الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين عروس التيه العربي

محمد زكريا السقال

2006 / 11 / 12
القضية الفلسطينية


أخبار فلسطين المحتلة وشعبها المحاصر ودمائها النازفة يوميا، شهادة يومية للحالة التي وصلنا إليها، حالة من الضياع والتخبط. شعب عربي ممتد من المحيط إلى الخليج ينام يوميا على القهر والذل والضعف، شعب فقد الاتجاه وهذا أخطر ما في الموضوع.
ننام على مجزرة ... نصحو على مذبحة... فيلم فلسطيني نشاهده يوميا، فيلم بطله جثث النساء والأطفال، وهدم البيوت واقتلاع الأشجار ومصادرة الأراضي. فيلم تعرضه الشاشات كلها لشعب محاصر ومجوع... شعب تجرب عليه آخر منتجات الابادة العالمية، وهو يقاوم أعزلا بلحمه العاري.
ما يقارب الستون عمرا من الأنظمة والهزائم والدماء والتشرد والحصار والمخيمات والتهجير ،والفيلم الفلسطيني يعرض بكل الصالات المحلية العربية والعالمية ولم ينتهي بعد ولم يحصد جائزة، على الأقل أطول فيلم في التاريخ لشعب معذب ومحتل، على الأقل على الانتاج والاخراج من الواضح أيضا أن هذه غير مقبولة، فالانتاج والاخراج العربي بضاعة رديئة لاتشجع العالم على شرائها وبأبخس الأثمان، الفيلم الفلسطيني ورغم كل تحسينات الانتاج العربي من حصار واستفراد وإدارة الظهر إلا أنه غير مقبول وغير مستحسن .
مالذي يمكن فعله لهذا الشعب العظيم، الشعب الذي اجترح كل المعجزات من أجل قضيته وأرضه. التاريخ الحديث للمنطقة العربية لن يسجل في صفحاته إلا نضالات الشعب الفلسطيني، وبنفس الوقت سيكتب عن بؤس الواقع العربي، سيخط على الهامش في الوقت الذي كان الفلسطينيون يقامون بكل شيئ، كان النظام العربي يبارك فنائه بصمت مشبوه. وكانت الجماهير العربية تمارس فعل التقية، تتضرع إلى الله وتنزوي بقهرها وعجزها وذلها، وكان التنديد والشجب والاستنكار من اختصاص الجامعة العربية .
ورغم ذلك لابد من فعل شيئ، لابد من إعادة النظر لهذا الواقع البائس والمنحط، لابد من أن نتفكر ونتدارس الأمر بشكل جاد، لابد من تحمل مسؤولية ما أمام هذا الهدر للدم الفلسطيني والنضال الفلسطيني، لابد للنخب العربية والمثقفين العرب من مبادرة، لابد من خطوة صغيرة في هذا البؤس العربي.
من أين يبدأ الطريق؟ من فلسطين. نعم من فلسطين الأرض والشعب، فلسطين كأرض عربية وقضية عربية، مشروع عربي بمواجهة مشروع زرع الكيان الصهيوني الامبريالي، قناعة أساسية يجب أن يستوعبها الشعب الفلسطيني، أن قضيته قضية عربية، تخص العرب كجماهير وأمة ووجود الكيان بين ظهرانيها من أجل إبقاء الوطن العربي مشروع استثمار غربي، ممزق، متخلف ، ضعيف، موكل إلى أنظمة استبدادية دكتاتورية، محمي من هذه الثكنة والرأسمال الغربي .
هذه المقدمة لاتحمل صدقها وجديتها إلا من خلال بناء مشروعها العربي، من خلال إعادة النظر في الهزيمة العربية كاملة، برنامج وخطاب وسلوك، بمعنى آخر إعادة الاعتبار للعرب كأمة، كشعب، كثروات، كقيمة قادرة على التأثير، بمعنى آخر إعادة إحياء الشارع العربي وضخ الدماء بعروقه، الدماء التي امتصها الاستبداد والقهر والفقر والتخلف.
هذه المقدمة لاتطلب من الفلسطينيين التخلي عن نضالهم، ولا إلقاء سلاحهم، ولا التفريط بأرضهم وقضيتهم، على العكس تماما يجب التمسك بقضيتهم بالأسنان، إلا أنه يجب ابداع أسلوب جديد في النضال، يجب اختراع أدوات جديدة، أدوات قادرة على حماية ثوابت القضية ومواجهة أعدائها الخارجيين والمحليين، أدوات قادرة على مخاطبة العالم وتحريكه ودفعه من أجل أخذ مسؤوليته أمام الابادة التي يتعرض لها وقضيته العادلة.
ان الحفاظ على الذات وعدم التفريط والمساومة في فترة من الفترات يكون مهمة نضالية ملحة يجب الدفع بها وتقديمها، من أجل تحسين شروط نضالنا وفرص انتصارنا.
لهذا فبرنامج النضال السلمي العارم والتصدي للاحتلال بالاعتصام والمظاهرات والحجارة وفرض الوجود الفلسطيني على العالم، والحفاظ على الثوابت الفلسطينية من التفريط والمساومة، مهمة لاتقبل التأجيل، إلى جانب مهمة الانخراط في مشروع استنهاض المنطقة ودحر هذا النظام العربي المارق، لاخيار أمام الفلسطينين من أجل قضيتهم العادلة إلا مشروع عربي. مشروع تتجسد مصلحتنا به باعتبار الكيان دولة عنصرية توسعية تستهدف المنطقة كلها، وكل حديث عن شيئ آخر وتحالفات أخرى لن تزيد إلا من استغلال النظام للجهد الفلسطيني والدم الفلسطيني، لتأبيد الاحتلال ومزيد من التفريط والمساومة.
في سياق النضال الفلسطيني ثمة الكثير من الانجازات التي يجب الحفاظ عليها وإعادة استنهاضها من جديد، على سبيل المثال منظمة التحرير الفلسطينية، أداة الوحدة الوطنية الفلسطينية، والتعبير الأساسي عن الشعب الفلسطيني كوحدة كاملة، شعب واحد له قضية اسمها فلسطين الجفرافية كاملة وتاريخ واحد و نكبة شعب عام 1948 وخوض النضال بهذا الشعار في سبيل دولة علمانية ديمقراطية قادرة على استيعاب وحل مشكلة أقلياتها بالديمقراطية وصناديق الانتخابات .
هذا مطلوب من الفلسطيني، هوية يجسدها يوميا بالحجارة والمقال والقصة والأدب والثقافة والخطاب والمظاهرة، وهو شعب قادر وعظيم .
ولكن ماهو مطلوب منا ؟ مطلوب منا الكثير. مطلوب منا أن نقطع مع أنظمة الاستبداد والقمع، كأنظمة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن هزائمنا ونكباتنا، وموت شعبنا وتدجينه ولابد من إزالتها ومحاسبتها على كل الجرائم والهزائم التي ارتكبت بحق شعوب المنطقة. مطلوب منا قوى ديمقراطية ودينية وعلمانية، مثقفين وكتاب ونخب، أن نبلور مشروعنا الوطني الديمقراطي الذي يبتدء بمحاربة كل الظواهر الظلامية والأصولية من أجل أنجاز برنامج نهضوي يأخذ باعتباره كل التشكيلة الاجتماعية الأثنية القومية في المنطقة العربية باعتبار الوحدة الوطنية التي يتوجها القانون المدني، والقضاء الحر النزيه والمؤسسات الديمقراطية باعتبارها الأدوات القادرة على تجسيدنا كشعب وأمة، وقادرة على تطويرنا، وإنجاز كل قضايانا العالقة، من وضع أيدينا على ثرواتنا الطبيعية إلى إدخالنا سوق الأمم والتفاعل معها ومخاطبتها من موقع الندية والسيادة والاستقلال.
هذا المشروع هو الوحيد القادر على الأخذ بنا كشعب عربي مهزوم، تأبد هزيمته على أيدي هذه الأنظمة العصابة ولايمكن تحرير قضاياه إلا بتحرر إنسانه واستعادته لانسانيته.
المعادلة واضحة ولايمكن احراز تقدم فيها دون أخذ الشعب لحقوقه، ومشاركته السلطة من خلال ممثليه المنتخبين، وإلا ستستمر هذه الدماء تنزف بالمجان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب