الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حِنَّاءُ آلْمَوْتَى

عبد الله خطوري

2023 / 9 / 27
الادب والفن


... ( ... وإنْ يَـرَوْا كِسْفا مِنَ آلسّمَاءِ سَاقِطا يَقُولُوا سَحَابا مَرْكُوم ... ) .. مُقَرفِصين كانوا يقرؤون .. (..فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ..) .. اِثنان أو ثلاثة أو أكثر من ذلك بقليل يُشكلون ما يشبه نصف دائرة قُطْبُها فقيه البلدة الإمام الجالس في جوف طَاق معقوف مقوَّس في شكل باب أجوف مفرغ مخصص لموضع المحراب عادة..لا محرابَ هنا..لا صلاةَ جمعة..لا خُطَبَ..لا جماعةَ كالجماعات..نَفَرٌ قليل يجتمعون أحيانا في أويقات خاطفة متعارف عليها عادة أو غير متعارف يصلون ثم يتفرقون... (تلكَـ إذا قِسْمَةٌ ضِيـزَى...) يُرتلون فواصلَ تُـسَرِّبُ في دهاليزي الملتبسة كلماتِها النفاذة بلا آستئذان .. (حجارةً مِنْ طين مُسَوَّمَةً عندَ ربِّكَـ للمُسْرفين..) يتداعى أمامي صَليلُ آلمعاني متهاويا فوق أجداث ورموس.. (ساحرٌ..رميم..) بهامات صلعاء شاهقة وضفائر مُعممة تتداعى في الهواء يجأرون .. (فأخذَتْهُمْـ آلصّاعقة وهمْـ ينظرون...) .. التسليم يا آيت تْمُورْتْ..التسليم يا الشَّرْفَا لَحْرارْ(١)..لَمْ تُجْدِ آلصرخات آلعاثرة..(تَمُورُ آلسّماءُ مَوْرا...)..يسيخ ماؤها ينهمرُ..زَادْ زادْ زادْ(٢)..رَحَى عمتي في سماء بلا عَمَدٍ تدور حول نفسها تروي ما تزال حكايات آنحدار الأعمار في نهارات بلا قرار..تـسيخ أظلاف الأنعام كهشيم منخور..يغمر آلرؤوسَ المشدوخةَ طينٌ لازبُ يَعْلق يودي بما تبقى من رمق يخنق..تبـقر أحشاءً محتضرة غرابيبُ سُودٌ لا تفتر من كل حدب تنسل كبارا صغارا بأحجام متفاوتة متساوية تنعق تتناوش ينقر بعضها بعضا تنهش..(..يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ..)..صاحبي الذي آعتاد يحاورني حائر شارد ساهم يحشو الأحلامَ خبزَهُ آلحافيَ ويشرع يقتات النجوم..(أقبيشْ دالغبنْ)(٣) يضحك يترنم تنقر راحاتاه جلد ماعز محنط دُفّـا..شفتاه الصغيرتان تخويان هواءَ رئتِه في ناي( تامْجَا )(٤)مخضب بحِناء الموتى..و(..انشقَّ آلقمَـر ...)..لم تبزغ بعدُ أنواره ولا أخالُها تفعلُ ..( خُشَّعا أبصارُهم وهمـ يخرجون من الأجداث...)شعاعهم يسعى بين أيديهم يتخلل أرجلهم المحجلة يلعبون ألعاب الجبل العتيقة يرتلون الأوراد..بدَعَة يَسْبَحُونَ في فضاءات مُبللة..يصدحون بهمهمات ريانة كبيلسانات جِنَان يُسَبِّحون(وما أمرُنا إلاّ واحدة كلمحـ آلبصـر..)..قالوا سلاما قال سلام يا أنتمـْ ..يا هُـوووهُ..لا تتوجسوا من هُمزات تحسونها تلمز أنفسكم السارحة عبر مسالك السُّهَـى سيحُوا آنفذُوا سيروا في طاعتي يطعكم كل شيء من حيث تعلمون ولا تعلمون، لي عليكم فريضة فعل الخيرات أنَّى حللتم ليَكُنْ فحصُكم(٥)فحصَ الفحوص عَضُّوا على ذكراه بالنواجذ ولكم عليّ مُطلق السماع حُسن الاستجابة أنيبوا آقتربوا أرِحْْ حلومكم لا تركضوا وراء سراب الهفوات السادرة ركض وحوش هادرة بلا هداية في فلوات بلا رقيب بلا صواب...(إن المتقينَ في جنات ونَهَر في مَقْعَدِ صدْق عند مليكـ مُقْتَدر...) ..دعـاء..أفاقني تمطيط الكلمات، تمديد المدود، خَفْظ قَرار، رجع جواب، وقع الأصوات..شفتا جدي ترتجفان..يبسمل ليل نهار..تُـرَى، ماذا تقول تسبيحاته ؟ ما عساها تأمل ؟ ما فحواها ؟ أين تذهب كل تلك الأدعية ؟ إلى ماذا تريد أن تصل.. ؟؟ ..(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ)..كل أصيل كل مغيب كل فجر صباح يتعهدون محفوظاتهم من الآيات خوف الذهول عن فواصلها أو الخلط بين متشابهها أو نسيان طريقة النطق ومواقع المتعارف على حدودها وأمكانها.. أمييين..يُؤَمِّنُونَ يُسَلِمونَ..يبسمل الفقيه يشرع في تلاوة منفردة(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتابَ ولم يجعل له عِوَجـا...)..يُكْمل..(وإذَا غربت تقرِضُهمْـ ذَاتَ آلشِّمالِ...)يسترسل صوته بهدوء خافت يردد نبرات..(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ..)بمقامات فطرية موروثة لا عهد لها بما يُلَقَّنُ في مدارس المدن وجامعات الدول ...

☆ترجمات :
١_التسليم يا آيت تْمُورْتْ : عبارة يلقيها كل وافد على بلدة ما تيمنا بها وآحتراما لأهلها وأعرافهم وتقاليدهم وأحيائهم وأمواتهم
٢_زَادْزادْزادْ:عبارة تصدح بها أمهات أرياف الأعالي وهن يطحنن حبوب الزرع برحى الحجر (تاسيرْتْ نْ وَزْرُو)، و(زَادْ زَادْ..)بتفخيم الزاي تعني اطحنْ اطحنْ كأنهن يناجين الرحى أثناء آنهماكهن في عملية الطحن
٣_أقبيشْ دالغْبَنْ : شدق خبز في حياة الشقاء
٤_تامْجَا : الناي
٥_فحصكم فحص : (الفحص) بلدة بجبال الأطلس المتوسط أين ولد والدي ووالدتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا