الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب المغربية لا ترشح للانتخابات سوى مرتزقين وانتهازيين جدد

عبداللطيف هسوف

2006 / 11 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


كان خطاب جلالة الملك محمد السادس في افتتاح البرلمان يوم الجمعة 13/10/2006 مليئا ‏بالدلالات التي أشارت إلى وضعية الممارسة الحزبية المتخلفة التي أصبح المغرب يعيشها. ولا ‏يسعنا هنا إلا أن نأسف لمنحى الارتزاق والانتهازية الذي أصبح الخط الغالب على التصرفات ‏الغبية للأحزاب المغربية. وإن كان البعض يعيب على مكونات المجتمع المدني توجيه سهام ‏الانتقاد لكل الأحزاب المغربية دون استثناء، تبقى مع ذلك مطالبة الأحزاب بتخليق ممارساتها ‏الداخلية والتحلي بشيء من المسؤولية أثناء الحملات الانتخابية والوفاء ولو بعشر وعودها، يبقى ‏كل هذا مطلبا يطمح له كل مغربي شريف يحب وطنه، كل مغربي أعيته تلك الخطابات المبتذلة، ‏كل مغربي سئم من رؤية صور المتنطعين على صفحات الجرائد الحزبية. ‏
‏ وحين يقول ملك المغرب في الخطاب المشار إليه أعلاه (فإننا ندعو الهيئات السياسية، وهي ‏تخوض غمار الانتخابات التشريعية القادمة، باحترام الناخب ومخاطبته بلغة الوضوح والحقيقة، ‏وأن تختار من هم أجدر بتحمل أمانة الانتداب النيابي باعتبار البرلمان القلب النابض للديمقراطية ‏وأرفع تعبير عن الإرادة الشعبية. كما سيكون عليها أن تتصدى في برامجها للقضايا الكبرى للبلاد ‏وأن تقترح لها أفكارا جديدة وآليات قابلة للتنفيذ. فالانتخابات فرصة للتباري بين البرامج ‏والمشاريع أكثر منها تنافسا على المقاعد والمواقع. وهو ما يتطلب قيام تحالفات كفيلة بإفراز ‏أغلبية منسجمة ومعارضة بناءة ضمن مشهد سياسي معقلن وسليم... وإننا لندعو مختلف الفاعلين ‏المعنيين بالعملية الانتخابية إلى المساهمة بفعالية في جهود تخليقها والسمو بها عن المزايدات ‏العقيمة وعن الاستعمال اللامشروع للمال والنفوذ، مع الترفع عن الحسابات الشخصية والحزبية ‏وجعل مصلحة الوطن والمواطنين هي العليا...)، حين يقول الملك هذا الكلام لنواب الأمة، إنه ‏يعي تماما أن من بين المستمعين له والحاضرين تحت قبة البرلمان ممثلون للأمة متخلفون عقليا لا ‏يفهمون في السياسة ولا الاقتصاد ولا الثقافة... من بينهم كذلك أولئك الذين سطوا على مقاعدهم ‏باللجوء إلى مناورات دنيئة استعملوا خلالها المال الحرام، من بينهم أيضا كذابون أفاقون ‏منافقون... إلخ. ‏
إن الاستحقاقات الانتخابية هي محطة يظهر خلالها مدى درجة ترسيخ قيم الديمقراطية والشفافية ‏والنزاهة في أي دولة. لكن انتخابات الثامن من شهر سبتمبر الماضي لم تكن سوى كارثة أوجعت ‏كل المغاربة الذين راهنوا على ما سمي ب (العهد الجديد). لم تكن هذه الانتخابات سوى مسرحية ‏هزلية رديئة أعطتنا صورة واضحة عن تنظيماتنا الحزبية العاجزة على مسايرة التطور، العاجزة ‏على احترام القانون داخل أجهزتها، فكيف حين تمسك بزمام الحكومة، العاجزة عن كل شيء ‏سوى الدفع بالمنتسبين إليها لاحتلال الكراسي الوتيرة، أما الجماهير فلن تجني سوى ما جنته مع ‏‏(حكومة التناوم) التي ألقت بالبلاد في بحر من الأزمات.‏
ليعلم جميع المغاربة أن من بين وزرائهم في الحكومة، وممثليهم في البرلمان، ومنتخبيهم في ‏الأحزاب، وفي النقابات، من بين كل هؤلاء من لا تهمهم مصلحة المغرب بقدر ما تهمهم ‏مصالحهم ومصالح أبنائهم وحتى حفدتهم. إنهم بكل بساطة يضحكون على ذقونكم صبحة وعشيا. ‏إنهم يتلاكزون بالمرافق حين تجمعهم سهراتهم المتكررة، ويمعنون في التسلي بعذابات المغاربة ‏وجريهم المتواصل وراء لقمة عيش كريمة. إنهم يجلسون للسهر ساعات طويلة، ثم ينتبهون ‏للملفات المكدسة من حولهم، فيرق حالهم لحالهم لأنهم ألفوا تأجيل عمل اليوم إلى الغد، وعمل الغد ‏إلى ما بعد الغد، فلا تنفعهم أقلام الحبر المذهبة التي يستوردونها من الخارج (على حساب الدولة ‏طبعا) سوى بإعادة كتابة مسرحية هزلية جديدة يتمنون أن يكونوا أبطالها خلال انتخابات 2007 ‏المرتقبة. ‏
فعلا، إن مبادرة الحكومة المفاجئة من خلال الطعن في مجموعة من المستشارين البرلمانيين ‏مبادرة رائدة تستحق التقدير. لكن المشكلة هي أنها اقتصرت على بعض المضحى بهم في حين ‏يعلم الجميع أن عملية تجديد ثلث مجلس المستشارين كان الغالب عليها هو استعمال المال الحرام، ‏ولم يسلم منها حتى مرشحو الأحزاب التقدمية التي تتقمص رداء الديمقراطية وتغزل كلامها حول ‏شرعيتها التاريخية وخياراتها الوطنية. ‏
إن مشكلة الأحزاب المغربية هو شيخوختها وترديدها لشعارات عفا عليها الزمان. إن مشكلة ‏الأحزاب المغربية هي الركون إلى أيديولوجيات لم يعد يؤمن بها حتى الذين روجوا لها في السابق ‏عبر العالم. إن مشكلة الأحزاب المغربية هي اللاعقلانية التي تنتهجها في التعاطي مع مشاكل ‏البلاد العويصة. إن مشكلة الأحزاب المغربية هي أنها تلهث وراء المقاعد والمواقع بدل تحضير ‏البرامج والمشاريع التي تصلح لما بعد سنة 2007 م. إن مشكلة الأحزاب المغربية هو تفكيرها ‏القبلي إن لم نقل الأسري الضيق، ما يجعل مصلحة الوطن خارج اهتماماتها. إن مشكلة الأحزاب ‏المغربية هو تضحيتها بمن يفترض فيهم أن يكونوا جديرين بتحمل أمانة تمثيل الشعب مقابل ‏تقريب أصحاب رؤوس الأموال الحرام، لدرجة أن انتخابات سبتمبر الماضي يمكن أن نعتبرها ‏أداة قانونية لتبييض أموال اكتسبها أصحابها بطرق غير شرعية. ‏
وختاما، يمكننا أن نقول: إن النخب المؤهلة ذات الكفاءات العالية والقادرة على تحمل أعباء تسيير ‏الشأن العام لا تجد لقدمها موطأ داخل الأحزاب المغربية، وحتى إن وجدته، فإنها تهمش بدعوى ‏أنها لم تعتقل في السابق، أو أنها حديثة عهد بالسياسة، أو أنها ليست من أصحاب الجاه والمال، أو ‏أنها لا تنتمي لعائلة أو قبيلة أو شلة زعيم الحزب... إلخ. إن أحزاب المغرب مريضة عليها أن ‏تتدارك حالها وتغير شعاراتها الديماغوجية السياسوية، لأنها إن استمرت على نفس النهج فلن تقدم ‏للمغرب سوى مزيدا من المرتزقين والانتهازيين الجدد لن يخدموا المغاربة، بل سيستخدمونهم. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن