الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترتيب منطقي.. أو هكذا يبدو لي

طارق سعيد أحمد

2023 / 10 / 3
الادب والفن


في ال 16 من عمري أمرني والدي بأن اتخلص من تلال الورق والكتب التي احتلت كل غرفتي بأي طريقة وأن ابتاع من مصروفي الشخصي مواد طلاء لتخفي الشعر الذي اكتبه على الحائط!، في تلك الآونة كنت أتأمل فكرة سقوط أوراق الشجر
بصراحة كان لوالدي كل الحق.. لماذا؟ لأنني تحولت فيما يبدو ودون أن أشعر لعامل في مخزن كتب تابع لسور الأزبكية.. المقام في منطقة العتبة!
ماسبق لا وقت لديك ولا يهم أن تعرفه ولا شأن لك بأني اتأمل سقوط أوراق الشجر أو إن كان والدي قد دفعني للانتحار، مع ذلك أردت أن اشاركك لحظة في عمري اكتشفت فيها أنني اكتب وأنا اتعلم الحروف في الكُتاب حينما وجدت كراسا من هذا الزمن وسط تلال الورق والكتب.. نعم في الكُتاب لا تندهش القدر تدخل والحقت فيما بعد بأول حضانة في محيط منزلي الكائن في حي عين شمس الشرقية
تلك أول خطوة في اكتشافي لذاتي كانت، والآن ومازلت مستمرا في اصتياد اللحظات البعيدة واعادة اكتشافها وبدت هذه الآلية جزء من تفكيري
الثانية: رغم انها تسبق المرحلة الفائته بسنوات لكن ترتيبها بالثانية هو الترتيب المنطقي أو هكذا يبدو لي الأمر.. المهم
غرفتي كانت تطل على فصول مدرسة ( الحرية التجارية بنات) وهذا أمر لو تعلمون عظيم.. أنا منذ نعومة اظفاري تسكن في غرفتي خمسة فصول مفعمة بالبنات وثلاث فترات( راق لي هذا)، اتسع منظور رؤيتي للعالم مع قبلتي الأولى لطفلة مثلي كانت تشاركني مقعدي في الحضانة، عوقبت على فعلتي البريئة تلك بالضرب بالعصا على يدي من ميس ندى حتى احمرت كفوفي وأزرقت بعد ذلك، ومن هذا الوقت والمرأة تختبئ في شعري
ثالثا: حينما نشرت قصيدة لي هنا في صحيفة الأهرام بعد أيام من ندوة الشاعر الأستاذ يسري حسان في مبنى الأهرام القديم يوم الثلاثاء فيما اذكر، كانت أول مرة لي التقي حسان في ندوته التي كانت ترشح نصا لنشره في صفحة كان الشاعر يسري حسان يحررها.. هو لا يعلم الى وقتنا هذا بأنه أول من صدر شعري للعالم
تذوق هذه اللحظة شحذني بشكل أو بآخر بحس المسؤولية تجاه من يقرأ لي شعرا ..تعلمت في هذه الفترة ( الحذف) ومن ثم لفت نظري هذا الحذف إلى هندسة الشعر أو كيف الشعر؟ وبالمناسبة كان اسم النص(صوت المطر)
وفق ترتيبي المنطقي الذي ادعيه تأتي المرحلة الرابعة والتي سبقت في ترتيبها الزمني النمطي أول نشر لقصائدي في الصحف وهي مرحلة بطلتها الحاجه (زينب)
على ناصية الشارع الذي كنت اسكن فيه استديو للتصوير كان صاحبه رجل طيب يدعى عم (جميل،) طلب مني ذات يوم أن اكتب شعرا لحفيدته الأولى وبالفعل قال لي اسمها ولم استغرق سوى نصف ساعة تقريبا لأكتب اغنيةلها، كانت تلك الغنوة تأشيرة دخولي لعالم أسرة علقت في كل زوايا منزلها صليبا أو صورة للبتول وهي تهدهد يسوع
لاحظ عم جميل اثناء الحفل الأسري انني اكتشفت بروازا بجوار صورة حفيدته وضع باهتمام ملحوظ في صدر الصالون يحوي كلماتي مكتوبة بخط رائع لكنها بإمضاء عم جميل!
مرت أياما على ذلك ليأتي صوت عم جميل ينادي باسمي بحماس وأنا اهز جذع شجرة التوت، كانت شجرة طيبة جدا لأنها كانت تسقط على رأسي التوت رغم عدم جدوى محاولاتي هز جذعها، وفي يدي حبات التوت ذهبت ملبيا لنداء الرجل الذي بدوره تحدث عن موهبتي الشعرية إلى الحاجه زينب، لم تسمع مني كلمة واحدة لكنها اصرت بشكل مبالغ أن اذهب معها الآن إلى ندوة.. ندوة؟
دفعني عم جميل إلى داخل الاستديو لأتخلص من الأتربه المتراكمة على وجهي من أثر اللعب وهز شجرة التوت الطيبة ومشط شعري على عجل ودفعني بنفس القوة بعد ذلك في اتجاه الحاجه زينب
كانت هذه الندوة في احدى قاعات مركز شباب منشية التحرير الذي كنت أرى من شرفتي جزء من ملعبه الأخضر، كانت صدمة عنيفة لي حينما سمعت احدهم يقول.. والآن مع الشاعر الشاب طارق سعيد أحمد، في هذه اللحظة اكتشفت خجلي وقررت أن اتخلص منه هنا.
#الشعر_والحرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل