الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من كفر قاسم الى بيت حانون:ولازال القتل مستمرا

نائل الطوخي

2006 / 11 / 13
القضية الفلسطينية


مرت هذا الأسبوع ، وبينما يتواصل القتل الاسرائيلي اليومي في بيت حانون وغيرها الذكري الخمسون لمذبحة كفر قاسم التي كانت فاتحة القتل بالجملة الذي مارسته إسرائيل ضد الفلسطينيين. المذبحة يلخصها مشهد رهيب، بسبب دراميته قبل كل شيء: في أعقاب فرض حظر التجوال علي قرية كفر قاسم، يسأل ثلاثة من رجال الشرطة الإسرائيلية قائدهم عن كيفية التعامل مع سكان القرية الذين تأخروا في العودة فلم يسمعوا بحظر التجوال. يجيب القائد بعربية ركيكة: الله يرحمه ، يفهم رجال الشرطة الثلاثة هذا القول حرفيا كما يريدهم القائد أن يفهموه، و يطلقون النار تقريبا علي كل من عاد إلي القرية.
يكمل يوئاف شطران، الصحفي بجريدة هاآرتس المشهد، عن طريق سؤال أحد الناجين من المذبحة، جمال فريج، عن تفاصيل ذاك اليوم، فيحكي هو: أدرنا معهم حوارا. سألناهم إن كانوا يريدون هوياتنا. و لم يكونوا يريدونها, فجأة قال واحد منهم : احصدوهم ، وعنئذ انفتحت النار الحامية باتجاهنا، مثل المطر. يضيف فريج ردا علي سؤال عن ما تغير في الدولة منذئذ: حكيت قصتي سبعين مرة للصحافة. في كل مرة يأتيني شخص ما و يسألني أسئلة. ماذا تغير؟ لا شيء.
وفقا للإحصائية الرسمية قتل في هذا اليوم 47 شخصا. يخلد التمثال المقام في القرية شيخا مات بعد أن توقف قلبه عندما سمع أن ابنه بين المصابين، و رضيعا كان في بطن إحدي القتيلات.
كذلك يحكي أحد المؤرخين الجدد الكبار في إسرائيل، البروفيسور توم سيجيف، في هاآرتس، عن لطيف دوري، النشط العربي الذي كان أول من وثق لفظائع المذبحة وقتها: كان دوري سكرتير القسم العربي لحزب العمال الموحد مبام . كتب شخص ما إلي قائد مبام، مائير يعري، وروي له أحداث المذبحة. فما كان منه إلا أن أرسل دوري لاستجلاء التفاصيل. حاول دوري الدخول لكفر قاسم، و لكنه وجد نفسه محاطا بالجنود و رجال الشرطة. لم يستطع الوصول إلي رئيس البلدية إلا في اليوم التالي. رئيس البلدية لم يكن يعرف الكثير، و لكنه أرسله لمستشفي لينسون في بتاح تكفا القريبة، حيث كان الجرحي يرقدون. بين جرحي عملية سيناء وجد دوري الناجين من مذبحة كفر قاسم. سجل شهاداتهم و جعلهم يوقعون عليها.
لم يسهم هذا كثيرا، واجه النشر عن المذبحة رقابة صارمة في إسرائيل. يحكي سيجيف قائلا أن دافيد بن جوريون، رئيس الحكومة و وزير الأمن ساعتها، كان يعلم بأمر المذبحة، وأنه أمر بإجراء تحقيق، وأمر بعد هذا بالحبس و المحاكمة، و لكنه حاول إخفاء الحادث. كذلك منعت الرقابة العسكرية نشر أي شيء عن المذبحة، و علي مدار أسابيع قليلة، لم يتم تمرير القصة إلا بشكل شفاهي. أشار عضوا الكنيست الشيوعيان، توفيق طوبي و ميئير فيلنر، إلي المذبحة في قاعة الكنيست الممتلئة و تم محو كلماتهم من المحاضر. كذلك نشر نشطاء سلام و حقوق إنسان القصة. نشرت المعلومات الأولي، بشكل مضبب، في هاآرتس، ونشرت القصة الكاملة لأول مرة في أسبوعية هاعولام هازيه التي رأس تحريرها أوري أفنيري. تم استخدام الشهادات التي جمعها لطيف دوري كدليل في المحاكمة التي اقيمت للمتورطين في المذبحة.
حكم في المحكمة علي ثماني متهمين من جنود الجيش بفترات حبس تتراوح ما بين 7 إلي 17 عاما. في الاستئناف تم تقليل الحكم و القبول بالعفو بعد هذا بوقت قصير. تمت تبرئة ضابط بتربة عقيد، يششاكر شدمي، من أغلب الاتهامات و فرضت عليه غرامة قيمتها مليم واحد، بسبب فرض حظر تجوال بلا صلاحيات لفعل هذا. بعد هذا تسلم الرائد شموئيل ملينكي، و الذي أصبح ضابطا أمنيا في المفاعل النووي، محطة وقود. المساعد جبريئيل دهان، و الذي حكم عليه في البداية ب15 سنة حبس، غير اسمه لديجين و أقام في باريس. برغم كل هذا، لا يصرح توم سيجيف بأن المحاكمات كانت صورية وأنها كانت مجرد ديكور لإكمال صورة الدولة الديمقراطية.
يعيش اليوم في كفر قاسم سبعة ناجين، يتذكرون كل شيء. ولد غالبية سكان القرية ال18 ألف بعد المذبحة، و لكنهم يعيشونها باعتبارها عنصرا من عناصر هويتهم. التقي سيجيف بأيوب علي طه الذي كان يبلغ عامين عندئذ. تذكر هو بالضبط كيف عرف أن أباه كان بين القتلي. عندما سمعت الجدة أن ابنها أطلق عليه النار فقدت بصرها و أصيبت بشلل كلي وتم إرسال حفيدها للعناية بها. اتهمت العجوز نفسها بموت ابنها. اعتادت أن تقول: كان أبوك يريدنا أن نهاجر إلي السعودية، ولكنني لم أرغب في مغادرة كفر قاسم. لو وافقت لم يكن ليموت.
والتقي أيضا بالشيخ نمر عبد الله درويش، الذي يقول أن مذبحة كفر قاسم تتواصل طول الوقت، ويميل، كما يصفه سيجيف، للربط بين مذبحة دير ياسين و مذبحة كفر قاسم، و بينهما و بين يوم الأرض وأحداث اكتوبر وكل ما حدث منذئذ و حتي اليوم، في إسرائيل و في الأراضي المحتلة. يقدر أن أربعين في المائة من الإسرائيليين لا يؤيدون التعايش المشترك بين اليهود و العرب و لا تسويات السلام. علي الناحية الأخري يفكر الشيخ و يجد أن حوالي 15 % من بين سكان كفر قاسم هم من أحفاد الضحايا. يقول أنه لهذا يتباهي بسكان قريته. فيما يشابه هذا، يقول سامي عيسي رئيس المجلس المحلي لبلدية كفر قاسم، في طقس تخليد ذكري المذبحة، أنه منذ خمسين سنة لم تتغير طريقة التفكير في إسرائيل، منتقدا ضم حزب إسرائيل بيتنا إلي الحكومة الإسرائيلية، و علي رأسه النائب المتطرف أفيجدور ليبرمان الذي كان قد سبق ودعا إلي قصف السد العالي في مصر.
تحاول إسرائيل أن تعلن رفضها للمذبحة عن طريق التبرؤ منها و انتقادها، و في إجراءات لا يمكن إلا أن تكون صورية ليس إلا. مثلا، أعلنت وزارة التعليم الإسرائيلية أن أحداث كفر قاسم يتم تدريسها للسنة الثامنة في إطار مادة المواطنة كجزء من منهج عنوانه الانصياع للقانون في السلطة الديمقراطية و معضلة الأوامر غير الشرعية بشكل واضح . هذا لا يكفي، كما يقول الأديب علي عيسي، و يقتبس كلامه توم سيجيف، فالقضية تحتاج إلي مكان ما في دروس التاريخ، وليس فقط في دروس المواطنة. وتقول المتحدثة باسم وزارة التعليم: المذبحة والقضية التي جاءت في أعقابها أصبحتا حجر الأساس في الوعي القومي للمجتمع الإسرائيلي و غرزت في قلب أجيال من القادة و الجنود في جيش الدفاع الإسرائيلي الحدود الأخلاقية و التي ينبغي العمل وفقا لها . و يعلق سيجيف علي كلامها قائلا:
يعني، بكلمات أخري، لقد فهمنا الدرس. أنعم و أكرم. ليس بالضبط يا أستاذة. لقد تم حكي قصة هذا الفعل مرارا و تكرارا، في الصحف و الكتب و الأفلام، و تبلور أيضا رد علي سؤال عن سبب قتل شرطة حرس الحدود لعشرات من سكان القرية: لا، ليس فقط لأنهم لم ينصاعوا لأمر غير شرعي، و لكنهم أيضا لأنهم كانوا يكرهون العرب . يشرح جيش الدفاع الإسرائيلي لكثير من جنوده ما هو الأمر غير الشرعي. ولكن ليس كل الجنود يسمعون خلال خدمتهم بأن هناك أوامر يمتنع عليهم تنفيذها. يفعل جيش الدفاع الإسرائيلي ما في وسعه لأجل قمع أي حركة رافضة للخدمة العسكرية في الشمال. ويطلق الجنود النار علي السكان الفلسطينيين كجزء من العادات اليومية للاحتلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح