الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الوهم انتظار نظام أساسي عادل ومنصف..!!

حسن أحراث

2023 / 9 / 30
الحركة العمالية والنقابية


لابد من الوضوح السياسي منذ البداية. لأن جوهر الصراع سياسي، وليس تجاذبا "خبزيا" (نقابيا) بين الشغيلة التعليمية ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. فهذه الأخيرة ليست سيدة نفسها سواء تحت وصاية "بنموسى" أو "بنعيسى"، ولا تملك خيار قبول أو رفض هذا المشروع أو غيره. ولا يخفى أن النظام القائم هو صاحب الحل والعقد، أي الفصل عبر أياديه/خبرائه المبثوثين بكل القطاعات ومنها قطاع التربية والتعليم؛ وبتنسيق وثيق مع المؤسسات المالية للإمبريالية، تنزيلا أمينا لتوصياتها وتطبيقا حرفيا لتعليماتها. إن الشغيلة التعليمية والجماهير الشعبية المضطهدة عموما تواجه نظاما لاوطنيا لاديمقراطيا لاشعبيا. وبالتالي فالتصدي لتخريب المدرسة والوظيفة العموميتين وتصفية نظام التقاعد مهام سياسية تعني النقابات، نعم؛ لكنها تعني أيضا الأحزاب السياسية. والرهان على بلورة نظام أساسي عادل ومنصف ليس غير ضرب من ضروب الوهم..!!
ولماذا نناضل في صفوف النقابات إذن؟
باختصار مفيد، نناضل من أجل الكرامة؛
نناضل من أجل انتزاع مكتسبات جديدة، أي ربح مساحات أخرى للمزيد من التقدم في درب النضال الواسع الجبهات؛
نناضل من أجل الحفاظ على المكتسبات الحالية المهددة، ففي ظل الجزر السياسي والنقابي يتم التراجع على المكتسبات المُخضّبة بعرق ودم المناضلين والمناضلات؛
نناضل من أجل الحد من توسع رقعة الحيف وزحف التحكم؛
نناضل من أجل تحقيق المطالب وتحسين شروط العمل...
ومن باب الوضوح دائما، لا ندعو الى هجر النقابات أو العمل النقابي. إن المطلوب نضاليا، اليوم وغدا، هو الانخراط القوي في النقابات بهدف تطوير الأداء النقابي الكفاحي؛ ولن يتحقق ذلك دون التصدي، بل الإطاحة بالقيادات النقابية البيروقراطية وفضحها. فهذه الأخيرة تشكل الجدار الذي يحمي أسيادها المباشرين وغير المباشرين من خلال إجهاض المعارك النضالية وتسقيف الملفات المطلبية ومحاصرة المناضلين الكفاحيين وعزلهم.
ودون الحضور النضالي القوي في صفوف النقابات، يبقى شعار "النزول الى الشارع" بدون معنى أو عزفا على الأوتار الحساسة (العاطفة). لأن تأطير المعارك وتنظيمها يُوفّران حظوظا أكبر لنجاحها، ونقصد بالنجاح هنا انتزاع المكتسبات، أي تحقيق المطالب المرفوعة. فالساحات أمام الوزارة والبرلمان لم تعرف الفراغ لسنوات، لكن النتائج هزيلة ولا تعكس التضحيات المقدمة خاصة إبان التدخلات القمعية الشرسة من حين الى آخر. والخطير أن تصير الوقفات والمسيرات الفئوية طقوسا روتينية لامتصاص الغضب وربح الوقت. فلم تعد هذه الأشكال تخيف الوزارة فبالأحرى النظام. وصارت تُوظّف كصور للواجهة وادعاء الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وسنكون سطحيين جدا، بل ساذجين إذا انشغلنا فقط بالحضور في صفوف النقابات؛ فبدون حضور سياسي منظم وقوي ستُستنزف الجهود وقد تضيع التضحيات. فأفق العمل النقابي محدود في غياب العمل السياسي المنظم. وعودة قريبة الى الماضي، تتّضِح بنسبية قوة الأداء النقابي المستمَدّة من قوة الأداء السياسي.
وإذا كان من الوهم انتظار نظام أساسي عادل ومنصف في ظل النظام القائم، فمن الوهم أيضا انتظار أداء نقابي قوي في غياب أداء سياسي قوي. وكما الأداء النقابي القوي يتطلب نقابات قوية، فكذلك الأداء السياسي القوي يتطلب أحزاب سياسية قوية. ومن بين أهم تفسيرات ضعف العمل النقابي الآن هو غياب أحزاب سياسية قوية خارجة عن طوق الطاعة والإجماع.
إن تواطؤ الأحزاب السياسية وانخراطها في تنزيل المخططات الطبقية للنظام ساهم في صعود العناصر الانتهازية الى قيادات النقابات سواء القطاعية أو المركزية، ضمانا لما يسمى ب"السلم الاجتماعي" وشعارات مهادنة عديدة. ومن الطبيعي أن تصْطفّ قيادات أربع نقابات الى جانب الوزارة؛ وفيما يلي فقرة من بلاع الوزارة "تم وفق مقاربة تشاركية اعتمدتها الوزارة والنقابات التعليمية الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023، وهي الجامعة الوطنية للتعليم (UMT)، والنقابة الوطنية للتعليم (CDT)، والجامعة الحرة للتعليم (UGTM)، والنقابة الوطنية للتعليم (FDT). وتقوم هذه المقاربة على الحوار والتشاور والإنصات المتبادل". والأخطر أن تمارس هذه القيادات امتثالا للوزارة التعتيم المكشوف على قواعدها وتسوِّق الوهم للشغيلة. ويُؤسفنا أن نسجّل أن الشغيلة التعليمية "أُكِلَتْ يوم أُكِلَتْ"؛ ليس فقط لحظة توقيع اتفاق 14 يناير 2023 أو المصادقة علي النظام الأساسي الجديد/القديم في 27 شتنبر 2023؛ بل قبل ذلك بكثير خاصة والانخراط الضعيف بالنقابات والفئوية والأنانية وهزالة المشاركة في الأشكال الاحتجاجية (إضرابات ووقفات ومسيرات...) لإزعاج القيادات المنبطحة وأسيادها وكسر مناوراتها وبهدف فرض تحقيق المطالب أو بعضها على الأقل..
والمزعج حقا هو "استغباء" (من الغباء) الشغيلة التعليمية المتكرر من طرف قيادات النقابات المساهمة في فضيحة النظام الأساسي الجديد/القديم سواء عند الدفاع عن هذا "المولود" المشوه (UMT) كمثال أو "ابتكار" أكاذيب لتبرئة "الذمة" كمثال (CDT) التي جاء في بلاغ لها "إحالة وزارة التربية الوطنية للنظام الأساسي على مجلس الحكومة يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023 بشكل منفرد بأنه خرق سافر لمبدأ الإشراك وخروج عن المنهجية التي نص عليها اتفاق المبادئ العامة (14 يناير (2023)".
وسيكون أبشع من "الاستغباء" الدعوة الى "تحالفات" تضم المتورطين في الفضيحة حتى أخمص أقدامهم وكأن الشغيلة بدون ذاكرة وبدون ذكاء..
باختصار، العمل السياسي المنظم والعمل النقابي سُرعتان لا مناص من اعتمادهما للتقدم في درب خلاص شعبنا وتحرره. فالصراع الطبقي لا يرحم الضعفاء حضوراً أو أداءً. وكل المآسي التي تعيشها أوسع الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة تأتى للنظام الرجعي القائم بسلاسة أمام ضعفنا وتَمزّق صفوفنا (فرِّق تسُد)..
ويبدو ختاما، أن صيغة النظام الأساسي الجديد/القديم هدية فوق طبق من ذهب تعبيرا عن الولاء وحسن التدبير بمناسبة الاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي التي ستنعقد بمدينة مراكش في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر 2023...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماعلاقة متطلبات سوق العمل بالتخصصات الجامعية؟


.. طلبة كلية لندن ينظمون وقفة احتجاجية وسط الحرم الجامعي تأييدا




.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين