الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (6)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


6. أوكرانيا.. سلاح أوفر. رهان أخسر.

و الآن؛ الجميع سيصدقه؛ وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو صرح بأن واشنطن جرت الأوروبيين إلى سباق تحت يافطة "من سيرسل أكبر كمية من الأسلحة إلى أوكرانيا"، رغم ما يحمل ذلك من تداعيات وخيمة على أوروبا. "عندما بدأ الأمريكيون باستدراجنا.. لم تكن أوروبا قادرة على رفض هذا الاستفزاز". لكنهم باتوا على سبق عهد؛ لن يخلفوه يوما.
و بمرارة الخذلان تابع الوزير: "لقد انخرطنا في سباق لا يمكننا فيه إلا أن نتكبد خسائرا، والسؤال الوحيد هو ما حجم الخسائر؟"، ليجيب برهان تطويق السؤال بخيار مهزوز: "السؤال ليس ما إذا كانت الخسائر ستكون كبيرة أم صغيرة، وإنما ضخمة أم ضخمة للغاية".
حسب سيارتو، دخول أوروبا "السباق" كان خطوة تفتقد للحكمة. الولايات المتحدة هي القوة الرائدة عالميا في إنتاج الأسلحة، و النزاع يدور في حاب القارة العجوز، و كل تصعيد محتمل، سيلحق بأذاه الأوروبيون وليس الأمريكيين. و هذا ما باتوا يخافونه بإنكار يدفع الحرج بأنملة يقينا. إنهم لن يدخلوا بالبات حربا مع روسيا.
و الحد ليس هنا، فبعض حلفاء واشنطن يتحولون لخصوم، كما استنتج البروفيسور مارك كاتز من تحليله للتحالفات الحالية مع الولايات المتحدة، يرى أن على واشنطن أن تتخذ مسارا جديدا مع "حلفائها".فما الحل؟ "لا رومانسية في العلاقات الدولية"؛ و لو كانت تحت مظلة بألوان الطيف.
أوكرانيا أضحت قضية تكشف كل يوم عن ضعف التحالفات مع الولايات المتحدة الأمريكية. فمعظم الحكومات في جنوب العالم وحتى بعض الحلفاء الغربيين لم تؤيد أمريكا. استمروا في شراء النفط الروسي والتجارة مع موسكو. ونشطت التجارة بين الإمارات العربية المتحدة وإيران بسبب الحماية الأمريكية غير الكافية. ورفضت دول عديدة فرض عقوبات اقتصادية على الصين، بل حتى تجارة أمريكا مع الصين استمرت من خلال دول ثالثة.
والسؤال "ما الذي يمكن لواشنطن أن تفعله؟"، الجواب الفيصل: "سياسة بالمرستون". واللورد بالمرستون هو من شكّل السياسة الخارجية للإمبراطورية البريطانية من عام 1830 إلى 1865. اعتمدت سياسة بالمرستون على مبدأ: ليس لنا حلفاء أبديون وليس لنا أعداء أبديون. والشيء الوحيد الثابت هو مصالحنا. في الوطن العربي؛ هذا المبدأ دارج بصيغة: لا صديق دائم و لا عدو دائم. المصالح متبادلة.
فالدرس الذي على واشنطن تعلمه في رأي مارك كاتز هو أن الحلفاء الأضعف لا يقيمون معها علاقات لأنهم بديمقراطيتها معجبون ، بل لأن ذلك تقتضيه مصالحهم. و الأمور قد تتبدل بمجرد أن تتغير هذه المصالح. وعلى الولايات المتحدة أن تعامل هؤلاء "الحلفاء" بالمثل. فمثلا على أمريكا أن لا تسمح بتعاون الهند مع روسيا كما منعت الهند أمريكا من التعاون مع خصمها "باكستان".
ويرى البروفيسور أنه يتعين على أميركا أن تنتهج سياسة خارجية بالمرستونية تتجنب رؤية العالم من منظور حلفاء أبديين وأعداء أبديين، ولكنها تركز بدلاً من ذلك على تحديد وإعادة تقييم نقاط التقاء المصالح الأميركية ونقاط تباعدها مع مصالح الحكومات الأخرى في المستقبل.
لكن بأية رؤية إستراتيجية؟ قد يعتورها معطى داخلي تراه واشنطن وشيكا. و تكاد أنفاسها تحبس من التفكير فيه بغير طائل.
في انتظار الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة. بات التخمين في عودة ترامب إلى البيت الأبيض كابوسا للاتحاد الأوروبي، و مخاوف حلفاء واشنطن غدت معلقة بالعودة المرتقبة.
احتمال فوز ترامب يجعل زعماء العالم "متوترين". و عديد السياسيين بالدول الشريكة لأمريكا أضحوا يدرسون، في الوقت الحالي، خطة عمل استعدادا لهزيمة الحزب الديمقراطي.
هذا استشعار عن بعد، أم حدس بالمأمول؟
الباحث في الشؤون الأمريكية مالك دوداكوف يوجز: "عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، كابوس لجميع البيروقراطيين عبر الأطلسي. لا أحد منهم يريد أن يراهن بشكل أعمى على الحظ، ولهذا السبب يلجؤون إلى وسائل الإعلام للحصول على المساعدة.
الغرض من هذه المنشورات هو خلق "صورة مروعة" في عيون الأمريكي العادي. يريدون إقناع الأمريكيين بأن الرئيس السابق للولايات المتحدة قادر على تدمير كل إنجازات العالم الغربي.و الأهم من ذلك كله. زعماء الدول الحليفة لواشنطن يخشون أن يفضّل ترامب الانسحاب من الصراع في أوكرانيا. وعندئذ سيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتحمل بمفرده جميع العواقب المترتبة على مثل هذه المواجهة الواسعة النطاق.
و لن يكون مستبعدا، عبء المسؤولية المالية عن مستقبل "الحليف جريح الحرب" سيقع بالكامل على عاتق بروكسل. بمزيد ترجيح أن يرغب ترامب في زيادة حجم المواجهة الاقتصادية مع الصين. وبعد ذلك، سينتقل إلى اللاعب التالي على الساحة الدولية، والذي يبدو التفاعل معه غير عادل، وهو الاتحاد الأوروبي. فالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ستؤدي إلى خسائر فادحة لأوروبا.
و الأدهى؛ أن نبضات القلق ترتفع مع احتمال انسحاب الولايات المتحدة في عهد ترامب من الناتو. و هي مخاوف لا تنزع إلى السياسات التي خبرتها أمريكا. فالحلف أساس قيادة أمريكا للعالم، ولن يسمح أحد لترامب بمغادرة الناتو. لكن إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فمن المرجح أن يفي بوعده ويقطع كل المساعدات لأوكرانيا. كما يمكنه حتى ممارسة الضغط على حلفائه في الناتو لوقف دعمهم.
و لتكريس هذا الإذعان سيعمل ترامب على جعل الاتحاد الأوربي يقبل تعويض ما خسرته أمريكا.
ليس الأمر مزحة. لقد تلقفها ترامب؛ و في شعاراته أدرج أصولها ؛ و في جديد خرجاته الإعلامية أخذ يسوق لها. و من سيعترض على منع هذا المنحى أو دلالته؛ ترامب؛ الرئيس المنتظر سيعمل جاهدا على إثباته بطريقته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا