الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف تونس التاريخي من نزاع الصحراء الغربية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


" البوليس المجرم قطع الكونكسيون عن منزلي . سأخرج لإرسال هذه الدراسة من Cyber ".
هل الموقف التونسي التي اتخذته تونس مؤخرا ، ضمن اشغال الأمم المتحدة ، خاصة ضمن اشغال " اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار " ، هو موقف جديد لتونس الدولة ، وليس تونس النظام ، لان النظام يمكن ان يتغير ، لكن الدولة باقية لن تزول او تتغير ، بنظام يحكم خلال مدة زمنية ، قد تطول وقد تقصر حسب نواع العلاقة المنسوجة بين النظام ، وبين الشعب الذي من المفروض ان يمثله ذاك النظام في تلك الدولة .
ان موقف تونس الذي أعرب عنه الرئيس التونسي قيس سعيد ، عندما استقبل السيد إبراهيم غالي كرئيس لدولة الجمهورية العربية الصحراوية ، العضو بالاتحاد الافريقي ، بقصر قرطاج ، لم يكن يثير شيئا غير عادي ، خارجا عن سياق الفلسفة وسياسة الدولة التونسية ، وليس فقط سياسة النظام التي انْ تغيرت ، فالتغيير يتم داخل نفس الجسم الذي هو الدولة . وهنا فان الدهشة التي اصابت النظام المخزني ، عندما استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد ، إبراهيم غالي كرئيس للدولة الصحراوية ، بقصر قرطاج الدولي ، كان بالأمر العادي الذي يتماشى مع فلسفة الدولة التونسية ، ومبادئها العامة التي تنتصر للحريات وللحقوق الكونية ، وانْ كان النظام التونسي قد غالى واشتط ، عندما رفض دخول ( الأمير ) هشام بن عبدالله العلوي تونس ، ومن المطار ارجعه من حيث أتى . وموقف القيادة التونسية هذا ، اتخذته القيادة التونسية ليس كيدا في ( الأمير ) ، لكن لتنْئ بنفسها مما كان يروج له ، من ان صراعا يدور بين ( الأمير ) هشام ، وبين محمد السادس حول مشروعية الحكم . وحتى تحتفظ تونس بنفس المسافة بين الشخصين ( المتنازعين ) على مشروعية العرش العلوي ..
ومنذ ها ، فان التعرض التونسي لدخول ( الأمير ) الى تونس ، ليحاضر في قضية الديمقراطية التي تشغله ، للنئي بالنفس ، كان نفسه نفس الموقف للقيادة التونسية ، حين استقبلت إبراهيم غالي رئيس الجمهورية الصحراوية ، كرئيس دولة بقصر قرطاج ، لان القيادة التونسية ما كان لها ان تتصرف ، لو لم يتواجد النظام المخزني الى جانب الجمهورية الصحراوية ، ضمن دول الاتحاد الافريقي ، وما كان للقيادة التونسية ان تستقبل رئيس الجمهورية الصحراوية ، لو ان النظام المخزني نفسه لم يعترف بها ، الاعتراف الصريح امام العالم ، عندما اعترف الملك شخصيا بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، واصدر ظهيرا وقعه بخط يده ، يؤكد فيه هذا الاعتراف الذي نشره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 . يناير 2017 .
ونظرا لموقف القيادة التونسية الواضح والمفهوم ، فكيف للنظام المخزني ان يشتط غضبا ، من استقبال الرئيس قيس سعيد ، لإبراهيم غالي رئيس الجمهورية الصحراوية ، والملك اعترف بها ، ونشر اعترافه بالجريدة الرسمية للدولة .. فكيف تمنع تونس من القيام بما قامت به ، وهي تصرفت ضمن ، واحتراما للبروتوكول الذي لزم النظام المخزني ، سواء ضمن الاتحاد الافريقي الذي نال عضويته بعد الاعتراف بقانونه الأساسي ، او عندما يجلس مع الجمهورية الصحراوية جنبا الى جنب ، في منظمة الاتحاد الافريقي ..
لكن هل موقف قيس سعيد ، عندما استقبل إبراهيم غالي كرئيس لدولة ، متمتعا بنفس البروتوكول الذي حظي به الرؤساء الافارقة ، الذين حلوا بتونس العاصمة ضمن منظمة الاتحاد الافريقي ، هو موقف كان شادا وعدوانيا كما ذهب تفسير وفهم النظام المغربي البليد ، و" البرْهوشْ دْيالْ بصّحْ " وليس الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، وهو موقف عدائي للنظام المخزني إزاء القيادة التونسية ، لأنه كان يعتبره الحائط القصير ، لكنه لزم الصمت ، ولم يستطع تحريك دجاجة عن بيضها ، عندما اعترفت الجمهورية الموريتانية صراحة بالجمهورية الصحراوية ، وعندما اكد رئيس الدولة الموريتانية محمد ولد الغزواني ، مرتين الاعتراف الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ، وذهب بعيدا عندما اعتبر الاعتراف الموريتاني ، بالاستراتيجي ، وهو يقصد بالاستراتيجي ، الحدود التي يجب ان تكون للجمهورية الموريتانية مع دولة الجمهورية الصحراوية ، وليس الحدود الموريتانية مع الدولة العلوية التي تحلم بإحياء عهد الامبراطوريات التاريخية . فالشغل الشاغل للقيادة الموريتانية ، هو تغيير الحدود ، لتصبح حدودا مع الدولة الصحراوية الشبيهة بالدولة الموريتانية ، والابتعاد عن مصدر الخطر التي تشكله الحدود الإمبراطورية . وهذا ما ركز عليه الرئيس الموريتاني عندما اعتبر ان الاعتراف الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ، بالاستراتيجي .. اذن لماذا لزم النظام السلطاني المخزني البوليسي الصمت ، ولم ينتفض في وجه نواكشوط كما فعل مع تونس العاصمة ؟ . بل لماذا يلزم الصمت من استقبال الاتحاد الأوربي لدولة الجمهورية الصحراوية ، وبعاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles ، التي رفرفت في سماءها راية الجمهورية العربية الصحراوية عاليا ، الى جانب رايات دول الاتحاد الأوربي ، ورايات الاتحاد الافريقي ، وراية النظام المخزني ... ؟
و ما يجهله النظام المخزني ، ويجهله وزير خارجيته ناصر بوريطة ، المراهق الذي حوّل الدبلوماسية الى حلبة لكْمٍ ونزاع ، واستراض للقوة ( دبلوماسي بلطجي ) ، انّ الحسن الثاني الذي عارض بشدة استقلال موريتانية ، اعترف بالجمهورية الموريتانية ، عندما اعترف بها اول رئيس ، كان الرئيس الحبيب بورقيبة . فعندما اعترف النظام التونسي ، بالجمهورية الموريتانية ، ويد فرنسا كانت على قدم وساق تدعو لنصرة الاعتراف بالقارة الافريقية ، وجد الحسن الثاني نفسه يخوض حربا خاسرة عند نهايتها . فاضطر للاعتراف صراحة بالجمهورية الموريتانية ، مثل اعتراف محمد السادس بالجمهورية الصحراوية . مع فارق ان موريتانية منذ اعتراف الحسن استقلت ، والصحراء الغربية التي في طريقها الى الاستقلال ، لا يزال النظام المخزني يناور ، والحجة عليه لا بين يديه ...
وللتوسع في التحليل . فان اعتراف الحسن الثاني باستقلال الجمهورية الموريتانية ، مباشرة بعد اعتراف الحبيب بورقيبة بهذا الاستقلال ، اخذ صبغة واعتراف القانون الدولي بها . فأصبحت الدولة الموريتانية مستقلة ، دون اعتراض من الحسن الثاني الذي ايّد هذا الاستقلال . لكن بالنسبة لاعتراف محمد السادس علانية وامام العالم ، بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، كان اعترافا شخصيا ، ولم يكن يكتسي أي صبغة ولا مشروعية قانونية ، لان الوضع القانوني الدولي بالنسبة لنزاع الصحراء الغربية ، مرتبط بالقرارات التي أصدرها مجلس الامن ، واصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ، أي المشروعية الدولية التي تتمسك بها الأمم المتحدة ، واساسها الاستفتاء وتقرير المصير ، وليس أساسها الاعتراف بالجمهورية الصحراوية . فأي نظام " قانوني " للدولة الصحراوية المرتقبة ، يجب ان يمر عن طريق استفتاء الشعب الصحراوي الذي اعترف به الملك شخصيا ، واعترفت به الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما أصدرت القرار 34/37 ، الذي اعتبر الجبهة وليس الجمهورية ، بمثابة الممثل الشخصي الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي .. وهنا نفهم لماذا رغم اعتراف محمد السادس بالجمهورية الصحراوية ، فالاعتراف لم يحظى بالشرعية الدولية ، التي تجسدها فقط قرارات الأمم المتحدة ، وظل الاعتراف افريقيا ، وهو موقف سياسي وليس قانوني ، واعترافا من النظام المخزني ، الملك ، وهو اعتراف ليس بالسياسي وليس بالقانوني ، لكنه كان اعتراف تلاعب ومماطلة ، خوفا من المصير الحتمي الذي يخبئه نزاع الصحراء الغربية ، للنظام المغربي المهدد بالسقوط .
هكذا وبخلاف الحالة الموريتانية ، التي حظيت بالاعتراف الواسع من قبل الدول الاوربية ، والولايات المتحدة الامريكية ، والدول العربية ، ودول العالم ، فان العالم خاصة الاتحاد الأوربي وواشنطن ، وروسيا الاتحادية ، الصين ، كندا .... الخ ، لم يعترفوا بالجمهورية الصحراوية ، بقدر ما التزموا في تعاملهم مع النزاع ، من خلال المشروعية الدولية التي تنص على حل الاستفتاء وتقرير المصير .. فالنظام القانوني الذي سيحدد الشكل القانوني للدولة ، سيكون نتيجة الاستفتاء ، بعد ان يقرر الصحراويون تقرير مصيره المنصوص عليه ، ليصبحوا شعبا ودولة ، او يظلوا تحت سيادة الدولة المخزنية ، او ينعموا بحل الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام في ابريل 2007 ، ولم يستجب معه احد الى الآن .
لقد تطور موقف الدول من التعامل مع القضية الصحراوية ، التي تعتبرها الدول ، بالمنطقة المحتلة الخاضعة للاحتلال ، كشأن ستة عشر اقليما ينتظر حل الاستفتاء ، الحل الديمقراطي . فعندما تعالج " اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار" التابعة للأمم المتحدة ، نزاع الصحراء الغربية ، فمعنى هذه المعالجة ، انها تعتبر الإقليم بالخاضع للاحتلال .. ورغم ذلك فالموقف الاممي من النزاع ، ظل نوعا ما مقبولا من قبل النظام ، طالما ان القرارات لا تزعجه ولا تقلقه ، لأنها لم تصدر تحت البند السابع للميثاق الاممي ، وتصدر طبقا للبند السادس الغير الملزم وذا الطابع الاستشاري .. لكن مع التطور الذي فرضته معطيات جديدة ، عند ضبط العلاقات الدولية ، اصبح العالم يتعامل مع نزاع الصحراء الغربية ، بنوع من الشدة ، وليس فقط المرونة . فعندما تصدر وزارة الخارجية الامريكية ، تقريرها الذي تفرد فيه نصا حول الوضع العام في الصحراء الغربية ، من حيث الديمقراطية المفقودة ، حقوق الانسان الغير موجودة ، تعميم الفساد ، ومثله تقرير البرلمان الأوربي الذي خصص بابا للوضع القانوني والحقوقي لما يسود الصحراء الغربية ، وكلا التقريرين الأمريكي والاوربي ، لن يتحدث عن الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها الملك محمد السادس ، لكنهما ركزا على الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، كحركة تحرير وكفاح مسلح ، ومن ثم تكون الإدارة الامريكية ، والبرلمان الأوربي ، والاتحاد الأوربي ، يزكيان الحرب التي تدور منذ 13 نونبر 2020 بالصحراء ، لانهم يعتبرونها بحرب تحرير وكفاح مسلح ، ومن ثم ينفون أي علاقة للدولة المخزنية بالصحراء الغربية ، وينفون بالمطلق أسطوانة النظام بالصحراء المغربية . هنا يكون المصير الذي تخبئه حرب الصحراء التي تدور ، بالحتمي الوقوع ، وقد قرب اجله . وتكون النتيجة عند تحديد الوضع القانوني للصحراء ، ما سيسفر عنه الاستفتاء وتقرير مصير الصحراويين الغير القابل للتنازل ، او التراجع ، او التصرف .
ومن خلال التمعن في نتائج التطورات المتلاحقة ، فليس وحدها الولايات المتحدة الامريكية ، والاتحاد الأوربي والمملكة العربية السعودية ، وعدة دول عربية ، مَنْ تعتبر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، بمنظمة وحركة تحرير وكفاح مسلح. بل انّ النظام المخزني منذ الحسن الثاني ، وخاصة مع محمد السادس ، يعتبر الجبهة بالمنظمة التي تكافح من اجل استقلال الصحراء ، وهو هنا وبشعور او من دون شعور ، يعترف ويعتبر الصحراء ليست مغربية ، وبان طرف ثاني يطالب بها ، ويناقش تحريرها ، يجلس معه النظام المخزني بأمريكا وبسويسرة ، وتحت غطاء الأمم المتحدة ، هو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، التي يعتبرها القانون الدولي ، والمشروعية الدولية ، بحركة تحرير ، تتفاوض مع النظام المخزني الأراضي المتنازع عليها ، لان الأمم المتحدة تعتبر تواجد جيش النظام المخزني في الصحراء ، بالمحتل ، وبالاحتلال الذي ينتظر الاستفتاء ، ونتيجته ستتعدى 99 في المائة لصالح الاستقلال .. وكلنا يتذكر العرض الذي قدمه الرئيس الأمريكي Clinton للنظام ، قصد الخروج من الصحراء ، وتجاوز تسعة وتسعين 99 مليار دولار .. فإذا كانت واشنطن لا تزال ملتزمة باقتراحها ، وبضمانات دولية ، وعندما يقتنع النظام بحتمية الاستقلال ، سيصبح العرض الأمريكي الذي قد يتعدى ويتجاوز عرض Clinton ، بالمهم ، وبالجدي الذي يستحق الدراسة ( ههههه ) ..
وعندما نعود الى موقف " الفيفا " ، و" الكاف " ، القاضي بالامتناع عن تنظيم المباريات بأراضي الصحراء الغربية ، تكون خاتمة نزاع الصحراء الغربية ، قد أشرفت على خاتمتها ، التي هي الاستقلال باعتراف النظام المخزني ، الذي سيصبح موقعه معلقا على ضوء ردود الفعل الداخلية .. فقد يسقط ويتعرض للمحاكمات على غرار محاكمات نورنبورگ Le procès Nurenbourg ، او محاكمات " طهران أصفهان " بعد سقوط نظام الشاه الإمبراطوري في ايران .. المهم لا بد من المحاكمات .. والعرض الأمريكي لا يزال مهمها من قبل النظام . ولنذكر بخطاب محمد السادس في 2014 ، عند افتتاح الدورة التشريعية الخريفية ، عندما قال . لا تنتظروا أي شيء ، وكل شيء منتظر ، والأمم المتحدة من ارادات استقلال الصحراء .. تهيء الرعايا نفسيا لتقبل استقلال الصحراء ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله