الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة الشخصيات في رواية -إلا أنت- وفاء جميل العزة

رائد الحواري

2023 / 10 / 7
الادب والفن


لغة الشخصيات في رواية
"إلا أنت"
وفاء جميل العزة
لا شك أن موضوع الأسرى من الموضوعات المثيرة فلسطينيا وعربيا، لما يتعرضون له من أذية وما يلحق بهم من ظلم، فهم الفئة الأكثر تضحية، وأن يتم تناول قضيتهم روائيا فهذا يحسب للعمل ولكاتبه/كاتبته، اللافت في الرواية أنها تطرح موضوع الزواج من الأسرى المحكومون بأحكام عالية، وهذا يعد معضلة لأهل الفتاة وللفتاة نفسها التي عليها انتظار (معجزة) لخروج خطيبها من الأسر وممارسة حياتهم بطريقة سوية/عادية.
على أرض الواقع هناك أكثر من فتاة قبلت الاقتران بمثل هؤلاء الأسرى كما هو حال "منار وأسامة الأشقر، سناء ووليد دقة، وغيرهم، أما أدبيا فقد تناوله الأسير "سائد سلامة" في مجموعته القصصية "عطر الإرادة" في أكثر من قصة، وأن يأتي طرح الموضوع روائيا فهذا يعد سابقة أدبية.
من هنا فكرة الرواية مهمة وفريدة، كما أن لغة السرد التي منحتها الساردة للشخصيات بحيث كانت كل شخصية تتحدث كما تريد: "عايدة، مريم، عزيز، جليل، جمانة، أحمد، مها" ورغم أن الجزء الأكبر من السرد جاء من خلال "عايدة" ومتعلق بعزيز، إلا أنه حافظ على تعدد الرواة، وهذا منح السرد حرية وأراح القارئ الذي وجد الحدث من خلال أكثر من شخص.
إذن طريقة السرد تحسب للرواية/للكاتبة التي استطاعت إبعاد نفسها عن الأحداث وجعلت شخصياتها هي من ترويها.
السرد الروائي
وبما أن موضوع الرواية متعلق بالأسير الفلسطيني، إلا أن السارد/"مريم" تعمقت أكثر عندما تحدثت عن مشكلته التي ما زالت قائمة من اكثر من سبعين سنة بقولها: "الذكريات وجع الروح، والمكان يحتفظ بالذكريات، المكان أيضا له روح، أصعب شيء أن تعودي سائحة بجواز أردني لتزوري بيتك" ص73، واللافت في هذا الطرح انه تناول الفلسطيني بأكثر من حالة، المكان، الهجرة، الماضي، الحاضر، الاغتراب والغربة، الألم النفسي، وهذا ما يجعل "مريم" لا تتحدث من خارج الحدث، بل من واقعها كمشردة/مطرودة من وطنها، بمعنى أن الساردة استطاعت أن تتوحد مع شخصياتها مما جعلها تتحدث بصورة حقيقة/مقنعة للمتلقي.
وهذا الأمر نجده عند "عزيز" الذي وصف مشاعره بعد أن أنهى مكالمته مع حبيبته "عايدة" التي خاطبته قائلة: "أودعك يا عزيز بلا كلمات.. سامحني" ص52، بهذا المقطع: "ما إن انتهت محادثتي معها حتى نزعت عني كبريائي وأنهرت بالبكاء لم أبك في غرفة التعذيب" ص53، طريقة الحديث عن المشاعر/الإحساس من خلال الشخصية ذاتها أمر في غاية الصعوبة، فهو يحتاج من السارد/ة أن تنتقل بمشاعرها بين الشخصيات وتتقمصها، وهذا مرهق ومتعب لها، لكنه يخدم فكرة العمل ويجعله أكثر متعة وإقناعا، وهذا ما يحسب السرد الروائي عندما يتم توزيع السرد على الشخصيات بعيدا عن هيمنة السارد العليم المتحكم في كل ما يدور في عمله، فوصول الفكرة/المشاعر/الحدث من الشخص ذاته، يحسب للسارد الروائي الذي استطاع إيصال ما يريد بطريقة سلسة وراسخة في الوقت ذاته.
وإذا ما تقدمنا من "عايدة" سنجد مشاعرها الإنسانية تنبع من داخلها، تقول عما تمر به بعد أن تزوجت من "عاهد" وحسم امر ابتعادها عن "عزيز" واصفة ما تحس به في ليلتها الأولى مع زوجها بقولها: "لو كان عزيز مكانه لكنت ارتعشت من النشوى بمجرد النظر إلى عينيه، بمجرد أن يقول لي احبك، كنت انتظر منه معاملة قاسية لأبقى أحبك أنت يا عزيز، سامحني فعيون القدر تلعنني...ذنب عزيز معلق برقبتي، أخاف أن احب هذا الرجل" ص58و59، من يقرأ هذا المقطع يتأكد انه أمام امرأة حقيقة وليست متخيلة، فقد استطاعت الساردة أن تقدم "عايدة" كمرأة من لحم ودم وليست شخصية متخيلة/روائية، والافت فيما جاء في المقطع العميق والروحي الذي تحدثت به "عايدة" وتمردها كامرأة على ما فرضه الأهل عليها. والحكم ولغة الشخصيات

بما أن هناك اكثر من شخصية متألمة/موجوعة تروي الأحداث، وهذا ما أعطها مساحة أكبر لتعبر عما تشعر به وما ترغب بقوله دون أي عائق، من هنا وجدنا مجموعة من الحكم جاءت من خلال الشخصيات، تعبر عن تجربتها في الحياة بصورة مختزلة ومكثفة، من هذه الحكم ما جاءت به "مريم" عن نظرتها للصراع الفلسطيني الصهيوني: "هناك طبخات لا تؤكل إلا ساخنة، والحقوق كذلك إذا لم تؤخذ في حينها تفتر وتحتاج لنار كبيرة لتعود صالحة" ص43، نلاحظ أن اللغة التي تتحدث بها "مريم" لغة (عادية) لا تنم عن ثقافة ومعرفة، فجاء تشبيهها للواقع الفلسطيني ضمن اطار ثقافة المرأة العادية التي تفكر بالطبخ، ومع هذا كان تشبيهها رائع وصحيح ومقنع ومنسجم مع شخصيتها الروائية.
أما لغة الفنانة "جمانة" فنجدها منسجمة مع كونها فنانة ترسم بما تحس به وتشعر: "أشعر بأنني عارية عندما يرى أحدهم لوحاتي، أن عري المشاعر أكثر حميمية من عري الأجساد" ص47، نلاحظ أن اللغة هنا عالية، وتنسجم مع طبيعة ثقافة الفنانة، وأيضا نجد فكرة عالية متعلقة باللوحات وما تحمله من مشاعر.
ونجد "عايدة" تتحدث بلغة مشاعر المحبة والولهة بقولها: "كان صمته كلام... الصمت لغة العاشقين عندما كان يقول لي أحبك كان جسدي يهتز" ص49، إذا ما توقفنا عند هذا المقطع، تصل إلى أن ما فرض على "عايدة" اكبر منها، لهذا جاء تعبيرها: "صمته الكلام" يمثل بلاغة الإحجام عن الكلام.
وتقول عن تجربة الحب التي مرت بها بعد أن تزوجت "عاهد": "الحب الذي يسري ببطء يمتلك الجسد والروح" ص68، وإذا عدنا إلى علاقتها ب"عاهد" الذي تمهل وتأنى قبل أن يحصل على جسدها، نصل إلى أن هذه الحكمة نابعة من تجربة (حقيقية) وعن شخصية (واقعية) من هنا جاءت بهذا التكثيف والاختزال.
أما الأسير "عزيز" القابع في سجون الاحتلال، فيتحدث عما أصابه من ألم بعد أن تزوجت "عايدة" بقوله: "تعلمت أيضا أن إعادة صياغة مستقبلك تكون بإعادة صياغة نفسك من الداخل" ص64، وجود لفظي "نفسك، الداخل" يشير إلى أن المتحدث يعيش في مكان منعزل، وهذا يؤكد أن لغة "عزيز" تتماثل مع حالته كأسير في السجن.
هفوات في الرواي
إذن نحن أمام رواية تحمل موضوعي وطني/قومي، إنساني، وهناك تميز في لغة الشخصيات، بحيث وجدناها تتحدث حسب طبيعتها وثقافتها وظروفها، لكن هناك مجموعة كبيرة من الهفوات المطبعية نجدها في الرواية، تنتشر في أكثر من أربعين صفحة، تتمثل في فصل الواو عن الكلمة كما هو الحال في الصفحة 8: "قريتنا و
نسكن" أو عدم وجود فاصل بين القوس والكلمة "جبايرة(قالوا)" كم نجد بعض الأخطاء المطبعية في كتابة الكلمات كما هو الحال في الصفحة التاسعة: تأتي لبدتنا" والصواب تأتي لبلدتنا" وأيضا: "باقتراب الخط" والصواب "باقتراب الخطر كما وجود كلمات ناقصة وغير مكتملة كما هو الحال في الصفحة 24 "ما دامت الروح بيد خالقها فمم الخوف" والصواب فممن الخوف، وهناك كلمات متصلة مع بعضها كما هو الحال في الصفحة 50: "لوأبدلت" فكل ما تحتاجه هو وضع مسافة بين لو وأبدلت ليس اكثر، وبعض الكلمات جاءت مقطوعة وغير متصلة كما هو الحال في الصفحة 62: "والأ رض" التي تحتاج إلى الجمع " الأرض" ليس أكثر، وهناك كم هائل من هذه الأخطاء في الصفحة 67 والتي تجاوز عددها اثنى عشر خطأ تجعل كل الأخطاء، الجمع والفصل بين الكلمات وجود وعدم وجود فواصل، وهناك حرف على مكرر مرتين في الصفحة 69" "على على تغيير القوانين" كما أن اسم "جمانة" كتب "جمان" في أكثر من موضع في الرواية، فكثرة هذه الأخطاء البسيطة التي انتشرت في أكثر من نصف عدد صفحات الرواية يمثل حالة إزعاج للمتلقي.
الرواية من منشورات الرعاة للدراسات والنشر، رام اله فلسطين، ودار جسور للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب