الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نسل الشر

رياض ممدوح جمال

2023 / 10 / 3
الادب والفن


مسرحية من فصل واحد
تأليف : رياض ممدوح جمال

الزمان : عام 2017 .
المكان : العراق-الموصل.

الشخصيات :
الزوج
الزوجة
طفل : في السابعة من العمر. من ذوي الاحتياجات الخاصة.

المنظر :
(غرفة استقبال متواضعة، الزوج والزوجة جالسين متجاورين على اريكة،
وخلفهما شباك مطل على حديقة المنزل)

الزوج : (بحدة وغضب) انت تعرفين موقفي من جيراننا هؤلاء، ومن كل اولادهم. فلماذا دعوتي طفلهم أن يشاركنا نزهتنا، عصر اليوم؟
الزوجة : انه الطفل ”سعودي” وهو يعتبر الان يتيم الاب.
الزوج : وها انت تناديه باسم التدليل ايضا، ”سعودي”!
الزوجة : نعم انه ابن السابعة من العمر. ثم اني اخذت موافقتك على دعوته.
الزوج : انك تنتزعين موافقتي انتزاعا، لا عن قناعة مني، بل بإلحاحك. تعرفين اني لا انظر إلى جيراننا وطفلهم بهذا المنظار.
الزوجة : (برقة تدغدغ مشاعره) لكني متأكدة من طيبة قلبك. فانت تدعوني احيانا لمساعدتهم، بعد ان قتل ابوهم.
الزوج : لا علاقة لطيبة قلبي، نعم احيانا اغالط نفسي، ان عقلي يرفض ان اعتبرهم كأي جيران. الا تذكرين اباهم كيف كان يحقد على البشرية وعلى الحياة
جميعها! وكانت نظراته تخترق الحديد، ووجهه لا يخترقه حتى المسمار! وأنني
كنت اكرهه اكثر مما كنت اكره نار جهنم.
الزوجة : انا اؤيدك بكل كلمة قلتها عن ابيهم. ولكني اتعاطف مع الزوجة واطفالها، وعلينا أن لا نحملهم ذنب ابيهم، وخاصة طفلهم الاصغر المعوق، سعد.
الزوج : ولا اعتبر طفلهم هذا الا صل حية، سيكبر ويصبح ارهابيا مثل ابيه، يلدغ الاخرين، ونحن أولهم. فقد قطع رأس الافعى وبقيت صلالها.
الزوجة : ذلك يتوقف علينا نحن اولا، ومن ثم على الآخرين.
الزوج : وما شاننا نحن؟
الزوجة : إذا نظرنا على أنهم إرهابيين، فسيكونون ارهابيين فعلا.
الزوج : هل اذا نظرت الى اولاد الافعى على انهم عصافير، فسيكونون فعلا
عصافير؟
الزوجة : العقارب ليست كالبشر. ان من غريزة العقارب اللدغ، اما الإنسان فظروفه المحيطة به تصنع منه عقربا، او عصفورا. والطفل يولد صفحة بيضاء والمجتمع يكتب عليها ما يريد.
الزوج : وأين من هذا الكلام، علم وراثة الجينات وتوارث الصفات البشرية،
من الشر والحقد والانانية والقتل حتى؟
الزوجة : هذه صفات تزرع في الانسان ولا يتوارثها. وعقل الانسان حديقة
يمكن ان تزرع فيها الزهور، كما يمكن ان تترك للأشواك ان تغزوها.
الزوج : الخطيئة ليست عفوية، بل متأصلة فيهم. والرأفة بهم تحثهم على
التمادي. وهم غير صالحين للهداية. ولا يمكن تقويم جذع الشجرة المعوج.
الزوجة : يمكن تطعيمه بغصن جديد ومن ثم قطع الجذع القديم من مكان
اعوجاجه. يجب ان نفترض ان جوهر كل انسان هو الطيبة والخير، وما شره إلا
طارئ عليه لظرف ما.
الزوج : ان وجود الشاة الجرباء يهدد القطيع كله. كما أن سقوط قطرة دم واحدة في برميل ماء تفسده. وحسنا يفعلون باحتجازهم في مخيمات معزولة. انهم
مكروبات يجب عزلهم.
الزوجة : على ان يجب اعادة تأهيلهم، ومحاربة افكارهم لا وجودهم. وان
يكون هناك صراع وسباق بين قلع الادغال واستمرار نمو بذورها. ونحن لا نملك
من شخص ما سوى ما استطعنا ان نغيره فيه. والا نكون نحن من يؤجج نيران
الاسى بينما نقصد اطفاءها.
الزوج : علينا قطع الشجرة من جذورها ان كانت ضارة.
الزوجة : نكون كمن يهدم جبلا، وينشئ غيره أعلى منه، وذلك من انقاضه
نفسها.
(تسمع أصوات مواء قطط صغار من وراء الشباك خارجا في حديقة الدار)
الزوج : ما بها القطة وصغارها، تموء بهذه الطريقة المتواصلة؟
الزوجة : يا الهي، لقد نسيت اوان اطعامهم.
الزوج : هيا، اسرعي لإطعامهم، بالله عليك.
الزوجة : وان اوان غدائنا نحن ايضا، ونسينا انفسنا، وبدأت عصافير بطني
تزقزق.
الزوج : القطط اولا، يا حبيبتي، هيا اسرعي من فضلك.
(تهرع الزوجة خارجة من الغرفة، ويبقى الرجل في الغرفة، يتناول
صحيفة موضوعة امامه ويتصفحها. يتوقف صوت مواء القطط.
وبعد ذلك تدخل الزوجة حاملة صينية فيها ثلاثة اطباق)
الزوجة : هيا، لقد نهشنا الجوع دون ان ندري.
الزوج : هل وضعت الطعام للقطط؟
الزوجة : نعم، بالتأكيد. والا لما توقفت عن المواء.
(ينظر الزوج في احدى الصحون باستغراب)
الزوج : ما هذه المرقة، يا عزيزتي؟
الزوجة : ما لها؟
الزوج : انها بيضاء، بلا معجون تقريبا. وخالية من اللحم. وعدد قليل
جدا من أصابع الباميا هل يعقل ان تكوني انت من طبخها؟
الزوجة : كلا، طبعاَ، لست انا من صنعها. إنها جارتنا والدة ”سعودي”.
ارسلتها مقابل ارسالي طبق من الحلوى صنعته بنفسي لهم.
الزوج : أرسلي الان اليهم مرقتنا نحن. وسنأكل نحن مرقتهم.
(يطرق الباب طرقات خفيفة. تذهب الزوجة لفتحه. تعود ومعها
الطفل المعوق ”سعد”. يتقدم الطفل إلى الزوج بلهفة)
الزوجة : “سعودي” يقول انه يريد ان يسألك سؤالين فقط.
الزوج : (باستغراب) لي انا؟
الزوجة : نعم، يقول، لك انت.
الزوج : ما هي الاسئلة، يا ”سعودي”؟
سعد : هل حقا ستأخذانني معكما عصرا الى النزهة؟
الزوج : (يتطلع الزوج في عيني زوجته) نعم بكل تأكيد. وما هو سؤالك
الثاني، يا سعد؟
سعد : هو، هل يجوز لي أن اناديك ابي؟
الزوج : (يحتضن الطفل، ودمعة تجاهد للخروج من عينه) نعم يا ولدي، يمكنك
ذلك.
ســــــــــــــتار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا