدة حول العالم، إزاء الأحداث المتكررة لحرق القرآن في السويد، إنقسم الرأي العام الى نصفين و عادت المناكفات السياسية بين اليمين و اليسار و أقصى اليمين.
ردود الأفعال في دول عديدة كانت سبباً كافياً لكي تعيد الدنيمارك النظر في تشريعها القانوني، عازمة بذلك للحد من هذه النوعية من التظاهرات الفردية من جهة أخرى دخلت السويد في دوامة جدل واسعة بين أحزاب الحكومة و المعارضة ليس أقل من ذلك على الصعيىد الشعبي و النخبة بين اوساط المجتمع.

الإسلام و الهوية الأوربية
للخوض في هذا الموضوع أرى من المناسب أن أبدأ بقصة حدثت معي شخصياً، أثناء إستراحة الصباح في العمل و مع نفر من الموظفين من ضمننا مدير الموظفين، كنا نتحدث بشكل عام عن السياسة و الإقتصاد و ما الى ذلك ، اثناء الخوض في الحديث قلت أنا يساري، المدير:ـ "أنا يميني"، المواضيع متشابكة لكنها كانت في سياق الحديث عن الحرية الفردية، تحدثنا عن الفقرة الثانية بالدستور الأمريكي التي تجيز للمواطنين حمل السلاح و تكوين ميليشيات في حال مارست السلطة إضطهاداً بحق الشعب، المدير معجب بهذه الفكرة لأن غايتها جميلة بالنسبة له. طبعاً هو يقف بالضد من نظام الرفاهية السويدي، يفضل النسخة الأمريكية فيما يتعلق بحقوق الأفراد.
بعد هذا الحديث المطول، كانت كلما سنحت الفرصة للحديث، تناولنا في جزء كبير من هذا الحديث القضايا السياسية، الدين و ما الى ذلك. المسيحية و الإسلام، حرية التعبير و الكثير و الكثير من الأفكار في ضمن هذا الإطار.
في خضم الحديث تناولنا حادثة حرق القرآن، بينما كان من رأيي أن تقوم الشرطة بعمل تحقيق في الأسباب و الدوافع و الغرض و الغاية من حرق القرآن على الملئ، كي لا نغامر في مصالح السويد لإجل شخص لا نعرف عنه شيئاً سوى معاناة و ماضي تشوبه الشوائب.
بينما المدير بالضد، يرى أنه يجب أن لا نهتم لردود الفعل طالما كنا نفعل الفعل الصحيح و هو (حرية التعبير)، كانت أفكاره غير متماسكة أمام الحجج التي طرحتها، الى أن وصل الى زاوية في الجدال و طرح فكرة مفادها أن على الشرطة ان لاتسمح للأجنبي، و تعطي الترخيص اللازم لهكذا عمل، فيما تحافظ على الحق في حرية التعبير للمواطنين السويديين.
النقطة التي إتفقنا حيالها هي ردة الفعل الغبية و الغير المبررة و المبالغ بها، جراء حرق القرآن.
ـ لِما علينا ان نهتم لإجل شخص حرق نسخة من كتاب في مكان ما، كان التجاهل في هذه المناسبة أفضل ردة فعل.
في مناسبة ثانية تطرقنا الى موضوع الدين، المسيحية و عرجنا الى الإسلام، قال المدير لقد قرأت القرآن، و ما لا يعجبني بالإسلام هو انه يريد أن يصبح الجميع مسلمين، سألته ماذا عن المسيحية؟، فأجاب: بأن المسيحية تحمل بشارة سعيدة و رسالة خلاص (قلناها سوية لأنني أعرف بذلك).
لا أريد الخوض في تفاصيل الفروقات بين الأديان. لكن كان من الجيد و المثمر أن نسمع وجهة نظر من مراقب خارج منظومة التفكير الإسلامية على الأقل. هنالك ندوة لـ سيد القمني يطرح بها أفكاره التي كونها خلال دراسته للفكر الإسلامي و البيئة التي نشأ بها الإسلام.
سيد القمني :ـ "لنحمي الحضارة منا" ، و كي يعرف العالم كيف نفكر
"ــ الإسلام نشأ في منطقة من أفقر مناطق العالم ، بيئة ضنينة شحيحة ، شحيحة في كل شئ......
بما أن العربي القبلي لا يخضع لسيادة سيد قبيلة أخرى، بالتالي تعطل قيام نوع من أنواع الحكومات البدائية أو الدولة البدائية الموحدة حتى ظهور الإسلام الذي جائهم بالقبيلة الأكبر، أي أنه قدم لهم قبيلة أرقى و أكبر، ليس بني عبد مناف و لا بني هاشم و لا تميم ولا كلب، إنما هي القبيلة التي يخضع لها أرباب القبائل الأخرى، هي قبيلة رب السماء نفسه، اللي هو ممكن أن تخرج من قبيلتك و تدخل قبيلة الإله و انت مطمئن بأنك قد إرتقيت في سُلم القبلية."
ـ من هذه النقطة نستنتج أن ما طرحه وليام (المدير) من رأي بأن الإسلام يريد من الجميع أن يصبحوا مسلمين هو كلام يتطابق مع كلام سيد القمني، أكاد أجزم بأن وليام لم يسمع يوماً بسيد القمني. لكنه إستنتج هذا الإستنتاج من خلال قراءته للقرآن.
المواطن الأوربي العادي يرى من الإسلام تهديداً محتملاً لطريقة حياته و للمكتسبات التي إكتسبها في ظل العيش في دولة تحكم بالقانون العلماني.
الإعتداء على السفارة السويدية و حرقها في بغداد يشكل إنذاراً لنا و تذكيراً متجدداً، بأن (الوحش) يحتاج الى قبضة الدولة ذات القوانين العلمانية كي تكبح هيجانه.
في نقاش لتبعات هذا الحدث على شاشة التلفاز السويدية، قالت رئيسة الوزراء السابقة ماغدالينا أنديرسون (عن حزب الإجتماعي الديموقراطي) :ـ "أن هذا العمل يجب أن يتوقف (تقصد حرق القرآن) لأنه يهدف الى بث الكراهية و العنف" في حديثها تقول بأن مصلحة المواطن السويدي و أمنه تشكل أولوية قصوى. فيما يجابهها رئيس حزب (ديموقراطيو السويد) جيمي أوكيسون :ـ"بأننا لا ينبغي علينا أن نتنازل عن حرية التعبير ، مع ذلك أنا لا أشجع أي شخص بحرق أي كتاب، ما يريده اليميني المتطرف و حزبه بأن تقوم الشرطة بزيادة مواردها و أدواتها لحماية السويديين حسب تعبيره، متهماً حزب الإجتماعي الديموقراطي "بالتخاذل بما يتعلق بالحق بحرية التعبير"، فيما جوبه مباشرتاً من قبل رئيسة الوزراء السابقة ماغدلينا أنديرسون :ـ"بأن حزبها(الإجتماعي الديموقراطي هو من سن هذه القوانين بما يتعلق بالحق بالسخرية من الدين و إنشاء دين و نقد الدين"......الجدال محتدم و المناكفات السياسية بين الأحزاب مستمرة.
أنا لا زلت متمسكاً برأيي بضرورة عمل تحقيق في أسباب و غايات و أهداف حرق نسخة من القرآن، لكن محور تفكيري يتجه إتجاه ردود الأفعال الهمجية التي حدثت عقب حرق كتاب، التجاهل كان أولى، المجابهة بالمحاكم وليست بالتهديدات.
إن أكثر ما يشير الإشمئزاز و النفور و الغضب هو المحاكم العراقية التي ترجع الشريعة الإسلامية للبت في أحكام معينة عندما يكون القانون العراقي غير واضح المعالم (خاصة القانون المتعلق بقضايا هوية الأحوال الشخصية و التسويات المدنية). هل كان هنالك غضب شعبي إتجاه هذه القذارات، لا و الف كلا.
إنحطاط لا يٌحتمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل