الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمير الأسود

خالد العلوي

2023 / 10 / 3
الادب والفن


لدى الموت الكثير من الأسلحة التي بوسعها أن تحصد حياتنا بالشكل المطلوب، فبوسعه أن يحصد حياتنا مادياً وبوسعه أن يحصدها معنوياً ، وبوسعه ألا ينتظر موسم الحصاد، وأن يتجاوز كل تلك الأسلحة النفسية والجسدية ، وأن يلقي بنا ، في أقرب مقبرة ، بمنتهى السهولة ، لكنه لا يفعل ذلك، لأنه وعلى خلافنا نحن البشر، يملك الكثير من الوقت ، والكثير من الفراغ !
الموت يريد أن يتسلى ، يريد للوقت أن يمضي ، للفراغ أن يذوي . يريد أن يَكسُرَ ملل أيامه التي لا تنتهي، يريد من أسلحته الكثيرة ، أن تنتج وفياتٍ مثيرة، ويريد من أيامه الوفيرة، أن تُسفرَ عن أحداثٍ خطيرة، تكسر روتينه المعتاد، وترفع منسوب الأدرينالين في دمه الأسود.
الموتُ أميرٌ أسودٌ ، أُرسل للحياة ليقتل الحياة ، ولأن القتل مهنته، قرر ألا يقتلها بالطرق السهلة بل بالطرق الصعبة ، لذلك راح يقتلها كما يقتل وحوش ، ويضربها كما يضرب أعداء ، ويستهدفها كما يستهدف الذئب قطعان الماعز.
هو لا يملك أسباباً للقتل ، لكنه يملك الوقت . هو لا يملك من يمنعه عن القتل ، لكنه يملك الغريزة ، لذلك يستحدث كل يوم طريقةٍ جديدةٍ للقتل ، فبعد أن جرب طرق القتل المباشرة ، يجرب اليوم طرق القتل غير المباشرة كـ القتل عن طريق البنوك ، أو الإعلام ، أو الشرطة أو الجيش أو المخابرات أو عن طريق دعم التيارات السياسية ، أو عن طريق زعزعة الأمن والاستقرار ، أو عن طريق بث الفتنة ، أو عن طريق تغذية الطائفية والقبلية ، أو عن طريق الدين!
الأمير الأسود ، يعلم أننا لسنا جيشاً ،كما يعلم أيضاً، أننا لسنا غزاة، لكنه على أية حال، يقتلنا، لأنه يرانا جيشاً من الغزاة ، هو يتخيل أشياء شريرة عنا ، لا وجود لها إلا في مخيلته ، أشياء تعطيه الحق في قتلنا ، والوصول إلى أرواحنا وأجسادنا في أية لحظة ، هو يعلم أننا لا نملك درعاً أو رمحاً ، يعلم أننا لا نستطيع أن نحاربه لأنه الأقوى ، أو نتحداه لأنه الأدهى ، أو نسلط سيوفنا عليه لأنه الأكفأ ، لكن ولأنه قاتل أعمى، راح يقتل الأدنى والأسمى ، حتى أنه من فرط عماه ، تخيّل ابني الصغير ، وحشاً عملاقاً ، فأطفأ نوره ، قبل أن يتم الرابعة عشر من عمره ! لماذا....؟ فقط ليكون لظلامه معنى..!
الأمير الأسود ، يحصل على متعته الخاصة في نهاية المطاف ، ولما لا ، فاللعبة مسلية، والأمير يملك الكثير من الوقت، والكثير من الأسلحة. هو يتقن قواعد اللعبة جيداً ، ولأن القتل لعبته ، هو يريد للعبة أن تكون أكثر لذة وإثارة ، لذلك هو يتعجّل في قتل الأخيار، ويتمهّل في قتل الأشرار ، لأنه يعلم أن هذه اللعبة، أن هذه الإثارة ، أن هذه اللذة، هي كل ما تبقى لديه من ضروب النشوة والتسلية.

30-9-2023
كاتب عماني
مقيم في دولة الكويت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د


.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل




.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف


.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس




.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام