الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بقى من أتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 9 / 27
دراسات وابحاث قانونية


في 4 أيلول/ سبتمبر سنة 2023، أعلنت المحكمة الاتحادية العليا العراقية، قرارها بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله مع الكويت، وذُكر في بيان المحكمة أنه "قررت في جلستها المنعقدة هذا اليوم، الحكم بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق، وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية وفقا لمتطلبات قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1933، دون أن تمس موضوع الحدود البحرية المنصوص عليها في القرار أعلاه وفقا لنص المادة "6" منها، وقد تمت المصادقة عليها رسميا من قبل الحكومة العراقية برئاسة الرئيس السابق صدام حسين والمجلس الوطني في حينها، وبعد قرار المحكمة الاتحادية العليا وهي أعلى محكمة في البلاد، ووفقاً للدستور العراقي، فإن اتفاقية خور عبد الله تعتبر ملغية من الجانب العراقي، وهذا القرار بات ملزماً لكافة السلطات في العراق، ولا يمكن الطعن به أو عدم تنفيذه"، وحيث إن قانون التصديق على اتفاقية خور عبد الله لم يصوت عليه بأغلبية الثلثين، فتكون إجراءات التصويت عليه غير دستورية وباطلة وغير ملزمة للعراق حسب رأي المحكمة الموقرة بأعتبار أن من شروط المعاهدات الدولية أن يتم المصادقة عليها من قبل الدولة الملتزمة أو العضو بالمعاهدة أو الموقعة عليها وفقا للشروط الدستورية المنصوص عليها في دستور الدولة حتى يتم أعتبارها ملزمة وواجبة التطبيق ويسجل كل ذلك في سجلات الأمم المتحدة وأعتبارها وثيقة رسمية صادرة وفقا للقانون الدولي وفقا لأحكام المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة وتنتج أثرها القانوني المطلوب.
نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1933 في مضمونه العملي على ما يلي (بأن لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق الكويت لم تقم بإعادة توزيع الأراضي، ولكن للمرة الأولى وضع تحديد دقيق لإحداثيات الحدود بين الكويت والعراق على أساس الاتفاق المبرم بين البلدين في عام 1963.
وإذ يذكر العراق بالتزاماته بموجب القرار 687 الذي يشكل الأساس لوقف إطلاق النار.
كما رحب المجلس بقرار الأمين العام الذي يتطلب من بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت وضع اللمسات الأخيرة على حدود المنطقة المنزوعة السلاح التي خططتها اللجنة.
إذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، رحب مجلس الأمن، وأعرب عن تقديره باختتام أعمال لجنة تخطيط الحدود. كما أعاد التأكيد على أن قرارات لجنة الحدود نهائية، وطالب بأن يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية).
وبالعودة لهذا القرار الدولي الملزم والصادر من أعلى سلطة أممية وهو مجلس الأمن الدولي وفقا لأحكام البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة م 39 منه والتي ينص فيه على (يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه)، بالعودة إلى القرار 687، وفي الفقرة المشار إليها بشأن الحدود والتني تنص :.
(2 _ يطالب بأن يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر، على النحو المحدد في المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت وجمهورية العراق بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة الذي وقعاه، ممارسة منهما لسيادتهما، في بغداد في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 1963، وسجل لدى الأمم المتحدة).
(3 _ يطلب إلى الأمين العام أن يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتخطيط الحدود بين العراق والكويت، مستعينا بالمواد المناسبة، بما فيها الخرائط المرفقة بالرسالة المؤرخة 28 مارس/ آذار 1991 والموجهة إليه من الممثل الدائم للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية لدى الأمم المتحدة، وأن يقدم إلى مجلس الأمن تقريرا عن ذلك في غضون شهر واحد).
(4 _ يقرر أن يضمن حرمة الحدود الدولية المذكورة أعلاه وأن يتخذ جميع التدابير اللازمة حسب الاقتضاء لتحقيق هذه الغاية وفقا لميثاق الأمم المتحدة).
وعملا بأحكام مبادئ القانون الدولي والتي تتطلب شروطا موضوعية وشكلية ومنها أن الأطراف الدولية الموقعة على المعاهدات والاتفاقيات المشتركة التي تختص حصرا في الأعتراف الدولي بالسيادة والأستقلال وترتب أحكاما متبادلة قانونيو ودستورية بين الطرفين وعملا بأحكام المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، لا بد من أن تتم المصادقة القانونية والدستورية على أي أتفقا يجري التوقيع عليه بشكل رسمي ليكون نافذا وملزما، وحيث أن المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت وجمهورية العراق بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة الذي وقعاه، ممارسة منهما لسيادتهما، في بغداد في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 1963 لم يكتسب التصديق الدستوري والقانوني عليه، ولم يودع نسخة من تلك المصادقة والإقرار الدستوري الشكلي عليه لدة الأمم المتحدة، فإنه قانونيا ووفقا لمبادئ القانون الدولي فالعراق غير ملوم بها ولا يجب أن تعتبر وثيقة من وثائق الأمم المتحدة بأي حال، فاسند الذي أستند عليه قرار مجلس الأمن قم 687 بخصوص أحترام إلتزام قانوني معدوم وغير نافذ وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدول، وهنا يحق للعراق وبعد أن تم رفع تطبيق أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أن يطلب من مجلس الأمن الدولي بمراجعة قانونية لكل القرارات التي أتخذت بحقه وفقا لمبدأ الإخلال بالسيادة الوطنية والأستقلال الذي قامت الأمم المتحدة من أجلها وفقا للديباجة في ميثاقها.
وبالعودة لأحكام الفقرة 3 أعلاه والتي نصت على طلب مجلس الأمن الدولي من الأمين العام للأمم المتحدة أن يساعد في أتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتخطيط الحدود مستعينا بالمواد المناسبة بما فيها الخرائط المرفقة بالرسالة المؤرخة في 28 أذار 1991، وحيق أن التخويل بالمساعدة عملا إداريا تدبيريا يقصد منه العمل المشترك وفقا لطبيعة الواجب الموكول للأمين العام وليس فرض وصاية وتقرير خارج إرادة وسيادة الدول المحمية بميثاق الأمم المتحدة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن موضوع الخريطة المشار إليها في القرار هو عدم وجود أساس قانوني للخريطة المزعومة الواردة في الوثيقة التي شكلت مستندا أساسيا في عمل اللجنة باعتبارها واردة في محضر عام 1963, في حين ان هذا المحضر لم يشر الى الخريطة أو الى غيرها من الخرائط مع ملاحظة أن المحضر أساسا غير نافذ وغير مسجل ولا معتمد دوليا كوثيقة من وثائق الأمم المتحدة، مع وجود عشرات الخرائط التي تتناقض مع هذه الخريطة لدى الحكومة البريطانية التي كانت سلطة الأنتداب السابق على العراق وكذلك خرائط الدولة العثمانية التي تؤكد عراقية الكويت وبيان حدود الإقليمين بشكل رسمي وفقا لكثير من الأتفاقيات الدولية المبرمة مع الدولة العثمانية، وبذلك يكون الجانب العراقي قد فرضت عليه خريطة حدود لم يكن أصلا طرفا في وضعها أو اعدادها, وتعد بمثابة حكم مسبق على سير خط حدوده قبل مباشرة اللجنة لمهام عملها.
السؤال هنا من يحمي حق العراق في أسترداد حقوقه التي سلبت منه في ظل هيمنة الكويت وأمريكا على القرار الدولي من خلال التشدد بالاستخدام المفرط للصلاحيات الممنوحة لمجلس الأمن الدولي بموجب أحكام البند السابع، لا سيما ما يخص بالأعمال الخارطة عن نطاق مهام الأمم المتحدة ووظيفتها الدولية، ان مجلس الأمن كان قد طالب العراق والكويت في القرار 660 ( 1990) بالبدء فورا بإجراء مفاوضات مكثفة لحل خلافاتهما التي من بينها حل المسألة الحدودية، لكن ما تم تبنيه بموجب الأحكام التي وردت في قرار 687 اعتمد مجلس الأمن اجراء مغايرا تماما ألحق بموجبه اجحافا كبيرا بالعراق، عندما حشر نفسه من غير سابقة في مسألة ترسيم الحدود من خلال صيغة جديدة وأسلوب جديد اعتمدها في التعامل في قضية العراق والكويت، أضافة الى ما نص عليه القرار 687 (1991) بشأن الاساس الذي تعتمد عليه عملية ترسيم الحدود، قدم الأمين العام للأمم المتحدة أسساً أخرى تم التعبير عنها بطريقة غامضة وغير مقررة من قبل اللجنة، مثل أن تستفيد من "التكنولوجيا المناسبة " و"ستتخذ التدابير الضرورية لتحديد وفحص المادة المناسبة ذات الصلة بعملية ترسيم الحدود "، ومن خلال مبدأ أن القرار الدولي وحدة واحدة فيما إذا تشعب في مواضيع عدة، فيكون الألتزام بجزء منه إعلان بضرورة الألتزام بكامل القرار، ومن هنا يمكن للعراق الطعن حاليا بالقرار أعلاه وفقا لنص الفقرة 4 أعلاه والتي منحت حقا مطلقا للعراق والكويت أن (يقرر أن يضمن حرمة الحدود الدولية المذكورة أعلاه وأن يتخذ جميع التدابير اللازمة حسب الاقتضاء لتحقيق هذه الغاية وفقا لميثاق الأمم المتحدة)، وبالتالي فالمطالبة بتصحيح الوضع القانوني والتطبيق السليم لأهداف وتداعيات وعلل تأسيس الأمم المتحدة وحماية السلم الدولي وتطبيق الشرعية الدولية أن يعيد مجلس الأمن الدولي النظر في كل المخالفات القانونية التي تبناها سابقا، والتي فرضت تحت أجواء هوس القوى المهيمنة على القرار الدولي من تداعيات أحتلال العراق للكويت، أو تطبيق نفس المبادئ على أمريكا وحلفائها ومن ضمنهم الكويت التي ساهمت بشكل فعال وحاد في الغزو الثلاثيني للعراق، وهو ما يعبر عنه بتخلي الكويت عن ألتزامها بكل قرارات مجلس الأمن الدولي وتنصلا من إلتزاماتها في ميثاق الأمم المتحدة عندما شاركت في غزو العراق عام 2003 من قبل أمريكا وحلفائها بدون قرار من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة.
إن تنصل الكويت ومجلس الأمن الدولي من إلتزامتهما بحماية سيادة وأستقلال العراق لا يدع للعراق أي فرصة أن يتمسك بقرارات ومعاهدات أنتهكت منهما مرارا وتكرارا وعلنا، في الوقت الذي يطلب منه وحده أحترام هذه القرارات وتنفيذها والتهديد بالفصل السابع، إن حق العراق في الطعن وعدم الإلتزام بما يخالف مهام وصلاحيات الأمم المتحدة ومنظماتها ووكالاته يجب أن يكون متوازنا ومتوازيا مع أحترام الأمم المتحدة لسيادة وأستقلال العراق، وأن تعمل بحيادية تامة وبروح المسئولية الأممية صيانه لأهداف الإنشاء وحماية الأمن والسلم الدوليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة