الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشحيح والشيطان

دلور ميقري

2023 / 9 / 29
الادب والفن


" أسماء "، تقيم تحت سقف أسرة زوجها، المفتوح بابه الخشبيّ على أحد دروب حي سيدي يوسف. هذه المرأة الصغيرة السن والضئيلة البنية، كانت مبتلاة بشخصٍ شحيح، وفوق ذلك، يكبرها كثيراً بالعُمر. إلا أنها دأبت على الرفرفة بسعادة، منذ أن رزقت بغلام جميل قبل زهاء ثلاثة أعوام. في حقيقة الأمر، أنها لتكون طائراً مقصوص الجناح لولا أنها مسندودة من حماتها. في المقابل، فإنّ زوجها، المدعو " سي عمر "، كانَ كالخلد، طالما أنه يختزن المالَ تحت الأرض. على أية حال، فالمرأة الحكيمة هيَ من تتلاءم مع طبيعة رَجُلها حتى لو لم تحتسبه رَجُلاً.
ثمة مشكلة، كادت أن تتفاقم إلى ما لا يُحمد عقباه. أسماء، كبقية النساء، يجب أن تذهب مرةً إلى حمّام السوق في كل أسبوع. شقيقتها الكبيرة، حلّت لديهم ضيفة لنحو شهر، هيَ من تقيم في إسبانيا فيما بيت الأسرة في ناحية نائية من ريف المدينة، المفتقد للمباهج لو فكّرَ المرءُ بالأطفال. سي عمر، إمتنعَ في أثناء وجود الضيفة عن دفع المال المعلوم لوالدته كي تتدبّر شئون المنزل: " لو أنها نزلت في رياض، أو فندق، لكلّفها ذلك مالاً جماً "، قالها بصوتٍ مرتفع علّ المعنيّة تسمعه. عقبَ سفر الضيفة، رفضَ ذات يوم إعطاء إمرأته العشرين درهماً، المتوجّب دفعها لدخول الحمّام: " أساساً، فشيخ المسجد أكّدَ أنّ خروج المرأة من بيتها، كائناً ما يكون السبب، هوَ فتنة من أعمال الشيطان ". إلى أن خرجَ عن طوره، لما نامت إمرأته بجانبه ورائحة لاذعة تفوح من مسام جلدها. فأجبره ذلك على تكفّل أجرة الحمّام، كذي قبل.
حين رجعت إمرأته من الحمّام، أعادت العشرين درهماً لرَجُلها: " لقد عثرتُ على هذه الورقة في الدرب "، قالت له. إنها إمرأة معروفة بالخلق السويّ، فكّرَ سي عمر، ومن الصعب أن يغويها الشيطان. في الأسبوع التالي، وقع لأسماء نفس الحادثة السعيدة. في الأسبوع الذي تلاه، منحَ سي عمر إمرأته مائة درهم: " الباقي، إشتري به لنفسك جلابة جديدة ". سرّت المرأة الصغيرة بهذا الجود المفاجئ، دونَ أن تدير في ذهنها دافعه. في خلال طريقها إلى الحمّام، رن جرسُ الموبايل. وهذا الجهاز، إشترته لها شقيقتها المغتربة، أما الكرت فكانَ هبة من الحماة الكريمة. فيما هيَ تسحب الموبايل من جيب قفطانها، إنزلقت ورقة المائة درهم وإستقرت على الأرض. لم تتنبّه سوى أمام مدخّل الحمّام، فعادت أدراجها وهيَ تمعنُ النظرَ في الأرض والظلام قد أطبق على الدنيا. حانقة ومحبطة ومرتعشة تأثراً، إتجهت إلى الحماة أولاً لتخبرها بما جرى. هذه الأخيرة، هيَ من تعهّدت نقل الخبر للرَجُل. بقيَ سي عمر مطرقاً لبرهة، قبل أن يستفهم من الأم: " ما رأيكِ أن نجعلها تقسم على كتاب الله؟ "
" ولِمَ ستكذب هيَ، طالما أنها الخاسرة الوحيدة؟ "
" كيف الخاسرة الوحيدة، وأنا مَن فقدتُ بركة المائة كرون؟ "، هتفَ بنزق وغيظ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل


.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع




.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو


.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع




.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا