الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التروس المختلفة في عجلة هندوتفا الفاشية

أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند

2023 / 10 / 2
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بقلم سيتارام يشوري



مع اقتراب الهند من الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للجمهورية الدستورية (2025)، تتم كتابة رواية هندوتفا بقوة لتحويل الطابع الديمقراطي العلماني للجمهورية إلى هندوتفا راشترا [أمة هندوسية ]فاشية. والشرط الأساسي لتحقيق ذلك هو ضمان الفوز بطريقة أو بأخرى ,لحكومة مودي بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا في انتخابات عام 2024. إن السيطرة على الحكومة وسلطة الدولة من قبل [حزب بهاراتيا جاناتا /آر اس اس ]RSS/BJP *هي الأكثر أهمية لتحقيق هذا التحول.

يتم السعي لتحقيق هذا التحول من خلال مجموعة متنوعة من الروايات الفرعية من خلال حملات تدعي أن الهند هي "أم الديمقراطية"؛ وإعادة كتابة التاريخ الهندي لمحو التعددية الثقافية والروح الحضارية التوفيقية؛ نشر حملات سامة للكراهية والعنف ضد الأقليات الدينية وخاصة المسلمين. هذه الروايات الفرعية جزء من المشروع الفاشي وتشكل تروسًا في عجلة الهندوتفا.

الأحدث بين هذه السرديات الفرعية هي الحملات التي تتمحور حول القانون المدني الموحد؛ استبدال الهند باسم "بهارات" كاسم لبلادنا؛ أمة واحدة - انتخابات واحدة تتوافق مع أمة واحدة - ثقافة واحدة - لغة واحدة وما إلى ذلك. وبغض النظر عن تحقيق أو تجسيد مثل هذه الروايات، فإن التركيز ينصب على خلق عقلية تدعم رواية الهندوتفا.

الروايات الهندوسية الفرعية

ومن الأمثلة السابقة على ذلك وضع حجر الأساس لبناء المعبد في أيودهيا. على الرغم من أن حكم المحكمة العليا أعطى مسؤولية البناء إلى صندوق ائتماني، إلا أن العملية برمتها تم تنفيذها من قبل رئيس الوزراء لاعبًا دور رئيس الكهنة، وفقًا للطقوس الدينية الهندوسية، بحضور موظفين دستوريين. تم بث هذه مباشرة على وسائل الإعلام الإلكترونية الهندية والعالمية. كان الهدف من الصورة هو ابلاغ أن الهند هي بالفعل راشترا هندوتفا. وعلى نحو مماثل، كان تركيب الرمز الوطني على مبنى البرلمان الجديد مصحوباً أيضاً بطقوس دينية هندوسية تعزز عقلية الهندوتفا.

كما تميزت قمة مجموعة العشرين التي اختتمت مؤخراً بعرض رموز الهندوتفا المموهة بالمصطلحات الدولية. مع الإعلان عن أن "رئاسة الهند لمجموعة العشرين ستعمل على تعزيز الشعور العالمي بالوحدة"، تم استحضار مفهوم فاسودهايفا كوتومباكام Vasudhaiva Kutumbakam لنقل الشعور بالشمولية العالمية. لا يعني فاسودهايفا كوتومباكام فرض التماثل، بل هو الاعتراف بأسرة عالمية حيث لا يتم الاعتراف بالتعددية الاجتماعية فحسب، بل يتم التأكيد عليها من خلال التعامل مع جميع الاختلافات على أساس المساواة والكرامة. وغني عن القول أن مثل هذه الأسرة العالمية لا يمكن أن تنشأ إلا عندما يتم اتباع هذا المبدأ محليا من قبل جميع البلدان.

هذا هو بالضبط مبدأ الاحتفال بالتنوع وتعزيز البنية السياسية القائمة على المساواة للجميع كما يعلن دستور الهند "بغض النظر عن الطبقة أو العقيدة أو الجنس" ويرتكز على تحقيق العدالة - الاجتماعية والسياسية والاقتصادية - لجميع المواطنين و الذي يتم هدمه في بلادنا في ظل حكومة مودي.

كل هذه السرديات الفرعية تشبه التروس التي تعد جزءًا لا يتجزأ من الحركة الطاغوتية للهندوتفا الفاشية. يمكن إرجاع معظم هذه، إن لم يكن كلها، إلى نشر أطروحة رئيس RSS مادهاف سادشيف غولوالكار في عام 1939 بعنوان "نحن أمتنا مُعرّفةً".

مثل هذه الروايات والتحولات لا يمكن أن تنجح إلا عندما يمكن إثبات أن الهندوس والهندوس وحدهم هم السكان الأصليون لهذه الأرض. يفعل غولوالكار ذلك من خلال اللجوء البسيط إلى الجزم: "نحن - الهندوس - كنا نملك هذه الأرض بلا منازع وبدون إزعاج لأكثر من ثمانية أو عشرة آلاف سنة قبل أن يتم غزو الأرض من قبل أي عرق أجنبي" و لهذا، "كانت هذه الأرض تُعرف باسم هندوستان، أرض الهندوس» (صفحة 6). وتبقى الحقيقة أن هذا الاسم هندوستان أطلقه أشخاص من خارج الهند، ليس فقط العرب، بل أيضًا اليونانيون والرومان، لوصف الأراضي الواقعة وراء نهر السند.

يستخدم غولوالكار المصطلحين الهندوسي والآري بشكل مترادف، وبالتالي يزعم بشكل غير علمي وتاريخي أن الآريين نشأوا هنا في الهند. ولذلك فهو يؤكد، "مهووسًا بفكرة أن الآريين جاءوا إلى هندوستان من مكان ما بالقرب من بحر قزوين أو منطقة القطب الشمالي أو مكان ما، وغزوا هذه الأرض في مجموعات من اللصوص، ثم استقروا لاحقًا أولاً في البنجاب و انتشروا تدريجيًا شرقًا على طول نهر غونجا، مشكلين ممالك في أماكن مختلفة، من بينها في أيودهيا، يشعر المؤرخ أنها مفارقة تاريخية، أن تكون مملكة أيودهيا في رامايان أقدم من إمبراطورية باندافا الغربية في هاستينابور. وهو يعلمنا، بجهل متحذلق، أن قصة المهابهارات هي الأقدم. للأسف، إن مثل هذه المفاهيم الخاطئة يتم حشوها في أدمغة أطفالنا الصغار من خلال الكتب المدرسية التي تحددها جامعات مختلفة في البلاد. لقد حان الوقت لأن ندرس ونفهم ونكتب تاريخنا بأنفسنا ونتخلص من مثل هذه التشوهات المقصودة أو غير المقصودة” (غولوالكار، 1939، الصفحات 5-6).

ومن ثم، لإثبات أن الهندوس عاشوا على مدى عشرة آلاف عام في هذه الأراضي تحت حكم "السلام والقوة والوفرة"، فمن الضروري إنشاء روايات جديدة، ومراجعة الكتب المدرسية وإعادة كتابة التاريخ.

أم الديمقراطية

ومن أجل إثبات أن الهنود عاشوا في سلام ووفرة، لآلاف السنين، وجدت RSS/BJP أنه من الضروري التأكيد على أن المجتمع الهندي كان قائمًا على روح المساواة. في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2021، أشار مودي إلى الهند على أنها "أم الديمقراطية"، وكدليل أكد، دون أي صحة تاريخية، أن الفيدا [الكتاب المقدس للديانة الهندوسية]"تتحدث عن السلطة السياسية التي تمارسها هيئات استشارية ذات قاعدة واسعة".

تم تنشيط النظام البيئي للهندوتفا الفاشي بأكمله لإعادة كتابة التاريخ الهندي على هذا الأساس، ليس فقط بتجاهل التفاوتات الشنيعة والاستغلال في النظام الاجتماعي المانوسمريتي، بل باعطاء الشرعية للتفاوتات الصارخة، و نظام الطبقات الأربع فارنا المصحوب باضطهاد واستغلال الطبقات الدنيا، لا سيما أولئك الذين هم خارج هذا التصنيف الرباعي، أي الداليت والقمع الأبوي للمرأة. ويصف مودي الديمقراطية بأنها ليست مجرد بنية، بل إنها تضمن أيضًا روح المساواة. أية مهزلة!

ممتثلة لذلك، قامت هيئة المنح الجامعية UGC من خلال رئيسها بالكتابة إلى جميع حكام الولايات لإبراز "الملوك المثاليين" في الهند القديمة وكذلك خاب بانشايات و"تقاليدهم الديمقراطية" للاحتفال بالهند باعتبارها "أم الديمقراطية" في يوم الدستور في 19 نوفمبر 2022.

تصنيع التاريخ من خلال التزييف

يقوم نظام هندوتفا بتزييف التاريخ باستخدام أدوات تكنولوجية مثل الفوتوشوب وما إلى ذلك لتشويه التاريخ الحقيقي. على الرغم من أن هذا الأمر منتشر على نطاق واسع، إلا أن هناك مثال صارخ واحد فقط وهو إعادة صياغة الأطروحة الأصلية لألان مورينس، عالم الأنثروبولوجيا الكندي المتقاعد والباحث الذي كانت أطروحته للدكتوراه في جامعة أكسفورد حول "الحج للتقاليد الهندوسية - دراسة حالة ولاية البنغال الغربية" تم التلاعب بها في الأرشيف وإعادة صياغتها للإشارة إلى أن الحكام المسلمين أوقفوا كومبه ميلا[حج هندوسي] في تريفيني في منطقة هوبلي في ولاية البنغال الغربية قبل 700 عام. وعلى أساس هذا التشويه، بدأت رحلات حج كومبه ميلا. وأعرب مودي، في فبراير/شباط من هذا العام، عن فرحته الكبيرة قائلا إنها مميزة للغاية، "حيث تم إحياء هذه الممارسة بعد 700 عام". يقول المؤلف، الذي تم التلاعب في أطروحته وانتشرت معلومات مضللة عنها على نطاق واسع، إن بحثه أثبت ما يلي: "الحقيقة التاريخية هي أنه لم يكن هناك كومبه ميلا أبدًا في تريفيني وأن ما يسمى بـ "الاحياء" يعتمد على بحوث مزيفة ."

مبنى البرلمان الجديد – استدعاء كلمة " سنغول Sengol "

وبالمثل، تم استدعاء تقليد السنغول لافتتاح مبنى البرلمان الجديد، حيث تم تشويه كل التاريخ واستخدامه لمنح مودي "الحق الإلهي في الحكم" الذي استشهد به الملوك والأباطرة في فترة العصور الوسطى.

كان أبرز ما في حفل الافتتاح هو التركيز على الطقوس الهندوسية و اقامة راجابهيشيك ( تتويج الملك). تميز هذا الحفل بأكمله بمحاولة صنع رواية جديدة لنقل السلطة من البريطانيين. تم إنشاء هذه الرواية الجديدة، وهي تلفيق كامل للحقائق، حول سنغول الممنوح للملوك الإقطاعيين، وهي ممارسة متبعة في ممالك تشولا. كانت الرواية الملفقة هي أن اللورد ماونتباتن قد سلم السينغول إلى نهرو رمزًا لانتقال السلطة، والتي تم الحصول عليها في السابق من قبل راجاغوبالاتشاري[الحاكم الاخير للهند المعين من بريطانيا ]بالتشاور مع المعابد الدينية في تاميل نادو. ولا يوجد أي دليل على ذلك. مثل العديد من الهدايا الأخرى التي تلقاها نهرو، في ذلك الوقت، تم وضع سنغول في المتحف. استحضر حزب بهاراتيا جاناتا تقليد سنغول لإضفاء الطابع الهندوسي على افتتاح مبنى البرلمان الجديد. تقدم مودي موكبًا من الكهنة ورؤساء المعابد الذين تم نقلهم جواً من تاميل نادو وهم يحملون السنغول لإعطاء الانطباع بأن مبنى البرلمان الجديد يرمز إلى تأسيس هندوتفا راشترا.

يمثل سنغول الذي قدمه رئيس الكهنة إلى تقديس الحق الإلهي في الحكم الذي يتذرع به الملك الذي يتم تتويجه سيدًا على رعاياه. إن العلاقة بين الدولة ومواطنيها أمر حيوي بالنسبة للجمهورية الديمقراطية، حيث يتساوى جميع المواطنين بغض النظر عن الطبقة أو العقيدة أو الجنس. وتدير الدولة حكومة منتخبة من الشعب. لقد كان حفل التنصيب برمته بمثابة تدمير المعادلة الديمقراطية بين الدولة والمواطن واستبدالها بنظام استبدادي إقطاعي.

الدفاع عن الجمهورية الديمقراطية العلمانية  وتعزيز "فكرة الهند"

لا يمكن ضمان الدفاع عن الطابع الديمقراطي العلماني للجمهورية الهندية إلا عندما تتم مواجهة مثل هذه السرديات الهادفة إلى السيطرة على عقلية الشعب وهزيمتها بشكل مباشر. إلى جانب ذلك، يجب تكثيف النضالات الشعبية من أجل خلق واقع أفضل للغالبية العظمى من شعبنا الذي يعاني من الصعوبات المتزايدة مثل البطالة وارتفاع الأسعار والفقر والجوع من أجل الهند التي هي بهارات. ولابد من هزيمة هذه الجهود الرامية إلى تحويل شخصية الهند إلى دولة هندوتفا راشترا الفاشية المتعصبة و المسعورة . والشرط المسبق لذلك هو منع حزب RSS/BJP من السيطرة على مقاليد سلطة الدولة والحكومة.   
 
 المصدر
صحيفة ديمقراطية الشعب
الحزب الشيوعي الهندي الماركسي

ملاحظات
1. الملاحظات بين الاقواس الكبيرة [ ]من المترجم
2. آر اس اس RSS، منظمة التطوع الوطنية ( راشتريا سوايامسيفاك سانج) (آر إس إس) هي منظمة يمينية هندية وقومية هندوسية شبه عسكرية تطوعية حليفة للحزب الحاكم ، إستُمِد الإلهام الأولي من الجماعات اليمينية الأوروبية المُتطرفة خلال الحرب العالمية الثانية، مثِل الحزب الفاشي الإيطالي. تدريجيًا، نمت ال آر إس إس لتُصبح منظمة قومية هندوسية بارزة، وَلَدَت العديد من المنظمات التابعة التي أنشأت العديد من المدارس والجمعيات الخيرية والنوادي لنشر معُتقداتها الأيديولوجية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قمر الطائي من انطوائية وخجولة إلى واثقة بنفسها ??????


.. قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي




.. بين طلبات -حماس- ورفض نتنياهو.. كيف يبدو مشهد مفاوضات وقف إط


.. ماذا يحدث على حدود مصر فى رفح..




.. اشتباكات في الفاشر تنذر بانطلاق المعركة الفاصلة بدارفور