الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغامرات لجمن بين العراق وجزيرة العرب

قيس كاظم الجنابي

2023 / 10 / 3
الادب والفن


-1-

في كتاب(مغامرات لجمن في العراق والجزيرة العربية 1908-1920) تأليف الرائد: ن. براي(الحاكم السياسي لكربلاء) وترجمة سليم طه التكريتي ،وإصدار دار واسط للدراسات والنشر والتوزيع ، بغداد 1990م، طبع الدار العربية، ثمة محاولة من براي أحد ضباط الجيش البريطاني في العراق لتوثيق جهود لجمن، الذي قتل في ثورة العشرين 1920م، وكان حينها حاكم أبي غريب السياسي، برتبة كولونيل (عقيد)،ويعني مصطلح حاكم سياسي آنذاك في الجيش البريطاني ،الحاكم المدني(أو ضابط استخبارات)؛ فهؤلاء الضباط كانوا في الغالب من الرحالة المدربين تدريباً خاصاً على التعامل مع السكان المدنيين، ولديهم علاقات مع شيوخ العشائر، ولديهم خبرة عالية في فهم عقلية السكان ورسم الخرائط ومعرفة الطرق والمسالك وتوفير الخطط، فضلاً عن كونهم ضباط استخبارات في الوقت نفسه؛ ويعد لجمن صنواً للمس بيل في حركتها اللولبية بين القبائل والبلدان، ومن المغامرين الكبار الذين جابوا الهند والعراق والشام وجزيرة العرب، وكان سريع الحركة والتنقل ؛فكان مع المس بيل هما الثنائي لاحتلال العراق والتخطيط له.
قتل لجمن فجأة وترك بعض الأوراق واليوميات والمغامرات، وقد عمد براي الى جمع وتوثيق دوره الكبير في التمهيد لاحتلال العراق، وكان براي كثيراً ما يشير الى (يوميات) لجمن، فيقول:" فالتدوين الموجز الذي كتبه في يومياته في اليوم التالي كان يوفر أحد الأمثلة الذي يقول" البرودة أفضل لكن الطبع سيء للعادة !!" ولذلك فلم يكن هنا من يستطيع أن يدرك تماماً ،العادة الخاصة".[ص20/ دار واسط 1990]وكذلك يشير المؤلف الى أن لجمن كتب "في يومياته عن(صون) يقول "بأنه رجل ذو موهبة أعظم"، وعن "ولسون" بأنه أعظمهم اذا قيست العظمة بالعمل الذي سوف ينهض به".[ص32]وتضم هذه اليوميات تعد نصاً مرجعياً مهماً في تعقب رحلات لجمن وحركته المستمرة بين ايران وجزيرة العرب والشام والعراق لتحقيق انتصار بريطانيا على الدولة العثمانية.
-2-
اتسمت شخصية لجمن بالقلق والتهور، وعدم احترام الآخرين والغرور والاندفاع السريع، وسرعة الحركة على ظهور الخيل والجمال في الصحراء، لاستباق الحدث وتحقيق الأهداف، وذلك لتدريبه العالي، وقرب شخصيته من شخصية لورنس العرب؛ فهو كعسكري يمتلك القدرة على المناورة واتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب ،وهو يتصرف بطريقة تمثيلية يظهر ما يراه مناسباً، لهذا قال عنه(براي):" لقد ذكرنا في بداية هذا التاريخ ان لجمن كان ممثلاً فاخراً، يستطيع أن يتظاهر بالغضب، وبالتفاهة، والسكر بصفة طبيعية، بحيث ينخدع بذلك أقرب المقربين من أصدقائه. فضلاً عن ذلك فانه كان يستطيع ان يمثل أحداً من الأدوار لمدة طويلة، على الرغم من شدتها، وان يحافظ عليها كاملة، الى أن تحين الضرورة للافتراض بأن تلك الحاجة قد انتفت".[ص130]
ويمكن ان تعد رواية (براي) عن مقتل لجمن عام 1920م، هي الاصح، على كثرة ما قيل فيها، وان الشيخ ضاري قتله ثأراً لكرامته، وليس عملاً بطولياً يتعلق بالثورة التي امتدت من دير الزور وتلعفر الى الرميثة، يروي(براي) ان لجمن اصطحب معه خادماً يدعى (حسن)،وكان يقود سيارته سائق عربي ،وفي الساعة الثانية والنصف التقى بالشيخ ضاري رئيس زوبع في (خان النقطة)، كما تم الاتفاق على ذلك، ثم يشير الى ان "رجال العشائر المتطرفين قرروا أن يضعوا نهاية لوجود الحكومة، ولذلك تخلوا عن أعمالهم ،وانطلقوا بأسلحتهم. فسادت الفوضى في المناطق التي كان لجمن عليها.
"كان شيخ ضاري وولداه سليمان وخميس وأحد العبيد ينتظرون لجمن في "خان النقطة"، حيث كان يوجد هناك أيضاً أحد الضباط الشبانة[الشرطة] مع عشرة أنفار منهم. دخل لجمن الخان مع شيخ ضاري وجلس معه في أحد الغرف يتحدثان عن الشؤون العشائرية"[ص224]
وحين وصلت الأخبار بأن أحد الاعراب على طريق بغداد – رمادي قد سلبوا المارة وانتزعوا منهم أموالهم؛ وكان زعماء قبيلة الدليم قد صرّحوا الى لجمن قبل الاحتلال البريطاني للعراق وبعده، بوجود مثل هذا النشاط ضدهم من قبل عشيرة زوبع، ولعل السبب كما يبدو هو أن زعيم الدليم (عِلي السليمان) يعتبر المنطقة من بغداد الى دير الزور هي منطقة نفوذه ونفوذ قبيلته، ولكن الشيخ ضاري المحمود وعشيرته زوبع يرفضون منطق الوصاية والهيمنة، كما أن القبائل العراقية في العهد العثماني كانت تحصل على أتاوات(خاوات/الخوة) من المارة ومن العشائر الصغيرة، فان لم يعطوهم تقوم بانتزاع ما يحملونه من الأموال والمواشي والحاجيات؛ فلما وصلت الأخبار الى لجمن، في وقت وجود ضاري المحمود معه في خان النقطة، كما يبدو انه تجاوز عليه بالكلام، وكانت أخبار الثوار في الرميثة اليه ربما وصلت اليه رسالة من السيد الحائري كما وصلت الى الحاج عاصي العويف في جرف الصخر على ضفة الفرات اليمنى بمواجهة عشيرة زوبع تقريباً من جهة الصحراء الممتدة الى الشام، فكان ضاري ربما خامره اعتقاد بزوال الاحتلال البريطاني الوشيك، فرأى انه من المناسب اعلان الثورة، وخصوصاً أهمية موقع خان النقطة المهم على بغداد، كما كانت تلعفر قد تململت في تلك الأيام، ولأن زوبع تعود بأصولها الى قبيلة شمر الكبيرة التي كانت موالية للعثمانيين وكانت لها امارة في حائل ثم زالت بسبب تدخلات بريطانيا بالمنطقة العربية، وهي على خلاف مع قبيلة عنزة حليفة قبيلة الدليم، فقد رأى الشيخ ضاري قتل لجمن هو ايقاد لشرارة الثورة في هذه المنطقة الحساسة ،ولأن الشبانة (الشرطة المحلية) التي أعقبت العثمانيين كانت ضعيفة وموصوفة بالتعاون مع المحتل، فإنها كانت عاجزة عن حماية الطرق، لهذا طلب الشيخ ضاري من لجمن ارسال الشبانة معه لإلقاء القبض على السلابة، تخلصاً من الموقف الحرج هذا، ولكن يبدو انه لم يحصل شيء، وقد اشترط الشيخ ضاري ان لا يذهب الشبانة أكثر ميلين فيما وراء الخان، ولربما تحسب ضاري الى ما يضمره لجمن من مكيدة في سجنه أو قتله، ولما اختلى بلجمن مع ابنيه سليمان وخميس "أطلقت النار عليه في ظهره فسقط على الأرض، حيث سأل ضاري لماذا أطلق النار عليه وهو لم يكن قد أصابه بأي أذى؟ غير ان ضاري ما لبث بعد ذلك ان استل سيفه وقتل به لجمن، ثم أقدم القتلة على قتل سائق السيارة وتعقبوا الخادم "حسن" الذي حاول الهرب فقتلوه".[ص225]
كتبت المس بيل في رسالة لها بتاريخ 16/آب/ 1920م، تقول: "وقف الكولونيل ليجن في مخيم شيخ زربع حينما كان في طريقه الى الفلوجة، فاهان بلهجة عنيفة جداً لكونه لم يحافظ على سلامة الطريق. وكان الكولونيل يستعمل على الدوام لغة غير مهذبة مع العرب، وكان الشيخ يحقد عليه كثيراً لهذا السبب. أضف الى ذلك ان ضاري كان حقوداً محباً للانتقام. ثم ترك ليجمن مخيم الشيخ لوحده ، فنصب له عبيد ضاري كميناً وقتلوه. وقد كان ليجمن جندياً متهوراً أناط مصائده بكف الغدر، لكنه كان ضابطاً باسلاً اشتهر صيته في الجزيرة العربية كلها.[رسائل المس بيل، العراق في رسائل المس بيل 1917-1926، ترجمة جعفر خياط، الدار العربية للموسوعات، بيروت 1424هـ/ 2003م/ ص 187]
لقد حاولت المس بيل تذويب النزعة الوطنية لدى الشيخ ضاري، وتحدثت عن ذلك من دون ان تراه، مع ان الرائد براي الذي كتب عنه كتاباً، لم يفعل ذلك، فقد جعلت مقتل لجمن ثأراً شخصياً، لأنها كانت زميلة لجمن وصنوه في رحلاته الى العراق والجزيرة وفي زيارة الشيخين فهد الهذال وعِلي السليمان اللذين اتفقا معها قبل الاحتلال على مساندة بريطانيا ضد العثمانيين.
ومن هذا المنطلق ذكرت المس بيل في بعض رسائلها وأشارت الى أن لجمن قد توقف عند خيام شيخ زوبع، وهو في طريقه الى الفلوجة، وقد اساء لجمن معاملة الشيخ ضاري بعبارات عنيفة لأنه لم يحافظ على سلامة الطريق، وكان قد اعتاد دوماً ان يستعمل عبارات غير موقرة في مخاطبة العرب، وفي لغتهم العربية ذاتها، وكان للشيخ ضاري شكاوي ضده، وان الشيخ ضاري يتسم بالحقد، وكأنها تريد من أبناء البلد المحتل ان يكونوا خدماً لها وله، وهم يسمون من يقاوم الاحتلال متطرفاً. ثم استدركت بان "فتوح" دليلها وجاسوسها منذ عام 1910 وما بعدها ،وهو مسيحي من حلب، في شهر أيار الماضي قال لها يأن لجمن سوف يقتل، وانها أبلغت ارنولد ولسن بذلك.
وبالرغم من احتمال صدق نوايا المس بيل في هذه الحكاية وخصوصاً حول لجمن ومعلومات فتوح ، الا ان الشيخ ضاري لم يبق شاهداً حضر مقتل لجمن الا وقتله فمن أين للمس بيل بهذه التصورات؟
والاجابة واضحة انها تتصرف وتكتب في رسائلها بصورة عدوانية وحاقدة ضد شيوخ العشائر العراقية، وتعد نفسها صانعة العروش لملوك العرب في العراق ونجد، وهي غير دقيقة تماماً، ولكن يبدو ان ولسن كان متقصداً في استمرار لجمن في عمله، لما في وجوده من إيجابيات تخدم الاحتلال البريطاني. فواجهوا العنيد لجمن بالعنيد ضاري، وقد اثارت زوبع بعض القلاقل للدولة العثمانية سابقاً. فخلال سنة 1819م قصد الكتخدا زوبع ،ومن بقي من عشائر البو عيسى، اذ انهم كانوا متفقين مع الدليم الا انهم انحازوا الى جانب، فلما لم يؤدوا الميري، تيقنوا بالخطر، فتركوا ديارهم ونجوا الى الفيافي ،وان تعهد البوعيسى والجميلة ببعض النفوذ بسبب انفصالهم. وطلبوا العفو ومن ثم فوض بعض من باشر التحصيل منهم. [تاريخ العراق بين احتلالين،6/264].
وبعد مقتل لجمن هرب ضاري الى كربلاء، وانضم الى الثوار ماراً بجرف الصخر بعد ان عبر نهر الفرات، من جهة اليوسفية، فصار أول الأمر ضيفاً على الحاج عاصي العويف وابنه خضير اللذين انضما الى الثورة، حيث التحق بالثورة من جهة كربلاء.
3
كانت للرائد(براي) وللكولونيل لجمن في تدوين رحلاتهما ويومياتهما حول الجزيرة العربية والعراق مصادر مهمة في الغالب هي مدونات ومرجعيات عديدة مثل معجم لوريمر والوا موسيل الذي كان عميل مخابرات اختصاصي بفهد الهذال وابن رشيد، والصراع بينهما، كما كان له اطلاع على كتابات بُلنت ونولده وهوبر والكسندر ، حيث يقوم الأخير بالعلاجات الطبية والتبشير المسيحي في أصقاع الجبال؛ فضلاً عن مصادره مما كان ينشر في الجريدة الجغرافية التي تصدرها الجمعية الجغرافية الملكية وكذلك أفادته من مكفرسون وما كتبه في صحيفة آسيا الصغرى. والرحالة بركهارت، مشيراً الى ان لجمن قطع "طريق الحج بين بغداد ومكة ،والمعروف باسم "درب زبيدة" وهو ذات الطريق الذي قطعته "بُلنت" في سنة 1879،و"هوبر" في سنة 1881، حين سافرا من حايل الى بغداد، وإذ غادرنا "النفوذ" في اليوم الرابع من "الحزول" فقط هبطنا في منخفض تقع فيه آبار "لينا".."[ص113]هذا الى الجانب زمالته للمس بيل ،والجنرال(هاري بروكنغ) ويوميات(الهربروس) فحين تقابلا قفز واقفاً على قدميه، وحياه، وطلب ان يصافحه؛ وهو يشير ان الرحالة الجيكوسلوفاكي الذي جاء بتكليف من النمسا، كان بين الجواسيس الالمان والنمساويين الذي يعدون العدة للسيطرة على الصحراء وقت الحرب ،وهذا يعني ان لجمن لا يخلو من ترسبات دينية تبشيرية ، الا انه أضمرها لتحقيق حلم بريطانيا في اسقاط الدولة العثمانية، ووضع العراق تحت سيطرتها.
لقد وفرت المصادر السابقة للنفوذ البريطاني أرضية واسعة لاجتياز الزمن المناسب لاحتلال العراق ، الذي كان من أولويات بريطانيا، بعد الهند، وأولويات لجمن، أما الشام وبلاد فارس والبلدان الأخرى، فهي في أولويات تالية. فكان يتنقل بين كربلاء الى مضارب بني حسن قرب شفاثة وأبي صخير ،وشمر في سنجار، والمعدان، والنجف، فكان يخشى فيما يسميهم بـ(المتطرفين الشيعة) فيحاول قدر الإمكان إخفاء دينه المسيحي ،وكان قد زار بغداد عام 1910م، وكان يسابق الريح من أجل الفوز بتنفيذ مهمته. وخصوصاً بعد ان أحرزت المانيا قصب السبق في الاستحواذ على مصالح مهمة بالاتفاق مع الدولة العثمانية؛ فكانت مهمة لجمن هائلة لإبعاد المانيا عن المشهد، وكان لجمن قد دخل قائمة العملاء كمغامر فرد وغير مسلح سوى تسليح ضعيف. ففي (بوشهر) كان القنصل الألماني يحاول تحجيم دور لجمن والقاء القبض عليه ؛ بعد أن عمل الجواسيس الالمان "على حمل القبائل العربية على مقاومة الحركات البريطانية. لقد عمل هؤلاء الجواسيس الالمان بعناية، وشاركوا في العمليات النشطة ،والمعادية لبريطانيا.
لقد كان العرب يغيرون مثل أسراب الذباب على أجنحة القوات البريطانية ، فلا يضيعون أية فرصة للنهب"[ص134]؛ وان كان حصار الكوت من أروع الصور في مجابهة الاحتلال البريطاني للعراق ،مما أدى الى استسلام القوات البريطانية ،ولكنها أعادت الكرة ثانية، وكان للجمن أثر كبير في اخضاع القبائل العربية ونقل المعلومات ، حتى انه هاجم قافلة من رجل (عقيل) تحمل بعض السلع للعثمانيين، ثم عاد الى بغداد مسروراً ، لكن عطية أبو كلل ثار وقتل الضابط السياسي في النجف وهرب الى الحويجة ، حيث تقطن قبيلة العبيد.
-4-
لا نستطيع ان نهمل دور لجمن في جزيرة العرب، ومعرفته بمسالكها ومصادر المياه فيها، والحركة بين العراق وبينها، من جهة قبيلة عنزة في النخيب ،وصحراء كربلاء، ومن جهة صحراء السماوة في اقناع القبائل لمساعدة بريطانيا في احتلال العراق، ووقوفهم معها بعده؛ لهذا اهتم بدور قبيلة عقيل في التحرك بين العراق وجزيرة العرب، فقد كان يطلق على اسم عقيل على القبائل المتواجدة في أواسط الجزيرة العربية والقصيم "الذين يشتغلون بتجارة الابل ،والخيل، ويتاجرون بين الكويت، وبغداد، ودمشق، ومصر ومهما كان الاسم الحقيقي الذي يستعمل، فالواقع ان أفراد عقيل في مقدورهم ان يجتازوا خلال الجزء الشمالي كله من الجزيرة العربية من دون ان يخافوا غارات طوائف البدو"[ص107]؛ كما كان لجمن يتصل بابن رشيد أمير شمر في حائل لثنيه عن موقفه في مساندة العثمانيين ،وإيجاد أرضية مشتركة بينه وبين فهد الهذال ،ولكنه فشل لتعنت ابن رشيد؛ لهذا عندما ضعفت الدولة العثمانية، اجتاح عبد العزيز بن سعود حائل، وأخضعها لنفوذه، فاضطرت بعض بطون شمر الى الهجرة الى العراق والشام ،وكانت رحلات لجمن بين الزبير ونجد، وبين أواسط الجزيرة العربية تثير الاستغراب على سرعة نشاطه واستمرار حركته، وقد وصف نجد بانها تنقسم الى قسمين كبيرين" فالجزء الشمالي من امارة "شمر" أو مملكتها، يقع في البدء عائلة ابن رشيد ،وهو عضو كان يعمل في الأيام السابقة، حاكماً لهذه المناطق، وكان تابعاً لمملكته "ابن سعود"...".[ص114]
ويشير الرائد(براي) الى ما تحدث عنه (خضر بن عباس) رفيق لجمن في رحلته الى الجزيرة في سنة 1910م وجاسوسه خلال الفترة 1917-1920، الى ان لجمن كان "حاد المزاج بصفة خاصة إزاء أولئك الذين كانوا يظهرون ميولاً معادية للبريطانيين ، في حين كان ينظر بمنتهى الاحترام الى أولئك أصدقاء حكومته، ويتجاوز عن أخطائهم".[ص156]
لقد اعتاد لجمن على التخفي وعدم اظهار شخصيته لأحد، وكان يتمظهر بزي بدوي من الصحراء ،ويهتم بـ(الصليب) وهم غجر الصحراء(البدو) وفي أصولهم خلاف كبير، والعرب يسمونهم(الصُلبَة)،وهم يحترفون الصناعات التقليدية التي يحتاجها البدو، كالحدادة وصناعة الخناجر ودلالة المسافرين في العمق الصحراوي مثل الربع الخالي، وكان الرحالة يستفيدون من خدماتهم تلك، حتى وصفهم لجمن بأنهم "احد فروع النور في الصحراء"، وكذلك فعل مع قبائل المعدان بريف العراق، فقال:" كنت خلال رحلتي التقي على الدوام بنفر من أولئك الناس العجيبين "الصليب" الذين لا يعرف عنهم سوى النزر اليسير. انها لحقيقة مدهشة، ان نجد العرب يبدون المزيد من الاهتمام بأصول هؤلاء "الصليب" وبمزاياهم، ولكنهم يجهلون كل ذلك مثلهم في ذلك مثل الاوربيين. لقد سمعت العرب يسألون الصليب عن دينهم ، كما لو كانوا من المسيحيين، لكنهم لا يتلقون منهم الا ذلك الانكار الي ينم عن السخط الشديد!".[ص61]
ثم يشير الى أنّ "الصليب" يمقتون الاقتراب من البدو الذين يستولون على مواشيهم ودوابهم، وثمة من يعتقد بانحدارهم من الصليبيين، وان الاسم يعني الصليب رمز المسيحيين، ويجهل الصليب انفسهم أصلهم ،ولكن البدو مغرمون بالادعاء بأنهم ينتمون الى الإنكليز. وفي الغالب يهتم الرحالة بما هو غريب ومثير ومقلق، لكي يثبت من خلاله الى صحة أفكاره ورؤاه، وتسجيلها في رحلته حتى تكون مثيرة، ولان الرحالة الأوربي باحث عن الجانب الغرائبي في بيئة غريبة، سمع عنها الكثير من الحكايات ، هذا فضلاً عن مهام لجمن ذاته الاستخباراتية ومنهجه في بسط سيطرة بريطانيا على مقدرات الشرق الأوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أعظم لقطات السينما المصرية صورها سعيد الشيمي ??


.. إزاي تصور جوه الأتوبيس بكاميرا سينما.. مهمة مش سهلة خالص ??




.. كل الزوايا -ليلة في حب سيدة المسرح العربي .. تكريم الفنانة س


.. وائل شوقي.. الفنان المصري -العبقري- يبهر جمهور بينالي فينيسي




.. ستايل توك مع شيرين حمدي - لقاء مع الفنانة علا رشدي وحديث خاص