الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ح 21 / رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) - عملي الروائي قبل الاخير ، 2021 - رواية غير منشورة

أمين أحمد ثابت

2023 / 10 / 8
الادب والفن


مئات . . وقد يكونون ألوفا ممن كانت تغرق صدارة الاوساط المختلفة بهم قبل سبعة سنوات ؛ اختفوا كفص ملح ذاب في ماء داخل إناء ، لم يخلف ولو ذرة تدل على ماهية وجوده الصلب سابقا – وإن ترك طعما مذاقي الاصل لمادته على الماء . . بعد الذوبان – لم تر أو تصلك اخبار عن أي منهم ، وإن كان الطعم المتروك وراءهم متذوقا – وإن كان المجتمع بنخبه وعامته المخلفين بعد اختفائهم . . يعاني من تضرر في حاسة التذوق – طعما فاسدا . . لم يتم التنبه له قبلا . . كما هو الحال راهنا و . . لاحقا ، مثل ما كان يركب الوهم بصحة الحياة وانتعاشها قبل اختفائهم ، فإنه ذات الوهم يركبهم بوجه آخر ؛ إن اختفاءهم لضرورة حفظ حياتهم المهددة بانتهائها في بيئة وضع الحادث الآن ؛ ويسوقون لأنفسهم ذات الوهم مجددا – وهم الفاقدون للإحساس بحقيقتهم دوما – سيعود ظهورهم عند تعدل الوضع بما يعطي الثقة لأنفسهم بالأمان ؛ . . تلك الحياة المليئة بالنشاط والحيوية . . سترجع و . . افضل منها ؛ يقع على امثالهم ضخ الامل والفاعلية لعودة الحياة . . التي اصبحت مفقودة ضمنيا ، وإن كنا شكلا نعيشها كأجساد منزوعة الروح ! . . . . .

- ألو . كيف دكتورنا . . ما أخبارك يا بروف .
- ماشي . . بالسوء الحادث .
- أنا في صنعاء . طلعت اعالج الزوجة . متى اشوفك .
- وقت ما تحب . أنا في البيت . . لا أخرج من عامين .
- ما عد تروح مكان او تلتقي بأحد . عندما آتي سأريك التقارير حقها .
- انتهت من المجالس خوفا ومع كورونا انتهى ما بقي منها
- حتى الآن .
- الفلس وغلاء البنزين و . . لأن الخروج يتطلب مصاريف ، فرض
على كل واحد أن يحبس في بيته .

طال الحديث بيننا ؛ كعادته لديه الكثير والكثير من التساؤلات ، هي طريقته التي درج عليها منذ عرفته في بدايات الثمانينات ، وعرفته عن قرب من بعد عودتي من روسيا في 1992م. ، نلتقي شبه يومي لنجتمع مع الاخرين أو نجلس لوحدنا في المنزل ؛ كان قد اقترح يوما . . لماذا لا نخصص يوما او اكثر . . نسجل افكارك ، آراؤك وتصوراتك في مختلف الامور بما فيها ما يجري وما سيأتي – مثل ما لحظت وغيري . . أن ما تطرحه دائما مختلف عن طرح وتصورات الآخرين – استحسنت الامر ، حددنا ثلاثة ايام من الرابعة عصرا الى الثامنة مساء كحد اقصى لبدء العمل ؛ كانت فترة ما قبل ذلك التوقيت نقضيه في متابعة الاخبار والدردشة الاعتيادية ؛ احضر له اقلاما ورزما من الأوراق الفارغة – المسطر منها وغير المسطرة - التي جهزتها بأرتال قبلا بالحصول عليها من الجامعة الى جانب الشراء لأوراق الطباعة التي استخدمها . . وبدأ المشروع بعد وضع ترتيب للمواضيع التي سنخوض فيها ، كل موضوع بما يحتويه من زوايا مختلفة تلم به ، نضمن نقدنا حول ما طرح في ذلك الموضوع في أي زاوية كانت من قبل المفكرين والعلماء والسياسيين وما هو مدار في عقل النخب ، واخيرا توثيق رؤيتنا بطرح تحليلي مغاير يثبت خصوصية طرحنا – لم نكن نذهب لموضوع تالي إلا بعد تأكدنا من عدم غياب امر او جانب منه ، وذلك بعد نقاش مستفيض بعد الانتهاء . . في يوم تال أو الرجوع إليه بعد وقت إذا ما استجد امرا في ذهننا . . يلزم اكمال ما سبق – كان يكتب دون تأفف . . بل باندفاع لم ألاحظه سوى في قصص التأثير الاخلاقي والتربوي للهف العالم او الباحث دون ملل من التعلم ليصل الى غايته ؛ طرحنا المواضيع الرئيسية ، . . مثلا العلم ، الدين ، الاخلاق ، التاريخ والفن ، وتدرس من خلالها مختلف المسميات المفهومية والظواهر والاحداث الملموسة والتجليات الثانوية والعرضية بحضور الرئيسية او غيابها عن ادراكاتنا ، ومواضيعا رئيسة اخرى متناولة بفكر جدلي نظري مجرد ك . . الانسان ، الحياة ، الماهية والصورة الذات والوجود الكوني والحي والمجتمعي ، بتعرض لكافة طروحات الفلاسفة وعلوم الطبيعة وعلم النفس والأنثروبولوجيا ، وكيف يفسر الواقع والانسان والحياة الان او في أية مرحلة من التاريخ كانت فترة خصبة تأصل كل واحد منا ادراكه لنفسه وما يبحث عنه حين يعلق في نفسه وعقله . . حول أي تفصيلية وإن كانت متناهية في الصغر – كانت قد تراكمت الكثير من الاوراق بخط يده . . بما يجعلها مشروعا لعدد غير قليل من المجلدات - كان عيبي الذي اكتشفته وهما ولم اعره اهتماما إلا حين ادركته بعد خمسة وخمسين عاما . . من سيقرأ الركام المعرفي الذي ادونه خلال ما يزيد عن اربعين عاما ، . . ولا توجد اموال لطباعتها ونشرها و . . لا يوجد من يأخذها لترى النور . . حتى من باب الاستثمار – انكشف عندي مؤخرا وهمي المستفحل . . بأنه سيأتي وقت تخرج هذه الكتابات كمؤلفات ، تكشفت مقولة الفيل يلد فأرا . . بل لا يلد شيئا ويعتقد انه ولود – ثلاثة عقود . . تطبع المؤلفات التافهة والسطحية . . حتى لمراهقين . . داخل وخارج اليمن ، عرفت سر ذلك في الداخل . . لتعميم ثقافة سطحية لعقل معاق ، يغطي المشهد الثقافي كمبدعين خلال العقود الثلاثة الاخيرة تغييبا لغيرهم من المبدعين الاصليين ، الذين كان فكر اليسار المادي . . الثوري كما يتهم به . . منشأ مؤثرا عليهم ، والتبني الخارجي لتسييده طابعا للمرحلة . . وعبر العلاقات الشخصية والنفعية لأغراض غير منظورة – اعوام كثيرة من جهود العصف الذهني الذي ملأتموها بملفات لعشرات إن لم تكن مئات من مشاريع مؤلفات تنتظر الخروج ، الى جانب ما كنت تنتجه في خلوتك ؛ شبه يومي جرى ذلك خلال اربعة اعوام عدت فيها من روسيا حتى اواخر1996م. وغيابك لثلاثة اعوام ثم عامين من ذات الجهد . . وغادرت مجددا لخمسة اعوام اخرى . . وبعد عودتك واصلتما ما بدأتماه حتى 2013م. ، بعدها استمريت يوميا على نفس العادة حتى اللحظة وصولا الى أن تجدك جثة هامدة لا حراك او نبض يصدر عنها – الرضى يملاك . . وإن كان الحزن والحسرة يمزقان روحك بصمت ، حين رأيت ما تبقى عشرات من الاوراق المتناثرة عشوائيا من جهود تلك السنوات . . قد اصفر لونها وبهت المداد المكتوب على صدر وخلف كل ورقة على حدة. . لتختفي سطور وكلمات منه في مواضع مختلفة – كنت حين تعود بعد غياب . . ترى تناقص ارث الركام الذي تركته ، وتبعثرت الاوراق الموجودة بتداخل بين المواضيع المختلفة – كانت محفوظة بكراتين مقواه كبيرة مربطة تصل الى عشرة أو اكثر ، تضاءلت عند كل عودة حتى وصلت الى ثلاثة كراتين صغار ، حين اردت فرزها وبصعوبة لتعيد ترتيب ما بقي منها في محتوى اثنين منهما . . حتى كمؤشرات لمختلف المواضيع السابقة . . لتكون مشاريع مستقبلية تعيد استكمالها تعويضا عما فقد ؛ ظلت منسية لتجدد الامور لديك ؛ فتشتها اخيرا لتجدها مبعثرات مجتزأه مفككة ناقصة جدا عن اصلها السابق ، اصبحت في حكم النسيان والضياع ، فما بقي لم يعد غير ذكرى مشهود عليها من خلالها ، اكتشفت من طروحات تلك الفترة متجاوزا لما هو مطروح حتى الان ، لكنها اوراق مبعثرة وتحتاج لجهود مضنية لإعادة صياغتها بلحمة مؤلف جديد مكتمل ، لكنها بالنسبة لك الان تراها ادنى مما يعترك في عقلك وتراه مهما . . كاستباق للزمن القادم – صرخت واثرت مشاكل جمة حول اضاعة تعب تلك السنوات . . عند كل عودة لك – انت ملأت البيت بالكتب والورق والكراتين . . اكثر من عفش البيت ، ما نعمل ، مرات كثيرة انتقلنا من بيت الى بيت ايجار اخر ، مرات وانت مسافر في كل مرة واخرى بوجودك ، إذا كانت الاثاث تتكسر وتضيع كثير من الاشياء . . هل سنركز على الأوراق التي اتت بالفئران ، كنا نرمي منها . . عندما كانت تمتلئ بالأرضة وتهدد بانتشارها في البيت ، نحتفظ بالباقي . . الذي نقدر عليه ، لكنك دائما ما تعيد املأ البيت بالورق ، خلصنا من الاف الكتب . . حتى انت وزعت الكثير منها ، لكنك حين تعود تعيد ملئ البيت بالكتب والاوراق والمؤلفات . . تعبنا ، هو ما كانت تقوله سناء دوما ، كما لو أن لعنة كانت تركبني في القراءة والكتابة ومؤخرا بالكتابة في غالبية الاحيان – ما زلت على طبيعتك التي لبستك من ايام الجامعة ؛ تظل تكتب حتى تنهك اعضاؤك مصابة بالخدر و . . الصداع يموج في رأسك مسببا آلاما مبرحة . . لتقوى على النوم بعدها ، وموضعك – من العشرة سنوات الاخيرة - مشبع بدخان السجائر غير المتوقفة ذهابا وايابا الى فمك .

- حمد لله على السلامة ، لا اراك الله مكروها في زوجتك ، سلامات .
- الله يسلمك .

آخر لقاء بيننا كان منذ ما يقارب الستة اعوام ، لم يكن يظهر عليه الكبر بشكل ملحوظ وقتها ، وما زال يحتفظ بنشاطه المعهود ؛ ومتابعة تفاصيل ما يجري مما تعلن من الاخبار عبر الفضائيات وخلال اتصالاته وجلساته المتنقلة بين الاصدقاء والرفاق لطبيعته الدائمة على التساؤل ، حتى وإن كان عنده جواب فهمه ، لكنه يسعى لالتقاط فهم وتفكير الاخرين ؛ هذه الطبيعة التي اصبحت مطبوعة بما اعتاده تطبعا بطريقة التشارك بيننا منذ مطلع التسعينيات ، أن كل خبر او حدث أو امر فيما نلمسه كظاهرة مهما في ذاته لإدراك الحقيقة ، لكنه تجل لأمور خلف ذلك الظهور تكمن الحقيقة ، حتى لتكون ذلك الامر او الحدث فيما نلمسه من مظهره وما ينتج عنه من آثار ترتبط بخصوصية تكوينه ؛ أي أن الحقيقة للحدث وما يحتويه من ظواهر وامور جديدة لم تكن موجودة من قبل ، تكون مغمورة محمولة فيما قاد الى نشوء الحدث بما تخلق فيه من تكوينات واعراض يفاجأ بها الانسان – إنه يدرك سبب اختلافه الدائم مع الاخرين في تفسير الامور والحكم عليه في موضوع يراه ويلمسه مثل غيره تماما ؛ ما يعرفه هو ماكنا نغرق في بحثه للإجابة عن إشكالية عقل الانسان العربي بما فيه اليمني ، في طبيعة تفكيره الظاهري للأشياء وبمتدخل عاطفي لا إرادي – غير مدرك منه – رغم نقل البصر والسمع عنده كما عند الآخرين للصورة الكاملة لذلك الحدث وبما ظهر فيه ومن خلاله من ظواهر جديدة وآثارها الناتجة – الغريبة لعدم وجودها قبلا – إلا أن عقولهم عند ترجمة تلك الصورة كإدراك لأصلها في الواقع ، تؤثر طريقة التفكير الظاهراتي العاطفي عندهم مسببة اهمال العقل وتجاهله لأمور جزئية – منقولة إليه حسيا – واختيار ما تبقى عن الحدث والظاهرة الرئيسية والمظاهر المصاحبة لها ، ليحصل على ادراكه المعرفي الملموس عن ما أستجد واقعا ، تلك الجزئيات الحسية المهملة من قبل العقل او عدم اهتمامه بها رغم وصولها إليه ، تكون غائبة او مفقودة عند ترجمة المخ للإشارات العصبية كمعلومات ادراك حسي عن كلية المحتوى الحسي لصورة الناشئ الجديد في الواقع ، يغيب عن هذا الادراك ترجمة الاشارات الحسية المهملة ؛ التي هي عبارة بعد ترجمتها معرفيا ادراكيا عبر المخ عبارة عن تفاصيل ومؤشرات ومحمولات دلالية . . مفقودة من محتوى ادراك ذلك الانسان - بمعنى أن الادراك الحسي الاولي للواقع فيما استجد عليه منقوص عن اصله الموضوعي الملموس ، كما لو أن الدماغ بنى ادراكه على معلومات غير مكتملة . . بفعل قصور او ضعف في عمل عضوي الحس البصري والسمعي الناقلان له المعلومات كإشارات عصبية ، ما جعل ادراكهم فاقدا لأمور مهمة واضحة وغير مباشرة في وضوحها من اصل حقيقة هذا الجديد ، أما ثانيا يظهر دور نهج التفكير القاصر في العقل العربي ، الذي يعتمد الظاهر لأي أمر وتحت طبع مورث في عقل المرء منذ طفولته بالسيطرة العاطفية تجاه ذاته فيما يعتقده كإيمان بكل ما يدركه هو الحقيقة عن ما هو خارجه – أي يعتقد في نفسه أن ادراكه الحسي المنقوص ذلك هو كاملا ومطلقا مماثلا لما هو في الواقع – وفي الدور الوظيفي التحليلي المجرد للمخ – بما يحمله من معارف وخبرات مخزونة نظريا - لتحويل الادراك الحسي الاولي المباشر الى فهم او تصور او اعتقاد – يؤثر نهج التفكير ذلك على لي تحليل معلومات ذلك الادراك – المنقوص في طبيعته – على اساس الظاهر السطحي المباشر وبأثر عاطفي الاستجابة مع الذات بإطلاقيه التطابق لما يطرحه من فهم تحليلي وتعليلي وتفسيري واحكام معرفية . . مع الحقيقة الفعلية للأمر او الظاهرة او الحدث للموضوع المطروح لعرض كل واحد لما يراه فهما أو تصورا او اعتقادا يتصوره – هذه العلة للعقل العربي ، عند العامة والنخبة اشد سوء عند مالكي قوة التحكم – في السلطة ؛ الاحزاب والمنظمات والشركات بكل انواعها ، الاوساط ومواقع العمل - بقدر ما يعكسون ما يعتقدونه كصحيح مطلق مطابق لحقيقة الموضوع المتحدث عنه على المحكومين ادنى منهم ومنقادين تحت ابويتهم القيادية وتأثيراتها الروحية عليهم – يجد الافراد غريبي التفكير – بحكم العقل السائد - انفسهم يزدادون شعورا بالغربة داخل بلدانهم العربية . . كلما تقدموا بالعمر نمت لديهم المعارف النظرية والخبراتية ، من يصل منهم بدءا من مرحلة النضج نهاية الاربعيني والخمسيني ، يمارس عليهم واقع التجاهل والاذلال الاستفزازي والنبذ من الجميع واسقاط عليهم كيل الصفات والاتهامات . . المنقصة لهم ؛ بمن فيهم زوجاتهم واولادهم واخوتهم وعائلتهم برابطة الدم ، وإن وصل منهم بعدد اقل من اصابع الكف الواحدة بين ملايين وعشرات الملايين في كل بلد عربي ؛ يصل الى تعقد معرفي عقلي مطبوعة شخصيته بجرأة المواجهة مع الاخرين ، المشفوعة بقوة الحجة في كل امر يجاهرون به ؛ يكون عليهم تحول النبذ السابق الى استهداف لإنهاء الحياة ، وعلى درجة ما يستشعر بخطورته . . تكون الطريقة ونوع القضاء عليه ، بموت آني بانهيار نفس عقلي من حصار المهانة وذل العيش ؛ الى موت بالاغتيال السريع او الإخفاء وتحت التعذيب الجسدي الوحشي ، حتى أن نوع الإماتة من تلك الثلاث ، قد لا تكون حقيقته في درجة قوة تفكيره وقوة حججه وجرأته هي المحددة لطريقة القضاء عليه ، ولكن قد تحدد بمن يتخذ المبادرة وفق خصائصه وسماته ودرجة ما هو موغل فيه من الكراهية والعداء يمسه ومصالحه شخصيا بما لا يحتمل التأخير عنده ليكون الحاكم والجلاد . . حتى الشهود يرى فيك شرا مستطيرا لا مثيل له ، وبالتأكيد التعلل بحماية الوطن ؛ المجتمع ؛ الدين ؛ النظام والقيم ؛ شيطانيا مرعبا يجب سرعة التخلص منه قبل ما يفسد الاخرين ويعيث في كل مكان – إنك ما تعاني منه صديقي القرشي وأنا و . . والقلة النادرة منا ؛ مكتوب علينا ما كسبناه من النذر اليسير بعذابات عقود من السنين – التي يتحصل عليها ادنى من في المجتمع – يتم انتزاعه تدريجيا كلما تقدم العمر نحو امتلاكك الحكمة ، وحين لا يبقى ما يمكن مصادرته ، تصبح حياتك . . مفتاح ما عليهم مصادرته – إنهم صديقي موتورون ظنيو التخمين بأوهام مضخمة في ادمغتهم ، يعتقدون انفسهم من يعرف حقائق الامور . . ما يجعلهم امناء على كل شيء ، والقدر يسوق الامور ليكونوا زعماء وقادة ؛ مبدعين وعباقرة . . وذي قوة ومال وشهرة ؛ محظيون بأتباع من الحواشي والشلل . . والجهلة العاطلين المؤلهين لهم كحامية تسند وجودهم ؛ ومرتزقة فاتحين افواههم للتعيش والمباهاة بما يتحصلون عليه يفوق صفاتهم وقدراتهم بملايين المرات – لا تبتئس لتنازل وضعك فقرا ، وتنامي هجران من حولك ، لتجد حياتك التي عبرت فيها من المدينة ودراسة الجامعة و . . الوظيفة الحكومية التي التحقت بها . . وكنت المتعلم الوحيد بدرجة موظف مختص برئيس ومدراء اميين ، تجد نفسك بعد اكثر من عشرين عاما بائعا في معرض لمؤسستك . . وفي ارض نائية تحيطك القبائل ؛ الضباع والكلاب المشردة من كل صوب . . ليل نهار – حين رفضت . . حتى نهب بضاعة الدولة بين مرؤوسيك والمشايخ والقادة العسكريين ، قطع راتبك . . ثم ألصقت بك تهمة الخيانة للأمانة ورميت دون عمل وراتب وخدمات – اعوام مريرة مرت . . اعدت للعمل شريطة تكميم فاهك ويدك الملعونة المغرية لقلم حبرت بتخصص المحاسبي . . فضح النهب المنظم ؛ سلاسل عفون لمستعمرة كبيرة ؛ رميت في الارشيف و . . خصومات دائمة . . قادت خطاك المتعثرة عودة لقريتك النائية ، لتنفجر حرب العصابات الوطنية الاخيرة . . لم يبقى لك عملا راتبا او خدمة سابقة . . لأكثر من ثلاثين عاما – اعرف عذابك قهرا لمرض زوجتك آمنة ، كيف تحملت معك حياة لا تطاق . . ولا تعرف سر ذلك . . ولا تستطيع بيسر القضاء على مرضها عند بدايته . . كما يقوى عليه اضعف قبيلي وانسان على امتداد بلدك ؛ حتى القيرعي إن كان حاضرا – لن يحس بك اكثر منه ، لا امين عام حزبك او من خدعت لستين عاما بتسميتهم وطنيين – لحل المرض المثقل على كاهلك ؛ وإن توددت له بمرضى في قريتك تحت حد الفقر ؛ ومنحته لفظة شكر لسيد في اخلاقه . . لبنى مشفى للفقراء وسعي لتكون في منصبك الذي يليق بك وزيرا للمالية او التخطيط او الصناعة وزارة لأربعين عاما في لا وجود للصناعة في موطني ؛ ورجاك في لطفه المعهود بكركرات صوته الجامح وملعنته غير المكتفية بخنق الهواء المحيط بأنفاسه المخمورة . . بفتح حقيبته الدبلوماسية. . المتأرجح داخلها زجاجتي وسكي ابو عسكري وبراندي غامقة اللون ؛ المستبدلة من المؤتمر الشعبي عن تلك التي خطفها من ياسين وتشبث بها ، ومنح درجة وكيل محافظ . . مستشارا له ؛ وألقيت رقعة المنظمات الدولية بين يديه . . علامة على ديمقراطية النظام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختار نوح يرجح وضع سيد قطب في خانة الأدباء بعيدا عن مساحات ا


.. -فيلم يحاكي الأفلام الأجنبية-.. ناقد فني يتحدث عن أهم ما يمي




.. بميزانية حوالي 12 مليون دولار.. الناقد الفني عمرو صحصاح يتحد


.. ما رأيك في فيلم ولاد رزق 3؟.. الجمهور المصري يجيب




.. على ارتفاع 120 متراً.. الفنان المصري تامر حسني يطير في الهوا