الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتفاق التطبيع القادم بين الكيان الصهيوني والسعودية -أمني- بامتياز والسلطة الفلسطينية تلعب دول - المحلل- للصفقة

عليان عليان

2023 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


بداية وقبل الحديث عن موضوع التطبيع العلني بين الكيان الصهيوني والنظام السعودي الذي يجري طبخه على نار هادئة هذه الأيام ، لا بد من التأكيد على أن العلاقة بين الكيان والنظام السعودي ، تعود إلى عدة عقود في السياق العلني غير الرسمي ، وليس تحت الطاولة ، كما يرد بعض المحللين في تناولهم لمفاوضات التطبيع الرسمي ، وأن ولي العهد السعودي أمتلك جرأة غير مسبوقة ، لنقل التطبيع إلى الحالة العلنية الرسمية ، ليس على النحو الذي كان سائداً في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، والذي تمثل في مشاركات قيادات أمنية سعودية ،مع نظيراتها الصهيونية في حوارات سياسية وأمنية علنية في واشنطن.
أول رقص حنجلة : تطبيع علني غير سمي
وبصدد التطبيع العلني غير الرسمي ،نشير إلى بعض الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر:
1--زيارة وفد تجاري من مائة رجل أعمال سعودي إلى الكيان الصهيوني عام 2016 برئاسة الجنرال السعودي السابق أنور عشقي ،عبر طائرة انتقلت مباشرة من الرياض إلى مطار بن غوريون ( اللد) لعقد صفقات تجارية مع رجال أعمال صهاينة.
2-استثمارات سعودية في الكيان الصهيوني بإدارة " جاريد كاشنر" -مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب - وحسب صحيفة" وول ستريت جورنال، الأمريكية في 7 مايو ( أيار) 2022 ، فإن "كاشنر "، ،عمل على استثمار ملياري دولار من صندوق الثروة السيادية للملكة السعودية في شركات ناشئة إسرائيلية.
3- موافقة الرياض على السماح للطائرات التجارية الإسرائيلية بالمرور عبر الأجواء السعودي في 15 يوليو ( تموز ) 2022 وهو مؤشر جديد على الانفتاح السعودي على (إسرائيل) التي سبق أن وصفها ولي العهد السعودي بأنها "حليف محتمل".
4-وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشف الإعلام السعودي، عن اجتماع رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال غادي آيزنكوت في الولايات المتحدة ، مع رؤساء أركان الجيوش بالسعودية والبحرين ومصر والأردن ، كما أنه وفي إطار تطوير العلاقات التجارية بين (إسرائيل) والسعودية بالمستقبل، أعلن وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس في يونيو/حزيران الماضي، اعتزام الحكومة التسويق لخطة "سكك حديد السلام" لربط شبكة القطارات الإسرائيلية بالسعودية عبر الأردن.


ولي العهد السعودي والسلام الاقتصادي
لقد اتخذ ولي العهد السعودي مبكراً ، خطوة جريئة بتجاوز "مبادرة السلام العربية" عملياً عندما طرح " السلام الاقتصادي بديلاً لها عام 2017 ، ولا يغير من واقع هذه الخطوة التصريحات التكتيكية السعودية ، التي تصدر بين الحين والآخر التي تتحدث عن شرطها للتطبيع الرسمي ،ممثلاً بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية.
فالسلام الاقتصادي كحل للقضية الفلسطينية ،لم يطرحه محمد بن سلمان فقط في مفاوضات التطبيع الجارية مع الكيان الصهيوني الآن بإشراف أمريكي ، بل جرى التوافق عليه مع مستشار الرئيس الأمريكي " جاريد كاشنر " في لقائهما في الرياض على هامش زيارة الرئيس الأمريكي السابق" دونالد ترامب" ، عام 2017 ، والذي جرى فيه استعراض مختلف العناوين لصفقة القرن ، كما نظم من أجله مؤتمر البحرين الاقتصادي في 25 حزيران ( يونيو ) 2019 لتوفير المال اللازم لإنجازه.
في تلك الفترة استدعى ولي العهد السعودي ، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الرياض، ليبلغه رسالة محددة مفادها "الموافقة على عناوين صفقة القرن أو مواجهة خيار العزل" ، وبعدها بفترة قصيرة التقى بن سلمان زعماء يهود في الرياض وأبلغهم بما يلي :" قلت لأبو مازن إن القطار غادر المحطة، وإذا أردت اللحاق به فاصعد"
وما يجب قوله بجرأة قبل الولوج في السياق التطبيعي الراهن، أن ما تسمى " بمبادرة السلام العربية " التي سبق وأن طرحها الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز وجرى إقرارها في قمة بيروت عام 2002 ،كانت هي الغلاف الرئيسي لكتاب التطبيع والتي استثمرتها الأنظمة الرجعية ، للولوج في اتفاقيات التطبيع الإبراهيمية ، بزعم أن هذه الاتفاقيات تساهم في اقناع ( إسرائيل) بتلبية الحقوق الوطنية الفلسطينية .

السعودية ونقل التطبيع إلى السياق العلني الرسمي
لقد لعب نظام محمد بن سلمان دور العراب ، لاتفاقيات التطبيع الإبراهيمية ابتداءً من الإمارات مروراُ بالبحرين والسودان وصولاً إلى دولة المغرب العربي ، وها هو الآن يلج رويداً رويداً في مستنقع التطبيع العلني الرسمي ، عبر اتصالات ثلاثية أمريكية إسرائيلية سعودية ، عبر عنها رئيس وزراء العدو نتنياهو ، في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة بقوله " أن التطبيع السعودي مع (إسرائيل) بات قريباً جدا" متبجحاً بخارطة الشرق الأوسط الجديد الذي يضم عدة دول عربية ( الإمارات ، البحرين ، والسودان ، المغرب ، ومصر والأردن والسعودية) ما يؤدي إلى عزل الجانب الفلسطيني والضغط عليه للقبول بالسلام الاقتصادي .
لقد بات معلوماً أن الموضوع الفلسطيني ليس هو العنوان الرئيسي لمفاوضات التطبيع الرسمية ، وأن معالجته تتم فقط في سياق السلام الاقتصادي ، وباتت زيارات الوزراء الصهاينة للرياض أمراً عادياً ، مثل زيارة وزير السياحة "حاييم كاتس" ووزير الاتصالات "شلومي كرعي " للمشاركة في مؤتمرات دولية ،وبات معلوماً أن السعودية تركز فقط على مصالحها ومطالبها في صفقة التطبيع ، والمطلب السعودي يتمثل في السياق الأمني فقط عبر بندين هما :
1-أن توافق الإدارة الأمريكية على توقيع معاهدة أمنية مع السعودية ، تضمن بموجبها حماية واستمرار نظام " محمد بن سلمان" وتزويد الرياض بما يلزمها من أسلحة وتكنولوجيا متطورة .
2- المطلب الثاني أن توافق الإدارة الأمريكية ،على بناء مفاعل نووي في السعودية ، بحيث يتم تخصيب اليورانيوم تحت إشراف أمريكي ، وعلى نفس الطريقة التي أدارت فيها الولايات المتحدة شركة أرامكو العملاقة في البداية.
ومطلب بن سلمان بشأن المعاهدة الأمنية ، سواء كتلك الموقعة مع ( إسرائيل ) أو اليابان أو بعض الدول الآسيوية ، لا تعكس خشيته من عدوان خارجي إيراني ، بل تعكس خشيته من إخراجه من معادلة الحكم في السعودية، في حال تماديه في مخاصمة الإدارة الأمريكية بحكم العلاقة البنيوية القديمة والمتجذرة بين مملكة آل سعود وبين الولايات المتحدة، وبحكم تغلغل واشنطن في المسامات الأمنية السعودية ، وعلاقاتها القديمة والمتجددة مع مراكز القوى السعودية ، خاصةً وأن بن سلمان يدرك أن حصوله على منصب ولي العهد في 21 يونيو ( حزيران) 2016 بناءً على أمر ملكي من الملك سلمان بن عبد العزيز ، وإعفاء محمد بن نايف من ولاية العهد، لم يتم دون موافقة ودعم أمريكيين ، وأن بوسع واشنطن تغيير معادلة الحكم مجدداً لتعود إلى السياق الرأسي، بدلاً من السياق الأفقي الذي مكن محمد بن سلمان من تولي ولاية العهد .
ورغم إن إدارة بايدن لا تعارض في إقامة مفاعل نووي سلمي في السعودية ، إلا أنها حتى اللحظة تواجه معارضة في الكونجرس الأمريكي ، ومعارضة من قبل الكيان الصهيوني لإدراكهما سهولة انتقال الجانب السلمي في عمل المفاعل إلى الجانب العسكري .
وفي مواجهة هذين المطلبين، قدمت الإدارة الأمريكية اشتراطا محدداً في أطار التفاوض على اتفاق التطبيع مع ( إسرائيل) وهو "أن لا يعطي بن سلمان ، الأفضلية في علاقاته الاقتصادية مع الصين وروسيا ، التي تعتبرهما واشنطن العدو الرئيسي لها ، وترى في الصين المنافس الاقتصادي البديل على الصعيد العالمي ، وهذا المطلب قد يخضع للمساومة والتطبيق في سياق تدريجي ، بحكم العلاقات الاقتصادية والتجارية المتجذرة مع الصين ، خاصةً بعد زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" للسعودية العام الماضي وتوقيعه لاتفاقات اقتصادية معها.


الموضوع الفلسطيني ورقة شكلية لتبرير التطبيع
وقد لفت انتباه المراقبين عدم طرح بن سلمان موضوع الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ، في مقابلته الصحفية مع قناة فوكس نيوز، في 23 سبتمبر الماضي، حين قال إن "حل المسألة الفلسطينية مهم جداً بالنسبة إلى المملكة " لكنه لم بفصح عن طبيعة الحل الذي تطالب به السعودية ، ولم يربط موضوع التطبيع مع (اسرائيل) بكلاشيه " الدولة الفلسطينية" الذي تختفي ورائه العديد من دول النظام العربي الرسمي ، ما يؤكد على أن ما يطرحه بن سلمان هو "السلام الاقتصادي" كحل للقضية للفلسطينية .
ووصلت الأمور به أن يعلن بأن التطبيع العلني الرسمي ، من حيث تبادل السفراء وتوثيق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، سيتم في الربع الأول من العام القادم ، متقاطعاً بذلك مع تصريحات نتنياهو، بأن التطبيع مع السعودية سيتم في وقت قريب ، ما يعني أنه تم تذليل معظم الصعوبات أمام التطبيع برعاية وضغوط أمريكية .
وفي مقابلة تلفزيونية نادرة لولي العهد السعودي في 20 سبتمبر الماضي ، ، أشارت إليها صحيفة " الإيكونميست" في تقرير لها بعنوان (اتفاق إسرائيلي سعودي قد يقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب) بتاريخ 25/ 9/ 2023 "بينت فيها المجلة، "أن الأمير محمد بن سلمان، لم يذكر فيها مبادرة السلام العربية، وأنه وبدلا من ذلك، قدم وعودا غامضة مثل منح الفلسطينيين احتياجاتهم ،والتأكيد من توفير حياة جيدة لهم، في الوقت الذي تتحدث الأطراف كلها عن صورة “شرق أوسط جديد” تربطه المواصلات والطاقة، حيث تتغلب الفرص الاقتصادية على الكراهية".
وهذا الرضوخ للإملاءات الأمريكية بشأن الإسراع في عملية التطبيع الرسمي ، يعكس مسألة محددة بأن تمرده على الإدارة الأمريكية حيال العديد من القضايا ، جاء من أجل تحسين شروط العلاقة مع واشنطن ،والتعامل معه من موقع الحليف، وليس من موقع التابع الذليل ، لكنه عندما أدرك خطورة تماديه في تحدي المطالب الأمريكية ، بدأ بإجراء استدارة في موقفه لمصلحة إدامة العلاقة الاستراتيجية معها ، مفضلاً مصلحته الشخصية كبقاء حاكم على مصلحة الوطن والشعب السعودي الرافض للتطبيع.
واللافت للنظر أن وزير الخارجية السعودي ، لم يتوقف عن الإدلاء بالتصريحات التي تربط التطبيع بإقامة الدولة الفلسطينية ، وهذه التصريحات مطلوبة في السياق التكتيكي ، لكسب الوقت وللتعمية على المفاوضات المستمرة بشأن صفقة التطبيع ، التي أسفرت – حسب جون كيربي – مستشار الرئيس الأمريكي جو بايدن - عن إطار عمل للتطبيع بين نظام بن سلمان والكيان الصهيوني ،غير أن السفير السعودي غير المقيم في رام الله نايف بن بندر السديري – وحسب التسريبات من مصادر موثوقة -بعد أن قدم أوراق اعتماده كسفير لدولة فلسطين ، أكد في لقائه مع الرئيس عباس على ضرورة أن يقبل بالسلام الاقتصادي في هذه المرحلة في سياق انتقالي جديد مدته ثلاث سنوات، يصار بعدها لطرح موضوع الدولة الفلسطينية ، ما يعني أن موافقة قيادة السلطة على هذا الطرح الخادع ، قبلت أن تلعب دور " المحلل" لاتفاق التطبيع السعودي الإسرائيلي، لاغتصاب الحقوق الفلسطينية ، بعد أن قدم لها السفير (175) مليون دولار كعربون لدورها " كمحلل" لصفقة التطبيع.
خطورة التطبيع الرسمي السعودي
وأخيراً يجب أن لا نقلل من خطورة تطبيع السعودية الرسمي ، والتي وصفه نتنياهو بانه " الجائزة" الكبرى ، نظراً لدور السعودي المركزي في المنطقة ، ولأنها تحتضن منظمة المؤتمر الإسلامي ، ناهيك أنها عضو هام في مجموعة العشرين ، ما يفسح المجال لفتح طريق التطبيع مع العديد من الدول الإسلامية ،مثل إندونيسيا وماليزيا وباكستان وغيرها وإلحاق أكبر الضرر بالقضية الفلسطينية ، ناهيك أن السعودية في إطار هذا التطبيع ستضخ عشرات المليارات للاستثمار في الكيان الصهيوني ، ما يمكن الكيان الصهيوني من التوسع في مشاريعه الاستيطانية في الضفة الغربية.
لكن هذا التطبيع الذي يفسح المجال لمشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي طرحه نتنياهو مؤخراً ، ليس قدراً بل قابل للإفشال عبر تصعيد المقاومة في فلسطين، وفي لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي ، على النحو الذي أفشلت فيه المقاومة اللبنانية مشروع الشرق الأوسط الذي جاهرت به وزيرة الخارجية الأمريكية " كونداليزا رايس" إبان حرب تموز ( يوليو) 2006 ، كما أن هذا التطبيع في السياق الشرق الأوسطي، يلقى معارضةً ومقاومة من الشعوب العربية ، بما فيها الشعب السعودي.
وأخيراً فإن الدول العربية المناهضة للتطبيع ، ودول محور المقاومة ، معنية بالتصدي لهذا المشروع ومفاعيله ، وتوظيف علاقاتها مع بقية الدول العربية والاسلامية لإفشال عملية التمدد التطبيعي ، كما يرتب على حركات مقاومة التطبيع في الدول العربية والاسلامية الارتقاء ببرامج مقاومتها للتطبيع، وإبقائه معلقاً في الجانب الرسمي ، كخطوة على طريق إفشاله .
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز