الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يبق من -شرعية- الاقليم شيئا غير الاسم

محمد حمد

2023 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بدأ موسم الخريف وبدات تتساقط معه اوراق "التوت" عن عورة وشرعية البعص، كاقليم كردستان العراق مثلا. وما كان في يوم ما مخفيّا عن الانظار لتضليل المواطنين البسطاء، أصبح اليوم عارٍ ومكشوف تماما. ويمكن رؤيته من مسافة بعيدة ومتابعة أخباره غير السارة في وسائل إعلام الصديق قبل العدو.
فالشرعية لا تأتي من العنتريات على شاشات التلفاز ولا من التهديد والوعيد بهذا أو ذاك من الأمور، ولا من الاستقواء بالسفارة الأمريكية في بغداد. ولا من اسم العشيرة او الأرث العائلي. كما تفعل العوائل المتنفذة في شمال العراق. وقد يغيب عن اذهان البعض، من ذوي "الرؤوس الحارّة" كمسعود البارزاني، ان الشرعية تأتي من الدستور والقانون فقط. ومنهما فقط تستمد وجودها وديمومتها. ولا ينفع الصراخ والعويل والمماطلة وافتعال الأزمات بين الحين والآخر. لكسب الوقت والاستمرار في حلب البقرة العراقية للحصول على المزيد من الاموال دون مقابل !
قبل أيام اصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قرارا أبطلت بموجبه شرعية ما يسمى بمجالس محافظات اقليم كردستان (ومتى كان لهذه المجالس شرعية؟) ممّا جعل جميع المؤسسات في الاقليم فاقدة للشرعية، ابتداء من الحكومة (حاليا حكومة تصريف أعمال العوائل الحاكمة) وانتهاء بالبرلمان ومفوضية الانتخابات وما يتبع من دوائر وهيئات. فيا قارئي الكريم، اي شيء "دستوري" بفي في جعبة حكام الاقليم؟ وبأي شيء يتباهون ويفتخرون "ويدگون صدورهم" غروراً وتحدّياً؟ لكن الطامة الكبرى، هي أن جميع من يعمل في هذه المؤسسات والهيئات كانوا (وما زالوا) يستلمون رواتبهم "الضخمة" لعدة سنوات من قبل "الجمعية الخيرية" المسماة جمهورية العراق الفيدرالي ! والتي لا يعترفون اصلا بقوانينها ولا بثمانين بالمئة من المواد الواردة في دستورها.
أن طموحات بعض الاشخاص، خصوصا اذا كانوا في مراكز القيادة، تؤدي في أغلب الأحيان إلى هدم وتدمير ما تم بناءه على مدى سنين طويلة من العمل المثابر والتضحيات الجسام. وأن من يبالغ كثيرا في قدرته على إنجاز وتحقيق كل ما يصبوا اليه، برمشة عين، غالبا ما يصطدم بواقع مرير لا شيء فيه سوى الفشل وخيبات الامل. ويبقى طوال حياته يطحنه الندم وياكله الاسف على "الزمن الجميل" الذي مضى بلا عودة.
وهذه هي حالة إقليم كردستان العراق. فقد وجد نفسه، في الآونة الاخيرة، في وضع لا يُحسد عليه. أنه اسوا وضع يمرّ به الاقليم منذ عقدين حسب اعترافات وتصريحات الكثير من القادة والخبراء والسياسيين من أبناء الاقليم نفسه. ولا يمكن بطبيعة الحال نكران الدور "الخبيث" والخالي من المسؤولية الذي تمارسه عائلة بارزاني الحاكمة. وما وصل إليه وضع الشعب الكردي المغلوب على أمره. حيث أصبحت قضية رواتب الموظفين في الاقليم قميص عثمان وسلعة للمتاجرة والمقايضة بين حكومة آل بارزاني وحكومة بغداد. رغم أن هذا الملف الإداري والإنساني يفترض أن يقع على عاتق الحكومة المركزية في بغداد فقط. وتتم معاملة موظفي الاقليم كباقي موظفي الدولة العراقية باعتبارهم عراقيين ويعملون في دوائر الحكومة الاتحادية. اليس كذلك؟
ولكن آل بارزاني رفضوا مرارا وتكرارا، وما زالوا يرفضون، توطين رواتب هؤلاء الموظفين. كما ان حكومة الاقليم من جانبها تسعى بكل السُبل إلى استخدام هذا الملف للضغط على الحكومة العراقية. ومعروف منذ القدم ان آل بارزاني لهم خبرة طويلة في التلاعب بمشاعر الناس البسطاء والضحك على عقولهم. وبعد أن خسر جميع اوراق الضغط "الهجومية" لم يبق لمسعود البارزاني شيئا يفتخر به أمام مواطنيه أو يدغدغ به مشاعرهم القومية، غير الاحتفال بذكرى الاستفتاء المشؤوم، الفاشل الذي افقده الكثير من ماء الوجه. ومن غير المستبعد ان تكون هذه آخر مناسبة مرّة الطعم للبارزاني قبل أن يودّع هذا العالم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟