الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أورتيغا من ثوري ّ إشتراكي إلى اصلاحي برجوازي

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 11 / 13
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


من الأحداث التي ستغير مسير التاريخ العالمي في هذه الأيام ثمة حدثان ، ألا هما هزيمة المحافظين الجدد الفاشست في الإنتخابات النيابية الأمريكية، و انتخاب دانيل اورتيغا قائد الجبهة الساندينيستية اليسارية مجددا في الإنتخابات الرئاسية النيكاراغوائية . لقد كان دانيل أورتيغا قبل 16 عاما العدو رقم 1 للإمبريالية الأمريكية، حيث وصل إلى السلطة في انتخابات شعبية حرة بعد الإنتصار على نظام سوموزا العميل المجرم. وقد تم اسقاط حكومة دانيل اورتيغا من قبل المخابرات الأمريكية وإدارة ريغان التي ساندت قوى اليمين الرأسمالي .
لقد أبدت قوى اليسار العالمي وخاصة في ما يسمى بالعالم الثالث بمختلف تياراته وخاصة اليسار القومي والوطني البتي برجوازي، عن فرحها بوصول المناضل السابق اورتيغا إلى الحكم مجددا، واعتبرته انتصارا لليسار في العالم ، و دعت إلى تبني نهج الساندينيين وأخذ العبر منه في سبيل تحقيق نجاحات في بلدانها. وإنني هنا أشارك هذه القوى فرحتها ، و أتمنى أن نتعلم من اليسار الأمريكي اللاتيني كل الدروس المفيدة لتقوية اليسار عندنا ، والوصول إلى السلطة.
لكن ما لم أقرأ في كل ما كتب في هذا المجال ، هو الإختلاف الكبير بين اورتيغا نهاية ثمانينيات القرن الماضي إذ كان القائد السانديني المناضل في سبيل الإشتراكية ببرنامج راديكالي ثوري تبلور في مخاض النضال العنيد في سبيل اسقاط نظام سوموزا ، وإقامة مجتمع العدل والمساواة ، والمعادي لللإمبريالية الذي لا يساوم ، وبين أورتيغا اليوم المساوم مع الإمبريالية الأمريكية و ذي البرنامج الإصلاحي البرجوازي .

لقد كانت الإمبريالية الأمريكية تحارب الجبهة الساندينية وقائدها اورتيغا بكل الوسائل الإعلامية والعسكرية ، قبل انتصارها وبعد انتصارها على نظام سوموزا. وساندت أمريكا بكل قوة سوموزا حين كان رئيس النظام النيكاراغوائي ، كما ساندت القوى اليمينية العميلة أيضا لمواجهة الساندينيين وافشال برنامجهم الثوري الاشتراكي.
وقد شرع اورتيغا بالتوجه يمينا بالتدريج خلال فترة ال16 عاما الماضية وبخروج العناصر الراديكالية الثورية من جبهته ، وهذا واضح في برنامجه الحالي الذي يدل على أن اورتيغا لن يخرج من إطار الحل الرأسمالي السائد اليوم ، والذي يؤكد على اصلاحات محدودة.
وقد طمأن اورتيغا الرأسماليين والإمبريالية الأمريكية أثناء الحملات الإنتخابية في نيكاراغوا عبر شعاراته و بياناته ، بأنه سوف يحترم القوانين المرعية " البرجوازية طبعا" ، و سيحافظ على "النظام" البرجوازي.
استنتج من كل هذا ، أن انتخابات نيكاراغوا لم يكن انتصارا لليسار الإشتراكي والشيوعية ، وأنه لا يجوز تقييم اورتيغا بعايير ماضيه الكفاحي الإشتراكي ، ولا حتى قياسا بالتحولات اليسارية التي جرت في فنزويلا و بوليفيا.
لكن من إيجابيات فوز اورتيغا في هذه الإنتخابات كان نتيجة ماضيه الكفاحي المجيد في مواجهة الإمبريالية ألمريكية ونظام سوموزا العميل ، و بين أن الجماهير تقدر عاليا نضال الشرفاء و المناضلين في سبيل حريتها و رفاهها، و بين أن ذكرى النضال ستبقى طرية في الأذهان . كما هناك أهمية أخرى لهذا الفوز تكمن في أنه أتى في فترة انهزامات اليمين الفاشستي في الولايات المتحدة الأمريكية في الإنتخابات النيابية ، وفشل الستراتيجية الأمريكية في العراق وأفغانستان والعالم وهزيمة المحافظين الجدد . وقد كانت التحولات في أمريكا اللاتينية نحو اليسار والتي تقض مضاجع الإمبريالية الأمريكية التي تسعى للتخلص منها وايقافها عند حد معين دافعا معنويا لشعب نيكاراكوا لإنتخاب اورتيغا مجددا.
وقد جاء فوز اورتيغا أيضا بعد التهديدات التي أطلقها بوش بتجويع الشعب النيكاراغوي بفرض الحصار عليهم وقطع المعونات الدولية سخرية من الجماهير المكتوية بنار الإمبريالية الأمريكية لهذه التهديدات الرعناء المافياوية.
وقد كان كيسنجر مهندس الإمبريالية الأمريكية في فترة جرائم حرب فيتنام قد قال الصحيح حين علق على التحولات الأخيرة في أمريكا اللاتينية بأن منافسين جددا قد ظهروا للولايات المتحدة ، يبغون تقسيم العالم من جديد .
لقد تغيرت توازنات القوى في العالم حقا لصالح منافسي الإمبرالية الأمريكية ، وانعدم أمل منظري نهاية التاريخ والعولمة في وجود عالم بقطب واحد يهيمنة أمريكية ، في عالم تجري فيه الرياح بما لا تشتهي سفنها، تتصاعد فيه الحركات المعادية للامبريالية والعولمة ، وهذا يبث الروح في قوى اليسار التقدمي الذي عليه قبل كل شئ كشف الماهية الطبقية للتحولات في العالم ، وأن يضع مصلحة الطبقة العاملة ضمن الأوليات النضالية.
وأن ما نشهده على الساحة العالمية من تحولات سمة من سمات العصر ، وأنها ظاهرة سياسية ، وليست بالظاهرة الوحيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: لماذا تتهم مارين لوبان الرئيس ماكرون بتنفيذ -انقلاب إ


.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية: هدم منازل وضم مزيد من الأرا




.. تقدم ميداني روسي جديد في شرق أوكرانيا.. ما التفاصيل؟


.. من سيفوز بآخر بطاقتين لربع نهائي كأس أمم أوروبا؟




.. ماذا حصل بين محتجين والجيش التركي في شمال سوريا؟