الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (4)

حسام تيمور

2023 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


بعد التلقيح،و بعد التطبيع، أين المجتمع الراقي و الراشد و الملقح ؟ لقد تحول الشعب حرفيا إلى بضاعة نخاسة تنتمي ممارساتيا إلى العصور الوسطى،و حتى الفئة التي كانت تظن نفسها محميّة و بمعزل عن مكر التوزيع و سوء التوزيع، بدأت تستشعر نوعا من الخطر أو القلق، ينعكس على تلك الملامح التي تكابر، و تكابر، بالمساحيق و التجميل، و الأوهام، لتخفي ارهاصات الهشاشة و الهوان، و كثير من المذلة و الخوف على المستقبل.. من المستقبل !
هنا تخضع ملامح الوجه لنوع من التفتّت الذاتي، الذي لا ينفع معه علاج، كونه نتاج ضغط ذاتي و موضوعي، و آخر قهري مُبهم، و معمّم على كل حال، بدرجات متفاوتة، هناك مع يعتبره جزءا من مؤامرة، و هناك من يعتبره لعنة الزمكان .. وهو الموصوف عامّة بلازمة العالم قبل و بعد كورونا.
وجوه كالحة و أبدان شارذة، صارت تشبه الأحذية الرياضية المستعملة، تكابر و تكابر، من اجل البقاء، او الاستمرار، او الحفاظ على اوهام كانت بالأمس، عيشا رغدا سهلا و هيّنا.
تلك الفئة المحظوظة، التي كان يعتبرها النظام و لم يعد للأسف، صمام أمان، يراهن عليه في وقت الشدائد، و كانت بالمقابل كذلك تعتبر النظام، صمام أمان، يحافظ على معادلات الانتاج و التوزيع التي صنعتها، و تعهدتها، عبر مراحل معينة، هي نفس الفئة التي تنتج زبناء للاسواق الممتازة، السياحة الداخلية، و التعليم الخاص، و المعاهد الخاصة، و تنتج كذلك شيئا من الأطر و المهندسين و الموظفين، و المتياسرين و التقدميين و الحداثويّين، و مومسات الاعلام، و المقاولات الصغرى و المتوسطة، و حرافيش الجمعيات و العمل الجمعوي، و هي ذالك الحجاب الذي يخفي بؤس الوطن، و هشاشته، كونها تحتفظ بوضع هجين، داخل البناء العام، بوصفها فئة و ليس "طبقة" .. فهي هناك و هناك، و في كل مكان، هناك حيث تمتص البؤس، و هناك حيث تلعق عرق السلطة و تمتص فضلاتها، و تتسول فتاتها !
في الأمس القريب، كانت هذه الفئات كذلك بمعزل عن دعارة السلطة بمعناها التقليدي،أي التسابق على اظهار حب الوطن، و الولاء و الموالاة، و الدفاع عن قضاياه الخاسرة، رغم انتمائها العضوي او غير المباشر للمنظومة، او احد اقانيمها، أو تقاطعات هذه الاقانيم مع بنية الانتاج و نسق المجتمع، بل كانت كما يمكن وصفها، امتدادا للتكنوقراطية، كمذهب للوجود و فلسفة في التدبير و الادارة.. بما لا يتعارض طبعا، مع شؤون "المنظومة" بشكل عام، و بما معناه، مادمت محظوظا مستفيدا من ظروف و سياقات معينة، لست مجبرا على الموالاة، لكن لا ينصح بالمعارضة، و لست مجبرا على التقليد، و انت حر في الحداثة، بشروط خفيفة و محاذير بسيطة.
بعد التلقيح و التطبيع، وجد ما يسمى ب "النظام" حلا آخر لادارة ما يسمى ب "الدولة"، هو منطق الماخور و المافيا، و رغم ان المنطق نفسه كان هو المحرك طبعا، بشكل مستتر، و ليس سافر، كما هو الحال اليوم ..
و هنا إذ تجد هذه الفئة نفسها اليوم، مجبرة على ممارسة نفس دعارة المسحوقين، و البلطجية، و الرعاع، لصالح السلطة، و ذلك بعرض خدماتها بنفس السعر، سعر المسحوقين، او مجانا، و على نفس الرصيف، رصيف البغاء الوثنيّ، و نفس الموّال، الوطنيّ، و السراط العفن، العبوديّ..
تقوم هذه الفئة باخراج اسوء مافيها، و استعارة الباقي، من باقي المسحوقين و المهمشين، كجواب مؤقت على سؤال الخوف و هاجس القلق.

"و ضربت عليهم الذلّة و المسكنة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة