الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبارتهيد الإسرائيلي يحمل جينات كولنيالية الغرب ويحظى بدعمها

سعيد مضيه

2023 / 10 / 2
القضية الفلسطينية


عنصرية لتبرير الاحتلال وسرقة الممتلكات

دول الغرب الامبريالية تنهض على عنصرية البيض تزدري الشعوب الملونة وتدرجها في مرتبة دنيا بعيدة عن التحضر، كل ذلك كي تمار الاحتلالات وتمول الحروب العدوانية. والصهيونية قامت أيضا على رؤية عنصرية تزدري الشعوب العربية ، والمسلمين وشعب فلسطين على وجه الخصوص. يرصد هذا النظرة العنصرية الباحث الأميركي ديفيد دي اماتو ويقول،" عمليا تتطلب الإيديولوجيا الإسرائيلية هذا المعاملة الشرسة؛ فهي جزء لا يتجزأ من نظام أبارتهايد معد لإبقاء الشعب الفلسطيني في حالة رعب شديد ودائم وإقناعهم بأنهم يستحقون هذه المعاملة".
الى جانب مقالاته التي تظهر بمجلات فوربس ونيوزويك وإنفسترز بزنيس، تستشهد بمقالاته هيومن رايتس ووتش وغيرها من هيئات حقوق الإنسان. يكتب ديفيد دي أماتو في مقالته بعنوان " مشاهد من نظام ابارتهايد":

في 13 أيلول الفائت ذكرى التوقيع على اتفاقي اوسلو عام 1993 بالبيت الأبيض؛ وعد الاتفاق بتدشين عصر جديد من السلم والدبلوماسية بين دولة إسرائيل ، التي كا ن يقودها آنذاك اسحق رابين وبين منظمة التحرير
الفلسطينية، يمثلها ياسر عرفات . في نفس الوقت كان يوجد ما يزيد قليىلا على مائة الف مستوطن إسرائيلي يحتلون الضفة الغربية. واليوم ارتفع ذلك الرقم ليتضاعف سبع مرات ويتواصل العنف الموجه ضد الفلسطينيين بمستويات الأزمة.
مضى أكثر من ثلاثين عاما منذ يوم التوقيع ليشهد شهر سبتمبر أعظم عدد من الإصابات بين الفلسطينيين خلال 18 عاما، منها 200 وفاة و600 إصابة ؛ إن الاضطهاد المتزايد الذي يمارسه الإسرائيليون يؤكد فلسفة حزب الليكود الحاكم، فلسفة التملص من القوانين ، إذ لا يرى في الفلسطينيين شعبا ومكانا يحتاج الى حماية ، بل عقبة تحول دون تطبيق برنامجهم للاستيطان الكولنيالي الشرس. المشروع الذي يتواصل منذ ما قبل إنشاء دولة إسرائيل عام 1948يتطلب من الناحية العملية تحقير الشعب الفلسطيني ووضعه في مرتبة ادنى، غير جدير بالأرض التي يوجد عليها ، وغير مؤهل لحقوق الإنسان والكرامة . في هذا العام واصلت إسرائيل ضم مناطق جديدة تعود بحق الى الشعب الفلسطيني وهدم بيوت الفلسطينيين والجماعات الفلسطينية بوتائر مذهلة. الجنود يسيطرون على الأراضي المحتلة بصورة غير مشروعة ، فارضين حكم الإرهاب والعنف غير العادي.

وشهد العام الحالي كذلك تحركا غير مسبوق لتعزيز السلطة الموحدة بالحكومة ؛ حكومة إسرائيل الليكودية، التي تزداد سلطوية وانتهاكا للقوانين، تبذل المحاولا ت لإلغاء الحماية القضائية التقليدية؛ في شهر تموز اقرت الكنيست تشريعا من شانه ، من بين امور كثيرة ، تجريد المحكمة العليا من سلطة تمارسها طوال عقود خلت ، تقضي بمراجعة قضائية للقرارات المتخذة في إسرائيل وكذلك رفض قوانين تعتبرها المحكمة تنتهك القوانين الأساس. لأمد طويل امتلكت المحكمة العليا سلطة مراجعة عدم معقولية التشريع الذي " يمعن في التركيز على المصالح السياسية دون ان يعير الاعتبار اللائق لثقة الجمهور وحمايته". شق وزير العدلية الإسرائيلي ، ياريف ليفين الذي يحظى بشعبية عالية في أوساط الحزب، الطريق لهذه الجهود كي يحد من سلطات تقليدية للمحكمة ، ضاغطا بقومية إباحية متشددة تؤكد طابع البلاد دولة لليهود. ومنذ بداية العام الحالي نزل مئات آلاف الإسرائيليين الى الشوارع يتظاهرون ضد هجمات الحكومة على حكم القانون وتوازن القوى داخل الحكومة.

إسرائيل توجد هذه الأيام في حالة طوارئ واستثناء دائمين؛ في هذه الحالة تعيش إسرائيل مفارقة كونها مصدرا للقانون وكسر القانون. لغة الاستثناء تحيق بدولة إسرائيل؛ يجرى استعارة خصوصية إسرائيل لتبرير ازدواجية النظام القانوني والاجتماعي الذي تفرضه الطبقة الحاكمة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. بالاستثنائية الذاتية وفيما يتعلق بالمواطنين الفلسطينيين، تموضع إسرائيل ذاتها فوق وخارج كلِ من القانون المحلي والدولي؛ يخضعون للاحتلال وللحصار ولاجئون في وطنهم. "الحكومة الإسرائيلية منحت ذاتها سلطات غير عادية وأرجعت الفلسطينيين الى ما أطلق عليه الفيلسوف الإيطالي جيورجيو اغامبين" حياة جدباء"، تهبط الحياة فيها الى مجرد البقاء البيولوجي، منزوعة من كل حماية حقوقية او أي تمثيل سياسي او اهمية. اورد أغامبين هذا المفهوم كي يطور ويوضح فكرة " حالة الاستثناء"؛ في "حالة الاستثناء"يتم تعليق الحمايات القانونية العادية والحقوق السياسية؛ والفلسطينيون مستثنون بصورة كلية تقريبا من الحياة الاقتصادية ، ويخضعون لبعض أشد القيود المعروفة بالعالم. هذه القيود خلقت ظروف فقر مدقع بفلسطين؛ ولا غرابة أن تترجم هذه الظروف المادية الى أسوأ النتائج الصحية بالعالم.[ التأكيد من الكاتب] في هذه الأثناء يجري التعامل مع التقاليد الفلسطينية وممارساتهم الثقافية باعتبارها امورا خطرة ، مثيرة للشكوك وهدامة؛ يهاجمون الاحتفالات الفنية والموسيقية السلمية ؛ ويشوهون ويدمرون الفن الفلسطيني؛ يهدمون دور العبادة بالجرافات ويخربون.عمليا تتطلب الإيديولوجيا الإسرائيلية هذا المعاملة الشرسة؛ فهي جزء لا يتجزأ من نظام أبارتهايد معد لإبقاء الشعب الفلسطيني في حالة رعب شديد ودائم وإقناعهم بأنهم يستحقون هذه المعاملة. بجماع هذه المعاملات تبلغ هذه الاضطهادات المفروضة نظام إرهاب وعقوبات جماعية يجري تفعيلها حسب الاعتقاد القائم ان الفلسطينيين أقل من بشر، ذوي بشرة بنية ، لا يليق بهم سوى الإخضاع و الاستلاب.
من المهم أن نشير هنا الى ان أعمال أغامبين بصدد الاستثنائية لإسرائيلية قد تعرضت للنقد بسبب تجاهل مسألتي العرق ونظام الكولنيالية.هاتان الفكرتان جرى تطويرهما ليشملا الوقائع المركبة التي تضمهما في وسطها، ولحالة الاستثنائية ، كما نجدها في إسرائيل وفلسطين، بعدها العنصري الواضح مع طبقة حاكمة من الإسرائيليين البيض في غالبيتهم تسلط على الفلسطينيين نظاما يوميا من العنف والمراقبة ، وتفرض قيودا على الحركة ،تقيد النشاط الاقتصادي والملكية وممارسة العبادات والتنظيم السياسي. العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني واحدة اخرى من مفارقات تعبر عن ذاتها في تاريخ دولة إسرائيل: "الصهيونية ، بدلا من أن تقدم حلا للاسامية الأوروبيين ، تبنت خطابا عن العرق [التأكيد من الكاتب] يقارب ذلك الذي عبرت عنه الأنظمة اللاسامية"؛ أكثر من ذلك ، بعد تفجيرات 11 أيلول وضع العرب – والعرب المسلمون خاصة – موضع تحقير- جنس آخر.
في سياق نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاعتراف بدولته ، لا يمكن فصل مفاهيم مثال "الحياة الجدباء" و"الاستثناء " عن قضية العرق؛ معاملة المجتمع الدولي للفلسطينيين لن تكون كما هي عليه لو لم تحقر إسرائيل الفلسطينيين عنصرا أخر عرقيا ودينيا. يجري التعامل مع برنامج الإرهاب في إسرائيل، المنفذ بأسلحة عالية التطور ومميتة ، بوصفه برنامجا مشروعا وحربا دفاعية ، بينما مقاومة الفلسطينيين المبررة ينظر اليها غير عقلانية وإرهاب مسلمين راديكالين متعطشين للدم. ليس صعبا تماثل هذه الرواية بالعلاقة التي بزغت بعد تفجيرات 11 أيلول : في جانب إرهابيون إسلاميون راديكاليون، و في جانب مقابل بيض متحضرون؛ حكاية السود او البيض- حرفيا مجازيا –تفترض مواقف وولاءات معيارية؛ بغض النظر عن جرائم إسرائيل، يتوجب على الأميركيين التماهي مع إسرائيل لأنها تمثل العرق الأبيض وقاعدة اميركا الامبريالية. ان مشروع إسرائيل الاستيطاني الكولنيالي مقترن بحميمية مع عنصرة الشعب الفلسطيني، الذين يعتبرون غيرجديرين بامتلاك وطنهم والسيطرة عليه وهم بحاجة الى تحضير.
من المهم جدا ان نتبين ان حالة الاستثناء لها تاريخ طويل في اوروبا وهي في الحقيقة مضمنة بنظريتها المعاصرةعن الدولة ، فالامبريالية هي التي هيأت المسرح الرئيس، على خشبته مورست بمنهجية وعنف حالة الاستثناء بقوة أشرس. في طبيعة الدولة المعاصرة يجب تتبع المشاريع الكولنيالية وزراعة المشروعية والفردانية ومحو الشعوب والثقافة المعترضة. ونظرا لكون أساليب توصيف الدولة هي العدوان والعنف والحرب، فإنها تنشد الاحتلالات والامبراطورية . لن تكتفي من التوسع على حساب البشر ( من باب السخرية يطلق على ذلك " التنمية" و"التقدم") يمثل سبب قيام الدولة المعاصرة. في مقالته بعنوان "حول الدولة المعاصرة "، يلاحظ كريستوفر موريس ان " العديد من المفاهيم المعاصرة للدولة الحديثة مستعارة ومطبقة من الثيولوجيا المسيحية"، حيث الدولة تعرض نفسها ( مع القبول على نطاق واسع) بانها مطلقة القوة ، مطلقة المعرفة وكائن مقدس رحيم لاحاجة بنا لأن نخافه او نكبح جماحه. ليس صعبا بوجه خاص رؤية كيف يخلق هذا المفهوم عن الدولة الظروف الاجتماعية الخطرة لما نواجهه اليوم من عنف وتسلسل طبقيين منهجيين. توجد حالة الاستثناء في صلب تعريف الدولة وامراض الدولة واضحة في قسوة السيطرة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. ان استمرارية إخضاع الفلسطينيين مشروع مركب أقامته إيديولوجيا العرق والسلطة الفريدتين بالنسبة للزمان والمكان وتمثل اتجاهات تاريخية اوسع بكثير من توجهات السلطوية والسلطة الممركزة. الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني سوف تتطلب وعيا مستنبتا لأبعاد الكولنيالية والاستثنائية والعرق أثناء عملها.

.
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا