الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمال عبد الناصر .. واليمين الدينى

أحمد فاروق عباس

2023 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الطائفة الثالثة الغاضبة من جمال عبد الناصر هم الإخوان المسلمين ، وقصة عبد الناصر معهم معروفة في أغلب تفاصيلها ..

فقد ايدوا الثورة فى بدايتها ، وعندما لم تتحقق مطالبهم منها وصفوها بالانقلاب ..

ايدوا جمال عبد الناصر ، وعندما لم يسمع كلامهم تحول تأييدهم إلى محمد نجيب !!

ومازالوا حتى الآن يكرهون عبد الناصر بشدة ، ويتعاطفون بقوة مع محمد نجيب ، على الرغم من كونه عسكرى هو أيضا ، بل وقائد الانقلاب .. كما يصفونه !!

كان عبد الناصر قريبا منهم فى بدايات الثورة ، لدرجة ان البعض - ومنهم الأستاذ وحيد حامد - ظنه أنه كان عضوا في الإخوان .. وهو ما لا أعتقد بصحته ..

وبعد حوادث الاضطرابات التى قادها الإخوان في الشارع وفى الجامعة أواخر ١٩٥٣ وبداية عام ١٩٥٤ كان قرار مجلس الثورة بالإجماع حل جماعة الإخوان المسلمين ، وكان توقيع محمد نجيب هو الأول على هذا القرار ..

كان ذلك هو الحل الثانى للإخوان المسلمين ، فقد قام محمود فهمي النقراشى باشا - رئيس الوزراء فى العهد الملكى - بحل جماعتهم قبل ذلك بست سنوات - فى عام ١٩٤٨ - وذلك في العصر الملكى .. عصر الديموقراطية كما يصفونه اليوم ، وقبل مجئ العسكر !!

أى أن حل تنظيمهم رسميا ، وقتل مرشدهم حسن البنا ، ودخولهم السجون بالألاف كان أولا في العصرالملكى .. وقبل مجئ حكم العسكر كما يقولون ..

وبعد الحل الأول للجماعة قام الإخوان بقتل النقراشى باشا ..

وبعد الحل الثانى للإخوان حاول الإخوان قتل جمال عبد الناصر !!

الغريب أنه لا النقراشي باشا ولا جمال عبد الناصر هو من بدء العداء مع الإخوان ، فكلا الرجلين دفعته أفعال الإخوان العنيفة إلى حل تنظيم يمثل وجوده خطرا كبيرا على البلاد ..

ومع بداية الستينات رأى عبد الناصر أن قادة الإخوان فى السجون ربما استوعبوا الدرس جيدا ، فأخرجهم منها واعادهم إلى وظائفهم السابقة ، وحاول فتح صفحة جديدة معهم ، بل قام بتعويض البعض منهم ..

وفى عام ١٩٦٤ لم يكن هناك أحد فى السجون من الإخوان ..

وكان بعض الوجوه القريبة منهم يفتح أمامها منابر الدعاية والكتابة ، كالشيخ محمد الغزالى والدكتور محمد محمود شاكر .. وغيرهم .

ولكن مع تأزم العلاقات بين مصر وأمريكا فى منتصف الستينات نشط الإخوان للعمل ، وعادوا إلى طبيعتهم الإرهابية ، وحاولوا قتل جمال عبد الناصر مرة ثانية عام ١٩٦٥ ، وهى المحاولة المعروفة بمؤامرة سيد قطب ، وبعد المحاكمة التى نشرت أغلب وقائعها في الصحف ، حكم على علي البعض بالسجن وعلى سيد قطب بالاعدام ، والذى نفذ فى أغسطس ١٩٦٦ ..

ورجع الإخوان - كالعادة - مرة أخرى إلى السجون نتيحة ما اقترفته أيديهم ..
وبقوا فيها حتى أخرجهم السادات عام ١٩٧١ ..

وبعد وفاة عبد الناصر - وحتى قبل وفاته - انطلقت الدعاية الإخوانية المعتادة مع كل من يقف في طريقهم ، تصفه بأنه كافر وملحد وعدو للاسلام .. وذلك باعتبار أن الإخوان هم الإسلام طبعا !!

وكان عبد الحميد كشك - وهو واحد من أنشط رجالهم واكثرهم وقاحة وجرأة - أقوى أسلحتهم للدعاية ضد جمال عبد الناصر ..
وقد وُصف كشك في نهاية السبعينات بخومينى مصر !!

حيث صنع الخومينى ثورته في إيران بشرائط الكاسيت ، التى كانت تسمع في كل أنحاء إيران - وبمساندة خفية من المخابرات البريطانية كما اتضح ونشر فيما بعد - ويبدو أن هناك من كان يريد تكرار هذا النموذج الغريب فى مصر ..

وكان مما قاله " الداعية " عبد الحميد كشك فى خطبه التى كانت تتحول إلى شرائط كاسيت تباع في كل أنحاء مصر :

- أن جمال عبد الناصر خالد فى جهنم ..
- أن السيدات - حتى العجائز منهن - كن يغتصبن في سجون عبد الناصر !!
( وهو نوع من الدعاية سيتكرر بعد خمسين سنة تقريبا ، وفى ظروف مختلفة للغاية ، وسيجد من البلهاء الكثيرين لتصديقها .. ) .

- ان الذى كان يقول لا إله إلا الله جهرا كان يصدر أمرا باعتقاله ، فإذا أراد أن يقولها فليقلها سرا ، بحيث لا يسمعه الناس ، فإذا قالها جهرا قامت حوله الشبهات، وفى النهاية تصبح الزنزانة رقم ١٩ فى القلعة مكانه !!

.. وغير ذلك من خزعبلاتهم المعتادة ..

ويجب القول أن ما كان غريبا قوله وسماعه فى السبعينات أصبح - بعدما حدث لهم بعد ٢٠١١ ، ٢٠١٣ - شيئا عاديا ..

واتضح للناس أنه ليس شخصا واحدا منهم بذئ اللسان ، بل أن التنظيم كله بذئ اللسان !!

ثم جاءت متغيرات أخرى ..

تركت الدعاية الدينية جانبا ، فتأثيرها قاصر على جماهيرهم فقط ، وهى فى النهاية جماهير مضمونة ، والتلاعب بها وبوعيها يتم بمنتهى السهولة والبساطة ..

فلم يعد أحد يلتفت إلى تلك الصفات أو الشتائم إلا جماهيرهم ، وهم نوع من الناس تعود السمع والطاعة منذ الصغر ، ولا يعَّد التفكير ووزن الامور من طبيعتهم ، بل هم على استعداد لتصديق أى هراء يقوله قادتهم .. بل والدفاع عنه بهمة ونشاط !!

كان لابد من نقلة أخرى ..

وتحول التنظيم الحديدى الذى طالما مارس العنف والإرهاب إلى داعية للديموقراطية !!

وبدلا من الكلام عن عبد الناصر الملحد ، عدو الإسلام ، الذى يغتصب رجاله حرائر المسلمين ، ويمنعون المسلمين من قول لا إله إلا آلله .. أصبح عبد الناصر هو الديكتاتور المستبد العسكرى المجرم ، الذى ازهق الديموقراطية ..... إلى آخره !!

ونسيت الاغتيالات ، ونسيت التفجيرات ، ونسى تشويه الخصوم بأحط الصفات ..

نسى كل ذلك !!

وفى طبعتهم الجديدة تلك يسير الإخوان .. دعاة للديموقراطية والشفافية وحقوق الانسان !!
وتنظيما مدنيا في وجه حكم العسكر !!

وتشككت أغلبية الناس ..

ولكن فى شعب أفته النسيان - كما وصفه نجيب محفوظ - ربما يجد من الناس من يصدق هذا الثعلب المكار مرة أخرى ..

وعلى الرغم من أن حدة عداء النوع الأول - المطالبين بالديموقراطية - أو النوع الثانى - اليمين السياسى - لجمال عبد الناصر قد خفتت إلى حد ما مع الزمن وتقلب العصور ..

إلا أن عداء الإخوان لم يبرد ولم تخف حدته ..

وظل دائما نارا مشتعلة في الصدور ، وزادها أن الرجل الثانى بعد جمال عبد الناصر الذى لقن الإخوان درس عمرهم - وهو عبد الفتاح السيسي - ينتمى إلى نفس المؤسسة التى جاء منها عبد الناصر ...

وكان عليه أن يأخذ حظه - هو الآخر - من دعاية الإخوان المعتادة ، ومن لسانهم الذى يقطر الشهد من رقته وبراءته ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا