الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ضوء فوز الديمقراطيين بالانتخابات النصفية الأمريكية ..ما المطلوب من أصحاب القرار السياسي العراقي؟

نجاح يوسف

2006 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


رغم وضوح فشل سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق , والخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها قواتها المسلحة , وتدهور سمعة تلك القوات نتيجة أداءها العسكري المتواضع وفضائح منتسبيها , كان رامسفيلد يخرج علينا وفي كل مرة بوجهه العكر وصفاقته المعهودة لكي يكرر عن عناد واستخفاف بعقول وذكاء الأخرين بان خطط إدارته السياسية والعسكرية في العراق تحرز النجاح تلو النجاح في تعميق بناء الديمقراطية ومكافحة الإرهاب !! وكلما ازداد ضجيج السياسيين بالطلب للرئيس بوش بإعفائه من منصبه بسبب النفق المظلم الذي أدخل به العراق وشعبه والولايات المتحدة وسمعتها, كان السيد بوش يصرعلى بقائه والدفاع عن أداء وزير دفاعه ..

لقد غيرت نتائج الإنتخابات النصفية الأمريكية الصورة هذه المره , إذ حالما ظهرت النتائج بسيطرة الديمقراطييين على مجلسي النواب والشيوخ , وما يعني ذلك من تشكيل ضغط غير مسبوق على الإدارة الحالية, قدم رامسفيلد استقالته من منصبه ليستبق اصرار الديمقراطيين على تنحيته .. كما أبدى السيد بوش استعداد إدارته للتعاون والتنسيق مع الديمقراطيين وخاصة في مجال ايجاد حل أو مخرج للمأزق العراقي الذي تتحمل إدارته وخاصة وزير دفاعه مسؤولية تدهور الوضع الأمني وتعثر الحلول السياسية للأزمة العراقية !! فالقطار الديمقراطي المنتصر سوف لن يتوقف عند محطة رامسفيلد فقط, بل ان العديد من الوجوه المعروفة سيطالها دخان القاطرة المسرعة إن كان في الخارجية الأمريكية او في الدفاع..كما سيتم إلغاء بعض الخطط وتحوير أخرى بما يتناسب مع ميزان القوى الجديد والذي انبثق عن الانتخابات الأخيرة..

إن هذا التغيير الذي حدث في الولايات المتحدة له مغزى كبير في الشارع الأمريكي, وجاء نتيجة مشاركة الناخبين بقوة في هذه الانتخابات ليعلنوا عن عدم ارتياحهم ومعارضتهم للسياسة الداخلية والخارجية التي يقودهم إليها اليمين الجمهوري المتطرف والمتمثل بطاقم السيد بوش وإدارته, وإجراء التعديلات الضرورية على هذه السياسة.. فالشعب الأمريكي ينتظر من الديمقراطيين أن يحققوا ما وعدوا به الناخب الأمريكي في العمل على صيانة الحريات وتحقيق البرامج الإجتماعية والاقتصادية والصحية, وايجاد مخرج للأزمة العراقية وسحب القوات الأمريكية من العراق, وتخفيف حدة التوترات في العالم من خلال الحوار, وليس من خلال قعقعة السلاح وحده, واشراك الاوربيين في ايجاد حلول للأزمات القائمة..وإذا أراد الديمقراطيون ايصال قاطرتهم إلى البيت الأبيض بعد عامين بسلام, فليس أمامهم غير الاستمرار بسياستهم وبرامجهم الحالية وتحقيق وعودهم للناخبين..

ولابد من القول أن رهان العديد من المراقبين السياسيين العرب والأجانب هو في غير محله من أن فوز الديمقراطيين في الإنتخابات الأخيرة واستقالة رامسفيلد, سيكون العصا السحرية لحل المشاكل العالقة وتغيير حاد لمسار السياسة الأمريكية الخارجية خاصة.. فالمشاكل الكثيرة التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط والعراق بوجه الخصوص, والتي اشار إليها العديد من المقثفين العرب والعراقيين, لا يمكن حلها من الخارج بل تحتاج إلى قناعة ورجاحة عقل سياسيينا في الإعتراف بالأخطاء المرتكبة وسلوك طربق آخر معروف وهو نبذ العنف والاعتراف بالأخر, والاحتكام إلى القانون والدستور, وانتهاج سياسة حازمة ضد جميع أشكال الإرهاب والفساد والتسلح خارج إطار الشرعية الدستورية..

وإذا كان هذا التغيير في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين سيأثر لاحقا على السياسة الأمريكية المتبعة بالعراق حاليا, فالواجب الوطني يستوجب على الساسة العراقيين تغيير نهج الحكومة وأداء مجلس النواب, والتخلص تماما من الاستقطاب الطائفي وتخليص الدستور العراقي من كل ما يعيق تطور العراق الحضاري, او المواد التي تحد من حقوق المرأة والمجتمع المدني, والسير الجاد في طريق المصالحة الوطنية..إن انتظار سياسيينا لما ستتمخض عنه السياسة الأمريكية المقبلة دون القيام بفعل حقيقي لتغيير الوجهة الحالية, سيجعل من الصعب جدا ايجاد حل للأزمة العراقية خارج إطار المصالح الدولية والأقليمية والتي تتعارض في العديد من مفاصلها مع مصلحة الشعب العراقي في بناء المجتمع الديمقراطي الحضاري ..

لقد طال انتظار شعبنا وسئم استمرار انعدام الأمن والقتل الطائفي اليومي وتفجيرات الإرهابيين وبقايا النظام المقبور..فالكرة الأن في ملعب السياسيين المهيمنين على السلطة ومجلس النواب لإيجاد مخرج من الأزمة المستفحلة من خلال توحيد جهود كل القوى السياسية دون تهميش او إقصاء, وإعادة تشكيل الحكومة العراقية على أسس وطنية لا طائفية, وتشديد الحملة على الإرهابيين والميليشيات المسلحة المتعددة الأشكال وشل حركتهم, وإعادة بناء تشكيلات القوات المسلحة على أسس وطنية, وبناء الإقتصاد العراقي المتعدد الأوجه, بما يعيد الدورة الإقتصادية وتشغيل جيش العاطلين عن العمل, ومحاربة الفساد المستشري وتقديم المفسدين للمحاكم مهما كان مركزهم , وتحسين الخدمات للمواطنين وتوفير المواد الضرورية كالماء الصافي والكهرباء والتامين الصحي ..الخ . بذلك فقط تستطيع الحكومة العراقية كسب ثقة ودعم الشعب العراقي لها ولبرامجها, وكذلك تكسب احترام ودعم المجتمع الدولي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها