الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن تفرط السعودية بقيادة النظام العربي من اجل التطبيع

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2023 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لازال موضوع التطبيع السعودي الاسرائيلي يحتل مساحات واسعة من اهتمامات الساسة والمحللين والاعلاميين، لاعتبارات الاهمية الجيوسياسية الفائقة التي تتوقف تأثيراتها على تداعيات ونتائج هذه الخطوة الفارقة خاصة على المستوى الإقليمي وبدرجة اخص على مستوى الصراع مع اسرائيل وحماية الحقوق الوطنية الفلسطينية على الاقل كما حددتها قمة بيروت عام 2002.
ولفهم الشروط والأسباب السعودية التي من شأنها اغراء الرياض للذهاب بعيدا في هذه المغامرة، فإنه يجب التوقف سريعا أمام الرؤية السعودية التاريخية لدورها الإقليمي كما حددها لها ليس فقط موقعها الجغرافي ولا ما منحها الله من تلك المكانة الدينية في واحدة من اكبر الديانات السماوية، بل لأنها قوة اقتصادية صاعدة ومتمددة تلعب دورا اساسيا في مفهوم قوة الدولة وتحديد نطاقاتها الجيوسياسية المحمول تغيرها على متغير مفهوم نفوذ الدولة، الذي ان توفرت له قيادة سياسية واعية والتقطت فهم متطلبات تجسيد ذلك النفوذ وتوسيعه، فانها ستكسب معركة إعادة التموضع والتأثير في المحيطين الإقليمي والدولي، لا سيما وان الصراع على أوروبا وجزء من اسيا في كثير من نتائجه يتوقف على الانحيازات والاختيارات السعودية في علاقاتها بقوى الصراع على قيادة النظام الدولي.
وفي هذا الإطار لا بد من التأمل بعمق في فهم الدور الإقليمي للسعودية كما فهمته وجسدته القيادات السعودية المتعاقبة على قيادة المملكة لا نقول منذ تأسيسها في ثلاثينيات القرن الماضي بل يكفي الاشارة إلى ذلك متذ ان تحول النظام الاقليمي العربي إلى واقع ملموس في منتصف اربعينيات نفس القرن، وتحديدا منذ بدايات الصراع على قيادته منتصف الخمسينيات الماضية بين مجموعة دول القيادة فيه.
وحيث تذهب مختلف دراسات النظام العربي إلى الاتفاق على استقرار الصراع فيه وعلى قيادته بصورة واضحة بين كل من مصر وسوريا والعراق لأسباب لا يتسع المجال لسردها هنا من جهة، فانها تؤكد من الجهة الأخرى على أن السعودية قد لعبت في هذا السياق دور المرجح الحاسم لكفة هذا الطرف او ذاك تأييدا او معارضة، بل وفي كثير من الأحيان كان يتخذ هذا الدور انواع من خلق بؤر للتوتير والالهاء جعل منها لاعبا حاضرا في مختلف مراحل تطور حياة النظام الاقليمي العربي ومنافسا قويا على قيادته.
كما تجب الاشارة هنا الى ان السعودية التي كانت تلعب هذا الدور على صعيد النظام العربي كانت تواجه اشكاليات على صعيدي النظام الاقليمي الخليجي في مواجهة إيران والعراق ومجلس التعاون الخليجي من قبل كل من قطر بشكل مبكر ودولة الإمارات العربية لاحقا.
وهذه الاشارة تناولناها لكي نقول أن الدور السعودي في قيادة النظام العربي الذي آل اليها بعد سلسلة من التغيرات العميقة في الاقليم كخروج مصر من دائرة التأثير بعد اتفاقيات كامب ديفيد ثم العراق بعد حربي الخليج الاخيرتين وسوريا بعد أحداث الربيع العربي، تواجه تحديات جدية ليس فقط من قبل محيطها الإقليمي العربي بل من قبل دول الجوار في إيران وتركيا، اللتان تعدان إلى جانب إسرائيل وربما إثيوبيا لاحقا دول الطوق المناوئ والمنافس على قيادة المنطقة.
مما لا شك فيه ان القيادة السعودية تعي مثل هذه المخاطر وتعرف جيدا ان الثقل المصري كله لم يعد ذي وزن عندما تخلت مصر عن ابسط شروط القيادة الإقليمية المتمثلة بأخذ جدول اهتمامات الشارع العربي في الحسبان والذي كانت ولا زالت الحقوق الفلسطينية تعد جوهرهأ للمضي قدما في اتفاقياتها مع إسرائيل، كما تدرك جيدا ان منافسها الإقليمي القوي اي إيران سيجد في اي خطأ في التقديرات السعودية بعلاقتها مع إسرائيل نقطة أضعاف قاتلة لها ولدورها الإقليمي الذي قاتلت من أجله سنوات طويلة.
وفي هذا السياق يذهب بعض المراقبين للقول ان سبيل البحث عن الوسيلة الاسهل سعوديا للتوصل إلى اتفاقية تطبيع مع اسرائيل هو ان تلجأ للعب في المساحة الفلسطينة لاعتقاد - قد لا يكون دقيقا - انها المساحة الأكثر مرونة والضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بنتائج الحد الأدنى التي يمكن للمفاوض السعودي الحصول عليها من الجانبين الأمريكي والاسرائيلي.
مثل هذه الاراء والاعتقادات والتسرييات التي تولى الاعلام الاسرائيلي بدرجة أولى والأمريكي والبريطاني بدرجة ثانية الترويج لها تتنافى كليا مع الواقع التفاوضي للعربية السعودية التي لم تفتح أبواب الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الا بعد ان امتلكت مجموعة كبيرة من الخيارات والأوراق مع كل من موسكو وبكين وعملت على تبريد خطوط التماس مع طهران جعلتها في موقع القوة.

ولذا فان سلوكا سعوديا من قبيل البحث عن غطاء فلسطيني باي شكل من الاشكال لتمرير صفقة التطبيع -ان حصل- فإنه سيفوت على المملكة الفرصة التاريخية لقيادة النظام العربي، حيث يؤكد تاريخ دراسات الأنماط القيادية للنظم الفرعية للنظام الدولي فشل اي دولة في النجاح والاستمرار ان هي اختطت سياسات واختيارات تتنافى وجدول اهتمام شعوب تلك النظم.
والارجح في هذا السياق ان القيادة النوعية للامير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية سوف لن يغيب عن حساباتها مثل هذه الاعتبارات،ولن تفرط بفرصة قيادة النظام الاقليمي من اجل تطبيع لها عدة بدائل عنه، حيث أظهر الأمير السعودي في أكثر من مرة انه ولادة نمط قيادي مميز داخل المنطقة وانه يعمل على وضع بلاده في المكان الذي يجب أن تكون به وانه يسعى للقطع مع لعب دور الدولة الثانية او الثالثة ويضع السعودية على رأس قيادة النظام الاقليمي بلا منازع.
في المقابل فإنه أيضا لن يغيب عن القيادة الفلسطينية مثل هذه الحسابات، كما لن يغيب عنها ضرورة تصليب الموقف السعودي من خلال وضع الخطوط الحمراء التي لن ينزل دونها المزاج الشعبي الفلسطيني ولا حتى العربي للقبول باي اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، وأن اي استغلال خاطئ للوضع الفلسطيني من أجل تمرير اية صفقة لا تلبي الطموحات الفلسطينية سيلحق ضرر فادحا بالدور السعودي اولا والمنطقة ثاتيا وبالفلسطينيين ثالثا
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا