الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة إياد

خالد خليل

2023 / 9 / 29
الادب والفن


في أعماق قلب مدينة محجبة في الظلال، عاش إياد، كانت حياته نزولاً لا هوادة فيه إلى الهاوية. من ذكرياته الأولى، تشبث سوء الحظ به مثل الظل، ونسج قصة مأساوية لا هوادة فيها من شأنها أن تتوج في نهاية المطاف في زواله المفاجئ.
تكشفت طفولة إياد وسط خلفية حي منكوب بالفقر. كان الإهمال أقرب رفيق له، لأن والديه كانا سجناء مصاعبهم الخاصة، ورغم أنهما أصرا على تقديم دفء الحب له، إلا أنهما لم يكونا قادرين على عزاء التوجيه. تجول إياد، الذي تخلت عنه الدنيا، في الشوارع التي لا ترحم، ووجد الصداقة الحميمة بصحبة أولئك الذين تم التخلي عنهم بالمثل.
ولكن مع نمو إياد، نمت خطورة مشاكله. أشار بطن المدينة، ووعده بمسار غادر ممهد بموبقات وعثرات سريعة. احتضن حياة الجريمة، حيث كانت القواعد تعسفية، وكانت الأخلاق مفهومًا منسيًا. لبعض الوقت، استمتع بالفوضى، وتم إسكات ثقل ضميره مؤقتًا.
ومع ذلك، تأرجح بندول القدر بلا رحمة. في إحدى الليالي المشؤومة، اندلعت طوشة في تبادل لإطلاق النار عنيف، مما أدى إلى القبض على إياد من قبل فكي القانون الذي لا هوادة فيه. وجد نفسه مسجونًا، ويختفي العالم الخارجي مع إغلاق جدران السجن، مما يخنقه في واقع بارد لا يرحم.
عندما انتهت عقوبته أخيرًا، خرج إياد من وراء تلك الجدران المهيبة، مع الندوب التي لا ترحم والنفسية المكسورة. لكن العالم تحرك بدونه، وكان غريبًا عنه. كانت فرص العمل للمدان السابق نادرة، وكان وزن ماضيه الجنائي معلقًا حول رقبته مثل لعنة لا تتزعزع.
صرخ عليه اليأس وهو يقبل العمل الهزيل، وكل يوم نضال مهين ضد نظرة المجتمع المدانة. وازداد توق إياد إلى الفداء، للحصول على فرصة للتحرر من السلاسل التي ربطته بماضيه. الا ان استحقاق العذاب والظلم بقيا ملازمين فغاص اكثر في عالم الادمان حتى الرمق الاخير.
حيث يبدو أن القدر قد أعد خاتمة أكثر مأساوية. ليلة مريرة لا هوادة فيها، وصلت حياة إياد نهايتها في حادث مروع. اختتم وجوده، المكبل بالشدائد التي لا هوادة فيها وسعي لا هوادة فيه إلى العذاب، بشكل مفاجئ وبلا معنى في قلب المدينة ذاتها التي شكلت رحلته المضطربة.
وهكذا، وصلت ملحمة إياد، وهي حياة تمزقها المشقة وروح تبحث بلا توقف عن الخلاص، إلى نهايتها المؤلمة.
كان إياد شريفا على المستوى الشخصي خفيف الظل ومرحاً، عندما مرض والده لازمه لسنوات ليل نهار، يطعم ، ويحمم ،ويدلك دون تأفف ، كان رضيا بكل ما للكلمة من معنى ، لكن ظلم نفسه , وكانت قصته بمثابة تذكير صارخ بطبيعة العالم الذي لا يرحم، حيث في بعض الأحيان، بغض النظر عن مدى سعينا اليائس من أجل التغيير، يمكن أن تنزل المأساة علينا بنهاية لا ترحم، مما يتركنا نفكر في الخيوط الهشة التي تنسج حياتنا معا.
مات إياد عندما كان يهم لاحضار كأس ماء لوالدته المسنة في منتصف الليل، والتي اعتادت أن تناديه كلما احتاجت شيئاً. لقد ظل موته غامضاً يضفي مزيداً من الحزن على مأساته التي رافقته في الحياة والموت.
وكما يقال، انقضت حياة إياد في لحظة غامضة وغير متوقعة، تاركة خلفها قلوباً محطمة وأسئلة بدون إجابات. مأساة ترسم لنا لوحة فنية معقدة، حيث تتلاقى الأقدار والقرارات والأحداث لتخلق قصة حزينة تعكس واقع الحياة في عالم متلاطم. إنها تذكير لنا بأنه في ظل الظروف القاسية، يمكن للأمل أحيانًا أن يكون ضئيلاً كالظل، ولكنه قد يكون أيضًا مصدرًا للقوة والإصرار.
وهكذا، تنتهي مأساة إياد، لكن ذكراه ستبقى حاضرة دائمًا كتذكير بأن الحياة تحمل في طياتها العديد من الألوان، وأننا دائمًا نتقاطع مع حكايات مختلفة، تترك في نفوسنا آثارًا عميقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عوام في بحر الكلام - حفيد الشاعر الكبير فؤاد حداد مع الشاعر


.. عوام في بحر الكلام - علي الحجار مع الشاعر الكبير فؤاد حداد




.. الفنانة ماري سليمان تؤدي أغنية -في عينك بدور- على مسرح The S


.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |




.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا