الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي..شاعر مختلف..فريد في تعاطيه مع القصيدة

محمد المحسن
كاتب

2023 / 10 / 9
الادب والفن


قد لا أجانب الصواب إذا قلت أن الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي من الأسماء الشعرية التونسية والعربية التي استطاعت من خلال منجزها الشعري أن تشكل حالة شعرية إبداعية مغايرة ومتميزة حظيت بالدرس النقدي العربي لفنيتها ورؤاها الجديدة في صياغة الجملة الشعرية..
وخلال مسيرة د-طاهر الشعرية التي توجها بمجموعة من الأعمال نذكر منها لا الحصر: ديوان شعر “همس الوجدان” 2016"ديوان شعر “نبض وأوتار 2017
"ديوان شعر “جوهرة القلوب” 2019"شارك في ديوان العرب 2019 "
وغير ذلك من الأعمال الشعرية وتوقيعاته الصوتية التي تلامس شغاف القلوب بفنية عالية.
هذا الشاعر القدير،يحاول أن يضفي إلى تجلياته الشعرية وتوقيعه الصوتي الذي يشنّف الآذان إليه،تراتيله الشعرية أن يمنح نصه الشعري بعدا فنيا وجماليا ولمسة لا تخلُّ من الحسّ الإنساني الذي يراكب التطور الإيقاعي برؤى جديدة تنضاف إلى مضامين القصائد من حيث منحها إيقاعا صوتيا تعبيريا ينقله الشاعر بحسّه وروحه المحلقّة في فضاءات أكثر اتساعا في سموات التجلّي والإبهار...
هذا البعد الجمالي والفني على أرضية القصيدة يضفي أيضا إيقاعا آخر يتوازى إيقاع القصيدة العروضي وهذه ميزة أخرى تنضاف إلى جلال القصيدة وتعكس البعد النفسي للشاعر ورؤاه المنبثقة من فلسفة جديدة تجاه مبنى ومعنى النصّ الشعري.
يقول الشاعر د-طاهر مشي :
رؤى

قَالَت تَعَال فَإنّ الشّوق يَغْمُرُنِي
ارْوِ عُرُوقِي فَكَم عَاقَرْتَه النّدَمُ
أضْحَيتُ حُبْلَى بِهَا الأشْوَاق فِي وَتَرِي
مَا رُمْتُ بُعْدا وَلا أنَسْتَه السَّخَمُ
بِتُّ الليَالِي عَلى جَمْرٍ يُعَذِّبَنِي
يَصْلِي فُؤَادِي وَكَم آلَفْتَه الأَلَم
ارْفِقْ بِحَالِي فَكم أحْتَاج ضَمَّتَك
فِيها الحَنِينَ وَمِنْهَا النَّار تَضْطَرِمُ
يَا قَاسِيَ القَلْب لاَ تَنْسَى مَوَدَّتَنَا
وَاسْكُبْ بِكَأْسِي سَدِيم يَجْرِف الحِمَمُ
أشْتَات رُوحِي غَدَتْ فِي البَرِّ هَائِمَة ُ
والعَينُ تَذْرُو دُمُوعِي تَغْسِل الصَّنَمُ
أُغْزُ مَكَامِنَهَا الأوْطَانُ وَأسْكُنُنِي
بِتّ أسِيرٌ وَهَذا الطَّيفُ مُنْصَرِم
احْكُم بِعَدْلٍ وَدَعْه الحُبّ سًتْرَتُنَا
مَا عُدْتُ أهْوَاه لَيْل البُأْسِ وَالحُلُمُ
طاهر مشي
لنلاحظ إيقاعية اللغة وانسيابية القافية والجرس الموسيقي المنتظم،وكذلك حبكة الجمل الشعرية وجماليات التصوير الذي ينم عن دراية بالإيقاع المحمل بدلالات مرتبطة بإيقاع صوتي داخل النصّ يمتزج هذا الإيقاع مع الإيقاع الصوتي للشاعر أثناء الأداء..
وهناك توقيع صوتي اشتغل الشاعر-الطاهر-عليه،بحيث يأخذ المتلقي إلى أقصى مدى من الانسجام والانفعالات والعواطف التي تأسر وتعبر عن رسالة الشاعر إلى الجمهور ليتفاعل معه ويمنحه ويشاركه في نصّه الذي يؤديه ضمن لازمات موسيقية وهذه ميزة أخرى اتصف بها الشاعر د-طاهر-من خلال قصائده التي وقعها بصوته.
وللتمثيل على ما تم ذكره من قصيدته "يقين" :
وفِي الأوطَانِ قَدْ هَامَت خُطاي …
وَ نبْضِي فِي شَرَايينِي هَجِين
أَبِيت الليْل لا تَغْفُو عُيوني ..
وَنُور الفُجْر فِي حُلمِي يَقِين
وَطِيب الأرْض فِي نَفْسي هَواهَا …
وَرِيح العِشْق يَذْرُوهُ الحَنين
طاهر مشي
وهنا،أقول بأن الشاعر د-طاهر مشي كغيره من الشعراء الذين أخلصوا للنص الشعري، ويشتغل على قصيدته لتواكب تطور القصيدة وحداثتها بنفس شعري متدفق متأثرا برموز الشعر العربي قديمه وحديثه من أمثال : أبوتمام والبحتري والمتنبي والشابي والرافعي وشوقي والجواهري ومحمود درويش ونزار قباني والسياب وغيرهم..
هذا التأثر لم يكن تأثرا أو نسخة عن هؤلاء الشعراء وإنما كان له صوته الخاص الذي يميزه عن غيره من الشعراء وعن مجايليه،فهو شاعر يشتغل على قصيدته ويعمل على التجديد والكشف عن جماليات اللغة والغوص في البناء الدرامي بحيث نجد قصائده بنية إنسانية درامية تعبر عن كوامن النفس البشرية المنصهرة مع الواقع من خلال السرد الشعري المنفتح على آفاق أكثر التصاقا بالمعطى اليومي.
هذه إطلالة سريعة على تجربة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي،إطلالة تشبه الشهادة الإبداعية على منجزه الشعري وتفرده بتوقيعه الصوتي الذي يمتاز بأسلوبية جديدة في مشهدنا الشعري باعتماده على الأداء الصوتي المتقن والمعبر عن حسّ موسيقي يعتمد أيضا على المسرحة الشعرية أحيانا..
الشاعر د-طاهر مشي بحاجة إلى وقفات ووقفات لنسبر أغوار تجربته الشعرية ورسم معالمها وتناصتها مع الموروث الديني والمادة التاريخية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا